25‏/12‏/2013

منظومة قذف الدخان في الدبابة الروسية T-90 .

منظومــــة قـــــذف الدخـــــان فـــــي الدبابـــــــة الروسيـــــة T-90



تظهر قذائف الدخان أيضاً في دور آخر مهم غير دور مقذوفات المدفعية ، وتحديداً مع تثبيتها على دبابات المعركة الرئيسة والعربات المدرعة الأخرى على هيئة أنابيب متعددة multi-barreled على جانبي البرج أو الهيكل . هذه الأنابيب تطلق رشقه من مقذوفات الدخان صغيرة الحجم التي تنفجر في الجو قبل وصولها الأرض لتبعثر وتنشر الفسفور المحترق في نمط عريض وواسع لعمل حائط فوري من الدخان الأبيض أمام العربة . لقد كان لاستخدام منظومات التصوير الحرارية لاكتساب الأهداف target acquisitions أن تسبب في تقديم ردة فعل مضادة في مجال أنظمة الحجب والإخفاء الدخانية ، بحيث أمكن لهذه أن تلغي وتطمس الإشارات الحرارية thermal signatures الصادرة عن الدبابات . هذه القدرات أمكن انجازها بواسطة مزيج من قابليات الامتصاص والبعثرة وعكس الإشعاع الحراري عن الدبابات بتأثير الدخان المنتج والموزع بواسطة قاذفات القنابل الأنبوبية .


الدبابات الروسية من فئة T-90 تستعين لحمايتها من الأسلحة الحديثة المضادة للدبابات بمطلقة الدخان الأنبوبية من نوع 902V التي يبلغ قطر فوهاتها 81 ملم . هذه المنظومة المثبتة على جانبي برج الدبابة تشتمل على عدد ستة أنابيب إطلاق لكل منها ، وتستخدم مقذوفات اسطوانية الشكل تحمل التعيين 3D17 لإنشاء غمامة من الدخان الأبيض . أنابيب الإطلاق بعد شحنها وتعبئتها بالقذائف يتم غلقها بأغطية مطاطية لا تكشف إلا عند عملية إطلاق النار . المنظومة بشكل عام معدة للعمل سوية مع منظومـة القتـل السهـل Shtora-1 وهي ذات آلية عمل كهربائية . مقذوفات دخان أخرى يمكن إطلاقها من المنظومة مثل 3D6 لإنشاء غمامة دخان باللون الرمادي ، والمقذوف 3D6M لغمامة دخان باللون الأبيض (جميعها توفر حماية كما تؤكد الشركة المنتجة من مخاطر الرصد والتعيين التلفزيوني ، الليزري ، التصوير الحراري والراداري) . طول المقذوف 3D17 يبلغ 220 ملم ووزنه 2.2 كلغم . مدى القذف يمكن أن يصل إلى 75-90 م ، لإنشاء ستارة أو غمامة حاجبه في زمن لا يزيد عن ثلاثة ثوان ، بعرض لا يقل عن 15 م وارتفاع 10 م على الأقل . تستمر الغمامة لزمن لا يقل عن عشرة ثوان اعتماداً على الظروف المناخية المحيطة ، مع قابلية لكبح وحجب الأطوال الموجية ضمن 0,4-14 مايكرو .


21‏/12‏/2013

التصميــــــم ودوره في تأميـــــن قابليــــــــة النجــــاة .

التصميــــــــم ودوره فـــــي تأميـــــــــن قابليــــــــة النجــــــــاة
طبقات ومستويات قابلية النجاة
نحن هنا سنناقش قضايا رئيسة مرتبطة بالتصميم الابتدائي للعربة أو دبابة المعركة الرئيسة . هذه تتحدث عن الطبقات أو المستويات العامة حيث تؤمن قابلية النجاة التي حددها الخبراء والمعنيين لعموم دبابات المعركة الرئيسة والعربات المدرعة الأخرى المشاركة في العمليات وهي : تجنب وتفادي الكشف Avoid Detection ، إذا كشفت وحدد مكانك ، تجنب التعرض للضرب Avoid Being Hit ، إذا ضربت وأصبت ، أمنع أو تفادى الاختراق Prevent Penetration ، إذا تم اختراقك دروعك ، خفض وقلل الأضرار Minimize Damage .

المستوى الأول أو تفادي وتلافي الكشف من قبل العدو يمكن أن ينجز بتخفيض خصائص العربة القابلة للكشف  والمعروفة ببصمتها أو إشاراتها signature . على سبيل المثال ، بعض الطائرات المقاتلة باتت منذ زمن تمتلك قابليات التخفي والتسلل مع تخفيض بصمتها الهيكلية المميزة . لكن في المقابل ، السيطرة على الإشارات الصادرة من عربة أرضية مشكلة أكثر صعوبة لأن العربات الأرضية لها إشارات أكثر يجب أن يسيطر عليها ، بما في ذلك الراديوية ، البصرية ، الأشعة تحت الحمراء ، الرادارية ، الضوضاء ، الغبار ، إشارة العادم والاهتزاز أو التذبذب الزلزالي . أي واحد من هذه الإشارات يمكن أن يستثير ويحفز مجسات العدو للبدء بإجراءات البحث أو استهلال عملية الاشتباك . آثار الغبار Dust trails على سبيل المثال هي قضية غير معتبرة عند الحديث عن الطائرات المقاتلة ، لكنها تكون مسألة جداً صعبة السيطرة والتحكم عن تناول مهام العربات الأرضية . فلا يتوفر حالياً أي نظام قتالي أرضي الذي له وسائل فعالة في منع بصمة أو إشارة الغبار عن التشكيل المدرع ، خصوصا في البيئات الجافة dry environments . التمويه تقنية قديمة لكنها ما زالت مفيدة . فهي وسيلة لتخفيض الإشارة في المجال أو الطيف الكهرومغناطيسي المرئي وربما ترددات الرادار والأشعة تحت الحمراء . تقنيات التمويه يمكن أن تستعين بأنواع الطلاءات paints أو الشبكات nets لعرقلة الرصد البصري وبالأشعة تحت الحمراء والكشف الرادار ، لكن إجراءات التمويه Camouflage ليست عملية دائماً ، إذا يمكن أن تتعرض الشبكة عند تحرك وانتقال العربة المقاتلة للضرر بتأثير عوامل عديدة ، بحيث تكون غير صالحة للاستخدام ، أو أن الغبار قد يغطي طلاء التمويه .

المستوى الثاني لقابلية النجاة يتحدث عن تجنب التعرض للضرب والإصابة حال الكشف والرصد . فعندما يكتشف العدو دبابة أو عربة أرضية صديقة ، لا يكون هناك العديد من الخيارات الفعالة لتفادي المشاغلة أو الاشتباك engagement . ويتباين هذا الأمر من حيث ردود الأفعال بين عربات المشاة القتالية IFV وبين دبابات المعركة الرئيسة MBT . ففي معارك الدبابات مع بعضها البعض tank-on-tank ، الرد الكلاسيكي يكون بإطلاق النار أولاً وقتل التهديد قبل أن يبدأ هو بالرمي والمشاغلة . لكن العربة المقاتلة الأرضية ليست دبابة وليس من المحتمل أن يكون لديها سلاح فعال في الداخل قادر على تحطيم دبابة العدو بسرعة قبل أن تشاغلها . عموماً جميع العربات الأرضية وبكافة أنماطها ومسمياتها ، مهيأة لاستخدام قابلياتها على المناورة خلال معظم أنواع التضاريس لتفادي وتجنب الاشتباك حتى إذا تم اكتشافها (بالنسبة للدبابات ، تجنب الاشتباك تحدده طبيعة التهديد ومستواه) . إن تبني المواقع المستترة والبعيدة عن مراقبة العدو defilade positions وكذلك التخندق خلف السواتر الرملية ، هما نوعان من تكتيكات التخفي التي تستطيع عموم العربات الأرضية استغلالهما لتفادي الاشتباك . تلك التكتيكات يمكن أن تدمج مع ستائر أو حواجب الدخان الذاتية التي تطلق من قاذفات جانبية في برج العربة الأرضية لتخفيض إمكانية المشاغلة .

عندما يباشر العدو إطلاق نيرانه باتجاه العربة الأرضية المقاتلة ، فإن يتحتم على هذه الأخيرة القيام بإجراءات عديدة لتجنب الإصابة . فإذا كان بالإمكان اكتشاف وتعيين مصدر النيران القادمة ، فإنه يمكن اتباع وتجربة عدة وسائل لتلافي الإصابة ، بضمن ذلك اتباع مناورات المراوغة والتملص evasive maneuver ، الخداع والتضليل الإلكتروني (الذي يدعى القتل الناعم soft kill) ، أو تفعيل الإجراءات النشيطة (التي تدعى القتل الصعب hard kill) . 

