30‏/12‏/2012

الدبابات تسقط وتتهاوى في معارك المدن .


في الصـــــراع الســـــوري .. اليـــوم كمـــــا من قبـــــل

الدبابات تسقط وتتهاوى في معارك المدن


ما الذي أدى إلى تساقط وتهاوي الدبابات الجيش السوري بهذه السرعة في معارك المدن ؟؟ سؤال حاول الكثير من الخبراء العسكريين إيجاد الجواب له . إذ يبدوا أن جنرالات الجيش السوري أخفقوا في تأمين دباباتهم وعرباتهم المدرعة الأخرى خلال قتالهم الدامي في المدن السورية ، بالضبط كما أخفق أصدقائهم الروس العام 1994 أثناء معركة الاستيلاء والسيطرة على العاصمة الشيشانية غروزني Grozny . ووفقاً لإحصائيات روسية غير رسمية ، فقد الجيش السوري خلال مراحل الصراع الدامي أكثر من 500 دبابة معركة رئيسة ، أغلبها من النوع T-72 ، بالإضافة إلى مئات العربات وناقلات الجنود المصفحة من طراز BMP وغيرها . وتظهر مجموعة أفلام فيديو على مواقع مختلفة في الشبكة العنكبوتيه ، الكثير من الدبابات السورية المدمرة والمحترقة كبرهان جيد على حالات الفشل والإخفاق .في الحقيقة يوجد في العالم عدد كبير نسبياً من الخبراء والمنظرين العسكريين ولأسباب مختلفة ، ينتقدون الدبابات الروسية ويتهمونها بإنخفاض قابلية بقائها ونجاتها survivability في المعركة ، خصوصاً مع شواهد تاريخية (للدبابة T-72 تحديداً) في كل من العراق ، يوغسلافيا ، الشيشان ، استونيا ، ليبيا والآن في سوريا .. لقد تركت مراحل القتال الأحدث ، بشكل رئيسي أثناء القتال الأخير في مدينة حلب السورية Aleppo ، تركت انطباع مؤلم ومؤثر عن قابلية الدبابات السورية على مواجهة ضربات مقاتلي الجيش الحر ، وبالأخص الطراز T-72 .


فعلى مدى التاريخ ، عرضت هذه الدبابة نمط تقليدي في التصميم من الداخل ، فهيكل الدبابة الملحوم بالكامل all-welded hull ، منقسم إلى ثلاث مقصورات رئيسة مع السائق في المقدمة ، مقصورة القتال في المركز ، والمحرك وناقل الحركة في المؤخرة . توزيع أفراد الطاقم لا يوجد ما يميزه ، فالسائق حدد مكانه مركزياً في مقدمة الهيكل ، القائد في الجانب الأيمن من البرج ، والمدفعي في الجانب الأيسر للبرج . داخل البرج ، تستحوذ كتلة عقب السلاح الهائلة الخاصة بالمدفع الرئيس من نوع D-81TM عيار 125 ملم على موضع هام ، بالإضافة لآلية تناول الذخيرة وتسليمها ، والتي تعتمد على ملقم آلي ميكانيكي مع صينية دوارة carousel أسفل سلة البرج على أرضية الهيكل (لا تترك مجال أو سعة كافية للقائد أو المدفعي لحرية الحركة) .


الخبراء يرجعون أسباب فشل واندحار الدبابات السورية في تحقيق الإنتصارات على أرض الواقع إلى سببين رئيسين ، أحدهما لا علاقة لقادة الجيش السوري بحدوثه ، في حين أن الآخر هو من صميم عملهم !! السبب الأول كما يرى هؤلاء الخبراء مرده إلى نواقص التصميم التي ظهرت بها الدبابات السورية T-72 خلال القتال ، أحدها ذلك المتعلق بخطورة تخزين الذخيرة في أرضية البرج (لا تتحصل على حماية ملائمة proper protection) والتي جعلتها في أغلب الأحيان عرضة لتأثير ضربات مقاتلي الجيش الحر ، لتبدأ بعدها سلسلة من الانفجارات الكارثية تؤدي بالنتيجة إلى تدمير وسحق الدبابة ، ناهيك عن مقتل جميع أفراد الطاقم . إن نظام تلقيم الدبابة T-72 يحتوى على تشكيلة من 22 قذيفة مع دوافعها مرتبة بشكل منتظم ومحمي نسبياً ، في حين القذائف الإضافية وشحنات دفعها ، تخزن على أرضية الهيكل في جيوب أو رفوف مكشوفة .نظام تخزين الوقود الخارجي في الدبابات السورية T-72 الذي يسع نحو 705 لتر من الوقود بالإضافة إلى برميلي تخزين وقود في مؤخرة الهيكل بسعة إجمالية من 390 لتر ، ساهم هو الآخر في الحصول على نتائج كارثية على بقائية الدبابة عند إصابتها ، وكما شوهد في الصور وأشرطة الفيديو التي عرضها أفراد الجيش الحر . لقد أظهرت صور المعارك تفضيل أطقم الدبابات السورية لخيار الهروب السريع عند إصابة دباباتهم بدل مواجهة خطر الإحتراق فيها !! ويؤكد الخبراء أنأداء الدبابات السورية T-72 كان يمكن أن يحسن كثيراً لو زودت هذه الدبابات في مجملها بدروع تفاعلية ردية متفجرة ، التي كانت ستجعلها هدف صعب المنال لمقذوفات أسلحة RPG الكتفية والصواريخ الموجهة المضادة للدروع ATGM . لكن المعارك أظهرت أن عدد قليل نسبياً من هذه الدبابات جهزت بهذه الدروع . نتيجة ذلك ، الكثير من الدبابات T-72 دمرت بواسطة قذيفة واحدة فقط في الكثير من الأحيان . واقتصرت الحماية السورية على محاولات واجتهادات فردية من قبل أطقم الدبابات على تزويد عرباتهم بأكياس الرمال sand bags أو إطارات السيارات tires لتعزيز الحماية .


ولنعد قليلاً إلى الوراء ، فقبل فترة طويلة من الأحداث السورية ، وتحديداً في العام 1998 ، أوكل الجيش السوري مهمة تحديث دباباته المتقادمة من طراز T-72 إلى شركات إيطالية (قبلها محاولات مع جنوب أفريقا لم يكتب لها النجاح) وبلغت قيمة الصفقة 200 مليون دولار . تحديث الدبابات شمل بشكل رئيس تزويدها بنظام سيطرة على النيران من نوع TURMS-T ، يتضمن منظار تصويب حديث بمحدد مدى ليزري rangefinder ونظام رؤية حراري thermal imager من الجيل الثاني . هذا النظام مدمج وملحق مع حاسوب باليستي رقمي ، حيث تعرض معلومات إطلاق النار على عدسة بصرية خاصة بالتصويب . مع هذا المدفعي يمكن أن يكتشف الأهداف في مدى من خمسة آلاف متر في النهار وأربعة آلاف متر في الليل . عمليات التحديث تضمنت تزويد الدبابات السورية بوحدات دروع تفاعلية متفجرة ERA لحمايتها من أسلحة الطاقة الكيميائية (يطلق عليها الروس مصطلح الحماية الديناميكية dynamic protection) وتجهيزات أخرى لإطلاق الصاروخ الروسي الموجه Reflex من سبطانة المدفع الرئيس . هذه الدبابات خصصت لأحد ألوية الرئاسة السورية الخاصة بالقرب من العاصمة دمشق .. لوقت طويل أو في بداية الثورة ، حاول الجيش النظامي السوري استعمال الدبابات المتقادمة T-55/T-62 ضد مقاتلي الجيش الحر ، بالإضافة إلى النسخ السابقة للدبابة T-72 ، في حين ظلت الدبابات الأكثر حداثة في الاحتياطي . لكن مع نهاية هذه السنة 2012 على مقربة من دمشق ، جاءت الدبابات T-72 المحدثة من قبل إيطاليا لتظهر في ساحة المعركة . ورغم إنها مجهزة كما ذكرنا بمنظومة حديثة للسيطرة على النيران ، فإن هذه الدبابات في الحقيقة إفتقدت في معظمها للدروع التفاعلية المتفجرة أو منظار القائد البانورامي panoramic sight . لذلك بدا من المحتمل ، أن هذه الدبابات تحصلت على فرصة مخفضة للإستفادة الكاملة من قابليات الصواريخ الموجهة المطلقة من سبطانة المدفع .. حالياً ، العبء الرئيس للقتال ضد الثوار يلقى على عاتق النموذج السوفيتي T-72M1 الذي أمتلك بعض الحماية الإضافية من قبل الدروع التفاعلية . هذه الدبابات السورية جهزت بقراميد الدروع من الجيل الأول التي يطلق عليها Contact-1 ، وهي ليست فعالة بما فيه الكفاية تجاه الأسلحة المضادة للدبابات الحديثة ، التي أكثر فأكثر تجد طريقها لأيدي أفراد الجيش الحر ..


السبب الآخر الرئيس لخسائر المرتفع في الدبابات والعربات المدرعة للقوات الحكومية يعزوه الخبراء بشكل رئيس إلى قلة الفهم والجهل التكتيكي للقيادة العسكرية السورية ، فالدبابات واصلت رغم الضربات والخسائر في الدخول إلى المدن والتضاريس الحضرية بدون غطاء من المشاة infantry cover . لقد عرضت أشرطة الفيديو صور الدبابات السورية وهي تتقدم بين أزقة وأفرع المدينة بشكل مستقل دون دعم المشاة ، وهم على ما يبدوا لم يتعلموا الكثير من حلفاءهم الروس عن أهمية الدور التبادلي للإثنين (الدروع والمشاة) . ففي بيئة التضاريس الحضرية ، الدبابات وعربات الإسناد المدرعة الأخرى تكون عرضة لنيران المشاة ، ببساطة نتيجة قدرة هؤلاء الأفراد على التخفي والتنقل في كل مكان ، لذلك كان الاستعانة بقوات المشاة مطلباً ضرورياً لحماية الدبابات من كمائن العدو . إن الطريق الأسهل لتعطيل دبابة معركة رئيسة (باستثناء ضربة مباشرة في منطقة ضعيفة بسلاح مضاد للدبابات) هو في استهداف الجنازير لتسجيل ما يطلق عليه "قتل الحركة" mobility kill ، أو استهداف جميع تجهيزات الرؤية البصرية الخارجية ، فالدبابة عندما تتعطل وتتوقف عن الحركة تسهل آلية تحطيمها . الأجزاء الضعيفة الأخرى للدبابة تتضمن منطقة سطح المحرك (بما في ذلك قنوات امتصاص الهواء ، شبكة تبريد المحرك .. الخ) وحلقة البرج turret ring ، حيث يلتقي البرج بالهيكل .


