14‏/4‏/2013

مفهوم الحماية .. والقتال في المدن .


دبابـــــة المعركـــــة الرئيســـــة
القتـــــــال فـــــــي المــــــــــدن .. ومفهــــــــــوم الحمايــــــــــة



أظهرت الدراسات الحديثة عن طبيعة القتال والمعارك في التضاريس الحضرية ، تأثيرها على النتائج وتوظيف الأسلحة ، فقادة فرق قتل الدبابات على جميع المستويات يجب أن يدرسوا العديد من العوامل عند اختيار أسلحة أفراد مجموعاتهم . من هذه النتائج التي أكدتها الدراسات أن :

# مديات الاشتباك engagement في هذه التضاريس عادة ما تكون قريبة ، وإن ما نسبته 5% فقط من الأهداف المنشودة تكون على مسافة تتجاوز 100 م . في حين تكون نسبة 90% من الأهداف على مسافة منظورة ومباشرة تقل عن 50 م ، ويمكن أن تصل هذه لنحو 35 م فقط . لهذا يجب الأخذ بنظر الاعتبار موضوع اللفح الخلفي وتأثير التشظية للقذائف المطلقة .

# زمن الاشتباك في الغالب يكون محدود وسريع ، بحيث يجب تبديل وتغيير موضع الرمي بسرعة كبيرة ، فالعدو سيعمل على توجيه نيرانه نحو المباني والتراكيب الإنشائية المعينة كنقطة إطلاق أو حتى تلك المشتبه بأمرها ، وهم مدربون على ذلك .

# حدود ارتفاع وانخفاض بعض أسلحة العدو الرئيسة كمدافع الدبابات ، تخلق لها مجالاً ميتا dead space ، إذ تشكل العمارات العالية والوديان العميقة إن توفرت ، مناطق مثالية للمشاغلة وبعيدة عن مرمى الأسلحة المعادية ، خصوصاً غير المباشرة منها . مع ملاحظة أن من تكتيكات العدو المتبعة ، توجيه رشقات من نيران مدافعه الرشاشة خلف غطاء الحماية أو النوافذ المفتوحة ، على أمل ارتداد رصاصاته عن أي عائق باتجاه أفراد الكمين وإيقاع إصابات بين صفوفهم . إن مشاغلة الأهداف من الزوايا المائلة oblique angles ، سواء كانت الأفقية أو العمودية ، تتطلب قدرات ومهارات رمي متفوقة .


# الدخان الناتج عن احتراق المباني ، غبار الإنفجارات ، ظلال المباني المرتفعة ، قلة الضوء النافذ لداخل الغرف .. كل هذه الأمور تؤدي لتخفيض الرؤية reduce visibility وزيادة الإحساس بالعزلة بالنسبة للقوات المعادية ، للحد الذي تكون مع الأهداف الصغيرة المتحركة ، حتى القريبة منها ، أهداف غامضة وغير واضحة المعالم ، ناهيك عن تلك التي تخفيها التراكيب والإنشاءات الصناعية .

# القتال في التضاريس الحضرية يميل لكونه مشوشاً في أحيان كثيرة ، خصوصاً مع هجمات الوحدات الصغيرة وفرق قتل الدروع من عدة محاور متقاربة ومتلاقية . هنا يكون العدو في حالة إرباك من إصابات النيران الصديقة ، ويحرص في أغلب الأحيان على الاهتمام بمراحل تخطيط العمليات ، وتعديل إجراءات المراقبة بشكل مستمر لتخفيض هذه الأخطار . كما يتم التأكيد على الجنود والقادة ، ضرورة المحافظة على الوعي والإحساس الموقعي لتجنب القتل الصديق .

# تحرص القوات المعادية عند دخولها المدن على مهاجمة المباني والإنشاءات الصناعية التي قد يختبئ ويكمن بها أفراد الفرق الخاصة ، قبل أن يبادره هؤلاء لإطلاق أسلحتهم . لذلك عادة ما تتسلح قوات العدو بذخائر للدك والتهديم ، مستندين في ذلك على تأثير هذه الأسلحة على المباني والتراكيب الخرسانية concrete ، بدل التأثير المقتصر على أفراد المشاة .