المستوى الثالث يتحدث عن منع الاختراق في حال الإصابة . فعندما تخفق جميع مراحل أو محطات الدفاع السابقة defense layers وتفشل في إنجاز مهمتها ، يأتي دور الدروع السلبية لمنع الاختراق وتحديد الأضرار والتلفيات المتعلقة بمحتويات العربة . لذا ، معظم حماية الدبابات والعربة الأرضية القتالية تكون مشروطة ومقيدة بالدروع .. بشكل عام تقسم الدروع إلى نوعين أو صنفين رئيسين : سلبية passive ، وتفاعلية reactive . وبينما يعمل النوع السلبي على إيقاف المقذوف من خلال الملكيات والخواص المادية material properties لمكونات الدرع وحدها ، فإن الدروع التفاعلية تعمل على التسبب في حدوث انفجار أو ردة فعل أخرى من قبل الدرع لتخفيض خطورة المقذوف وبالتالي عرقلته أو حرف مساره . أنواع الدروع السلبية عديدة ، لكن أكثرها شيوعاً النوع الكتلي bulk armor ، ودرع الوحدات modular armor . الدروع السلبية هي الأخرى تتضمن أنواع وأنماط مختلفة ، أبرزها وأكثرها شهرة الدرع التفاعلي المتفجر ERA 

التدريع الكتلي أو الحجمي أعتبر الوسيلة الرئيسة والمثالية لتأمين حماية الدبابات والعربات الأخرى المدرعة في القرن العشرين . التركيب الإنشائي العام للدبابات والعربات المدرعة جرى تصنيعه بواسطة تقنيات الصب casting وسباكة الهيكل أو البرج بشكل منفرد لكل منهما وذلك باستخدام مادة متجانسة عالية الصلابة ، أو بواسطة التثبيت أولاً ثم بعد ذلك لحام الصفائح المطوية welding sheets للدرع المعدني على التركيب . هذه التقنية كان لديها مزايا وفوائد البناء البسيط والكلفة المنخفضة نسبياً ، حيث حرص المصممون على جعل الدرع أثخن وأكثر سماكة لإنجاز حماية بالستية أفضل . فلعدة سنوات ، قاس مصممو الدروع مستويات الحماية protection levels وقدروها بالسماكة المكافئة لتدريع فولاذي متجانس مدرفل RHA (يدعى درع متجانس لأن تركيبه وبنيته الهيكلية منتظمة في كافة أنحاء أجزاءه) . على أية حال ، الأسلحة المضادة للدبابات جرى تحسينها وتعزيز قدراتها بما فيه الكفاية لجعل عملية إضافة المزيد من السماكة (وبالتالي وزن أكبر) حل غير عملي للحماية ومواجهة تلك التهديدات ، خصوصاً عند الحديث عن المتطلبات التكتيكية الأخرى مثل قدرة النقل transport-ability وقابلية الحركة . 

المستوى الرابع يتحدث عن تخفيض الضرر وتقنينه في حال تحقق الاختراق . فإذا تم اختراق دروع العربة فإن ميزات التصميم الجيد يفترض أن تقلل وتخفض الضرر الإضافي minimize damage . على سبيل المثال البطانة المانعة للتشظية والتي تنتج غالباً من ألياف الزجاج أو غيرها ، يمكن أن تنشر وتوزع على جدران مقصورة طاقم عربة . الهدف من وضع هذه البطانة يكمن في منع الأجزاء والشظايا المتولدة أثناء الارتطام أو عند ثقب العربة من أن تسلط وتوجه نحو الشاغلين وتجهيزات العربة الداخلية . بطانة التشظية spall liner يمكن أن تكون مستخدمة وملحقة بالعربة الأرضية إما للسلامة والأمان الإضافي في حالة نظام الدرع كان من النوع القوي والمعول عليه ، أو يمكن أن تكون كعنصر مكمل في نظام الحماية protection system ، حيث خواص وملكيات طاقة الامتصاص الخاصة بالنسيج الليفي تكون مستغلة ومستثمرة (إبداع مهم في تصاميم هذا النوع من البطانات قد يجيء في المستقبل ، لكن لا تحسين رئيس متوقع) .. التصميم العام الجيد لعربات القتال الأرضية يمكن أن يشمل توفير بدائل عمل للتجهيزات الضرورية ، وكذلك التقسيم الملائم لمقصورة القتال . هذان العنصران يساهمان لحد كبير في تعزيز قابلية البقاء والنجاة survivability في حالة الاختراق .

13‏/12‏/2013

مدخل إلى حرب الألغام الأرضية المضادة للدروع .

مدخـــــــل إلـــــى حــــــرب الألغــــــام الأرضيـــــــة المضــــــادة للـــــدروع


في شهر فبراير من العام 2002 دبابة إسرائيلية من طراز Merkava III تم تدميرها بواسطة قنبلة طريق قرب مستوطنة نيتساريم Netzarim في قطاع غزة . الدبابة أغريت إلى التدخل لاعتراض هجوم محتمل على قافلة للمستوطنين . عندها الدبابة وطأت على ما يشبه اللغم الأرضي الثقيل ، الذي بدوره انفجر وحطم الدبابة بالكامل ، مما أدى إلى مقتل أربعة جنود جراء الانفجار . هذه كانت الدبابة الثقيلة الأولى التي تدمر أثناء الانتفاضة الثانية Second Intifada . دبابة إسرائيلية أخرى على الأرجح من نفس النوع ، دمرت بعد شهر واحد في نفس المنطقة وتحدثت التقارير عن مقتل ثلاثة جنود . هجوم بشحنة أرضية تعرضت دبابة أخرى من نوع Merkava II دمرت قرب معبر كيسوفيم Kissufim Crossing ، عندما قتل جندي واحد وجرح آخرين .


الفقرة الثاني من معاهدة أوتاوا Ottawa Treaty الخاصة بتحريم استخدام الألغام المضادة للأفراد والموقعة بتاريخ 3 ديسمبر العام 1997 ، التزمت تعريف "اللغم" mine على أنه تلك ذخيرة المصممة والمعدة لكي توضع في الأسفل ، أو بالقرب من سطح الأرض أو على الأسطح الأخرى ، بحيث تنفجر بالضغط أو عند اقتراب أو احتكاك شخص أو عربة معها . بكلمة أخرى ، اللغم هو أداة مشتملة على مادة متفجرة ، وضعت داخل أو على الأرض لتحطيم الأفراد أو عربات العدو ، أو ربط تحت أو حتى عوم floating على سطح الماء لتدمير أو عرقَلة سفن العدو . تشكيلات الألغام الأرضية اليوم تتفاوت من الأدوات البسيطة جداً المرتجلة في ساحة المعركة من قبل الجنود وحتى الأسلحة ذات التقنيات المتطورة . في الحقيقة اللغم الأرضي الذي كان ينظر إليه فيما سبق نظرة ازدراء وتصغير ، استفاد كثيراً في زمننا الحالي من آخر التطورات في علم المواد والإلكترونيات والتقنيات الأخرى ، وباتت الألغام الحديثة تصنع من مواد غير معدنية non-metallic يدمج معها إلكترونيات ومجسات متقدمة جداً ، مما جعلها على نحو متزايد تحمل صفة "الذكاء" smart .
 

على مر الزمن ومنذ ابتكارها ، اعتبرت الألغام أسلحة مضاعفة للقوة ، فهي رخيصة الثمن بالمقارنة مع الأنواع الأخرى من الأسلحة ، وهي قادرة عند استخدامها على تغيير حسابات العدو أثناء الحركة والتقدم وإرباك خططه الهجومية من ناحية توقيت العمليات operation timing . هي قادرة على الدفاع عن المناطق الممتدة بسهولة وجهد نسبي أقل ، كما أنها تستطيع تحريم الأرض على قوات العدو وعرقلة disrupt تقدم قواته باستحداث العوائق والموانع التي يجب إما اختراقها أو تطويقها والدوران حولها . وعند إطلاقها من مسافات بعيدة نسبية بالوسائط القذفية المتعددة ، فإنها تستطيع إجبار تشكيلات العدو المدرعة للتحرك في الاتجاه المرغوب desired direction ، وتقسيم وفصل تشكيلاته ، أو حتى كشف وتعرية أجنحته . أما في حالة إيقاف أو إبطاء حركة العدو وإجباره على التركز في مناطق محددة ، فإن تلك ستكون فرصة لتغطية وشمول هذه المنطقة بنيران الأسلحة الأخرى القاتلة والنيران المباشرة direct fire . الألغام على أية حال ، سلاح ذو حدين عند نشرهم وبعثرتهم ، فهم يمكن أن يكونوا قاتلون إلى الجانب الذي وضعهم بينما هم كذلك أيضاً بالنسبة للعدو ، لذا من المتوقع أن يستمر تهديد هذا النوع من الأسلحة على المدى البعيد .
 

تستطيع أرتال الدبابات عبور وتجاوز حقول الألغام بدعم العربات المجهزة بمحاريث الألغام mine ploughs ، لكن في هذا الحالة سرعتها تكون مقيدة ومحصورة بسرعة الدبابة الجارفة للرمل (حوالي 4-8 كيلومتر في الساعة) ، وهكذا تكون هذه القوات المدرعة أهداف سهلة للنيران المضادة للدبابات . وفي الحروب التقليدية ، تنقسم حقول ألغام إلى تقسيمات وتشعيبات فرعية ، فهناك الألغام الحدودية ، الدفاعية ، الوقائية ، التكتيكية ، المزيفة ومصدر الإزعاج .. حقول الألغام الحدودية تكون طويلة الامتداد ، ومصممة لمنع تسلل القوات المعادية والناشطين الإرهابيين . حقول الألغام الدفاعية أيضاً طويلة الامتداد ، الهدف منها منع الهجمات الرئيسة بقوات العدو المدرعة . حقول الألغام التكتيكية ارتبطت بالعقبات والموانع الطبيعية natural obstacles ، وتهدف لحرف مسار العدو نحو مناطق القتل المطلوبة ، وهذه قادرة على تحريم الأرض على القوات المعادية لفترات محدودة . حقول الألغام الوقائية هي حقول ألغام صغيرة المساحة ، وضعت من قبل وحدات غير هندسية لتوفير حماية موضعية فقط . حقول الألغام المزيفة Phoney minefields كما هو واضح من اسمها ، هي حقول ألغام محدودة الأداء نوعاً ما ، بحيث توضع الألغام بعجالة على هيئة بضعة صفوف ، أو صف واحد على الأقل ، وذلك بسبب قلة الوقت أو المصادر لعمل حقل ألغام تكتيكي فاعل .