الدبابات ولكي توفر الدعم الآمن والفاعل لجنود المشاة , فإن مستوى رفيع جداً من التنسيق coordination والمواءمة بين الدبابة والمشاة يجب أن ينجز . فالدبابة يمكن أن تحمي المشاة بتحطيم العقبات وتحصينات مواقع الرشاشات المعادية والأهداف الأخرى ، لكنها في المقابل تتطلب دعم المشاة السريع وتغطيتهم لتحركاتها . إذ يلقى على عاتق جنود المشاة حماية الدبابة من نيران مشاة العدو المترجل والفرق المضادة للدبابات . هم أيضاً يمكن أن يطلبوا أو يوجهوا نيران الدعم fire support أو يحددوا أفضل الطرق لحركة الدبابات بعيداً عن مواضع الكمائن المحتملة . المشاة يستطيعون توفير الحماية القريبة للأهداف المدرعة ، فعندما تتحدد الحركة وتكون مراقبة المنطقة المحيطة سيئة ، المشاة يجب أن يوفر الحماية القريبة إلى الدبابة . على الأقل فريق نيران واحد يجب أن يغطي المؤخرة وأجنحة الدبابة ، وآخر يوفر الحماية للمنطقة الخلفية . في التضاريسِ المفتوحة open terrain أو في المناطق التي تعرض فرص ملاحظة ومراقبة جيدة ، الدبابة يمكن حمايتها بشكل جيد ضد نيران الأسلحة الخفيفة . القوات المرافقة التي تحمي الدبابة يمكن أن تناور في أثرها عند مسافة بحدود 300 م ، لكنها في ذات الوقت يجب أن يكون لديها على الأقل فريق نار واحد يغطي الأجنحة ومؤخرة الدبابات في جميع الأوقات . وبينما هي تتقدم الهجوم ، قائد القوة المرافقة يجب أن يغير طريقة أو نظام الحماية . هذا التغيير يجب أن يبلغ وينقل إلى قائد الدبابة لكي يتمكن من إدراك مواقع المشاة المرافقين . بالإضافة لذلك ، قائد القوة يجب أن يستمر في تواصله المستمر مع قائد الدبابة ، وتعيين بعض الأهداف الضرورية specific targets التي لم تميزها الدبابات ويجب أن تشاغل بالاشتباك السريع .

26‏/12‏/2012

المدفعية الصاروخية .


المدفعيـــــــــة الصاروخيــــــــة .. Rocket artillery  


إن فكرة أنظمة المدفعية الصاروخية Rocket artillery ، أو قاذفات الصواريخ متعددة الفوهات Multiple rocket launcher ، قديمة قدم اختراع البارود ، الأمثلة الأقرب كانت قاذفات صواريخ الأسهم الصينية Chinese arrow التي استخدمت ضد المنغوليين في القرن الثالث عشر . الخطوة الرئيسة الأخرى كانت خلال الحروب النابليونية في معركة Leipzig عام 1918 ، ولكن استخدامها لم يحقق سوى نجاحات محدودة . ولم تبرهن هذه الأسلحة كفاءتها حتى القرن العشرين ، عندما استخدمت بالتزامن مع أنظمة المدفعية الأخرى .


الظهور الابتدائي والعملي للمنظومات الصاروخية متعددة الفوهات كان في الحرب العالمية الثانية ، عندما أدخل الألمان للخدمة في العام 1942 قاذفة بسيطة من عيار 210 ملم ، بخمسة أنابيب إطلاق ، ترسل قذائفها حتى مدى 8 كلم . وقد صمم هذا السلاح أساساً كمولد دخان ، وأطلق عليه أسم Nebelwerfer . كما نشر الألمان بعد ذلك عدد كبير من النظم المشابهة من عيارات مختلفة ، مثل Nebelwerfer 41 عيار 150 ملم و Nebelwerfer 42 عيار 300 ملم ، والتي تطلبت عربات أكبر لحملهم وتوجيههم . كما طور الألمان منظومات صاروخية ذاتية الحركة ، من طراز Panzerwerfer و Wurfrahmen 40 ، ثبتت على عربات مدرعة نصف مجنزرة half-track ، وأنتجوا أنواع ثقيلة من الصواريخ ، بلغ عيارها 380 ملم .


في هذه الأثناء طور السوفييت قاذفاتهم الصاروخية الخاصة ، وزودوها بزعانف خلفية للإستقرار ، حيث جرى تثبيتها على شاحنات وأطلقوا عليها إسم "كاتيوشا" Katyusha أو أورغن ستالين Stalin Organs كما أطلق عليها الألمان نسبة إلى آلة موسيقية معروفة . وفي حين أستخدم الألمان هذه المنظومات كمكمل وإضافة لمدفعيتهم التقليدية وليست كبديل ، فإن السوفييت كانوا من الأوائل الذين أدركوا أهمية هذه الأنظمة وتأثيرها الرهيب في توجيه "تأثير صدمة" shock effect على مواقع القوات المعادية . لقد أعطت قابلية الحركة لهذا السلاح (وسلاح المدفعية بشكل عام) ، القدرة على توجيه ضربات مؤثرة تجاه المواقع المعادية ثم التحرك لنقطة أخرى ، قبل التعرض لنيران البطاريات المضادة counter-battery fire . ومقارنة بالمدفعية التقليدية ، فإن قاذفات الصواريخ المتعددة قادرة على تسليم وتسديد مقدار كبير من المتفجرات المدمرة إلى منطقة محددة وبسرعة كبيرة ، وإن كان مع مستويات دقة أقل وزمن أطول لإعادة التحميل والتلقيم .


أنتج السوفييت خلال الحرب العالمية الثانية تشكيلة متنوعة من منظومات المدفعية الصاروخية وبأحجام وأقطار مختلفة ، مثل النوع BM-13 من عيار 132 ملم ، مع وزن أقصى بلغ 22 كلغم ، واستطاعت هذه الصواريخ تحقيق مدى 5.4 كلم ، حيث جرى تزويدها بزعانف صليبية cruciform fins مع رؤوس حربية متنوعة ، إما شديدة الانفجار متشظية أو ذات شحنة مشكلة shaped-charge . كما كان هناك النوع M-8 من عيار 82 ملم ، وطور السوفييت لاحقاً نوع أكبر حجماً ، هو M-31 من عيار 310 ملم . وتميزت المنظومات السوفييتية بالبساطة النسبية والاعتمادية ، فاشتمل البناء العام على رفوف متوازية parallel racks مثبت فوقها قضبان حديدية يتم وضع الصواريخ عليها . كل شاحنة كان بها ما بين 14-48 قاذفة . وأثناء الاستخدام العملياتي ، كان باستطاعة أربعة قاذفات BM-13 أن يطلق كل منها طلقة واحدة كل 7-10 ثانية ، وإيصال 4.35 من المواد شديدة الانفجار على منطقة مساحتها 4 هكتارات (تعادل 40.000 متر مربع) .


وبعد الحرب العالمية الثانية استمر السوفييت في تطوير أنظمة المدفعية الصاروخية ، وظلوا لفترة طويلة يتزعمون دول العالم في توفير وتزويد دول الكتلة الشرقية وحلفاءهم بمنظومات صاروخية رخيصة ولكنها فعالة effective . لقد لقي هذا السلاح اهتماماً ملحوظاً في الجيش السوفييتي ، وأنتج مصمموه عبر السنين عدداً متنوعاً من المنظومات الصاروخية التكتيكية متعددة الفوهات ، ذات العيارات المختلفة ، حملت جميعها مواصفات رخص الثمن وسهولة الإنتاج . لقد انسجمت هذه الأنظمة مع العقيدة السوفييتية القتالية ، التي تؤكد على مبادئ الحرب الهجومية offensive warfare والاصطدام العنيف والمفاجئ مع القوات المعادية . وطور السوفييت مع هذه الأنظمة تكتيكات استخدامها ، وحيث أن عامل الزمن مهم جداً ، فقد تم التأكيد على سرعة الحركة وسرعة التلقيم ، الذي بلغ نحو 10 دقائق لبعض المنظومات .


وبسبب طبيعتهم الرخيصة والبسيطة ، لاقت هذه الأسلحة استخداماً موسعاً في معظم الحروب التي تلت الحرب العالمية الثانية ، مثل حرب فيتنام وحرب كوريا والحروب العربية الإسرائيلية ، حتى أن العديد من دول العالم الثالث طورت منظوماتها الخاصة ، والتي كانت في معظمها اشتقاقات من أنظمة سوفييتية ، فمع كونها أقل دقة من المدفعية التقليدية ، إلا أنها كان فعالة جداً في توفير نيران قصف إشباعي saturation bombardment .

وفي الجهة المقابلة ، أخفق الغرب في تقدير أهمية هذا السلاح ، واستمرت دوله في انتهاج مبدأ "الأدوار المتخصصة" specialist roles ، وتحسين منظومات مدفعيتها الثقيلة ، سواء لجهة زيادة المدى والدقة ، أو معدل الرمي الذي بلغ ثلاثة طلقات في الدقيقة ، ولم تلقى المدفعية الصاروخية الاهتمام المناسب في تسليح جيوش الدول الغربية ، إلى أن قامت الولايات المتحدة بتطوير وإنتاج قاذفة صواريخ ثورية التصميم والمفهوم ، أطلق عليها MLRS (نظام صاروخي متعدد القواذف) والتي أدخلت الخدمة عام 1983 .

22‏/12‏/2012

مدافع المروحيات الهجومية .


مدافــــــــــع المروحيــــــــــات الهجوميــــــــــة


بشكل عام ، يتفاوت قطر فوهات المدافع الرشاشة الآلية autocannon المثبتة على المروحيات بين الأعيرة 20 ملم و30 ملم ، وإن كان هذا الأخير الأكثر انتشارا وفاعلية تجاه الأهداف المدرعة الثقيلة ، أو عند استخدامه كمصدر رئيس لنيران الإخماد fire suppression . ويتناول المصممين عدة طرق لنصب الأسلحة الآلية أو المدافع على المروحيات ، فهي إما أن تحمل على باب الطائرة مباشرة ، أو يتم وضعها أسفل هيكل الطائرة under fuselage ، أو على جوانب هيكل الطائرة في حاويات أسفل الأجنحة ، أو يتم تثبيتها في برج صغير في مقدمة أنف المروحية أو أسفل هيكلها .


عملية التحميل عن طريق الأبواب ، مرتبطة بصورة رئيسية بطائرات النقل المروحية التكتيكية ، فخلال أي عملية إنزال تقوم بها الطائرة المروحية ، يستخدم السلاح الآلي لتعطيل وشل حركة مشاة العدو والعربات خفيفة التدريع قبل إنزال القوات المحمولة airborne troops من المروحية . ومثال على ذلك تثبيت مدافع آلي عيار 20 ملم من طراز GIAT M621 على الباب الموجود في الجهة اليمنى من المروحية الفرنسية Puma . وسبب استبعاد هذا الأسلوب في التحميل يرجع لأنها (أي المدافع الرشاشة) تشغل حيز كبير في كابينة المروحية ، وهذا في كثير من الأحوال يجعل من غير الممكن إغلاق الأبواب الجانبية أثناء الطيران ، مما يقلل من عنصر الأمان والراحة بالنسبة للقوات المحمولة . وقد تم إجراء تطوير على هذا الأسلوب ، بحيث يكون التحميل خارج الطائرة المروحية ، حيث يستقر السلاح عمودياً على دعائم مرنة elastic braces ، وأثناء الطيران توضع الأسلحة بصورة موازية لهيكل الطائرة . وهنا يمكن إغلاق باب الطائرة ، ولا تفتح الأبواب إلا لإطلاق النيران وخلال التقدم النهائي .


