30‏/3‏/2013

مدافع الطائرات للدعم الأرضي .


مدافـــــــــع الطائــــــــــرات للدعـــــــــم الأرضــــــــــي


خلال الحرب العالمية الثانية بلغ مدفع الطائرة أهميته القصوى ، وهذا راجع بالطبع لكونه السلاح الوحيد المتوفر لعمليات القتال جو-جو ، بالإضافة لأدوار أخرى رئيسة في عمليات جو-أرض . ورأت تلك الفترة تطور المدافع الرشاشة من عيار 20 ملم ، وصولاً للعيار 50 ملم عند نهاية الحرب . وبعد الحرب تدرجت أهمية هذا السلاح حتى بلغت قيمته القصوى في الحرب الفيتنامية لمهام الاشتباكات الجوية ، ولكن بعد الحرب رأى بعض المنظرين العسكريين أن قيمة المدفع الرشاش على الطائرة المقاتلة أصبحت محدودة ، خصوصاً مع ظهور الصواريخ الجوية الموجهة ، فهم يرون أنه يتطلب تهيئة مساحة وحيز داخلي ، بالإضافة لعامل الوزن والثقل الزائد . كما أن الاهتزازات الناتجة عن إطلاق النيران ، يمكن أن تؤثر على الكترونيات الطيران وتسبب إعياءً هيكلياً structural fatigue . أضف لذلك أن بقايا المادة الدافعة والتي تغطي منطقة الرمي ، يمكن أن تسبب تآكل أجزاء الهيكل المحيطة بفوهة السلاح . رغم جميع هذه الآراء فمازالت هناك أسباب وجيه للاحتفاظ بالمدفع الرشاش ، خصوصاً لأدوار جو-أرض .


حادثة يمكن الاستشهاد بها من الحرب الأمريكية في أفغانستان ، ففي خلال معركة عنيفة في منطقة Ghar Takur عند أواخر شهر مايو من العام 2002 ، تعرضت قوة أمريكية لكمين محكم وخطير ، استوجب استدعاء طائرة الدعم الجوي الضخمة AC-130 ، وبسبب تأثير شعاع ضوء النهار على حدود رؤيتها ، لم تستطع الطائرة التدخل في المعركة واستخدام أسلحتها ، لهذا أرسل سلاح الطيران الأمريكي مقاتلاته للمساعدة ، هذه الطائرات كانت من طراز F-16 وF-15 ، ولكنها هي الأخرى واجهة مشكلة منعتها من استخدام صواريخها أو قنابلها الموجهة بسبب التقارب الكبير للمقاتلين الأفغان مع القوات الأمريكية ، هذا الأمر دفع المقاتلات لاستخدام مدافعها الرشاشة من عيار 20 ملم في قصف المواقع الأفغانية .


تجهز معظم الطائرات الهجومية الحديثة تقريباً بمدافع رشاشة ، تتراوح عياراتها بين 20-30 ملم ، أو أنها على الأقل تستطيع حمل حاويات خارجية لهذه المدافع cannon pods . وإذا كان الهدف من تركيب هذه المدافع هو توفير وسيلة دفاعية أخيرة في مواجهة هجوم طياري العدو ، فهي تفيد أيضاً في التعامل مع الأهداف أرضية ، وعند تعطل أو أخفاق أنظمة الأسلحة الرئيسة . وتستعمل المدافع الرشاشة عادة في الرمي على قوات العدو ، وبخاصة قوافل العربات خفيفة التدريع soft-skinned . وهذا الأسلوب في الهجوم ليس تكتيكاً شائعاً إلا عند مهاجمة أهداف جلية الوضوح ، فعند تنفيذه يكون على طيار أن يحلق في خط مستقيم ومستو ليسدد مدفعه الرشاش على الهدف (هذا السلوك في الرمي غير مستحب عند مواجهة أنظمة دفاع جوي معادية حديثة) . تجهز الطائرات الغربية بشكل عام بمدافع رشاشة دوارة rotary/gatling gun متعددة السبطانات ، مثل المدفع الرشاش Vulcan للطائرة المقاتلة F-16 وعياره 20 ملم ، أو المدفع الرشاش Equaliser وعياره 25 ملم الخاص بالطائرة AV-8B Harrier 2 . وهذا الأخير يتمتع بمعدل رمي يبلغ 3.600 طلقة في الدقيقة ، ومدى مؤثر تقريبي يصل إلى 1000 م . وتنفرد الطائرة A-10A Thunderbolt قانصة الدبابات في كونها الوحيدة المصممة لاستيعاب المدفع الرشاش GAU-30 عيار 30 ملم . هذا السلاح أثبت إعتماديته ، عندما تحدث الطيارون الذين هاجموا الدبابات العراقية خلال حرب تحرير الكويت عن قدرات تأثير تجاه الأهداف المدرعة الثابتة من مسافة تصل إلى نحو 2 كلم أو دون ذلك بقليل . وكانت قذائف المدفع GAU-30 المشتملة على خوارق مصنوعة من اليورانيوم المستنفذ DU قادرة على اختراق الدروع السقفية لجميع أنواع الدبابات العراقية ، بما في ذلك الدبابات سوفيتية الصنع T-72 .