 
بعض حقول الألغام تعمد بشكل مقصود لإيقاع المشاة في المصائد والفخاخ لجعل عملية التطهير clearing أكثر خطورة ، حيث تدمج حقول الألغام المضادة للأفراد بأخرى مضادة للدبابات ، وتوضع الألغام الأولى أسفل الثانية ، ويتم ترتيب الصمامات بطريقة معينة لكي تعمل الألغام مجتمعة وفق الغرض منها . في أغلب الأحيان ، ألغام وحيدة مدعومة بأداة ثانوية مصممة لقَتل أو إعاقة الأفراد المكلفين بمهمة رفع وإبطال اللغم . يمكن دفن عدد من الألغام المضادة للدبابات في أكوام وفوق بعضها البعض ، حيث يمكن للغمين أو ثلاثة ألغام مجتمعة أن تضاعف القوة الثاقبة penetrating power . فمن الطبيعي أن يوجه اللغم المدفون في الأرض طاقة عصف الانفجار blast energy في اتجاه وحيد نحو قاع العربة المستهدفة أو على الجنزير .

11‏/12‏/2013

تمييز قذائف المدفعية وتعيينها من ألوان الطلاء .

تمييـــــز قذائــــــف المدفعيـــــــة وتعيينهـــــــا مــــن ألــــــوان الطـــــــلاء
 


بشكل عام ، تأتي جميع قذائف المدفعية وهي مصبوغة ومطلية painted كوسيلة تعريف جاهزة أولاً ، ولحمايتها ووقايتها من الصدأ ثانياً . الألوان الرئيسة المستعملة على مدار السنوات الماضية كانت الأصفر المائل للخضرة (أو ما يسمى بالزيتوني) olive drab للقذائف شديدة الانفجار ، اللون الرمادي للقذائف الكيميائية ، اللون الأزرق لقذائف التطبيق والتعليم ، والأسود لقذائف التدريب والتمرين . نظام مختلف ومغاير لعلامات التلوين أو حلقات خاصة أضيفت إلى الألوان الرئيسة أيضاً لتمييز النوع المعين والخاص بالقذائف شديدة الانفجار أو قذائف المادة الكيميائية . ترقيم أو ترميز الألوان Color coding للمقذوفات المنتجة مؤخراً أصبح مختلف بعض الشيء . على سبيل المثال ، مقذوفات الدخان ومقذوفات الإضاءة لم تعد تطلى باللون الرمادي وهو اللون الأساسي للقذائف الكيميائية . مقذوفات الإضاءة تطلى بشكل رئيس الآن باللون الأبيض أو الزيتوني ، ومقذوفات الدخان أصبحت تطلى باللون الأخضر . اللون الأساس للذخيرة الفارغة أو الوهمية dummy ammunition أستبدل للون البرونزي . المقذوفات التي تحتوي على متفجرات شديدة من Amatol و TNT وغيرها باتت تطلى بالأصفر . المقذوفات التي تحتوي على مواد كيميائية (غازية أو دخانية) تطلى الآن باللون الأزرق والرمادي . المقذوفات التي تحتوي متفجرات بطيئة (مسحوق أسود) تطلى بالأحمر . المقذوفات أيضاً تتعرض للطباعة والنقش stencilled عليها لتبيان وعرض العيار ، نوع المدفع المستخدم معها ، عدد حصص الذخيرة ، نوع الحشوة ، الخ .

5‏/12‏/2013

مقبرة الدبابات في سوريا .. والحاجة للإجراءات المضادة .

مقبــرة الدبابـــــات فـي سوريـــــا .. والحاجــــة للإجـــراءات المضـــادة


ما من شك أن الصراع والحرب الأهلية في سوريا أظهر دبابات المعركة الرئيسة MBT بمظهر السلاح الضعيف والهزيل .. مئات الدبابات والعربات القتالية الأخرى التابعة للجيش النظامي تم تدميرها بالأسلحة المضادة للدروع وعلى الأخص الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات ATGM التي أحسنت المقاومة السورية إستغلالها . لقد أثبت الصراع السوري وبما لا يجعل مجالاً للشك على أن صفائح التدريع مهما كانت جيدة وبمميزات استثنائية ، فإنه يمكن للعديد من مخاطر وتهديدات ساحة المعركة الحالية تجاوزها وإلحاق الضرر الهيكلي بها .. لقد إفتقدت الدبابات السورية لأهم مقومات البقائية في بيئة قاسية وعالية الضراوة مثل التي تعيشها الآن في تضاريس المدن محل الصراع . واحدة من أهم هذه المقومات هي ما يطلق عليه إصطلاحاً "بالإجراءات المضادة" .. فماذا يعني هذا التعبير ؟؟ الإجراءات المضادة counter-measures هي سلوك يقصد منه القيام بتدابير واستعدادات معينة لتخفيض قابلية الاستهداف من قبل المنظومات المعادية مهما كان مصدرها أو آلية عملها . واحدة من هذه التدابير يتعلق بإنشاء ستارة حاجزة من الدخان smoke-screen . إذ يمكن استخدام الدخان لإخفاء التحركات وتغطية مواقع الوحدات العسكرية مثل المشاة أو الدبابات أو الوحدات الداعمة الأخرى . أي ستارة دخان ستمكن الدبابة من أداء مناورات المراوغة والتملص evasive manoeuvres لمواجهة تهديدات ساحة المعركة . وبشكل عام يمكن نشر غمامة الدخان بواسطة إما قذائف المدفعية أو بواسطة مطلقات خاصة على جانبي برج الدبابة . القذائف تصدر غيمة كثيفة جداً من الدخان ، صممت لملئ المنطقة المحيطة حتى في ظل توافر رياح خفيفة . وبينما ستائر دخان تستعمل أصلاً لإخفاء نشاط الحركة عن تقنيات العدو البصرية الحديثة ، فإن ذلك عنى ببساطة أنهم متوفرون أيضاً بأشكال جديدة . هم يمكن أن يعرضوا ستارة حاجزة في طيف الأشعة تحت الحمراء بالإضافة إلى الطيف المرئي للضوء visible spectrum (الطيف المرئي هو جزء من الطيف الكهرومغناطيسي لأن الضوء المرئي ما هو إلا موجات كهرومغناطيسية) وذلك لمنع الكشف بالمجسات أو المناظير تحت الحمراء . كما يعرضون أيضاً حاجز إعاقة كثيف للعربات تجاه ما يستخدمه العدو من معدات ليزرية ، مثل منظومات التعيين أو محددات المدى أو منظومات ركوب الشعاع laser beam-riding . الإجراءات المضادة المتوفرة حالياً في الأسواق التجارية تتضمن الدخان متعدد الأطياف multi-spectral المستمد من الفسفور الأحمر . فعالية هذا الإجراء المضاد اختبرت في تجارب بمجسات الليزر ، حيث أثبت دخان الفسفور الأحمر red phosphorus فاعليته في إخفاء وحجب منصة إطلاقه مع تخفيف وبعثرة طاقة الليزر .



يجزم العديد من المنظرين العسكريين ، أن دبابات المعركة الرئيسة ستحتاج في المستقبل المنظور إلى التأكيد على بعض التجهيزات القياسية لإتمام عملها بشكل آمن ، مثل كاشف للأشعة تحت الحمراء IR detector ، نظام تعريف بالهدف target identification ، مستقبل تحذير راداري radar warning receiver .. هذه التجهيزات وربما غيرها ، تلحق ضمن مفهوم "أنظمة الحماية النشيطة" APS ، التي يمكن تقسيمها من حيث طبيعة الإجراءات المضادة وردود الأفعال إلى صنفين رئيسين : الأول يطلق عليه أنظمة "القتل الناعم" soft kill ، في حين يطلق على النوع الآخر أنظمة "القتل الصعب" hard kill . ومن خلال الاختلاف العملياتي بين كلا المفهومين ، فإنهما يشتركان معاً في بعض النواحي التشغيلية ، منها (1) الكشف الدقيق وتتبع التهديد (2) تفعيل الإجراءات المضادة لهزيمة ودحر التهديد القادم (3) تسريع ردة الفعل وإكمالها خلال أجزاء أو ثوان معدودة وعند مدى مواجهة قصير في جميع الأحوال الجوية (4) تخفيض الأخطار والأضرار الإضافية للحد الأدنى تجاه الأفراد والعربات القريبة .. وفي حين تعمل منظومات القتل الناعم على التشويش على القذائف المعادية ، بغرض حرفها عن مسارها باستخدام إجراءات تخفيض وإرباك الإشارات الكهرومغناطيسية ، بالإضافة لاستخدام وسائل الحجب والإخفاء والمشوشات وأخيراً الفخاخ الخداعية decoys دون العمل على تدمير أو إتلاف السلاح المهاجم ، فإن منظومات القتل الصعب في المقابل تعمل على الاشتباك واعتراض disrupts الصاروخ أو القذيفة القادمة لضرب الهدف المدرع قبل وصولها لمرحلة التماس المادي مع العربة حاملة النظام ، وتأكيد حالة الإتلاف أو التدمير لها .. إن عمل منظومات القتل الصعب يرتكز على تهيئة وتوفير مظلة واقية لحد معين ، على شكل منطقة نيران دفاعية نشيطة ، تؤمن مسافة أمنة safe distance حول العربة المستهدفة .



28‏/11‏/2013

مقذوف الطاقة الحركية الروسي 3BM15 .

مقــــــــذوف الطاقـــــــــة الحركيــــــــة الروســـــــي 3BM15


طور الروس في أوائل الستينات وبالتزامن مع تطوير المدفع أملس الجوف D-81 ، عدداً من ذخائر ومقذوفات الطاقة الحركية APFSDS ، التي يمكن اطلاقها مع خرطوشة الدافع 4Zh40 ، أولها 3BM9 ذو الخارق الفولاذي . هذا المقذوف كان نسخة عن المقذوف 3BM6 عيار 115 ملم الخاص بالدبابة T-62 ولكن مع عدد خمسة زعانف اتزان بدلاً من ستة . واتصف عند استخدامه بضعف قدرات اختراقه للدروع ، كما بدا تأثره الشديد بالأسطح المقساة المائلة والمنحنية . خصصت هذه الذخيرة أصلاً للتصدير لزبائن الدبابة T-72 وأنتجت تحت الترخيص في عدة بلدان حول العالم . النسخ اللاحقة للذخيرة عيار 125 ملم كانت في معظمها مع بناء عام من قضيب فولاذي ومقطع أمامي خارق من كربيد التنغستن tungsten carbide ، أمثال 3BM12 ، 3BM15 و3BM17 . هذه المقذوفات منخفضة الأداء لم تعد في خدمة الوحدات الروسية الآن ، ولكن الكثير منها لا يزال قيد التخزين ، كما أن بعضها أجيز تصنيعه في دول أخرى . واستخدمت أمم كثيرة هذه المقذوفات في صراعاتها خلال حقبة الثمانينات ، منها العراق الذي كان لا يزال حتى بداية عمليات عاصفة الصحراء 1991 يصنع المقذوفات 3BM15 محلياً ، كما أن ذات النوع لا يزال قيد الإنتاج في جمهورية إيران . 