الأسلوب الثاني للتحميل ، هو المدفع المحوري المثبت أسفل مقعد الطيار . والنظام الألماني HBS 202 مثال جيد على ذلك ، حيث يثبت مدافع آلي عيار 20 ملم أسفل مقعد طيار المروحية Bo105 . إن هذا الأسلوب في التحميل يفرض توجيه الطائرة نحو الهدف بشكل مباشر مع المحافظة على وضع إطلاق النار الصحيح ، حيث يتم تشغيل السلاح بواسطة الطيار ذاته . الأسلوب الثالث للتحميل هو أسلوب الحاويات ، وفي هذا المجال تعرض العديد من شركات السلاح حاويات المدافع الرشاشة ، حيث طورت شركة F.N البلجيكية نظام TMP-5 ، وهو عبارة عن حاوية تحتوي على زوجين من السلاح الآلي MAG-58 عيار 7.62 ملم ، مع 500 طلقة لكل مدفع . كما طورت الشركة ذاتها ، حاوية لمدفع رشاش عيار 12.7 ملم نوع M3P مع 250 طلقة . الأسلوب الرابع للتحميل والذي ينصب عليه اهتمامنا ، يتركز على وضع برج صغير متحرك في مقدمة أنف المروحية ، مما يسمح بسمت واسع وزاوية نظر مرتفعة ، وتستخدم هذا الأسلوب في التثبيت المروحيات الهجومية الحديثة ، أمثال الأمريكية Apache والروسية havoc والأوربية Tiger والجنوب أفريقية Rooivalk ، التي أصبحت تمتلك مدافع فعالة ومؤثرة مركزة أسفل مقدمة البدن كسلاح رئيس دائم . يتميز كل واحد من هذه المدافع باندماجه في برج يكون بدوره مندمجاً في بنية المروحية الحاملة ، مما يشكل نظام قتالي متكامل . فعلى الرغم من التركيز الدولي على الأسلحة الموجهة المتطورة ، فإن المدافع الرشاشة تبقي وسائل تسليح مفضلة نظراً إلى كلفتها المنخفضة ، ومرونتها العملاتية وإعتماديتها القتالية . وقد أكدت المعارك التي جرت في كل من فيتنام وأفغانستان وتلك التي جرت في الخليج صحة ذلك الرأي ، حيث تعتمد قذائف المدافع الرشاشة المثبتة في المروحيات القتالية في معظمها على الطاقة الحركية لتحقيق النفاذ والخرق في دروع الدبابة ، وبالتالي فهي تحتاج إلى سرعة فوهة muzzle velocity عالية ومعدل نيران مرتفع high rate of fire لتصعيد عدد الضربات إلى أقصى حد ممكن . ولبلوغ هذا الهدف تعرض الصناعات المعنية عدة أنماط عمل ، ربما أكثرها إثارة :


1 ) نظام "غاتلينغ" Gatling (نسبة لإسم مخترعه الدكتور Richard J. Gatling في العام 1861) ويشكل هذا النظام امتيازاً أمريكياً أعتمد على متن المركبات الأمريكية الطائرة ، ثابتة الجناح منها والمتحركة ، باستثناء المروحية Apache . ويقضي هذا النظام باستخدام مدفع متعدد السبطانات multi-barrels ، حيث يتم إطلاق رصاصة واحدة من كل سبطانة عندما تصل هذه لنقطة محددة من حركة دوران عمود محور السلاح . يتم في نفس الوقت إزالة ولفظ الخرطوشة المستهلكة spent cartridge وتحميل طلقة جديدة .. وهكذا .


2 ) نظام السبطانة الواحدة ، أو ما يطلق عليه "مدفع السلسلة" chain gun ، هو الحل الذي اعتمدته الولايات المتحدة الأمريكية لمروحيتها الهجومية Apache ، حيث توجد حجيرات مجموعة في طاحونة دوارة ، تمر أمام مراكز التلقيم للرمي وإزالة الخراطيش الفارغة بواسطة سلسلة متحركة أشبه بتلك الموجودة في الدراجة الهوائية . وأصبح تجهيز المغلاق بمحرك كهربائي خارجي external electric motor هو القاعدة ، بدل الاعتماد على الطاقة المحولة والناتجة عن ارتداد الخرطوشة الفارغة ، حيث أن استخدام قوة دفع خارجية يعني أن المدفع سيواصل عمله حتى في حالة حدوث عطل لأحد الطلقات .

20‏/12‏/2012

الحاسوب البالستي للدبابة الأمريكية أبرامز .


الحاسـوب البالستـي للدبابـة الأمريكيـة أبرامـز


في السبعينات ، مهندسين في مركز تصميم وتطوير ذخيرة الجيش الأمريكي في Frankford Arsenal بالتعاون مع مختبر البحث البالستي BRL كانوا قادرين على تطوير حاسوب رقمي للسيطرة على النيران بالسرعة والدقة المحسنة جداً لصالح الدبابة أبرامز . يدخل المدفعي يدوياً بيانات نوع الذخيرة ، درجة الحرارة ، والضغط الجوي ، ليكامل الحاسوب ويدمج البيانات الأخرى مثل مدى الهدف وسرعته وغيرها من البيانات ليعلن النظام جاهزيته لإطلاق النار . في الحقيقة نظام الحاسوب البالستي الرقمي digital ballistic computer للدبابة أبرامز يشتمل على مكونين رئيسين هما وحدة إلكترونيات الحاسوب ولوحة تشغيل وسيطرة الحاسوب . حيث يستعين هذا النظام بمعلومات تخزين مدخلة بشكل آلي ، ومعلومات أخرى مدخلة بشكل يدوي لتحسين دقة تصويب السلاح الرئيس . تتضمن المساهمات المدخلة آلياً بيانات الميل والانحراف ، الرياح العرضية ، المدى ، زاوية التسديد . هذه المساهمات الآلية يتم تحصيلها من خلال مجسات ملحقة بالدبابة أبرامز ، مثل مجس الريح المثبت على صارية في مؤخرة سقف البرج ، ومجس قياس انحراف وميلان البندول الساكن pendulum static cant على مركز سقف برج الدبابة من الداخل (هذا المجس عبارة عن أداة بسيطة متدلية من السقف ، مشتقة من نظام الحاسوب الفرعي M19 الخاص بالدبابة M60A3) ويمكن تجاوز الأمر وإدخال هذه البيانات يدوياً عند الحاجة لذلك .


أما المساهمات والبيانات المدخلة يدوياً إلى الحاسوب فتتضمن درجة حرارة الجو ، درجة حرارة الذخيرة ، نوع ذخيرة ، الضغط الجوي ، إهتراء السبطانة ، انحناء السبطانة (المعلومة الأخيرة تؤخذ من مجس مراجعة الفوهة MRS) وأخيراً مدخلات السيطرة على موضع البرج/المدفع . مع ملاحظة أن إدخال أي بيانات خاطئة ، مثل اظهار قيمة لدرجة الحرارة الجوية تعادل 3315 درجة مئوية ، فإن الحاسوب سوف لن يقبل هذه المساهمة ، وسيومض مفتاح المساهمة اليدوي المرتبط manual input key ، ويعطي إشارة أو دلالة إلى وجوب إدخال مساهمة أخرى أكثر دقة . عموماً وقبل بدء العمل ، يستهل نظام السيطرة على النيران مهامه باختبار ذاتي عن طريق ضغط المشغل لمفتاح الفحص على لوحة السيطرة control panel ، ليتوالى بعد ذلك آلياً إجراء سلسلة اختبارات متتابعة لنظام السيطرة على النيران الفرعي . أما إذا حدث فشل أو إخفاق للعملية ، فإن مصباح تحذيري سيضيء ، وكذلك الأمر بالنسبة لمصباح المجس ذو العلاقة ، وسيعرض النظام رمز رقمي numeric code لتمييز وتعيين مصدر الفشل . وبعد الانتهاء وإكمال الاختبار الناجح ، سيضيء مصباح الانطلاق ليعلن عن جاهزية العمل .


قضية أخرى مرتبطة بتحسين دقة تصويب السلاح الرئيس ، يطلق عليها عملية Bore-sighting ، وهي تعبير يستخدم لوصف عملية ترصيف/اصطفاف alignment جميع مناظير الدبابة البصرية لمركز محور تجويف سبطانة المدفع الرئيس . وتتم عملية تصفير نظام السيطرة على النيران من خلال لوحة تحكم الحاسوب ، فالحاسوب البالستي له قابلية لإجراء فحص واختبار ذاتي ليس فقط تجاه بياناته الخاصة المدخلة آلياً ، لكن أيضاً نحو بعض وحداته الملحقة بنظام السيطرة على النيران . لوحة تحكم وتشغيل الحاسوب هذه موجودة على يمين المدفعي ، ولها غطاء واقي حيث هي مصممة لإيقاف العرض الحاسوبي computer display تلقائياً عندما تكون مغلقة . ويتولى نظام الإدارة الآلي في منظومة السلاح الرئيس توفير وتزويد معلومات مستمرة إلى المنظار النهاري والليلي في شبكية التسديد الظاهرة في منظار المدفعي الأساس GPS ، بهدف مشاغلة الأهداف المتحركة (المشغل يحتاج فقط لإبقاء مركز شبكية التسديد reticle على مركز الهدف) . حيث تعمل المعلومات والبيانات الآلية فقط عندما يكون المدفع في نمط الإطلاق الطبيعي ، وذلك بالضغط يدوياً على المفاتيح المثبتة على مقبض السيطرة الكهربائية ، وبعد إدخال معلومات المدى (إما يدوياً أو بواسطة محدد المدى الليزري) . في هذه اللحظة ، يستقبل الحاسوب البالستي معلومات نسبة الهدف من حركة مقبض السيطرة ، ويتولى إجراء الحسابات لعمليات التعديل والتعويض وترتيبات شبكية التسديد في منظار المدفعي الأساس ونظام التصوير الحراري TIS ، بالإضافة إلى تحري واستكشاف حركة الدبابة أبرامز وكذلك حركة الهدف . وعندما تكون مقابض السيطرة الكهربائية control handles مثبته ، فإن الحاسوب يحدد ويدون آلياً البيانات إلى النقطة صفر (هذه مفيدة بعد الاستدارة والتحول عن الهدف) .


الحاسوب يتولى كذلك إجراء العمليات الحسابية وتوفير إشارات التحكم المطلوبة لتمثيل المعلومات البالستية والتعديلات لاختلاف الوضع الزاوي في منظار المدفعي الأساس GPS ، وكذلك عارض شبكية التسديد (زاوية السمت) وزاوية ارتفاع المدفع الرئيس . هذه التعديلات معتمدة على بيانات محيط ووسط العربة ، مجس قياس انحراف وميلان البندول الساكن (الزاوية التي تستقر عندها الدبابة وهي في وضع التوقف) ، نطاق ومدى ميل الهدف ، معدل وقيم التتبع ، نوع الذخيرة ، إهتراء سبطانة السلاح ، وأنماط المشاغلة engaging modes . القابلية الآلية لكشف الأعطال ، ميزة مدمجة إلى نظام السيطرة على النيران ، وذلك لتعريف قائد الدبابة عند حدوث عطل إجمالي في نظام الحاسوب البالستي والمكونات الرئيسة الأخرى . في هذه الحالة ، سلسلة من الاختبارات النشيطة الداخلية تبدأ ممارساتها بشكل يدوي للحاسوب البالستي ، وجميع المجسات الأخرى والبيانات المرتبطة بمنظومة التصويب ، ويقارن بعد ذلك استجاباتهم الفردية كما هو مقرر ومحدد سلفاً لمعايير النجاح والخطأ pass/fail criteria .