ففي منتصف الستينات واجهت القوة الجوية الأمريكية حقيقة مؤلمة تتحدث عن "الغالبية الساحقة عددياً لسلاح الدروع السوفييتي" التي انتشرت على طول القطاعات المركزية لأوربا . هذه شكلت خطراً حقيقياً على قوات حلف شمال الأطلسي NATO الأقل عدداً ، فبحث الأمريكان في الحلول العديدة المتوافرة آنذاك ، ومن ضمن هذه الحلول ، طرحت أفكار حول نشر طائرات رخيصة وبسيطة نسبياً ، تحمل أسلحة مضادة للدروع حسب الطلب . المشروع أطلق عليه الاسم الرمزي X-A . أحد أسلحة وأجزاء المشروع X-A (لاحقاً ستصبح A-10) كان المدفع المحمول ، وبالفعل بدأ منتجو هذا النوع من الأسلحة في البحث عن مدفع بمعدل مرتفع من النيران يمكن أن يستخدم بفاعلية ضد الدبابات . منح عقد إنتاج المدفع لشركة General Electric (بعد منافسة شديدة مع شركة Philco Ford) التي كانت تنتج مدافع بسبطانات متعددة ، تعمل بنظام Gatling . هذا المدفع يوفر معدل نيران مرتفع جداً نتيجة اشتغاله بنمط الدوران السريع حول محوره ، والذي بدوره ، بالإضافة لتسريع عملية الرمي ، فإنه يعمل على تبريد السبطانات وإعادة تذخيرها وشحنها بالطلقات الجديدة . تدور هذه العملية بطريقة ميكانيكية منتظمة ، تشمل حتى انتزاع الذخيرة المستهلكة أو الطلقات الفاسدة . في عام 1968 قامت الشركة ذاتها بالعمل على سلاحها الأبرز المتوفر آنذاك M61A1 من عيار 20 ملم وتحويره ليصبح من عيار 30 ملم ، وكانت النتيجة مدفع بسبعة سبطانات من عيار 30 ملم أطلق عليه أسم GAU-8/A Avenger .

26‏/3‏/2013

وسائل سورية مبتكرة لحماية الدبابات .