النوع الأول 3BM12 الذي دخل الخدمة العام 1968 أختلف عن سابقه 3BM9 بوجود قلب خارق من كربيد التنغستن يزن 270 غرام ، مثبت مركزياً في مقدمة قضيب الخارق الفولاذي ، مع تجهيزه بغطاء رأسي واقي لتعزيز الاختراق وخطاط أو راسم tracer في المؤخرة المتطرفه للمقذوف يبلغ زمن احتراقه 2-3 ثانية . المقذوف الآخر 3BM17 دخل الخدمة العام 1972 ، وهو مماثل في تصميمه للمقذوف 3BM15 ولكن بدون قلب أو صميم من كربيد التنغستن ، مع زيادة حجم غطاء الرأس للتعويض عن انخفاض قابلية اختراق الدروع . هذا المقذوف استخدم فقط لأغراض التدريب مع تصدير كميات قليلة منه . النوع الأهم من جيل هذه المقذوفات هو 3BM15 الذي دخل الخدمة العام 1972 . ومع هذه الذخيرة تمت زيادة طول المقذوف ليصبح 548 ملم بالمقارنة مع 518 ملم فقط للمقذوف 3BM12 . هذه الإطالة لم تؤثر على الطول العام للقذيفة بسبب إقحام الجزء الأعظم من المقذوف في حاويته الاسطوانية القابلة للاحتراق . الحاوية تشمل بالإضافة لكتلة المقذوف ، شحنة دافع إضافية ذات حزمة قصبات وزعت وباعدت بانتظام بين زعانف الاستقرار الخاصة بالمقذوف وحول قضيب الخارق ، وربطت في ثلاثة مواضع للحفاظ على ثباتها . هذه الحاوية الاسطوانية تصنع من نسيج مركب النيتروسيلولوز Nitrocellulose المنقع والممزوج بمادة TNT . هي مغلقة ومعزولة بشكل محكم لحماية مسحوق الدافع من الرطوبة والأضرار الميكانيكية mechanical damages عند التخزين . وعلى الرغم من كون هذا المقذوف منذ فترة طويلة قيد الاستخدام في الوحدات السوفيتية المدرعة ، إلا أنه بقى في الخدمة حتى انهيار الإتحاد السوفيتي ، كما كان أكثر مقذوفات APFSDS الموفرة والمعروضة إلى مستخدمي دبابات التصدير السوفيتية من طراز T-72 . مقدمة الخارق الفولاذي في المقذوف 3BM15 تسكن في تجويف خاص إطلاقه بهيئة مدببة من كربيد التنغستن tungsten carbide ، يبلغ طولها 71 ملم وقطرها 20 ملم . هذه الإطلاقه محجوزة بغطاء الخارق الفولاذي الطري . إن وظيفة الغطاء الفولاذي بالإضافة لتحسين الشكل الديناميكي الهوائي للمقذوف ، تتركز على منع المقذوف من الانحراف أو الارتداد عند الارتطام العنيف بالسطح المقسى في الزوايا المخفضة low impact angles (القمة المتطرفة للغطاء مشوهه أو مجعدة بعض الشيء) . 



إلى الخارج من جسم الإطلاقه الداخلية يوجد أسنان أو أخاديد بارزة grooves مهمتها التوافق والتطابق مع أجزاء القبقاب الثلاثة التي يغطي كل منها زاوية 120 درجة . الخارق له خمسة أنصال زعنفية فولاذية بأسطح مشطوفة صغيرة على الواجهة الأمامية ، التي تسمح بنسبة دوران بطيئة لتحسين الاستقرار improve stability . على المحيط الخارجي لهذه الزعانف يوجد ركائز أو زوائد مسمارية من النحاس الأحمر بطول 3 ملم . هذه الزوائد مهمتها منع سحج أو قشط أطراف الزعانف الفولاذية خلال انطلاقها وتسارعها في سبطانة المدفع ، وبالتالي التسبب في تشويهها . كذلك هي مسئولة عن تأمين تمركز وثبات الخارق في قلب السبطانة بالتزامن مع عمل مجموعة القباقيب الأمامية . في مؤخرة المتطرفة للمقذوف عند قسم الذيل ، توجد وحدة الخطاط tracer unit التي تؤمن زمن عمل وأثر ناري لنحو 2-3 ثانية .



25‏/11‏/2013

مهاجمة الأهداف النقطوية في الصراع السوري .

مهاجمـــــــــة الأهـــــــداف النقطويـــــــة فـــــــي الصـــــــراع الســـــــوري



طائرة مقاتلة تابعة للجيش السوري تستهدف جسر إستراتيجي تسيطر عليه قوات المعارضة بصاروخ تكتيكي جو أرض ، على الأرجح من نوع Kh-23 أوKh-25 الموجه في بعض أنماطه ليزرياً .. يحتاج هذا النوع من المقذوفات إلى مصدر خاص لتوليد الإشعاع الليزري ، ويوضع هذا المصدر الذي هو عبارة عن وحدة تعيين ليزرية designator إما على طائرة محلقة في موقع الاشتباك ، أو يتم تشغيلها من قبل طاقم أرضي ، أو توضع على الطائرة ذاتها مطلقة الصاروخ (أسلوب غير محمود لأنه يقيد الطائرة بعملية التعيين الليزرية ويعرضها لخطر الهجوم المضاد) . ويطير الصاروخ نحو الهدف متتبعاً شعاع الليزر المرتد عن الهدف ، حيث يقوم الباحث في مقدمة الصاروخ laser seeker بمسح قسم واسع من المجال الجوي أمام الطائرة المهاجمة لالتقاط أية إشارات غير مرئية منعكسة عن الهدف ... لقد جاء تطوير هذا النوع من الأسلحة نتيجة الحاجة إلى منح الطائرة المهاجمة قابلية بقاء أفضل فوق ساحة المعركة ، إلى جانب إمكانية تحقيق إصابة مؤكدة تجاه العديد من الأهداف التكتيكية ، بما في ذلك الدروع والدفاعات الجوية ووسائل النقل الأرضي والسفن ومحطات الطاقة وغيرها من الأهداف عالية القيمة . وتتحقق قابلية البقاء من خلال تقليل زمن تعرض الطائرة للنيران المعادية ، وكذلك من خلال زيادة المدى الذي يدخل فيه الهدف ضمن نطاق أسلحة الطائرة ، واستخدام تكتيكات "أضرب وغادر" launch-and-leave ، مع الاستفادة القصوى من سرعة انطلاق الصاروخ وطيرانه (تضاف سرعة الطائرة المطلقة إلى سرعة الصاروخ ، فإذا كانت سرعة الصاروخ 2.5 ماك ، وسرعة الطائرة عند إطلاق الصواريخ 2.0 ماك ، فإن سرعة انطلاق الصاروخ تكون 4.5 ماك) . وكقاعدة عامة ، فإن الصاروخ الذي يطلق من الجو ، يكون أكبر حجماً وأغلى ثمناً وأكثر تعقيداً من نظيرة الأرضي ، فهو يحمل رأساً حربية من الكبر بحيث يضمن تدمير أية دبابة يضربها ، وهو سلاح موثوق تماماً .


قد يتساءل البعض عن مدى الحاجة الحقيقية لمثل تلك الأنظمة ؟ ويكون الجواب ببساطة ، أن الجيوش العصرية لم تعد تتحمل استهلاك كميات هائلة من الذخائر التقليدية لتدمير أهداف نقطوية point targets معادية . وقد يبدو لنا ذلك السبب غير معقول ، ولكن إذا رجعنا إلى إحصائيات الحرب العالمية الثانية فستتأكد لنا صحته . ففي صيف عام 1944 قامت طائرات سلاح الجو الأمريكي بمهاجمة مصنع الفولاذ Yawata في اليابان ، فقامت 47 قاذفة من طراز B-29 بالانطلاق من قواعد لها بالصين ، ومن مجمل هذا الطائرات استطاعت طائرة واحدة فقط إصابة هدفها ، باستخدام قنبلة زنتها 500 رطل من مجمل 376 قنبلة تم إسقاطها . المثال الآخر حدث في شهر مارس من العام 1944 ، عندما شن الحلفاء عملية "الحصار الخانق" لقطع الإمدادات عن الجيوش الألمانية المقاتلة في إيطاليا ، وكانت هذه الإمدادات تتدفق من خلال ثلاثة شرايين مزدوجة من خطوط السكك الحديدية التي تخترق جبال الألب لمسافة 230 كلم ، وهدفت هذه الخطة إلى تدمير خطوط السكك الحديدية بقصفها كل يوم بقنابل الطائرات . وكان من المتوقع أن يؤدي هذا القصف المستمر إلى انهيار هيكل الإمداد اللوجستي ، وعلى مدى 52 يوم قام من الحلفاء بنحو 1500 غارة جوية على خطوط التموين هذه ، ألقت خلالها الطائرات 10.000 طن من القنابل . ورغم ذلك كانت النتيجة مخيبة للآمال ، إذا أنه على الرغم من تدمير الخطوط الحديدية عدة مرات وفي أماكن كثيرة ، فقد كانت عمليات الإصلاح تتم بصورة سريعة ، بحيث لا يتأثر كثيراً المرور المنتظم لقاطرات الإمداد ، كما تبين بعد الحرب أن المخزون اللوجستي الألماني في شمال إيطاليا أبان عملية الحصار الخانق زاد بنسبة 15% . وإذا ما حاولنا اليوم شن مثل هذه العملية باستخدام مقذوفات ذكية حديثة ، فمن المؤكد أن ذلك سيتم بنسبة لا تزيد عن 2-3% من الذخائر المستخدمة إبان عملية الحصار الخانق .