19‏/12‏/2012

وحدة الطاقة المساعدة APU .


وحـــــــــدة الطاقـــــــة المساعـــــــدة APU


وحدة الطاقة المساعدة auxiliary power unit أو APU ، هي أداة لتوليد الطاقة مصعدة على العربات الأرضية أو غيرها ، ومسئولة عن توفير الطاقة الكهربائية لوظائف التشغيل المتعددة ما عدا الدفع والتسيير . هذا التجهيز لائم إلى بعض الدبابات لتزويد الطاقة الكهربائية دون الحاجة لتشغيل المحرك الرئيس ومن ثم مواجهة الاستهلاك المرتفع للوقود أو اصدار الإشارات تحت الحمراء البارزة غير المرغوب فيها أو حتى الضوضاء العالية engine noise (الدبابات تلجأ لبطاريات الشحن الداخلية لتشغيل أنظمتها الالكترونية والهيدروليكية عند إطفاء المحرك الرئيس) ، حيث توفر وحدات التوليد هذه الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل كافة الأنظمة القتالية في الدبابة بالإضافة إلى أنها توفر الطاقة الهيدروليكية اللازمة لتحريك ودوران البرج . العديد من دبابات المعركة الرئيسة الحالية مثل الأمريكية M1 Abrams والألمانية Leopard 2 والإسرائيلية Merkava Mk4 وغيرهما ، تستخدم منظومة APU في الجزء الخلفي من البرج أو الهيكل أو حتى أسفل الدرع . كما أن بعض نماذج الدبابات الروسية الأحدث مثل T-90 تستفيد من هذا التجهيز . هذه المنظومات تصمم ضمن شروط عمل محددة ، مثل الأداء العالي والقدرة على العمل في درجات الحرارة المتطرفة والارتفاعات العالية وفي ظروف الغبار الكثيف ، كذلك التكامل والاندماج integrated الكلي مع وقود العربة وأنظمة السيطرة والتحكم ، ناهيك عن قابليتها على العمل والاشتغال بينما العربة في وضع الثبات أو في وضع الحركة ، وأخيراً الحجم المضغوط والمرصوص compactsize . هي نموذجياً تعمل وفق ثلاثة أنماط عمل ، فهي إما أن تعمل بشكل مستقل وذاتي عندما المحرك الرئيس متوقف عن العمل . أو نمط توليد الطاقة بالتزامن مع دوران المحرك الرئيس ، كأن تكون العربة في وضع التشغيل والحركة . أو نمط تسليم الطاقة الخارجي external power delivery وذلك لتشغيل تجهيزات كهربائية بالقرب من العربة المتوقفة عن طريق تمديدات خاصة .


لقد أصبح منظومات APU تجهيز قياسي في العديد من دبابات المعركة الرئيسة الجديدة وكذلك برامج الترقية والتطوير لعربات القتال المسلحة AFV للأسباب التالية :

* إتاحة وتوفير نمط عمليات صامت Silent Mode للعربات القتالية مع المحافظة على مستوى منخفض من الضوضاء والإشارات الحرارية .
* دعم الاحتياجات والمتطلبات المتزايدة للطاقة increased power عند توفر معدات كهربائية أو إلكترونية مرتفعة الطلب للقوة .
* تخفيض تكاليف التشغيل العملياتية operational costs وعمليات الامداد والتموين للعربات المدرعة ، خصوصاً فيما يتعلق بتجهيزات الوقود الذي سيتم توفيره بشكل نسبي .
* تحسين أداء الطاقم وتخفيض حالة الإعياء والإرهاق crew performance بتقليل تعرضهم للصخب والإزعاج الناتج عن صوت واهتزازات تشغيل المحرك الرئيس .

16‏/12‏/2012

مهاجمة الأهداف المدرعة من الجو .


مهاجمــــــــة الأهــــــــداف المدرعــــــــة مــــــــن الجــــــــو
القنابـــــــــــل العنقوديـــــــــــة


أحد حلول مشاكل التصويب بالقنابل الصماء ، تمثل باستخدام ما يسمى بالقنابل العنقودية Cluster bombs ، فهذه القنابل تنثر وتبعثر ما في داخلها من ذخيرة فرعية sub-munitions (قنيبلات bomblets) لتدمر منطقة شاسعة أو أهداف متفرقة. لقد طورت هذه الأسلحة أصلاُ لتكون سلاح هجوم على منطقة تحشدات ومواقع المشاة وتشكيلات الدبابات والمدفعية وقوافل العربات خفيفة التصفيح soft-skinned . ومنحت فعالية الذخيرة الصغيرة ، المستخدمة ضد الدروع الخفيفة ، منحت القنبلة العنقودية قابلية فعالة ضد الدبابات ، وذلك إن سقوط الذخيرة عمودياً من الأعلى الهدف ، يساعدها على مهاجمة الدرع الخفيف في القمة . وتصمم القنابل العنقودية الحديثة كي تطلق من ارتفاعات منخفضة وبسرعة دون صوتية ، أو تطلق أثناء تسلق الطائرة القاذفة (وهنا تكون الطائرة بعيدة عن الهدف بعدة كيلومترات) وعند فترة زمنية محددة مسبقاً بعد الإطلاق ، يقوم الصمام الالكتروني والمبرمج بواسطة حاسب صغير ، بفتح غلاف القنبلة الخارجي في الفضاء ، ومن ثم تقذف الذخيرة الفرعية من حاوية القنبلة بواسطة قوة الطرد المركزية centrifugal force الناتجة عن دوران القنبلة حول محورها ، وكقاعدة عامة كلما زادت سرعة دوران القنبلة حول محورها كلما زادت مساحة التفرق والتشتت للقنابل الفرعية . إن تخفيف القنيبلات الصغيرة من سرعتها يتم إما عن طريق مظلة كابحة صغيرة retarders parachute ، أو عن طريق زعانف إعاقة fins أو شريط ملون streamers ، وذلك من أجل إبطاء هبوطهم وتحقيق أقرب زاوية سقوط عمودية ممكنة ، وفي معظم النماذج فإن الذخيرة يتم تسلحها وتصبح جاهزة للانفجار مباشرة بعد عملية الإطلاق ، لتنفجر الشحنة الجوفاء بمجرد التماس . إن عدد الذخائر التي تحملها القنابل العنقودية يتباين بين سلاح وآخر ، والرقم يتراوح بين 50 إلى 2000 قنيبلة ، وليس هناك حاجة بالطبع إلى تسديد دقيق كما في الأسلحة الذكية ، فالقنبلة مصممة بحيث يغطي تدميرها مناطق واسعة وبطريقة مكثفة ، بحيث يتضاعف التأثير إلى أقصى حد ممكن . وتستطيع معظم الطائرات حمل العديد من هذه القنابل في كل طلعة ، التي يمكن أن تطلق بتتابع سريع .


لقد أطلق الطيارون الأمريكان خلال حرب الخليج ، والذين استخدموا هذا النوع من الأسلحة في الاشتباك اسم "قصف بنادق الرش" shotgun bombing على أسلوبهم هذا في مهاجمة القوات العراقية . فبعد إلقاء القنبلة العنقودية مثل البريطانية BL-755 ، أو سلسلة القنابل الأمريكية CBU-52/59 Rockeye 2، تنفتح حاوية القنبلة عند ارتفاع محدداً سلفاً ، وتنشر مئات القنابل الصغيرة فوق منطقة الهدف . وقد تكون هذه القنيبلات مضادة للأفراد ، فتنفجر وتملأ منطقة واسعة بشظايا ملتهبة قاتلة . أما القنيبلات المضادة للدبابات ، فتكون مجهزة برؤوس قتالية ذات شحنة جوفاء لاختراق المنطقة العليا ضعيفة التصفيح في البرج مع دمج خاصية التشظي fragmentation لمواجهة المشاة المرافقين لسلاح الدروع . وتكون نسبة معينة من القنيبلات مجهزة بصمامات ذات فعل متأخر delayed action fuses ، تحول منطقة الهدف إلى مكان خطير بالنسبة إلى كل من بقي حياً بعد الضربة الأولى . استخدمت القنابل العنقودية على نطاق واسع للمرة الأولى في حرب الخليج لتحقيق تأثير مدمر ، وأطلق الجنود العراقيون الذين تعرضوا لوابل هذه القنابل عليها اسم "المطر الأسود" black rain . وفي سير المعارك تبين أن بالإمكان استخدام هذه القنابل لضرب أهداف لم تكن محددة لها أصلاً ، فقد وجدت أسراب Wild Weasel التابعة لسلاح الطيران الأمريكية أن هذه القنابل ذات فعالية كبيرة في تدمير منصات صواريخ SAM العراقية المضادة للطائرات ومواقع الرادارات التي كانت ضعيفة بالنسبة إلى هوائياتها وأجهزتها الإلكترونية . كما تبين لطياروا البحرية الأمريكية أن هذه القنابل مفيدة في ضرب زوارق الدورية العراقية والقواعد البحرية الكبيرة . وبينت التحليلات التي أعقبت حرب الخليج ، أن 20% من ذخيرة هذه الأسلحة لم تنفجر كما خطط لها ، وهكذا تركت الكثير من أجزاء الصحراء الكويتية مفروشة بالذخائر القاتلة المبعثرة غير المتفجرة (إحدى الدراسات الحديثة تؤكد أن نسبة الإخفاق في اشتعال الذخيرة الفرعية fail to ignite يمكن أن تتراوح بين 5-30% من إجمالي ذخيرة القنبلة) هذه المشكلة تمت مواجهتها بإضافة مفجر زمني ، يضمن تدمير القنيبلة بعد وقت محدد حال وصولها للأرض وإخفاقها في الانفجار .


من أبرز القنابل العنقودية المضادة للدروع وأكثرها شهرة الأمريكية Mk-20 Rockeye II (تعرف أيضاً باسم CBU-100) . هذه القنابل التي استخدمت في حرب فيتنام من إنتاج شركة ISC الأمريكية ، ويرجع تطويرها إلى عام 1963 على يد مركز الأسلحة والذخائر التابع للبحرية الأمريكية . ظهر الإنتاج الأول عام 1967 تحت اسم Rockeye I ، وفي عام 1968 دخل الطراز الأحدث Rockeye II الذي تميز عن سابقة بقدرة تدميرية وتغطية أكبر . وتعتبر Rockeye سلاحاً صغيراً ، وأكثر خفة من معظم القنابل العنقودية الأخرى المشابهة . هي سلاح مضاد للدبابات بصورة خاصة (مع اشتمالها على قدرة إضافية مضادة للأفراد) ولهذا فهي تحمل ما مجموعة 247 قنيبلة ثنائية الغرض dual-purpose ضد الدروع وضد الأفراد من نوع Mk 118. لقد أسقطت الطائرات الأمريكية خلال عمليات عاصفة الصحراء Desert Storm نحو 27.987 قنبلة عنقودية من هذا الطراز ضد أهداف معادية متنوعة ، شملت المدفعية والدروع وأهداف تابعة للمشاة العراقي .