وسائــــــــل سوريــــــــة مبتكـــــــرة لحمايــــــــة الدبابــــــــات


القوات النظامية السورية لجأت خلال الصراع الدائر إلى وسائط مبتكرة لتعزيز منظومة الحماية لدباباتها من طراز T-72 وعرباتها المدرعة من نوع BMP ، وذلك بقصد مواجهة تصاعد معدل خسائر الدبابات والوسائط المدرعة الأخرى . بعض دبابات الجيش النظامي السوري ظهرت في المعركة وهي مجهزة بقراميد دروع تفاعلية متفجرة ERA من الجيل الأول ، وهذه لم تظهر قيمة حقيقية تجاه أسلحة متفوقة مثل القاذف الكتفي RPG-29 الذي شوهد في أكثر من مناسبة بأيدي رجال الجيش الحر . من الوسائط التي لجأت لها أطقم الدبابات السورية النظامية كما تظهر الصور ، وضع أحجار الطوب والطابوق bricks على جانبي العربة وبعضها مع قطع من بقايا المباني والخرسانة concrete !! في الحقيقة مثل هذه الإجراءات قد لا تبدو ذات قيمة كبيرة إلا أنها توفر بلا شك المزيد من عامل الثقة والراحة النفسية للطاقم في ظروف المعركة . هذه الإجراءات كما يراها المراقبين ربما تكون كافية تجاه الرؤوس الحربية المفردة من نوع PG-7V التي دخلت الخدمة مع السلاح RPG-7 العام 1961 والقادرة على اختراق 260 ملم من التصفيح الفولاذي .أما عند استخدام مقذوفات من نوع PG-29V الخاصة بالقاذف RPG-29 فإن المعادلة ستكون مختلفة بالتأكيد ، خصوصاً عند معرفة أن هذا النوع من المقذوفات ذو الشحنات المترادفة قادر على اختراق 1.5 م من الإسمنت المسلح ، أو 2 م من حوائط الطابوق .




عزل محركات الديزل حرارياً .


عـــــــزل محركـــــــات الديـــــــزل حراريـــــــــــــاً


بالإضافة إلى الزيادات في الضغط الفعال متوسط الكبح bmep والتحسينات في التصميم الكلي ، فإن ناتج خرج محركات الدبابات أيضا يمكن أن يزداد ويتطور فيما يتعلق بحجمها الكلي مع التخفيضات في قياسات منظومات التبريد cooling systems . ويبلغ حجم أنظمة التبريد بالسائل المنتجة للمحركات من فئة 1500 حصان نحو واحد متر مكعب ، الأمر الذي يعني أنهم يقررون حوالي 40% من الحجم الكلي لتجهيزات وتراكيب المحرك . وما هو أكثر من ذلك يتعلق بالمراوح المتاحة حالياً لأنظمة التبريد والتي تمتص وتستهلك نحو 10 إلى 15% أو أكثر من ناتج خرج المحرك الإجمالي ، على الرغم من أن بعض طاقتهم الخاصة يستنفذ فعلياً بسبب الحاجة لتبريد زيت ناقل الحركة transmission oil كما هو الأمر بالنسبة للمحرك وتبريده .. حجم أنظمة التبريد يمكن أن يخفض ويقلل إذا أمكن تحييد وتقييد تدفق الحرارة والسخونة المفرطة إلى سائل التبريد ، وهذه يمكن أن تنجز بعزل بعض أجزاء المحرك ، مثل رؤوس الاسطوانات cylinder heads وبطانة الاسطوانات cylinder liners وتيجان أو رؤوس المكابس piston crowns من غازات الاحتراق الساخنة . إن الشكل الأكثر مناسبة لعملية العزل هذه تكون بتجهيز النظام بمواد خزفية ، وعلى وجه التحديد مادةالزركونيوم zirconia ، التي لها توصيل حراري منخفض ومعامل واطئ من التوسع والتمدد الحراري ، قريب مما يمتلكه حديد السباكة .. إمكانية التخفيض القسري لانتقال وتحول الحرارة الناتجة عن غازات الاحتراق إلى المحرك باستعمال المواد الخزفية العازلة ولد مفهوم أكثر تقدماً ، أطلق عليه "محرك الديزل العازل" adiabatic diesel engine (في الديناميكا الحرارية ، عملية العزل أو الكظم Adiabatic هي إجراء الذي لا يوجد فيه تبادل حراري بين المنظومة والوسط المحيط ، أي أنه معزول حرارياً) . فقد ساهمت التطورات الحديثة في السيراميك الهيكلي/الإنشائي عالي الأداء في توفير حافز جديد لتقديم المحركات المعزولة حرارياً . هذه المحركات تشتغل في درجات حرارة أعلى مما هو متحصل في محركات الديزل التقليدية . هي لا تستطيع الاستغناء عن منظومةالتبريد فقط ، لكنها أيضا تعرض كفاءة حرارية أعظم thermal efficiency ، لأن جزء أقل من الطاقة الصادرة عن عملية احتراق الوقود سيتم فقدها وإضاعتها .