23‏/11‏/2013

السلاح الرئيس للدبابات الإسرائيلية ميركافا .

الســـــــــلاح الرئيــــــــــس للدبابـــــــــات الإسرائيليـــــــــة ميركافــــــــا


بالإضافة للولايات المتحدة ، الصناعات العسكرية الإسرائيلية IMI تنتج نسخة مشابهه من المدفع الألماني L44 بتعديلات وإضافات مختلفة . هذا السلاح طور خلال السنوات من 1983 إلى 1988 لتلبية متطلبات دبابات المعركة الرئيسة من نوع ميركافا Mark III التابعة لقوات الدفاع الإسرائيلية ، وكشف عنه لأول مره العام 1989 عندما عرض كتسليح رئيس للدبابة المذكورة . في العام 1998 منحت جائزة الدفاع في إسرائيل إلى الصناعات العسكرية الإسرائيلية لهذا التطوير ، الذي أعطى الدولة القدرة على إنتاج مدافع الدبابات بشكل مستقل .. المدفع يصنع من الفولاذ الذي صيغ وشكل خلال عملية تصنيع خاصة لتمكينه من مقاومة الضغوط الأعلى دون الحاجة لزيادة سماكة جداره . كما أن تجويف السبطانة تم طلائه بعنصر الكروم لتخفيض عامل الإهتراء الميكانيكي وبالتالي زيادة حياة السلاح . هو حالياً يتوفر بنسختين ، الأولى تحمل التعيين MG251 وهي الخاصة بالدبابة ميركافا Mark III . هذه النسخة مجهزة برداء واقي حراري thermal sleeve طور من قبل شركة Vishay لتخفيض التشوه الحراري لسبطانة المدفع بسبب الظروف البيئية المحيطة ، بالإضافة لتزويدها بنازع دخان fume extractor لطرد الغازات الناتجة عن عملية الرمي (هذا التجهيز يمكن ازالته للصيانة دون مضايقة الرداء الحراري) . النسخة الثانية قدمت العام 2003 وتحمل التعيين MG253 وهي خاصة بالدبابة ميركافا Mark IV ، كما أنها تجهز الدبابة التركية المطورة M60T . هذه النسخة مجهزة بنظام ارتداد بالغاز المضغوط ورداء حراري جديد طور من قبل صناعات Vidco. نسختي السلاح متماثلتين تقريباً في المواصفات ، فهما من عيار 120 ملم وبطول إجمالي من 5560 ملم (طول السبطانة لوحدها 5300 ملم) مع اجمالي وزن يبلغ 2900 كلغم (وزن السبطانة لوحدها 1200 كلغم) ، كما يمكن فكهما واستبدالهما بسهولة نسبية دون الحاجة لرفع برج الدبابة . 


المدفع عموماً مجهز بكتلة مغلاق مع تشغيل نصف آلي/يدوي وبانزلاق عمودي sliding breech-block ، كما أنه يتحصل على نظام ارتداد مختلف عن ذاك الذي يجهز المدفع الألماني
L44 ، يشتمل على مثبط أو مبطئ مركزي محسن concentric retarder ، ومسترجع هوائي pneumatic recuperator ، وأبعاد عامة أكثر انضغاطاً ، لا تتجاوز في الحقيقة تلك الخاصة بالمدفع M68 من عيار 105 ملم المثبت على الدبابات الإسرائيلية من نوع ميركافا Marks I/II وكذلك الدبابات M60 Patton . نظام الارتداد في النسخة MG251 يتيح له مسافة ارتداد اسمية حتى 300 ملم وهي مماثلة تقريباً لتلك الخاصة بالمدفع M68 رغم فارق طاقة الفوهة الأعظم هنا والمحسوبة للمدفع الإسرائيلي (طاقة الارتداد هنا تبلغ 500 كيلو نيوتن عند زاوية ارتفاع صفر درجة) ومسافة ارتداد قصوى حتى 345 ملم . أما مع النسخة MG253 فمسافة الارتداد الاسمية تبلغ 430 ملم (طاقة الارتداد هنا تبلغ 350 كيلو نيوتن عند زاوية ارتفاع صفر درجة) والقصوى 530 ملم . ويلاحظ هنا أن طاقة الارتداد القصوى في هذه النسخة جرى تخفيضها لنحو 40% مع زيادة مسافة الارتداد قياساً بنسخة المدفع الأولى . آلية الاشعال في السلاح من النوع الكهربائي ، وجدران حجرة النار قادرة على تحمل ضغوط إطلاق حتى 7,250 بار . كلا النسختين تطلقان عائلة ذخيرة طورت خصيصاً من قبل الصناعات العسكرية الإسرائيلية ، لكن السلاح أيضاً قادر على إطلاق الذخيرة الفرنسية من نفس العيار ، وكذلك الألمانية أو الأمريكية وجميع ذخيرة منظمة حلف شمال الأطلسي إذا تطلب الأمر ، بالإضافة لقدرته على إطلاق الصاروخ المضاد للدبابات الموجه ليزرياً LAHAT . المدفع قادر على العمل في ظروف تشغيلية من -40 وحتى +70 درجة مئوية ، ويقدر المصممون العمر الافتراضي لسبطانة المدفع ضمن معيار EFC (المكافئ لكامل الشحنة) بنحو 1500 إطلاقه متنوعة .

15‏/11‏/2013

تطهير حقول الألغام بواسطة .. الشحنات الخطية .

تطهيــــر حقـــــول الألغــــــام بواسطــــــة .. الشحنـــــــات الخطيــــــــة


الشحنات الطولية أو الخطية line charges هي وسيلة أخرى لتطهير حقول الألغام ، وتستخدم لإحداث خرق وفجوة في حقول الألغام تحت الشروط القتالية . وبينما هناك العديد من الأنواع والأشكال ، إلا أن التصميم الأساس للعديد من الشحنات الخطية المتفجرة يتعمد على وجود رابط مملوء بالمتفجرات ينوى اطلاقه وقذفه فوق حقل الألغام المفترض . الشحنة المسلطة سوف تفجر الألغام المضادة للدبابات والمضادة للأفراد المدفونة تحت السطح (لا يضمن تحفيز جميع أنواع الألغام) ، بالنتيجة يتم توفير طريق آمن نسبياً لعبور العربات المدرعة وجنود المشاة . النظام يمكن أن يكون منقول بواسطة الأفراد ، أو مصعد على عربة مقطورة . تاريخياً البريطانيين هم من أوائل الأمم التي طورت أنظمتها الخاصة أثناء الحرب العالمية الثانية . الكنديون طورا نظام "الأفعى" Snake ، في حين تطبيق كبير جداً انصب على نظام "طوربيد بنغالور" Bangalore Torpedo في العام 1941 وحتى العام 1942 . 


تطوير بريطاني أكثر مرونة أطلق عليه "ثعبان البحر" Conger طور في العام 1944 واستخدم لتطهير حقول الألغام الألمانية خلال حملة "النورماندي"  Normandy . هو عبارة عن أنبوب أو خرطوم من النسيج بقطر 5 سم وبطول 301 م ، يطلق من قبل صاروخ بقطر 127 ملم ، الذي بدوره يوجه نحو حقل الألغام المفترض ، وبعد ذلك يملأ الخرطوم بهواء مضغوط Compressed air ، ثم بمادة سائلة متفجرة من مادة النيتروغليسرين nitroglycerin إجمالي زنتها نحو واحد طن (تضخ إليها من العربة الناقلة) قبل التفجير . الخرطوم والصاروخ صعدا في مقطورة مجنزرة ، التي كانت تسحب من قبل دبابة من نوع Churchill AVRE . وبينما كان ثعبان البحر رائعاً كما بدا من قدراته ، حيث أظهر قابلية فعلية على تطهير ممر آمن خلال حقل الألغام بعرض ستة أمتار . إلا أن هذا النظام كان في المقابل خطر جدا عند الاستخدام . فالبريطانيين أنفسهم لم يستخدموه في التطهير إلا لمرة واحدة فقط . والولايات المتحدة لم تتسلم سوى نصف عدد هذه الأنظمة من أصل 100 كانت قد طلبتها ، لكن مع ذلك هي لم تنشرهم لأسباب تخص عامل الأمان أولاً . احدى الملاحظات التي سجلت على نظام ثعبان البحر هو درجة تأثر ثبات مادة النيتروغليسرين إلى التجمد عندما تصبح درجات حرارة دون الصفر مئوية . هذا جعل المادة المتفجرة السائلة خطرة جداً للتعامل والاستعمال في الأجواء الباردة ، مما جعل مجمل النظام محدود الفائدة . 