15‏/12‏/2012

سلسلـــة مدافـــع الدبابـــات السوفيتيـــة 2A46 .


سلسلــــــة مدافــــــع الدبابــــــات السوفيتيــــــة 2A46
تاريــــخ مـــن الفشـــل والنجــــاح



ظهور الدبابات الأمريكية الجديدة M60 والبريطانية Chieftain كانت مثار إعجاب ودهشة من قبل القيادة السوفيتية . إذ تشير العديد من المصادر السوفييتية عن السبب الرئيس لتطوير مدفع دبابات متقدميعود إلى تقارير إستخباراتية حصل على السوفييت ، تفيد بتطوير الغرب لدبابات حديثة ، على الأخص واحدة بريطانية جديدة أطلق عليها اسم Chieftain التي لا يمكن دحر مقدمة برجها بقذائف المدفع U-5TS عيار 115 ملم (بدون الحاجة لذكر المدفع D-10T2S عيار 100 ملم الخاص بالدبابة T-55) . لذا ، في بداية الستينات وتحديداً في 15 يونيو من العام 1961 ،شرع السوفيت وبناء على توصية من اللجنة الرسمية العلمية لتقنيات الدفاع GKOT في البحث عن تطوير وبناء مدفع دبابة جديد ، يخلف المدفع أملس الجوف smoothbore طراز 2A20 (أو U-5TS) عيار 115 ملم المثبت على الدبابة T-62 ، وخليفته 2A21 (أو D-68) المقترح لصالح الدبابة الأحدث T-64 .

العمل الشامل على المدفع الجديد الذي أطلق عليه D-81 (أو 2A26) بدأ بقرار من وزارة الدفاع السوفييتية واللجنة الرسمية العلمية لتقنيات الدفاع GKOT في 11 أغسطس 1962 ، حيث بلغ قطر فوهة السلاح 125 ملم ، وجرى تطويره من قبل شعبة هندسة التصميم في مكتب التصميم (OKB-9) ، في حين تولى إنتاجه مصنع المدفعية Ekaterinburg No.9 في مدينة "برم" Perm ، بقصد تجهيز الدبابات T-62 وكذلك مشروع الدبابة Project 432 (لاحقاً T-64) بسلاح معتبر قادر على مواجهة الدبابات الغربية حديثة الظهور .


في شهر أبريل من العام 1964 أستكمل مصنع المدفعية No 9 إنتاج خمسة نماذج من السلاح D-81 ، ثبتت على نماذج دبابات اختباريه مختلفة . إذ أرسل مدفعين إلى مصنع الدبابات في منطقة كاركوف Kharkov لتثبيتهم على النموذج التجريبي Obiekt 432 ، ومدفعين آخرين تم إرسالهما إلى مدينة نايزني تاغيل Nizhny Tagil في منطقة "الأورال" Urals للاختبار على النموذج Obiekt 167 . أما المدفع الخامس فقد احتفظ به للاختبار في المصنع رقم 9 ، حيث أخضعت سبطانة المدفع لاختبارات معيارية لقياس الإجهاد الناتج عن ضغوط غازات الدافع ، ليرسل المدفع بعد ذلك إلى منطقة كاركوف . الاختبارات الأولى أجريت من قبل معهد البحث NII-24 في أواخر شهر أبريل العام 1964 ، وشملت قذيفة شديدة الانفجار مضادة للدبابات HEAT ، حققت مدى أقصى بلغ 1020 م ، مع قدرة اختراق بلغت 200 ملم ، بزاوية ارتطام 60 درجة . في حين حققت القذيفة شديدة الانفجار المتشظية مدى أقصى بلغ 10600 م مع زاوية اطلاق من 14 درجة . أما بالنسبة للإطلاق بقذائف الطاقة الحركية المثبتة بزعانف ، فقد كانت النتائج غير مرضية ، خصوصاً لعامل الدقة accuracy . وعلى مسافة 2,000 م استطاعت قذيفة من هذا النوع ثقب صفيحة معدنية بسماكة 270 ملم ، مع سرعة فوهة بلغت 1800 م/ث (مقذوفات الطاقة الحركية للسلاح والتي بلغ وزنها 5.7 كلغم ، كانت قادرة على مسافة 4 كلم تحقيق نفس عمق الاختراق تقريباً الذي يحققه المدفع U-5TS عيار 115 ملم لكن على مسافة 2 كلم) .


في 20 مايو من العام 1968 تم الانتهاء من تطوير المدفع D-81 وتزويده بمنظومة كبح هيدروليكية ، وتقرر تثبيته أولاً على الدبابة المشروع Project 434 أوالدبابة T-64A ، التي كانت مسلحة في نسختها الأولى بمدفع أملس الجوف عيار 115 ملم (الدبابة الجديدة صممت في العام 1962 في مكتب التصميم UZTM ، والأحرف اختصار مصنع بناء الآلات الثقيلة في الأورال) ، وحمل المدفع التعيين 2A26 . لكن بسبب عيوب ونواقص تصميمية وأخرى خاصة بالسبائك المستخدمة (لم يتجاوز عمر السبطانة الافتراضي حسب مصادر سوفييتية عدد 350 إطلاقه وفق معيار EFC ، في حين تحدثت مصادر أخرى عن عدد 200 قذيفة فقط) ، عمل السوفييت في العام 1969 على تطوير نسخة أحدث من السلاح، أطلق عليها 2A26M-1 ونسخة لاحقة أطلق عليها 2A26M-2 خاصة بالدبابة T-72 . ولكون جدران سبطانات المدافع الملساء أكثر طولاً ونحافة من تلك المحلزنة ، فقد كانت هذه أكثر حساسية لاختلاف درجات الحرارة الخارجية التي يمكن أن تؤثر على سبطانة المدفع وتعرضها لظاهرة التدلي والانحناء . لقد بلغت أخطاء التصويب تحت تأثير الشروط الخارجية مع سبطانة المدفع 2A26M-2 نحو 1.5-2.0 مرة . وأظهر التشوه الطفيف للسبطانة barrel distortion إمكانية تأثيره على دقة النيران بشكل ملحوظ خصوصاً على المدى البعيد ، مما اضطر المصممين السوفييت لاستخدام الأغطية الحرارية الواقية بعد تلقي معلومات عن استخدامها في مدافع الدبابات الغربية الأحدث . مشاكل عمل أخرى ارتبطت بمنظومة كبح الارتداد ، والتوسع الحراري لسائلها المتضمن نحو 400 ملم من الهواء أدى لحدوث تمازج بين الاثنين ، مما تسبب بآلية إرجاع غير مستوية uneven rollback وأخطاء في دقة النيران تجاوزت أخطاء تعيين وتصويب السلاح .


في العام 1970 جرى تطوير المدفع القياسي 2A46-1 (أو التعيين الداخلي D-81TM) عيار 125 ملم ، والذي كان معد للعمل مع منظومة التلقيم الآلي auto-loader الخاصة آنذاك بالدبابة T-64B . أصبح هذا المدفع بنماذجه المتعددة ملساء الجوف ، سلاح دبابات المعركة الرئيسة السوفيتية اللاحقة ، حيث بلغ وزنه 2500 كلغم ، في حين بلغ طوله 6383 ملم ، منها 6000 ملم هو طول السبطانة فقط . اشتمل البناء العام للسلاح على نازع دخان evacuator في منتصف السبطانة (يميل أكثر نحو الأمام) يعمل على اكتساب الدخان الناتج عن احتراق الدافع ، ومن ثم إطلاقه مع الغازات الساخنة المضغوطة بسرعة 500 م/ث من فوهة السبطانة . أما الكم أو الرداء الواقي الحراري thermal sleeve ، فهو يتكون من أربعة صفائح معدنية ، مع مسافات وفواصل مطاطية ، مثبتة حول السبطانة ، ومشدودة بمشابك السبطانة pipe clamps . كما جهز المدفع بآلية إيقاد ميكانيكية في العقب ، تعمل على تحفيز شحنة الدفع خلال 0.16 ثانية ، وأخرى كهربائية تعمل على تحفيز الدافع خلال 0.08 ثانية . آلية كبح ارتداد rollback brake مطورة وبتصميم جديد أضيفت لمنظومة السلاح ، التي قدمت بالسائل التعويضي لحسين تجانس وانتظام ميكانيكية الإرجاع . السوفييت طوروا العام 1976 نسخة أخرى من السلاح لصالح الدبابات T-64B وT-80B ، أطلق عليه 2A46-2 ، تميز بقدرات إضافية على إطلاق قذائف صاروخية موجهة مضادة للدبابات من طراز 9K112 Kobra ، كما وضبوا نسخة أخرى لتجهيز الدبابة T-72 .


خلال النصف الأول من العام 1980 عمل المهندسين السوفييت لتجاوز بعض نقاط الإخفاق في السلاح 2A46 ، وبدءوا في عرض نسخة محدثه من المدفع ، أطلق عليها 2A46M ، حيث اختلفت هذه عن سابقتها النسخة الأصلية في بعض التفاصيل ، أولها إضافة بطانة داخلية من عنصر الكروم chromium وذلك لحماية جوف المدفع من التعرية والتآكل وإطالة عمر المدفع ، وهذه امتزجت مع تقنيات تصنيع محسنة لسبطانة السلاح ، يطلق عليها autofrettage هي عبارة عن تقنية تصنيع تستخدم لتقوية سبطانات المدافع وزيادة تحملها ومتانتها ، عن طريق إخضاع جوف السبطانة لإجهاد وضغوط هيدروليكية هائلة، مع التأكيد على عنصر المتانة وتحمل الضغوط القصوى حتى 6500 بار ، مقابل 5100 بار للنسخ الأقدم من السلاح (Bar هو وحدة قياس للضغط ، وتساوي تقريبا مقدار الضغط الناتج عن 14.5 رطل على البوصة المربعة) وتهيئة كتلة عقب السلاح لملائمة الملقم الآلي على الدبابات T-72A وT-72B ولاحقاً للنسخ الأولى من الدبابة T-90 . جهز السلاح بمنظومة هيدروليكية محسنة لكبح الارتداد recoil brake لتخفيض وإنقاص طاقة الارتداد بشكل تدريجي ، تتكون من أسطوانتين عاملة بضغط الهواء والزيت ، مثبتتين على المحور الطولي للسبطانة من ناحية العقب ، تزامنت هي الأخرى مع تحسين توجيه السبطانة في قاعدة حضنها على البرج ، وتطوير منظومة آلية الاستقرار stabilization system بواحدة جديدة من طراز 2E28M ، التي وفرت المزيد من الدقة للسلاح ، خصوصاً أثناء حركة الدبابة ، مع سرعة توجيه عمودية لنحو 0.05-3.5 درجة/ثانية ، وتوجيه أفقي لنحو 0.07-6 درجة/ثانية (تحدثت مصادر غربية عن متوسط خطأ للمدفع لنحو متر واحد عند مدى 1800 م ، التي تعتبر غير مقبولة ودون المستوى وفق مقاييس اليوم) . كما تحصل المدفع على بعض التعديلات التي تسمح بتبديل سبطانته في ساحة المعركة خلال نحو 60 دقيقة فقط دون الحاجة لرفع البرج .