توفر دروع الدبابة بشكل عام توفر حماية ووقاية Protection بشكل ممتاز إلى طاقم الدبابة ، خصوصاً عبر القوس الأمامي عند 60 درجة . فالدبابة منيعة في هذا الموضع تجاه معظم الأسلحة (ماعدا الثقيل منها) ، مثل المقذوفات المضادة للدروع مخفضة العيار أو شظايا مدافع الميدان ، ولحد كبير تجاه مقذوفات المدافع الرئيسة لدبابات العدو المحتمل .. وعند القتال بفتحات الدبابة المغلقة closed hatches ، فإن الطاقم منيع ومحصن تجاه جميع أنماط نيران الأسلحة الخفيفة ، وقذائف المدفعية (ماعدا الضربات المباشرة direct hit) والألغام المضادة للأفراد . كما تزود قذائف قنابل الدخان الموجودة على جانبي برج الدبابة ، وكذلك مولدات الدخان الخاصة بعادم المحرك ، تزود إخفاء سريع وفعال عن الرصد الحراري والتعيين الليزري أيضا .. مع ذلك تبقى دبابة المعركة الرئيسة عرضة جداً للأسلحة الخفيفة التي تطلق من الأجنحة ، القمة ، وبشكل خاص من المؤخرة . إن قمة وسقف الدبابة عرضة للذخيرة الموجهة بدقة ، أو الذخيرة الفرعية المسلمة بواسطة مقذوفات المدفعية وقنابل الطائرات ، أو حتى من المقذوفات الكتفية الموجهه من الأدوار العليا . وعندما تغلق الدبابات كواتها وفتحاتها القتالية نتيجة هذه الظروف ، فإن قدرة طاقم الدبابة على الرؤية واكتساب الأهداف ومشاغلتها أيضاً تنخفض كثيراً . هذا الوضع يصطدم برغبة الطاقم الطبيعية في متابعة ما يدور حول عربتهم أو ما يسمى بحالة الإدراك الموقعي Situational awareness وتمييز التهديدات المحيطة ، مما يجعلهم أكثر عرضة للاستهداف عند محاولة الظهور ورؤية الخارج . دبابات الحرب العالمية الثانية المبكرة كان لديها شقوق مفتوحة للرؤية ، التي كان يمكن إطلاق النار من خلالها لقَتل الطاقم .



الدبابات الحديثة تستخدم كتل الزجاج السميك المضاد للرصاص لكل من منظومات الرؤية والمناظير الأفقية periscopes ، لكن هذه لا تزال عرضة للضرر بنيران الأسلحة الثقيلة ، مثل شظايا المدفعية عالية السرعة وطلقات الرشاشات الثقيلة ، مما يعيق قدرة الطاقم على العمل ومواصلة التقدم .. الدبابة يمكن أن تهاجم من الأسفل بواسطة الألغام ، التي هي قادرة في معظمها على تحطيم أو تعطيل حركة الدبابات وجنازيرها ، مما يوقع الدبابة ضمن مفهوم قتل الحركة mobility kill . الدبابة ضعيفة في منطقة الأجنحة ، خصوصاً منطقة عجلات الطريق والجنازير والتي تضم أيضاً منظومة التعليق ، وفي بعض الدبابات خزين الوقود الاحتياطي . ذات الأمر ينطبق على المقطع الخلفي من الهيكل الذي يضم المحرك وخزانات الوقود الإضافي .. ومع أن التصميم العام للدبابة يحرص على تكييفها لمواجهة اشتباكات الدبابات تجاه الدبابات tank-on-tank ، حيث الدروع مصممة لتوفير أقصى قابليات الحماية والوقاية من أسلحة النيران المباشرة (الحركية منها والكيميائية عبر القوس الأمامي على الأقل) ، إلا أنه في بيئة تهديد معادية تغطي نحو 360 درجة من عملياتها في التضاريس المعقدة ، فإن الهجمات يمكن أن تجيء من أي اتجاه ، خصوصاً مع انتشار تشكيلات وكتائب فرق الكمائن المتمرسة والمدربة على نمط القتال هذا .

هناك تعليق واحد:

  1. جزاك الله خيرا استاذ انور
    موضوع اكثر من رائع
    نعم لقد اصبت في كل ما كتبته و خصوصا عن الطرق التي يلجأ اليها المقاتلون لتحييد الدبابات من مشهد المدينة.
    و بالمناسبة اصبح لدى الجيوش النظامية هذا التوجه ايضا و هو ضرب المناطق الضعيفة في الدبابة ، مثل الصاروخ الأمريكي tow المصمم لكي يطير فوق الدبابة و عندما يستشعر وجود كتلة معدنية تحته ينفجر ، و هكذا يستهدف سقف البرج.
    والله اعلم.

    ردحذف