طوربيد بنغالور ابتكر أولاً من قبل المهندس النقيب "ميكلنتوك" McClintock ، من وحدة الجيش الهندي البريطاني في منطقة "بانغالور" Bangalore في الهند ، العام 1912 . هذا السلاح البريطاني تم ابتكاره كوسيلة لتفجير مصائد المغفلين ، وكذلك للتخلص من المشاكل التي سببها ارتفاع عوائق الأسلاك الشائكة للحواجز والتحصينات التي تركت وخلفت من حرب البوير (1899-1902) والحرب الروسية اليابانية (1904-1905) . هذا السلاح كان أصلاً مع أنبوب بطول 5.5 م ، مليء بنحو 27.2 كلغم من الديناميت ، لكنه يمكن أن يركب ضمن عدة أنابيب أخرى موصولة ببعض . في الحرب العالمية الأولى ، استعمل طوربيد بنغالور أولياً لسحق وتحطيم الأسلاك الشائكة قبل هجوم . إذ اتضحت قابلية استخدامه حتى أثناء وجود غطاء من النيران المعادية ، صادرة عن الخنادق التي تحمي المواقع . نظام الطوربيد القياسي شمل عدد متماثل خارجياً من الأنابيب المسننة في أطرافها ، كل منها بطول 1.5 م ، واحدة منها احتوت على الشحنة المتفجرة explosive charge . وعند الاستعمال ، الأنابيب تشد وتوثق سوية بواسطة قطع الوصل الطرفية لجعل الأنبوب أكثر طولاً من المطلوب ، وبفكرة مماثلة بعض الشيء إلى فرشاة المدخنة أو قضيب تنظيف المجاري . ليتم بعد ذلك دفعهم للأمام باتجاه الموضع المقصود ، بحيث يكون السلاح جاهزاً للتفجير وتطهير ممر بعرض 1-1.5 م خلال الأسلاك الشائكة barbed-wires . أثناء معركة "كمباري" Cambrai العام 1917 ، مهندسو الجيش البريطاني استعملوا طوربيد بنغالور لإلهاء وصرف انتباه قوات العدو عن موقع المعركة الحقيقي وموضع الهجوم . في مرحلة مبكرة من بداية الحرب العالمية الثانية ، وجد أن نظام الطوربيد يمكن أن يكون وسيلة عملية لتطهير الممرات خلال حقول الألغام المضادة للأفراد .


القوات الأمريكية في المقابل تبنت أثناء الحرب العالمية الثانية استخدام طوربيد بنغالور ، وحمل النظام التعيين M1A1 . هو كان كثير الاستخدام من قبل الجيش الأمريكي ، بشكل خاص أثناء عملية يوم النصر D-Day ، عندما هبط نحو 160,000 من قوات الحلفاء بتاريخ 6 يونيو العام 1944 على طول امتداد 50 ميل من الشريط الساحلي الفرنسي المحصن بشدة ، لمواجهة القوات الألمانية النازية على شواطئ نورماندي Normandy في فرنسا . القوات المهاجمة كانت مدعومة بأكثر من 5,000 سفينة و13,000 طائرة مقاتلة وقاذفة . ومع نهاية نهار يوم السادس من يونيو ، استطاع الحلفاء كسب موطئ قدم في نورماندي ، لكن مع كلفة خسائر عالية نسبياً ، بلغت أكثر من 9,000 جندي بين قتيل أو جريح (القوات البريطانية لم تستخدم نظام طوربيد بنغالور في ذات العملية واستبدلته بنظام الاطلاق الصاروخي Conger) . في العام 1944 ، بدأت الولايات المتحدة أيضاً تجريب نظام إضافي الذي يستعمل قذيفة بندقية مجهزة بمصيدة رصاصة bullet-trap ، أو صاروخ صغير لنشر حبل تفجير طويل ، لكن هذه الأدوات ما كانت مقبولة عموماً . أما السوفييت ، فقد عرفوا طوربيد بنغالور خلال الثلاثينات ، لكنهم لم يشرعوا في تصنيع وإنتاج نسخهم الخاصة . فقط بعد الحرب العالمية الثانية ، أثناء التطوير النشيط والمستحق لقوات الهندسة engineering troops وتمويل الجيش السوفيتي ، هم طوروا نموذجهم الخاص من الطوربيد ، والذي سمي اختصاراً KM (الشحنة الممتدة) . هو كان عبارة عن أنبوب بقطر 7 سم وطول 1.95 م ، مليء بنحو 5.2 كلغم من مادة TNT شديدة الانفجار .


10‏/11‏/2013

ماكس كرامر .. وبداية عصر الصواريخ الموجهه المضادة للدبابات .

ماكس كرامر .. وبداية عصر الصواريخ الموجهه المضادة للدبابات 


العلماء الألمان هم أول من بادر إلى تطوير وإنتاج الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات ATGM ، وذلك على أمل توفير سلاح فعال لقواتهم يلغي أو يحجم دور الدبابة (على غرار المدافع الرشاشة التي ألغت دور الخيالة) . فلكي يواجه الألمان التعزيزات الكبيرة في حماية الدبابات السوفييتية آنذاك وهم يفتقدون للمواد الصناعية الأولية ، عمدوا لاستكشاف وسيلة أخرى مختلفة عن المدافع المضادة للدبابات ، التي بدت وكأنها تواجهه طريقاً مسدوداً فيما يتعلق بالسباق بين زيادة العيار من جهة وكثافة التدريع من جهة أخرى . لقد حدا هذا الأمر بالمصممين الألمان في الفترة الأخيرة من الحرب العالمية الثانية ، وتحديداً في العام 1944 لإنتاج أول صاروخ موجه مضاد للدروع ، أطلق عليه X-7 . بدأ العمل على تصميم وتطوير هذا السلاح العام 1941 من قبل شركة Ruhrstahl AG ، التي أنطلقت للبحث في حقل الأسلحة الصاروخية الموجهه ، وبقصد إنتاج قذيفة موجهه مضادة للدبابات تستخدم من المواضع الدفاعية . لكن بسبب تفوق الألمان العسكري آنذاك بالاضافة لرغبتهم في توفير كلف التطوير ، تم رفض الفكره ، حتى أعيد إحياء البرنامج من جديد العام 1943 . 


لقد جاء تطوير هذا السلاح بجهد مباشر من الدكتور الألماني "ماكس كرامر" Max Kramer الذي عمل أوائل العام 1938 في البحث عن وسائل تقنية مبتكرة للتحكم عن بعد في القنابل الجوية حرة السقوط free-falling bombs ، وأنظم في العام 1940 للعمل لدى شركة Ruhrstahl . الدكتور كرامر الذي ولد في 8 سبتمبر 1903 واكتسب علومه في الهندسة الإلكترونية من جامعة ميونخ (حصل بعد ذلك على عدة براءات إختراع في مجال الديناميكيا الهوائية aerodynamics) ، ينسب له الفضل في تطوير العديد من الأسلحة والمقذوفات الموجه لاسلكياً ، مثل القنبلة الموجهه Fritz-X التي كان بالامكان التحكم بها والسيطرة عليها من الطائرة الأم . هذه القنبلة استخدمت في عدد من المناسبات خلال العام 1943 وبداية العام 1944 ، وسجلت عدة نجاحات ، مثل إغراق السفينة الحربية الإيطالية Roma وإلحاق أضرار شديدة بالسفينة الحربية الملكية البريطانية HMS Warspite وأهداف بحرية أخرى ، قبل أن تتحقق السيادة الجوية لطائرات التحالف بالاضافة لتطوير الإجراء الإلكترونية المضادة . كرامر طور أيضاً وصمم الصاروخ الموجه سلكياً جو-جو Ruhrstahl X-4 ، الذي حمل أيضاً مسمى Kramer X-4 . لقد كانت الميزة الحقيقية لهذا الصاروخ استعانته بالتوجيه السلكي Wire-Guided ، لهذا هو يعتبر السلف الحقيقي لجميع الفصائل المعاصرة من الصواريخ التي تستعين بالتوجيه السلكي .



وفي تاريخ 21 سبتمبر العام 1944 أجريت أو سبعة تجارب على الصاروخ X-7 . لكن نتيجة لخصائص الطيران غير المؤلوفة والغريبة ، الأربعة صواريخ الأولى المطلقة لامست وإرتطمت بالأرض بعد طيرانها لمسافة قصيرة ، لذلك هي تحطمت . محركي الصاروخين التاليين إنفجرا في الجو وهما في الطريق إلى الهدف . الصاروخ الأخير طار نحو هدفه المتمثل في دبابة متوقفة ليصيبها من مسافة 500 م ، وهذه مثلت المنطقة الميتة للصاروخ .. جسم أو هيكل الصاروخ X-7 كان أشبه بجسم قذيفة مدفعية ، مع زعنفتين في النهاية المتطرفة للذيل ، وجناحين جانبيين عريضين ، ملحق بأطرافهما بكرات وصلة السلك . فلمواجهة متطلبات التوجيه ، اشتمل الصاروخ X-7 على سلكان دقيقان يترنحان من طرفي أجنحة الصاروخ ، أحدهما للتصحيحات الطولية longitudinal والآخر للتصحيحات الجانبية lateral ، وكانت أوامر التصحيح ترسل للصاروخ من وحدة السيطرة والتعقب البصرية في وحدة الإطلاق حتى الاصطدام بالهدف .. البناء العام للصاروخ X-7 تضمن محرك صاروخي ذو وقود صلب من مرحلتين نوع WASAG 109-506 ، الذي كفل له بلوغ سرعة طيران حتى 98 م/ث . الصاروخ كان أيضاً مجهز برأس حربي عبارة عن شحنة مشكلة زنتها 2.5 كلغم مع صمام صدمي ، وقدرة اختراق بلغت 200 ملم من الصلب . الوزن الإجمالي للمقذوف X-7 بلغ 9 كلغم ، أما مداه الأقصى فبلغ 1200 م . لقد أنتج الألمان من الصاروخ 300 وحدة ، اختبرت ابتداء على الجبهة الروسية بهدف التقييم ، ولكن لم يتسنى معرفة نتائج الاستخدام ، حتى جرى اجتياح ألمانيا من قبل جيوش الحلفاء الغربيين والإتحاد السوفيتي ليسدل الستار عن هذا السلاح المثير .

7‏/11‏/2013

بداية البحث الروسي في مجال الشحنات المتراكمة .