في العام 2005 تم تطوير أحدث نسختين من المدفع ، هما 2A46M4 الذي ثبت على الدبابة T-80 ، وجرى تطوير سبطانة جديدة للسلاح باستخدام سبائك محسنة ، خفضت الاهتزازات لحد كبير ، مع إضافة بطانة من طلاء الكروم chromium-plated أكثر تماسكاً ، بالإضافة لإمكانية لاستبدال سبطانة المدفع وحلقة العقب بسهولة نسبية ودون الحاجة لنزع برج الدبابة كاملاً . أما النسخة 2A46M5 فهي مشابهه في خصائصها للنسخة 2A46M4 ولكنها معدة للتثبيت على الدبابة T-90A . لقد زادت هذه المدافع من خصائص الدقة ، لنحو 50% مقارنة بالنسخ الأقدم A462 ، ونحو 20% بالنسبة للنسخ 2A46M-1 الأحدث . كما تم هندسة وإعادة تصميم آلية الارتداد وتحسين أداءها ، مما ترتب علية تحسين وتنسيق قوة الاهتزاز أثناء الرمي ، وتخفيض خاصية البعثرة والتشتت لنحو 1.7 مرة . وأضاف المصممين الروس بعض التجهيزات الغربية لتعزيز دقةأسلحتهم ، مثل منظومة مراجعة السبطانة MRS المثبتة في مؤخرة طرف السبطانة عند فوهة السلاح (كما شوهد على الدبابة T80UM1) ، وتعمل هذه على توفير معلومات دقيقة ومستمرة عن الانحراف الزاوي لسبطانة المدفع بالنسبة لمرتكز دوران السلاح ، وعند أي زاوية ارتفاع كانت وأثناء الحركة أو التوقف . 

12‏/12‏/2012

تأثير مسافة المباعدة للشحنات المشكلة .


تأثيـــر مسافـــة المباعـــدة للشحنـــات المشكلـــة
stand-off distance


مسافة المباعدة stand-off distance هي المنطقة أو المسافة الفاصلة بين حافة قاعدة المبطن المخروطية وبين حافة سطح الهدف ، هذا الفضاء ضروري جداً للسماح بتشكيل النفاث ، وأي إعاقة جوهرية وملموسة في هذا الفضاء ستخفض بالتالي من قابلية الاختراق لدرجة كبيرة . فهذه المسافة على قدر كبير من الأهمية ، حيث أنه من الثابت علمياً أن هناك حاجة لمسافة مباعدة قصوى لتحقيق الاختراق الأعمق . تبلغ هذه نحو 2-6 من قطر الشحنة المستخدمة ، ويمكن أن تزيد عن هذا الرقم . وعند مسافة مباعدة أقصر من اللازم ، فإن النفاث لا يمتلك مجال أو حيز كافي للتمدد طولياً للخارج ، وفي المقابل عند مسافة مباعدة أكثر طولاً ، فإن النفاث يتشتت ويتجزأ particulate ويفقد تركيزه ، مما ينتج عنه انحراف وجنوح عن خط المحور ، وبتالي تفرق طاقة النفاث على منطقة أكبر من الهدف (يؤدي ذلك لتوسيع الثقب المحدث على جسم الهدف بدل تعميقه) ، كما أنه مع مسافة المباعدة الطويلة ، تنخفض سرعة النفاث تدريجياً بسبب قوى الإعاقة الهوائية air drag ، مما يتسبب في تخفيض مستويات الاختراق .


ولشرح هذه الجزئية نقول أنه بمرور الوقت يبدأ النفاث بإتباع ظاهرة يمكن ملاحظتها ومتابعتها من خلال خرطوم رشاش أو تدفق الماء ، مدعوة باسم "الجزيئية" Particulates . فبينما يبدأ النفاث بالإستطالة والتمدد ، فإن مادة المبطن تتجزأ إلى عدة قطع أصغر على طول محور النفاث . ويفترض حدوث عملية التجزئة هذه أولاً في الموضع بين العنق ورأس النفاث . ففي الوصلة بين هذين الجزأين ، يميل فارق السرعة الكبير في النهاية لنزع وقلع الرأس عن عنق سيل النفاث . بعد هذا التجزؤ الأولي ، بقية كتلة النفاث تبدأ بالتفتت والانهيار ، وإذا استمر الأمر على هذا النحو ، فإن النفاث سيتجزأ بالكامل . تمثيل الوقت قبل الوصول لمظهر التجزؤ ، أو زمن التفتت breakup time ، ذو أهمية كبيرة لمصممي الشحنات المشكلة . وكما ذكر سابقاً ، تعتمد مسافة المباعدة المثالية على هذه القيمة .. إن سيل النفاث يستطيع عادة إذا لم تواجهه أية عقبات ، المحافظة على شكله لمسافة تتراوح بين نحو 1.5 متر بالنسبة للشحنات صغيرة الحجم ، إلى بضعة أمتار لشحنات المقذوفات المضادة للدبابات الكبيرة نسبياً . وإلى ما بعد هذه المسافة ، النفاث سيتعرض للتفرق والبعثرة . ويتطلب الأمر من المصمم عند تجهيز مسافة المباعدة المثلى أن يراعي حقيقة أنف القذيفة الذي سيبدأ في الانسحاق والتهشم عند الارتطام قبل أن يتمكن صمام التفجير من تفجير شحنة الرأس الحربي . لذلك يجرى وضع إضافة في مقدمة القذيفة تزيد بقليل عن مسافة المباعدة المطلوبة بمقدار محسوب وذلك للسماح بعملية السحق crushing هذه قبل عمل صمام التفجير .

10‏/12‏/2012

طائرات الدعم الجوي القريب CAS .


طائــــــرات الدعـــــــم الجـــــــوي القريـــــــب CAS
أسلــوب العمــل والأدوار المناطــة


يعهد لطائرات الدعم الجوي القريب CAS مهاجمة الأهداف الأرضية ، وتنفيذ الضربات الدقيقة من ارتفاعات منخفضة تجاه مواضع معادية على اتصال أو مقاربة لمواضع القوات الأرضية الصديقة ، وفي معظم الأحوال الجوية (عمليات تكتيكية عند جبهة المعركة وليس في عمق مؤخرة القوات المعادية) . إن مثل هذه العمليات الخطرة لا يمكن عادة إجراءها بالطائرات المقاتلة التقليدية ، بل أن الأمر يتطلب طائرات قوية البنية وذات قدرات مميزة على المناورة ، كالأمريكية Fairchild A-10 والروسية Sukhoi Su-25 .

وربما كان من المفيد قبل الحديث من دور طائرات الدعم القريب CAS في تدمير التشكيلات المدرعة والأهداف المفردة أيضاً ، أن نتناول أسلوب عمل الطائرات المقاتلة بشكل عام في هذا الدور ، والعوامل المؤثرة فيها . فالطائرات المقاتلة في الأساس عبارة عن أنظمة تسليح بالغة التعقيد ، تكلف ملايين الدولارات لتطويرها ، وقد أتاحت بعض التقنيات مثل المحركات النفاثة والقنابل الموجهة ليزرياً ، وتقنيات البحث والرصد ، والتزود بالوقود أثناء التحليق ، أتاحت للطائرات المقاتلة الهجومية ، تنفيذ مهمات إستراتيجية بعيدة المدى ، وتنفيذ ضربات مركزة ضد أهداف نقطوية point targets ، كانت تختص بها من قبل القاذفات الثقيلة ذات المحركات الأربعة . وبشكل عام ، تحتوى الطائرات المقاتلة على نحو 6-8 نقاط تعليق أو أكثر ، تتراص في كل منها حمولات قصوى متنوعة ، وتستطيع كل واحدة منها حمل مقادير مختلفة من الذخائر التي يختلف وزنها وقوة جرها drag Force (مصطلح يشير لمقاومة الهواء air resistance ، أو تلك القوى التي تعترض الحركة النسبية لجسم ما خلال حركته في وسط غازي أو سائل) بمقدار كبير . بشكل عام يؤثر الوزن وقوة الجر على الأداء العام للطائرة ، فالتحليق على ارتفاع عال ، يزيد من المدى الذي تقطعه الطائرة ، حيث تنخفض قوة الجر وينخفض حرق الوقود بفضل تخلخل الهواء . لكن عمليا لا يمكن التحليق على هذا المستوى العالي من الارتفاع ، إلا فوق الأراضي الصديقة أو المناطق المحايدة ، أما فوق الأراضي المعادية ، فإن التحليق على مستوى منخفض يكون هو المعيار السائد ، وعندئذ يحتاج الطيار إلى استعمال الحارق الخلفي/اللاحق ، الذي يتكفل بإنتاج قوة دفع إضافية للمحرك ، عن طريق حرق الوقود في العادم (يحدث الحارق الخلفي إشارة وبصمة أشعة تحت الحمراء IR signature سهلة الرصد بالنسبة للمنظومات المعادية) وتحقيق سرعة اختراق عالية يستهلك معها الوقود بمعدل كبير ، يؤدي في الحقيقة إلى تقليل مدى التحليق بنسبة كبيرة . ويمكن زيادة المدى بواسطة خزانات الوقود الإضافية ، التي تطرح بعد استنفاذ وقودها . وفي الوقت الذي تحتل فيه هذه الخزانات نقط تعليق الأسلحة ، فإنها في المقابل تزيد من تأثير واتساع المهمة القتالية .


وترتبط الخصائص التصميمية طائرات الهجوم والدعم الأرضي القريب CAS ارتباطاً وثيقاً بأسلوب عملها ، فلقد سعى المصممون عند تطوير هذا النوع من الطائرات ، إلى تأمين عدة متطلبات أساسية ، مثل سرعة الطيران ، والقدرة على المناورة maneuver ability ، والقدرة على البقاء في الجو لأطول فترة ممكنة ، والتسليح ، والأبعاد الهندسية ، والقدرة على تحمل الضربات المعادية المباشرة ، وغير ذلك من المتطلبات الضرورية لمثل هذا النوع من الطائرات ، ويؤكد المصممون على أن أحد أبرز المشاكل الرئيسة التي واجهتهم ، كانت اختيار مقدار السرعة المناسبة للطيران ، والتي لها التأثير الأكبر على بقية المواصفات . إذ أن هناك جملة من التناقضات الواجب معالجتها ، فمن جانب كلما زادت السرعة زادت الحيوية القتالية للطائرة ، وقلت فترة وجودها في منطقة نيران المقاومات الأرضية ، ومن جانب آخر كلما زادت سرعة الطائرة ، قلت معها قدرة كشفها وتعيينها للأهداف الأرضية المعادية target aiming وصعب الانقضاض عليها ، وتناقصت القدرة على المناورة ، مما يضيع الهدف عن أعين الطيار . وعند معالجة هذه المسائل ، وجد أنه من الأنسب التنازل عن عامل السرعة ، فقد أكدت الاختبارات أن الطائرة لو تخطت سرعة 900 كلم/س عند مهاجمة الهدف ، فلن يكون لدى الطيار الوقت الكافي للتعرف على الهدف والتصويب عليه وإطلاق أسلحته ، وحتى في حالة استخدام النظم الملاحية الآلية Avionics والمعدات الهجومية الحديثة ، فلن يساعد ذلك سرعة الهجوم سوى هامشياً ، ويبدو أن الحل يكمن في استخدام صواريخ متوسطة المدى تطلق من بعيد ، ولكن مع وضع قتالي متغير بسرعة ، يصبح تحديد الهدف والتعرف عليه ، مهماً جداً لمنع إطلاق النيران على الأهداف الصديقة ، ولا يتيسر ذلك إلا برؤية الهدف ، ولذلك لا تحتاج طائرات الدعم القريب في الغالب لسرعة تتجاوز 900 كلم/س .