على أية حال , محرك مانع وعازل حقيقي ، والذي هو بدون نقل أو تحويل حراري في أي وقت كان بين الغازات والجدران المحيطة ، غير ممكن عملياً ، والزيادة الهامة في الكفاءة الحرارية يمكن أن تنجز فقط مع تركيب توربيني . هذا يتضمن استخدام الطاقة الإضافية الموجودة والحاضرة في غازات العادم للمحرك المعزول حرارياً بهدف إدارة معشق التوربين نحو عمود مرفق المحرك engine crankshaft ، الذي بدوره يزيد القوة المنتجة من قبل المحرك لكنه أيضا يزيد تعقيد النظام . من جانب آخر ، حتى مع تخفيض جزئي لعملية انتقال الحرارة إلى محلول أو سائل التبريد coolant ، يمكن أن ينتج عنه تخفيض هام ومعتبر في حجم نظام التبريد ، الذي سيكون كافياً لوحده لتبرير تطوير محركات الدبابات المعزولة حرارياً thermal insulation . مثل هذه المحركات أيضا ستكون أكثر سكوناً في التشغيل ، لأن الحرارة المرتفعة لحجر احتراقهم سوف تخفض التباطؤ والتأخير في عملية الإيقاد ignition delay ، كما أنها سوف تحسن قدرتهم أيضا على الاشتغال بالوقود منخفض السيتين cetane .

22‏/3‏/2013

تاريخ استخدام المواد الخزفية في التدريع .


تاريــــــخ استخـــــدام المـــــواد الخزفيــــــة فــــــي التدريــــــع


تجيء كلمة الخزف ceramic من الكلمة يونانية الأصل "Keramos" والتي تعني حرفياً "الأشياء المُحرَقة" أو "الفخاريات" pottery ، إلا أن تعريف أكثر كمالاً للخزف يصفه بمركب صلب لا عضوي inorganic ، مشكل بالتطبيق والتصليد الحراري والضغط ، ثم التبريد اللاحق . إن جميع المواد ذات الأصل أو الطبيعة الرملية الطينية clay (إما لوحدها أو مع خليط من المواد الأخرى) تندرج ضمن مفهوم المواد الخزفية . فالمادة الخام للإنتاج الخزفي منتزعه ومستخرجة من الأرض وبعد ذلك يتم معالجتها . هذه المادة المنتزعة عادة ما تكون طينية ولها قدرة كبيرة على امتصاص الماء ، وبذلك تصبح طيعة malleable ومشكلة بسهولة إلى طابوق ، بلاط ، كؤوس ، صحون وهكذا . ونتيجة لمقاومتها العالية للحرارة ودرجات التسخين المفرطة بالإضافة لخصائصها الكيميائية والفيزيائية وارتفاع درجة انصهارها ، فإن المواد الخزفية تستخدم في الطلاءات المقاومة للحرارة للكثير من التجهيزات المستخدمة يومياً في المنازل والمصانع . وتحمل المواد الخزفية الأكثر شيوعاً عادة تركيب بلوري crystalline رغم توافر أنماط أخرى بتركيب بلوري جزئي ، أو حتى لا بلوري (مثال على ذلك الزجاج)