بدايـــــــــة البحـــث الروســــــي فـــي مجــــال الشحنـــــات المتراكمـــــــة

في العام 1941 فوجئ أطقم الدبابات السوفييتية وأصيبوا بالذهول وهم يرون القذائف الألمانية وهي ترتطم بدباباتهم لتترك ثقوباً عميقة على الهياكل والأبراج . أطلق الألمان على هذا النوع من الذخائر تسمية Hohlladungsgeschoss والتي تعني القذيفة ذات الشحنة المجوفة . لقد عملت الماكنة الحربية الألمانية في السنوات 1939-1943 على تطوير أسلحة وذخائر بشحنات مشكلة من أنواع وأعيرة مختلفة ، كوسيلة مبتكرة لهزيمة ودحر دروع دبابات الحلفاء . على أية حال ، الاحتكار الألماني لم يدم طويل ، وفي تاريخ 23 مايو من العام 1942 تم اختبار أول مكافئ سوفييتي لقذائف المدفعية الألمانية ، وكان من عيار 76.2 ملم ، ليدخل الخدمة بعد ثلاثة أيام فقط تحت التعيين الرسمي BR-353A . هذه القذيفة التي جرى استنساخها بتقنية الهندسة العكسية reverse engineering ، كانت قادرة على اختراق تدريع بسماكة 75-90 ملم عند الارتطام بزاوية 90 درجة . كما طور السوفييت قذائف مماثلة أكبر قطراً من عيار 122 ملم حملت التعيين BR-460A مع قابلية اختراق حتى 200 ملم . السوفييت ابتكروا أيضاً أول سلاح يدوي لهم يعمل بتقنية الشحنة المشكلة كما تذكر بعض المصادر في العام 1943 ، عندما طوروا القنبلة اليدوية نوع RPG-43 كسلاح مؤثر مضاد للدروع وكبديل ناجح عن القنبلة اليدوية الأقدم من نوع RPG-40 التي اعتمدت في مفعولها على شحنة شديدة الانفجار . زودت القنبلة اليدوية RPG-43 بصمام تصادمي مع شحنة مشكلة بقطر 95 ملم مع 612 غرام من مادة TNT شديدة الانفجار ، وكان لها القدرة على اختراق نحو 75 ملم من الفولاذ ، لتحسن في مراحل لاحقة من الحرب بالسلاح RPG-6 الذي أدخل الخدمة في أكتوبر العام 1943 . هم أيضاً طوروا اللغم الأرضي الطائر المدعو LMG (اختصار flying mine Galitskiy) مع شحنة مشكلة ومتفجرات من نوع TNT . هذا اللغم استعمل من قبل السوفييت بنجاح كبير ضد الدروع الألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية ، حيث صعد المقذوف على منصة خشبية ثابتة في تجويف أرضي غير عميق ، وهو مصوب باتجاه الطريق المحتمل لمرور الدبابة . عملية المشاغلة وإطلاق المقذوف تتم عندما يتم جذب سلك إعثار ملحق بصمام في قاعدة المقذوف . 



أطلق السوفييت على تأثير الشحنة المشكلة اسم الشحنة المتراكمة Cumulative Charge ، والكلمة لاتينية الأصل cumulatio وتعني التكدس أو التزايد في إشارة إلى آلية عمل هذا النوع من الشحنات والقائمة على تركيز طاقة الانفجار . التأثير التراكمي لوحظ بداية في العام 1864 من قبل المهندس والجنرال العسكري الروسي "ميخائيل بورسكوف" M. Boreskov الذي استخدم هذه الظاهرة لثقب الصخور وألواح الأشجار الصلبة لبناء التحصينات . بورسكوف عمل في مجال زراعة الألغام واكتشف أن شحنة متفجرة من النتروغلسرين nitroglycerine مع تجويف موجه ستمتلك بشكل ملحوظ تأثير تدميري أعلى بكثير من الشحنات التقليدية . التأثير شوهد أيضاً من قبل قائد عسكري سوفييتي آخر هو "ديمتري أندريفسكي" Dmitry Andrievskiy ، الذي عمل العام 1865 على تفجير شحنة من الديناميت ملئت بورق مقوى كرتوني مع تجويف محشو بنشارة الخشب . نتائج الدراسات العملية المتعلقة بتأثير طاقة المواد المتفجرة ظهرت في الإتحاد السوفيتي أثناء الحرب العالمية الثانية ، حيث ينسب الفضل في تطوير الرؤوس الحربية المشكلة للبروفسور "سيكورفسكي" M.J. Sukharevsky ، الذي أجرى أول دراسة منظمة حول التأثير التراكمي cumulative effect وأصدر أول أبحاثه ورسائله العلمية في هذا المجال العام 1923-1926 . عمل الرجل على الشحنات المشكلة التي احتوت على تجاويف بدون كساء أو غلاف معدني ، واستطاع معرفة وإيجاد الرابط بين عملية اختراق الدروع بهذه الشحنات وشكل التجاويف ، بالإضافة للعوامل المؤثرة الأخرى . لقد وصف سيكورفسكي تجاربه الشاملة بالتجاويف غير المبطنة في أنواع مختلفة من الأشكال والزوايا ، حيث لاحظ بأنه يمكن لتجويف مخروطي أن يولد تأثير اختراق صغير (لشحنة غير مبطنة unlined charge) ، كما دون في سجلاته العلمية أن الأهمية العملية الكبرى لقذائف الشحنة المشكلة تكمن في إمكانية تحويل وزن قذيفة مدفعية إلى النصف ، وزيادة التأثير المتفجر من قبل عامل 3 إلى 5 . لكن للأسف وبشكل مأساوي ، انتهت بحوث سيكورفسكي العلمية في هذا المجال مع سقوطه كضحية لإحدى حملات التطهير الستالينيه Stalin's purges .


5‏/11‏/2013

بطل آخر من الثورة السورية .. المدفع عديم الارتداد SPG-9 .

بطـل آخـر من الثـورة السوريــة .. المدفـع عديــم الارتــداد SPG-9 


يوجد في الخدمة حالياً أنواع قليلة من الأسلحة المضادة للدروع عديمة الارتداد ، ربما أشهرها المدفع الروسي SPG-9 أملس الجوف من عيار 73 ملم والملقب بالرمح Spear . هذا السلاح الذي تم تطويره من قبل الإتحاد السوفييتي وتم تبنيه العام 1963 ، لا يزال مستخدماً في الجيش الروسي مع أفراد مشاة البحرية والقوات المحمولة جواً . هو مثبت على حامل ثلاثي القوائم ومعد للحمل والنقل بواسطة الأفراد . قصة بداية هذا السلاح كانت مع الرغبة السوفييتية لاستبدال المدفع الأقدم عديم الارتداد B-10 الذي أدخل الخدمة العام 1954 . السلاح B-10 كان من عيار 82 ملم ، وقد تم إعداده للعمل مع وحدات المشاة السوفييتية infantry units وبشكل رئيس لمواجهة ومقاتلة العربات المدرعة الغربية حتى مدى 400 م . لكن مع توفر أول صاروخ سوفييتي موجه مضاد للدبابات في بداية الستينات ، أستبدل دور السلاح B-10 المضاد للدروع من وحدات المشاة الآلي motorized rifle ونقل لخدمة القوات السوفييتية المحمولة جواً (المدفع في الأساس كان ثقيل الوزن وصعب النقل من قبل أفراد المشاة وقابلية اختراقه لم تتجاوز 200-250 من التصفيح الفولاذي) . تم الايعاز لمكتب التصميم GSKB-47 (الآن Basalt) في موسكو لقيادة مشروع تطوير سلاح جديد مضاد للدبابات . القيادة السوفييتية حددت آنذاك متطلباتها التكتيكية التقنية في مدفع لا يتجاوز وزنه الكلي عن 30 كلغم ، وقابلية اختراق في تصفيح الدروع حتى 300 ملم ، بالإضافة إلى الحاجة لضمان بساطة السلاح وسهولة صيانته maintenance . لقد كان يفترض بالسلاح أن يكون قادراً على العمل والرمي لخمسة أيام متتالية دون الحاجة لتنظيف سبطانته (حد أدنى من 35 طلقة) . العمل التصميمي على المشروع حمل التعيين الرمزي "الرمح" Spear واستكمل في العام 1962 لتبدأ الاختبارات العملية على السلاح ومنصته المتكاملة . 


اهتم المصممين السوفييت بتطوير نوعين من الذخائر لصالح السلاح SPG-9 ، هما شديد الانفجار المتشظي FRAG-HE ، وشديد الانفجار المضاد للدبابات HEAT . هذه المقذوفات من النوع المثبت بزعانف أو أنصال مع دافع صاروخي مساعد بوقود صلب بالنسبة للنوع المضاد للدبابات . ذخيرة السلاح SPG-9 مشابهه لتلك المطلقه من المدفع منخفض الضغط 2A28 Grom عيار 73 ملم الخاص بالعربة المدرعة الشهيرة BMP-1 ، لكنها هنا تحمل التعيين PG-15V .  


المدى الفعّال للمقذوفات المتشظية المضادة للأفراد يمكن أن يبلغ 1000 م ، والأقصى يصل حتى 4500 م ، خصوصاً مع استخدام نمط التصويب غير المباشر . المقذوف المتشظي القياسي الذي يحمل التعيين OG-9 مجهز بعدد ثمانية زعانف مضلعة من أجل الاستقرار ، كما أن رأسه الحربي مزود بصمام تصادمي من نوع GO-2 ومتفجرات من نوع TNT زنتها 735 غرام . يبلغ وزن هذا المقذوف 3.6 كلغم ، في حين أن وزن القذيفة بالكامل يبلغ 5.5 كلغم ، وهو غير مزود بمحرك دفع صاروخي ، علماً أنه يحقق سرعة فوهة من 316 م/ث . أما بالنسبة للمقذوفات شديد الانفجار المضاد للدبابات فإن مداها المؤثر يبلغ 800 م (متوسط الانحراف في ظروف مثالية مقدر بنحو 0.43 متر) في حين المدى الأقصى يصل إلى 1200 م . النوع القياسي المضاد للدبابات يحمل التعيين PG-9 ويمتلك سرعة فوهة من 435 م/ث . يبلغ وزن هذا المقذوف 2.6 كلغم ، في حين أن وزن القذيفة بالكامل يبلغ 4.4 كلغم . الرأس الحربي للمقذوف المضاد للدبابات يشتمل في تركيبه على 0.322 كلغم من متفجرات الهكسوجين hexogen ، التي تتيح له قابلية اختراق حتى 300 ملم في التصفيح الفولاذي المتجانس . النسخ الأحدث من الذخيرة مثل PG-9VS حققت قابلية اختراق حتى 400 ملم في صفائح الفولاذ (جرى تطوير مقذوف ثنائي الرؤوس هو PG-9VNT مع مدى فعال حتى 700 م ، وقابلية اختراق للفولاذ من 550 ملم أو 400 ملم بعد تجاوز قرميد الدرع التفاعلي المتفجر) .