لقد أهتم المصممون كثيراً بتأمين حيوية أجهزة الطائرة الداخلية ، وعدم عطبها جراء تأثيرات القذائف والشظايا المعادية ، ولهذا فقد أخذت بنظر الاعتبار قضية تدريع بعض أجزاء الطائرة المهمة ، وحفظ المنظومات الأكثر أهمية وحساسية في مأمن ومنفصلة عن بعضها البعض ، بالإضافة إلى تدريع غرف المحركات . في الطائرة A-10 على سبيل المثال جرى تركيب المحركات منفصلة عن بعضها البعض في ظل الجناحين الكبيرين ، وفي رأي الخبراء فإن تركيب المحركين متباعدين عن بعضهما البعض بأقصى مسافة ممكنة ، يساهم في تجنب عطبهما في آن واحد نتيجة إصابتهما بقذيفة واحدة . عموماً فإن الطائرة A-10 مصممة ، بحيث تستطيع الطيران بمحرك واحد إذا ما اضطرت لذلك . كما وتوجه عوادم محركاتها Engine exhaust نحو الأعلى لتقليل بصمة الأشعة تحت أحمراء . وفي المقابل نجد أن محركات الطائرة السوفيتية SU-25 قد جرى تركيبها متلاصقة وقرب بعضها البعض ، إلا أن ذلك في الحقيقة لم يمنع من فصلها بألواح من معدن التيتانيوم titanium بالإضافة إلى الصلب الملحوم ، وتبلغ سماكة هذه الألواح نحو 15 ملم ، وهي ممتدة لتشمل جسم الطائرة في الجزء المقابل لفتحة عادم المحركين . ويؤكد المصممين السوفييت ، أن هذا الترتيب قد وفر وقاية لجسم الطائرة جراء انفجار الرأس الحربي للصواريخ المضادة للطائرات عند اقترابها من المحرك ، كما منع وصول النار المترتبة على اشتعال المحرك إلى جسم الطائرة أو للمحرك الآخر . وقد حدث أن أصيبت إحدى طائرات SU-25 بصاروخ جو-جو أطلق عليها من طائرة F16 باكستانية خلال الحرب الأفغانية في الثمانينات ، إلا أن الطائرة ورغم إصابتها استطاعت العودة إلى قاعدتها بمحرك واحد .

 

بالإضافة إلى الحماية ، يولي مصممي طائرات الدعم الجوي القريب CAS أهمية خاصة للقدرة على المناورة maneuver ability ، وذلك للتعويض عن انخفاض مستوى الحماية التي تؤمنها السرعات العالية ، ولتسهيل عمليات التصويب على الأهداف وتتبعها ، ويتم تقييم القدرة على المناورة ، بمدى كفاية الطائرة على الطيران الدائري في أضيق حيز ممكن ، ومن الواضح أن شعاع دائرة الالتفاف الملائم ، يتمثل في المسافة التي لا يغيب فيها الهدف عن نظر الطيار أثناء الالتفاف ، لأنه إذا ضاع الهدف ، فقد لا يحصل الطيار على فرصة الإطباق عليه look on مرة أخرى . ومما لا شك فيه أن قدرة الالتفاف الضيقة هذه ، تفيد في تجنب صواريخ جو-جو المعادية .

إن القدرة العالية على المناورة والتسلق climbing بسرعة فائقة ، يتطلب توفر محركات قوية الدفع إلى حد معين ، إذ أن قوة الدفع التي تزيد عن المطلوب ، لا تتناسب مع تصميم الجناح وتكون عديمة الفائدة . وعادة ما تستخدم في طائرات الهجوم الأرضي محركات توربينية نفاثة ، تتميز بكفاءة عالية في الطيران بسرعة دون صوتية . بالإضافة إلى أن في هذا النوع من المحركات ، يتم تمرير غازات العادم المنفلتة بالهواء المندفع من مسارب الهواء الجانبية ، مما يخفض كثيراً من بصمة الطائرة الحرارية ، ويوفر لها المزيد من الحماية تجاه الصواريخ التي تتبع الأشعة تحت الحمراء infrared-guided missiles .

7‏/12‏/2012

نظام الإطفاء الآلي في الدبابة T-90 .


نظـــام الإطفـــاء الآلـــي فـــي الدبابـــة T-90 


بالنسبة للدبابات الروسية ، فقد كانت قابلية بقاء أطقم هذه العربات دائماً محل تشكيك وترهيب ، هذه ربما كانت نتيجة طبيعية لعدم عزل مقصورة تخزين الذخيرة عن مقصورة الطاقم ، حيث تكدس أغلبية الذخيرة على أرضية البرج (المقذوفات وشحنات الدافع) . وفي الصراعات التي شاركت بها ، أظهر برج بعض الدبابات مثل T-72 ميله للطيران والقفز بعيداً متى ما الدبابة ضربت واخترقت وحدث الانفجار ، حتى وصف أحد الضباط الروس أمر الجلوس فوق خزين الذخيرة بالجلوس فوق برميل من البارود powder keg . في الحقيقة تعتبر عملية إيقاد واشتعال ذخيرة السلاح الرئيس من الأسباب الأساسية لخسارة الدبابة وطاقمها في أرض المعركة . أيضاً منظومة الوقود الخاصة بمحركات الدبابات الروسية الأحدث كانت محل اهتمام خاص . فهذه المحركات في الدبابات T-90/T-72 على سبيل المثال ، مرتبطة في تغذيتها بعدد أربعة خزانات وقود داخلية بسعة إجمالية تبلغ 705 لتر محمية بصفائح تدريع الهيكل . واحدة من هذه الخزانات مثبت على أرضية الهيكل في مقصورة الطاقم crew compartment ، بينما الثلاثة الأخرى موجودة في مقدمة الهيكل على جانبي السائق . خزانات الوقود الخمسة الأخرى الخارجية مع إجمالي سعة 495 لتر ، موزعة على أمتداد سقف الرف الأيمن لهيكل الدبابة فوق الجنازير . جميع هذه الخزانات مرتبط بعضها البعض بأنابيب توصيل وتغذية ، بالإضافة إلى برميلي تخزين وقود في مؤخرة الهيكل بسعة إجمالية من 390 لتر . الاستخدام العام للدبابة T-72 أثبت ارتفاع احتمالية إصابة الخزانات الخارجية واختراق جدارها الرقيق thin-walled ، مما يترتب عليه انسكاب مادة الوقود ، مع احتمالية اندلاع النيران نتيجة الأبخرة المتولدة . إذ أن خروج السائل القابل للاشتعال وانتشاره على صورة رذاذ يختلط مع الهواء ، يمكن أن يشكل خليط قابل للانفجار في حال توفر وسيلة إيقاد ناجحة . لذا ، كان هناك ميل وتوجه في أواخر الثمانينات لتجهيز دبابات المعركة الروسية الرئيسة بأنظمة الإطفاء الآلي ، خصوصاً بعد متابعة التجربة الإسرائيلية في هذا المجال على الدبابة Merkava عام 1982 والتي أثبتت فاعليتها . الدبابات الروسية من الفئة الأحدث والمطورة أمثال T-90/T72 ، تتضمن نظام RADUGA-2 للإطفاء الآلي . فلإطفاء النيران ، هناك أربعة اسطوانات لمكافحة الحرائق ، اثنتان في حجرة الطاقم واثنتان في مقصورة المحرك ، تستخدمان مزيج من مواد Halon 2402 وHalon 1301 للإطفاء والكبح الفوري . النظام يستخدم عدد عشرة مجسات بصرية optical sensors وخمسة مجسات sensors لكشف الارتفاع الخطر والمتطرف لدرجات الحرارة في مقصورة المحرك وحجرة الطاقم ، ليعمل بعد ذلك على إفراغ نحو 90% من محتويات قناني الاطفاء خلال 150 جزء من الألف من الثانية قبل الوصول لحالة الإيقاد ، مما يساعد على منع اشتعال مخزون الوقود الداخلي أو الذخيرة (حرمان وعزل شحنات الدافع السيلوزية cellulose casing من الأكسوجين يجعلها غير قابلة للاشتعال) . نظام إخماد النيران يمكن أن يشغل يدوياً أو آلياً من خلال الأزرار على لوحة السيطرة والتحكم في موقع القائد أو سائق العربة . بالإضافة لذلك ، مقصورة المحركمجهزة بعدد 2 مطفأة حريق يدوية من ثاني أكسيد الكربون carbon dioxide extinguisher تستعمل عند اخفاق النظام الآلي . عموماً الخبراء الروس يؤكدون أن أجزاء الشظايا المتوهجة burning shrapnel's لا تقل خطورة عن ذات المقذوفات من أجل إيقاد مخزون الذخيرة الداخلي . لذلك هم بادروا ومنذ النسخة المطورة T-72B إلى بعض الإجراءات الوقائية التي تخفض خطر انفجار الذخيرة بشكل ملحوظ ، مثل عزل صينية التلقيم الدوارة بجدار أو حائط مصفح جانبي ، بالإضافة لتعديل وتعزيز حماية أرضية سلة البرج .

6‏/12‏/2012

محركات الدبابات الألمانية الأحدث .