أما تاريخ استخدام هذه المادة في تصنيع الدروع ، فيعود إلى العام 1918 ، عندما أكتشف الفيزيائي الرائد الأمريكي في قسم المدفعية "نيفيل هوبكنز" Neville  Hopkins بشكل تجريبي ، بأن صفيحة فولاذية مغطاة بطبقة رقيقة من المينا enamel (مسحوق من الزجاج أو الخزف يتم إذابتها لتطلى بها صفيحة معدنية) بسماكة 0.0625 ملم ، كانت مقاومة أكثر بكثير للاختراق . ومع ذلك لم يشهد هذا المنتج اهتماماً واسعاً سوى في أواخر الخمسينات ، عندما قدم السوفييت (بالتزامن مع اختبارات أمريكية في نفس المجال) نظام وقاية يفترض استخدام كتل الزجاج ، يتم إقحامها وإدراجها ضمن جيوب التدريع الفولاذي الرئيس الخاص بمشروع Obiekt 430 ، الذي يعني نموذج الدبابة T-64 . هذا الترتيب طور لاحقاً إلى نوع من التراكيب السوفييتية الأكثر شهرة ، أطلق عليه Combination-K ، تضمن امتلاك مركب خزفي ممزوج بأكسيد السيلكون silicon oxide مدرج ضمن ذات التجاويف في مقدمة برج الدبابة T-64 . لقد عرض هذا الترتيب في الاختبارات حماية أفضل لنحو 70% ضد تهديدات الشحنات المشكلة ، وبنسبة أقل تجاه خوارق الطاقة الحركية بالمقَارنة مع تدريع فولاذي بنفس الوزن . وفي فترات زمنية لاحقة ، جرى تطوير نماذج أكثر قدرة وقابلية ، أصبحت بالتالي جزء لا يتجزأ من جميع تصاميم منظومة الحماية لدبابات المعركة الرئيسة السوفيتية (بعد طول زمن من التخمين في الغرب بالنسبة لطبيعتها الحقيقية ، خصائص هذا النوع من التدريع والحماية كشف عنها بعد تفكك الإتحاد السوفيتي وحرب الخليج 1991) .


الأمريكان بدورهم اختبروا قبل نهاية الحرب العالمية الثانية وتحديداً في أغسطس العام 1943استخدام مواد غير معدنية ذات كثافة منخفضة لزيادة حماية الدبابات ضد أسلحة الشحنة المشكلة ، ربما كان أبرزها حصى الكوارتز quartz gravel الممزوج بمادة الزفت أو القار asphalt المتصف بلزوجته الشديدة (يشكل التركيب مادة صلبة عالية الكثافة عند درجة الحرارة المتوسطة ، وعند تعرضه لدرجات الحرارة المرتفعة جداً يشكل مادة سميكة سائلة) ، مع مقدار من نشارة الخشب ليعرف الخليط باسم HCR2 . هذا الدرع طور وحسن خلال سلسلة من الاختبارات ، حيث كان الهدف الرئيس من تطويره كان حماية السفن من الطوربيدات البحرية المجهزة برؤوس حربية ذات شحنات المشكلة . في النهاية جمعت شركة Flintkote المنتجة هذا الخليط في ألواح بسماكة 250 ملم وجربت أولاً على الدبابة الأمريكية المتوسطة M4 في العام 1945 .


خلال حقبة الخمسينات ، شكلين آخرين من الدروع التي تدمج مواد غير معدنية طورت في الولايات المتحدة . أحدها مسحوق السيليكا silica الذي دمج وأقحم في تجويف خاص في قلب الدرع المصبوب وبسماكة 64 ملم . فالسيليكا (من التسمية اللاتينية silex) ، أو ثنائي أكسيد السيلكون SiO2 كما يطلق عليه أيضاً ، متوافر عموماً في الطبيعة كرمل sand أو كوارتز quartz وهو معروف بقسوته منذ العصور القديمة . هو يستخدم أساساً في إنتاج زجاج النوافذ ، أقداح الشراب ، وغيرها من الأدوات الفخارية ، كما أغلبية الألياف الضوئية optical fibers للاتصالات تصنع أيضاً من السيليكا ، ويعتبر من أكثر المعادن وفرة في القشرة الأرضية . هذا النمط من أنماط الحماية كان مستخدم في النسخ المحسنة من الدبابة M48 ، كما جرى دمجه أيضاً في عدة تصاميم لدبابات أمريكية أخرى في منتصف الخمسينات ، بما في ذلك اختباره على هيكل وبرج الدبابة الأمريكية XM60 ، لكن فكرة استخدامه تركت جزئياً وأهملت بسبب صعوبات فنية وأخرى تتعلق بكلفة إنتاجه . النوع الآخر من الدروع طور في الولايات المتحدة أواخر الخمسينات ، وشمل كتل زجاجية glass blocks مدرجة ومقحمة أيضاً ضمن التدريع الرئيس لبرج الدبابة . وعلى الرغم من أن هذا الترتيب عرض حماية أفضل تجاه الشحنات المشكلة ، إلا أن قدرته على الوقاية من ضربات متعددة كانت سيئة وضعيفة . كما اختبر تصميم على هيئة دروع تطريز appliqué armour على الدبابة M48 ، وأظهر أنه يزود نفس درجة الحماية التي توفرها دروع السيليكا ، لكنه أيضاً لم يتبنى .