المدفع SPG-9 مجهز في الجهة اليسار من سبطانته بمنظار تصويب بصري من نوع PGO-9 بقوة تكبير 4× ومجال رؤية حتى 10 درجات . وللرؤية في الظلام ، يمكن تجهيز السلاح بتشكيلة من مناظير الرؤية الليلية السلبية من نوع PGN-9 وSPG-9M وغيرها . هو سهل الحمل نسبياً ، حيث لا يتجاوز وزنه 47.5 كلغم ، يزداد إلى 59.5 كلغم مع حامله الثلاثي . السلاح يتم نقله عادة بواسطة عربة مدولبة ليحمل بعد ذلك إلى الموقع من قبل طاقم من فردين هما الرامي والملقم ، علماً أن طاقمه المثالي يتكون من أربعة أفراد ، هما القائد والملقم والرامي وحامل الذخيرة الإضافية (يمكن نشره وتجهيزه للرمي خلال دقيقة واحدة تقريباً ، مع معدل إطلاق نار من 5-6 طلقات في الدقيقة) . حامله الثلاثي Tripod هو من النوع القابل للطي ، ويمكن التحكم بدرجة ارتفاعه لما بين 390-700 ملم ، كما يمتلك زاوية دوران أفقية من + -15 درجة . كما يوجد نسخة مغايرة من السلاح بعجلات قابلة للفك والفصل معدة للاستخدام مع القوات المحمولة جوا ، يطلق عليها SPG-9D . السلاح في الخدمة لدى عدد كبير من القوات المسلحة ، وتشكيلة متنوعة من الذخيرة أنتجت لصالحه ، وإن كان أغلبها عبارة عن نسخ مماثلة للقذائف السوفييتية الأصلية شديدة الانفجار المضادة للدبابات والمضادة للأفراد . شهد السلاح SPG-9 أكثر من ساحة صراع ، كما شوهد في الحرب الأهلية السورية بيد مقاتلي الجيش الحر . هو متوفر بشكل كبير للميلشيات شبه العسكرية والقراصنة البحريين في منطقة القرن الأفريقي ، وكذلك في المناطق الأخرى بدرجة أقل . هو ليس شعبي كالقاذف RPG-7 لأنه يجب أن يصعد على عربة لنقله ، ولا يمكن حمله وإطلاقه بسهولة من الكتف .

1‏/11‏/2013

القاذف الكتفي الروسي .. RPG-16 .

القـــــــــــــاذف الكتفــــــــــــــــي الروســـــــــي .. RPG-16


في أواخر الستينات وتحديداً في العام 1968 ، صمم مكتب GSKB-47 برئاسة المهندس I. E. Rogozin ، بالتعاون مع مكتب تصميم الأسلحة الخفيفة TsKIB COO برئاسة المهندس VF Fundaevym ، قاذف سوفييتي كتفي جديد مضادة للدروع ، أطلق عليه الرمز TCB-034 وبعد ذلك عين باسم RPG-16 . دخل هذا السلاح المعد خصيصاً للقوات السوفييتية المحمولة جواً airborne troops ووحدات القوات الخاصة Spetznaz الخدمة في العام 1970 ، وتميز بسبطانة فولاذية ملساء الجوف بقطر 58.3 ملم وطول 1104 ملم تتكون من جزأين قابلين للفصل . وكان كسابقه RPG-7 ، عديم الارتداد لاعتماده على مقذوف بمعزز صاروخي rocket booster مع رأس حربي بقطر فوهة السلاح (لم تطور ذخيرة لهذا السلاح باستثناء المقذوف ذو الشحنة المشكلة PG-16V مع محرك صاروخي أكثر قوة ، ونظام إيقاد كهربائي بدل نظام الطرق الميكانيكي التقليدي) . هذا السلاح وعلى خلاف القاذف RPG-7 لم تكن ذخيرته من النوع المشحون من المقدمة مع رأس حربي بارز ، بل كانت من النوع المحصور والمتجانس بالكامل في داخل تجويف السبطانة ، وهذا بالضبط ما أضعف قدرات السلاح النارية بالمقارنة بمنافسه RPG-7 . المقذوف PG-16V كان مجهز بعدد ستة أنصال blades مثبته على خرطوم المحرك الصاروخي ، هذه عملت على تخفيض انجراف المقذوف الناتج عن الريح العرضية خلال الطيران . السلاح جهز بمنظار من نوع PGO-16 ذو قدرة تكبير 2.7× ، وأرجل أمامية قابلة للطي . ورغم أن مداه الفعال وصل لغاية 800 م ، إلا أن هذا السلاح لم يكتب النجاح بسبب قابلية اختراقه المحدودة والمقدرة بنحو 300 ملم من الفولاذ . كذلك بسبب ثقل وزنه البالغ وهو فارغ 9.4 كلغم ، وعندما يجهز للرمي فإن وزنه يصل لنحو 12.4 كلغم . لذا ، وفي مرحلة لاحقة توقف تصنيع السلاح RPG-16 بعد إنتاج نحو 116,883 قاذف منه حتى العام 1999 ، كما شهد استخداماً محدوداً خلال الحملة السوفييتية على أفغانستان ضد المواقع المحصنة ، لكنه استبدل لاحقاً بقواذف الرمية الواحدة الكتفية المضادة للدروع من طراز RPG-18 و RPG-22 وكذلك أسلحة RPG-7 .

30‏/10‏/2013

طلاء تجويف سبطانات مدافع الدبابات .

طــــــــلاء تجويــــــف سبطانــــــــــــــــات مدافــــــــــــــع الدبابـــــــــــات


من الناحية التاريخية سبطانات المدافع كانت من الفولاذ المنكشف حتى الحرب العالمية الثانية ، عندما قامت شركة أمريكية تدعى Battelle بأول عملية طلاء لسبطانة سلاح رشاش من عيار 12.7 ملم ، في شهر أغسطس من العام 1942 . وبعد الحرب وحتى العام 1965 تم تجاهل هذه التقنية اللازمة للحفاظ على سبطانات المدافع من الإهتراء والتآكل ، لتأتي الحرب الفيتنامية في منتصف الستينات لتعيد إحياء مشروع الطلاء الواقي ، خصوصاً بعد النتائج غير السارة للمدفع الأمريكي عيار 175 ملم . وفي الوقت الحاضر تلجأ الكثير من الدول المنتجة لسبطانات الأسلحة ، لكساء تجويفها الداخلي بطبقة سميكة نسبياً من عنصر الكروم عالي التقلص HC Chromium ، الذي يضفي طبقة مقاومة مهمة للسطوح الفولاذية ، بالإضافة لمعامل احتكاك منخفض وقسوة عالية لمقاومة التآكل corrosion . مدافع أمثال الأمريكي M256 والألماني L44 من عيار 120 ملم وغيرها ، تطلى بطبقة ثخينة نسبياً من عنصر الكروم يبلغ سمكها 0.01 بوصة ، لتمكينها من مواجهة التأثيرات الداخلية الناتجة عن غازات الدفع عالية السخونة ومقاومة قوى الإهتراء وكذلك التأثيرات الميكانيكية mechanical effects للمقذوف ، وبذلك تزيد من عمر سبطانة المدفع (مع تزايد إهتراء تجويف سبطانة السلاح فإن سرعة الفوهة يمكن أن تنخفض ، حيث أثبتت الاختبارات أنه مع نسبة إهتراء لنحو 3% من قطر المدفع المستخدم ، فإننا يمكن أن نخسر 5% من سرعة الفوهة) .   


لقد جاء استخدام عنصر الكروم في الطلاء جاء بسبب درجة انصهاره الأعلى مقارنة بالفولاذ (1875 درجة مئوية مقابل 1425 درجة مئوية) وأيضاً مقاومته لأطوار التغير ، نتيجة الترتيب الذري الفريد في بلوراته ، أو ما يطلق عليه اصطلاحاً بالشبكة البلورية lattice structure . كما أن لعنصر الكروم ميزة إضافية تم ذكرها سابقاً ، تتمثل في مقاومة التآكل والإهتراء ، حيث يتولى الطلاء حماية طبقة الفولاذ السفلى من الهجوم الكيميائي الذي يعمل حال توفره ، على تخفيض ملكيات وخواص السطوح الفولاذية في تجويف السبطانة .


عملية التطبيق الطلاء بعنصر الكروم تتضمن عملية تمرير لتيار كهربائي خلال كهرل electrolyte (الكهرل هو مادة أو محلول يحتوي على أيونات حرة تشكل وسطاً مناسباً لنقل الكهرباء) متصل بسبطانة المدفع . وتتألف المكونات الضرورية لعملية الطلاء من سبطانة السلاح التي تمثل القطب الكهربائي الذي سيتم طلاءه ، وقطب موجب لإكمال الدائرة الكهربائية ، وكهرل يحتوي على أيونات عنصر الكروم التي سيتم ترسيبها على السبطانة ، وأخيراً مصدر مباشر للتيار الكهربائي . يتم تغطيس وغمر السبطانة والقطب الموجب في كهرل مشتمل على أيونات عنصر الكروم ، مع قطب موجب موصول بالطرف الموجب positive من مصدر الطاقة ، في حين توصل السبطانة بالطرف السلبي negative . بعدها يجري تشغيل تيار الطاقة الكهربائية والتحكم به تدرجاً من المستوى صفر ، وهكذا النقطة التي يتم الوصول لها أولاً من السبطانة يتم كساءها وطليها بطبقة الكروم .