محركــــــات الدبابــــــات الألمانيــــــة الأحـــــدث


في ألمانيا يبرز اسم اتحاد شركات MTU (اختصار Motoren- und Turbinen-Union) في ساحة تصميم وإنتاج المكائن الثقيلة ذات التطبيقات العسكرية . فمحركات الديزل الأولى للدبابات الألمانية طورت في الخمسينات من قبل شركة Daimler Benz . في العام 1965 ، حدث الاندماج بين هذه الشركة وشركة Maybach ، وفي العام 1969 ، الإئتلاف استلم اسمه الجديد "MTU Friedrichshafen" . منذ ذلك الحين ، أنتجت الشركة أكثر من 19,000 محرك ديزل للعربات المدرعة . هكذا وبعد محركات الجيل الأول ، ظهرت في منتصف الستينات محركات الدبابات من الجيل الثاني التي أطلق عليها السلسلة 870 ، وهذه تميزت بحجم أكثر انضغاطاً وبالأداء الأعلى . شملت هذه المحركات عدد ثمانية وعشرة وإثنا عشر اسطوانة مع قوة خرج من 880 إلى 1100 كيلووات (بحد أقصى حتى 1320 كيلووات) عند 2600 دورة في الدقيقة . المحرك ذو الإثنا عشر اسطوانة MB 873 Ka-501 تولى دفع الدبابة الألمانية Leopard 2 ، ونسخته ذات الثمانية اسطوانات دفعت الدبابة الكورية K-1 . أما بالنسبة لمحركات MTU من الجيل الثالث والتي بدأ العمل عليها منذ منتصف السبعينات ، فقد أطلق عليها السلسلة MTU 880 . وفي العام 1992 أكمل تحضير وإنتاج هذه السلسلة الجديدة ، التي وصفت عندها بأنها أحد أكثر محركات الدبابات الغربية الواعدة والمتقدمة ، بل والأقوى في فئتها على مستوى العالم . هذه السلسلة كانت تعرض قوة خرج من 550 و1100 كيلووات حسب عدد اسطوانات المحرك عند 2,700 دورة في الدقيقة . في نفس الوقت ، الوزن العام للمحرك جرى تخفيضه بحدود 16% ، وعدد الأجزاء تم تقليلها لنحو 33% ، واستهلاك الوقود لنحو 12% قياساً بالمحرك السابق MB 873 الذي كان يدفع الدبابة Leopard 2 (مع نفس قابلية الخرج) . لقد تضمنت ميزات التصميم الرئيسة لسلسلة محركات MTU 880 ، نظام حقن وقود مباشر ، أربعة صمامات لكل اسطوانة ، إدارة إلكترونية رقمية ، شاحن توربيني متواصل ومتتابع وكذلك ترتيبات متوافقة لتنصيب منظومة تبريد مشترك intercooler (أداة ميكانيكية تستخدم لتبريد السوائل) .


لقد أتاحت منتجات تقنية الشحن التوربيني turbocharger الحديثة في هذه المحركات زيادة تقديرات عزم دوران بحدود 30% عند مدى السرع المخفضة . هو مزود بنظام تبريد قادر على تشغيل المحرك في مدى درجات الحرارة البيئية من -40 درجة مئوية وحتى +52 درجة مئوية . وكان لهذه المزايا أن أتاحت قبول أحد أفراد هذه السلسة وهو MTU 883 ذو الإثنا عشر اسطوانة في دبابة المعركة الرئيسة Leclerc التابعة لقوات الإمارات العربية المتحدة البرية . كما يؤكد مصممي MTU ، أن تركيب هذا النوع من المحركات على الدبابات البريطانية Challenger 2E حال طلبه ، يمكن أن يوفر مقدار كبير من الفضاء الذي يمكن أن يستعمل لأغراض أخرى . إذ يمتلك المحرك MT 883 نفس معدل القوة المقرر لدبابة Leopard 2 لكن مع فقط 60% من حجم التثبيت أو التنصيب (يبلغ طول المحرك 1488 ملم ، عرضه 972 ملم ، ارتفاعه 742 ملم ، ووزنه 1,900 كلغم مع ناتج خرج أقصى من 1500 حصان متري) . كما أنه سوف يزيد قابلية حركة العربة بالإضافة إلى تخفيض استهلاك الوقود . المحرك MTU 883 اختبر أيضاً على الدبابة الأمريكية M1A2 التي عرضت اختبارات ميدانية شاقة أواخر العام 1998 ، وأسفرت عن توقيع شركة General Dynamics عقد مع شركة MTU الألمانية لتصنيع سلسلة المحركات MTU في الولايات المتحدة لأسواق التصدير الداخلية والعالمية .


المحرك اختير أيضاً لتسيير ودفع الدبابة الإسرائيلية الأحدث Merkava Mk4 ، حيث زودت الدبابة بالنسخة الأمريكية من المحرك والذي تم انتاجه من قبل شركة جنرال داينمكس للأنظمة الأرضية وحمل التعيين GD883 (الأحرف GD اختصار General Dynamics) ، ومثل المحرك الجديد زيادة لنحو 25% في القوة بالمقارنة إلى محرك الدبابة الأسبق Merkava Mark III الذي كان بقوة خرج 1,200 حصان . لقد تم وضع مقصورة المحرك وخزان وقود مفرد في الجهة الأمامية من الهيكل ، وخزاني وقود في المؤخرة . المحرك ينقل إلى إسرائيل للتركيب والتكامل مع ناقل الحركة الآلي ونظام السيطرة الحاسوبي على المحرك . ناقل الحركة الآلي المصنع من قبل الشركة الألمانية Renk ، هو ذو خمسة تروس أمامية بدلاً من أربعة تروس كما في الدبابة Merkava Mark III (في العام 2003 بعد استلام جيش الدفاع الإسرائيلي لدبابات Mk4 تم الكشف عن عيب خطير في نظام صمام المحرك ، ترتب عليه توقف المحرك بعد تجاوز مسافة 200-250 كلم ، ولا يعرف إن كان تم معالجة الأمر أم بعد)

5‏/12‏/2012

محـرك الدبابـة الروسيـة T-90 .


محـــــرك الدبابــــــة الروسيـــــة T-90
V-92S2


دبابة المعركة الرئيسة T-90 صممت كتحديث أصيل وعميق للدبابة T-72B الخاصة بالجيش الروسي . ولتحسين قابلية الحركة العامة للدبابة , كان لابد من تطوير نسخة أكثر قوة عن المحرك السابق V-84MS الذي أيضاً جهز النماذج الأولى من الدبابة T-90 وكان بقوة 840 حصان . أطلق على المحرك الجديد اسم V-92S2 ، وهو من انتاج مصنع الجرارات Chelyabinsk أو اختصاراً CTZ (المصنع أسس في العام 1933 ويبلغ عدد شاغليه أكثر من 13 ألف عامل ومهندس ، وقد أنتج منذ تأسيسه وحتى الآن أكثر من 1.268 مليون جرار) . المحرك V-92S2 الذي دخل مرحلة الانتاج الشامل في شهر نوفمبر العام 1999 كان بتصميم أكثر كفاءة عن سابقه ، حيث زاد من قوة الخرج لتبلغ إلى 1.000 حصان (736 كيلوات) عند 2000 دورة/دقيقة ، بينما عزم الدوران الأقصى بلغ 4.046 نيوتن متر . لقد أمكن إنجاز هذا الأمر باستبدال ضاغط الطرد المركزي centrifugal compressor بآخر مع شاحن توربيني turbocharger . وتطلب استعمال الشاحن التوربيني إجراء بعض التغييرات في تصميم نظام العادم exhaust system (استهلاك المحرك النوعي للوقود يبلغ 212 غرام لكل كيلووات بالساعة) . فنسخ المحركات السابقة استعملت أنابيب كبيرة متفرعة على كل من جانبي المحرك ، هذه تجمع غازات العادم من كل صف اسطوانات . أما في المحرك الجديد V-92S2 فإن كلتا الأنابيب المتفرعة جرى ايصالها إلى الجانب الأيسر من المحرك ومنها إلى العادم . الشاحن التوربيني في المحرك V-92S2 ثبت على الجانب الأيمن من المحرك ، في ذات المكان حيث ضاغط الطرد المركزي في المحرك السابق كان قد وضع . انابيب العوادم الفرعية الثنائية تمرر غازات العادم باتجاه الشاحن التوربيني إلى اليمين . الغازات بعد ذلك تغادر الشاحن من الأعلى عبر أنبوب عادم كبير ، مثبت على قمة المحرك وأوصل إلى عادم هيكل العربة على الجانب الأيسر . المحرك تم تجهيزه كذلك بأداة سحب وامتصاص للهواء البارد ومزجه مع غازات العادم الساخنة قبل مغادرة الهيكل وذلك لمواجهة ما يطلق عليه "تأثير التكدس أو التكوم" stack effect ، الذي يعني بتحصيل حالة طفو وترسب buoyancy لناتج الحرارة والغازات الساخنة الصادرة عن منفذ العادم (تحدث هذه الحالة نتيجة الاختلاف في كثافة الهواء الداخل والخارج عن المحرك بسبب الاختلاف في درجات الحرارة . وكقاعدة ، الاختلاف الأعظم في درجات الحرارة بين وسطين يحدث قوة طفو وترسب أكبر للغازات الساخنة ، وبالنتيجة تأثير تكدس أعلى) . هكذا أمكن تخفيض وتقليل الاشارة الحرارية الصادرة عن الدبابة عن طريق بعثرة وتشتيت الناتج الحراري للمحرك . لقد أثبت المحرك قدرته على الاشتغال في ظروف وشروط بيئية من -40 وحتى +50 درجة مئوية . كما أنه يستطيع العمل في رطوبة نسبية يبلغ أقصاها 98% عند 20 درجة مئوية .


المحرك V-92S2 الذي يبلغ اجمالي وزنه 1020 كلغم ، يستخدم طبقاً لأقوال مهندسي مصنع Chelyabinsk نحو 74% من الأجزاء والقطع المشتركة مع محركات الديزل السابقه V-46-6 وV-84MS . وهو مستعمل حالياً على دبابات المعركة الرئيسة من طراز T-90A ونسختها التصديرية T-90S .

لقد تم اختبار قدرات المحرك في الهند بين شهري يونيو ويوليو العام 1999 في درجات حرارة بيئية مرتفعة جدا. فبعد إعلان وزارة الدفاع الهندية عن رغبتها في شراء عدد من دبابات المعركة الرئيسة T-90S من روسيا ، هي كانت محتاجة للتأكد من أداء هذه الدبابات في الظروف والشروط المناخية للبلاد . كموقع اختبار تم اختيار صحراء "تهار" Thar في تلال الهملايا قرب الحدود الباكستانية ، وتم تحديد مسافة 2,000 كلم في الصحراء الممتدة كان على ثلاثة دبابات T-90S مع محركاتها V-92S2 أن تقطعها في شروط حرارة بيئية تزيد عن +50 درجة مئوية (في بعض الحالات كانت ترتفع إلى نحو +57 درجة مئوية) ، لاحقاً تم الاعلان عن نجاح الاختبارات .. نفس المحرك على الدبابة T-90S أختبر في ماليزيا وعرض على ظروف قاسية جداً ، تضمنت السير الطويل على الطرق المتربة والأراضي الوعرة rough terrain ، تسلق ونزول المنحدرات الحادة ، عبور عقبات الماء التي هي بعمق 1.5 م . بالإضافة لذلك ، الاختبارات الميدانية شملت عبور وتجاوز الأراضي الطينية وحقول الرز rice fields المغمورة بالماء. الاختبارات كانت في ظل مناخ استوائي مع درجات الحرارة حتى +40 درجة مئوية ، ونسبة رطوبة لنحو 88-98% . الخبراء الماليزيين اختبروا قابلية صيانة المحرك engine maintainability بعد رفعه من موقعه في مؤخرة الهيكل . وجربوا تفكيك بعض أجزاءه مثل مجموعة اسطوانات المحرك والمكابس ، وإعادة تجميعها مرة أخرى لتجربة المحرك من جديد ، ولم يسجل أي صعوبة أو اعاقة عن انجاز الأمر . في جميع الاختبارات ، الدبابة T-90 استطاعت عبور 3000 كلم دون أن تظهر أي عيوب أو نواقص في المحرك V-92S2 وأظهرت تعليقات المنظمين قبول أداء الدبابة والمحرك .