بدأ البرنامج الأمريكي لتطوير الدروع المحشوة بمادة السيلكيا في العام 1952 ، حيث هدف هذا البرنامج بالدرجة الأولى لتزويد العربات القتالية بنوع من أنواع الدفاع تجاه الشحنات المشكلة وكذلك مقذوفات HEP (اختصار شديدة الانفجار البلاستيكية ، وهي النمط الأمريكي للقذائف شديدة الانفجار ذات الرأس المهروس HESH) ، بدون إثقال كاهل الدبابة بالوزن المفرط ، أو تخفيض كفاءتها ضد المقذوفات الخارقة للدروع التقليدية . فقابلية أكثر المواد على هزيمة ودحر الشحنات المشكلة يتبع ما يسمى بقانون الكثافة density law (الكثافة هي صفة فيزيائية للأجسام تعبر عن علاقة وحدة الحجم بوحدة الكتلة لمادة أو جسم ما ، فكلما ازدادت الكثافة ازدادت الكتلة لوحدة الأحجام ، أي أن الكثافة هي كمية المادة في الجسم . ويعبر عنها بالعلاقة التالية : الكثافة = كتلة/كلغم ÷ حجم/م3 ،أو D=m/v) . فقانون الكثافة هذا هو الذي يقرر بأن اختراق نفاث الشحنات المشكلة نسبي إلى الجذر التربيعي لكثافة مبطن الشحنة المشكلة ، مقسماً من قبل الجذر التربيعي لكثافة الهدف . ولذلك ، وعلى قاعدة الوزن weight basis ، فإن أهداف أخف أكثر فائدة من الأهداف الأثقل .. على أية حال ، استخدام الأحجام الكبيرة للمواد منخفضة الكثافة ، أمر غير مرغوب فيه لأسباب واضحة تخص التصميم ، لذلك المادة المطلوب هنا ، هي تلك المستثناة من قانون الكثافة هذا . وهكذا برز استخدام الزجاج ، ففي ظل شروط وظروف مناسبة ، يمكن لقوة إيقاف الزجاج أن تتجاوز وتتخطى تلك التي يمتلكها الدرع الفولاذي وفق قاعدة السماكة thickness basis ، حيث يمكن في العديد من الحالات للزجاج أن يكون أكثر بنحو مرتين في الأفضلية من الفولاذ وفق هذه القاعدة .


هكذا برزت الدروع المحشوة بمادة السيلكيا كمحاولة لاستخدام والاستفادة من هذه الظاهرة بطريقة عملية ، واعتبرت قوة الإيقاف الهائلة للزجاج ملائمة في هذه النقطة ، خصوصاً كون المادة الزجاجية ، لا تتدفق لدائنياً flow plastically تحت الأحمال والأثقال المعتادة . ففي الفيزياء وعلم المواد فإن خاصية اللدونة توجد في كثير من المواد عند تعرضها إلى ضغوط خارجية تتسبب بتشوهات حيث لا تعود المادة لحالتها الطبيعية عند زوال المؤثر الخارجي . وفي الحقيقة فأن حدوث سلوك التدفق للزجاج نظرياً لا يحدث مع أية قيم إجهاد مطبقة ، على الرغم من أن معامل المرونة elasticity منخفض نسبياً بالمقارنة مع الفولاذ حيث يبلغ تقريباً 10,000,000 رطل لكل بوصة مربعة (خاصية المرونة على العكس من مفهوم اللدونة ، فهي خاصية تمتلكها بعض الأجسام في العودة إلى هيئتها وشكلها الأصلي بعد توقف تأثير القوة المسببة للتغيير) ، إلا أن هذا المستوى من المرونة يعتبر مرتفع جداً ، فعندما ترتطم الشحنة المشكلة بكتلة الزجاج ، فإن حد المرونة المرتفع للزجاج يجتذب دوراً رئيساً في إيقاف نفاث هذه الشحنة . في حالة اختراق النفاث لهدف معدني مثل الفولاذ ، فإن عناصر طاقة النفاثة ستتسبب في تدفق مادة الفولاذ لدائنياً وجريانها كمادة شديدة اللزوجة ، مما يسمح بتزايد وتصاعد تدريجي لكتلة النفاث وانتقالها بنمط غير مشوش أو متقطع . أما عند اختراق الزجاج ، فإن الزجاج بدلاً من أن يتدفق لدائنياً ، فإنه يعود إلى وضعه الطبيعي بعد مرور موجة ضغوط الاهتزاز shock waves . وفي الواقع ، فإنه يعترض أجزاء النفاث القادمة بشكل شعاعي ، مما يتسبب في عرقلة تناظر وتناسق سيل النفاث .

17‏/3‏/2013

الصواريخ السوفييتية المطلقة من الدبابات .


الصواريـــــخ السوفييتيـــــة الموجهه المطلقـــــة مـن الدبابـــــات
تاريــــخ يستحـــق القـــراءة


بدأت الأفكار السوفييتية في مجال الصواريخ المقذوفة من الدبابات تظهر في العام 1956 ، عندما أمر رئيس الوزراء آنذاك "نيكيتا خروشوف" Nikita Khrushchev مصنع الأسلحة والمعدات الثقيلة V.A. Malyshev (التسمية تنسب لرجل السياسة السوفييتي المعروف Vyacheslav Malyshev والمصنع ينتج محركات الديزل ومكائن الزراعة وآليات التصنيع الثقيلة ، ولكنه أشتهر بصناعة الدبابات بما في ذلك الدبابة T-34 أثناء الحرب العالمية الثانية ، ولاحقاً خلال الحرب الباردة الدبابات T-64 وT-80) لغرس تصورات وأفكار جديدة عند تصميم دبابات القتال الرئيسة . جزء من هذه الأفكار كان يتعلق بتطوير مقذوفات صاروخية موجهة تطلق من الدبابات السوفييتية ، كانت باكورتها مدمرة الدبابات IT-1 (المشروع Obiekt 150 الذي طور العام 1958 من قبل المصمم L. Kartseva وكان بدون مدفع رئيس) التي صممت على أساس هيكل الدبابة T-62 وزودت بصواريخ نوع Dragon . بوشر العمل على تطوير هذا السلاح في شهر مايو العام 1957 لكي يطلق من قاذفة خارجية بارزة فوق الدبابة ، مع احتياطي من 12 صاروخ مخزن في ملقم آلي auto-loader داخل الهيكل وبحماية دروعه ، بالإضافة لعدد ثلاثة صواريخ موضوعة في الهيكل . القيادة السوفييتية حددت بعض المتطلبات الأساسية للنظام ، مثل القدرة على إصابة الهدف من الضربة الأولى على مسافة 2-3 كلم ، مع قابلية اختراق سماكة تدريع حتى 250 ملم عند الإصابة بزاوية 60 درجة للوضع الطبيعي . الصاروخ يجب أن لا يزيد وزنه عن 60 كلغم . كما فرضت القياسات والحجم الداخلي للعربة المدرعة حاملة النظام قيود بعدية dimensional constraints على الصاروخ ، مثل طول لا يتجاوز 1.5 م وقطر لنحو 170 ملم . كان هناك دراسة لخيار توجيه وسيطرة مركب ، يعمل أولهما بنمط نصف آلي مع أوامر مسلمة بالراديو ، والآخر في الطور النهائي أو الطرفي terminal phase من مرحلة الطيران بالتوجيه السلبي عن طريق باحث حراري heat seeker . لاحقاً تم استبعاد التوجيه الطرفي الحراري بعد تبين عدم جدواه وتم الاكتفاء بنظام التوجيه نصف الآلي semi-automatic . الحلول التقنية الرئيسة لمدمرة الدبابات IT-1 والقذيفة دراغون قررا سريعاً أثناء تنسيق المتطلبات التكتيكية والتقنية ، وعرضت خصائص القذيفة بشكل آخر ، حيث تحول الطول الأقصى إلى 1.25 م ، وقطره القذيفة بلغ 180 ملم ، في حين بلغ وزن الإطلاق نحو 50 كلغم .


لقد شهدت هذه المزاوجة بين الصاروخ والدبابة الاختبارات في شهر أبريل من العام 1964 بواسطة عربتي IT-1 ، وتم إجراء عدد 94 اختبار إطلاق نار . وقبل نهاية العام 1964 تم إنتاج أقل من مائة منصة إطلاق للصاروخ دراغون ، ليبدأ الإنتاج الرسمي للعربة في العام 1968 ولكن بكميات قليلة ، حيث لم يتجاوز مجمل الإنتاج في العام 1970 عن 2000 صاروخ وعدد قليل من عربات IT-1 أنتجت في مصنع Malyshev . القذيفة دراغون كانت موجهة ومقادة راديوياً radio command مع سبعة ترددات اختيارية وكودي ترميز لمنع تداخل إشارات التوجيه بين العربات القريبة . مدى الصاروخ في النهار بلغ 300-3300 م ، في حين بلغ هذا المدى في الليل 400-600 م فقط ، مع قدرة اختراق قصوى لنحو 250 ملم من الفولاذ المتجانس . هذه المنظومة لم تثبت نجاحها وعانت من مصاعب تقنية عدة ، كتحصلها على منطقة ميتة dead zone حول الدبابة لا تقل عن 300 م ، لا يستطيع معها الصاروخ مهاجمة أو إدراك أهدافه . ناهيك عن أن أحجام هذه المقذوفات الابتدائية كان كبيراً نوعا ما ، للحد الذي أثر على مجمل حمولة الدبابة منها . بالإضافة لوزن معدات التوجيه guidance equipment الذي بلغ 520 كلغم ، وعدم تزويد العربة بمدفع رئيس جعلها مكروهة من قبل الجيش ، مما استدعى معه سحبها من الخدمة وتحويلها لعربات إنقاذ وجرارات tractors .


نظام صاروخي آخر أطلق عليه typhoon جرى العمل على مشروع تطويره العام 1961 من قبل مكتب التصميم OKB-16 . هذا النظام صمم خصيصاً للاستخدام من على مشروع الدبابة Obiekt 287 التي استندت في تصميمها على هيكل الدبابة T- 64 مع طاقم من فردين ، وكان يستخدم التوجيه الراديوي لقيادة القذيفة نحو هدفها (القيادة اليدوية إلى خط البصر MACLOS) . لقد جهز مجسم الدبابة بمدفعين متجاورين منخفضي الضغط على سقف الهيكل من نوع 2A28 عيار 73 ملم . كلتا المدافع وقاذفة الصواريخ كانت بتحميل آلي auto-loaded ، حيث يغذى كل مدفع بواسطة مخزنين مستديرين سعة كل منهما ثمانية قذائف ، مما يعطي إجمالي من 32 قذيفة لكلا الأسلحة ، وهناك مخزون من 15 صاروخ في مقصورة الهيكل . منصة إطلاق الصواريخ ثبتت بشكل عمودي vertically stabilized لكي تستطيع العربة التصويب وإطلاق النار أثناء التحرك بسرعة بطيئة قدرت بنحو 30 كلم/س . الأسلحة كانت عن بعد تحت سيطرة المدفعي والقائد الذين يسكنان في مقصورة معزولة إلى مقدمة الهيكل . القذيفة typhoon التي بلغ قطرها 140 ملم وتراوح مداها بين 500-4000 م ، جهزت برأس حربي ثنائي ، شحنة مشكلة shaped charge قادرة على اختراق 500 ملم من التصفيح وأخرى شديدة الانفجار متشظية HE-FRAG مكافئة في قدرتها لقذيفة شديدة الانفجار من عيار 100 ملم الخاصة بالمدفع D-10 . الاختبارات التي قامت بها دبابتي Obiekt 287 على النظام أجريت في شهر أبريل من العام 1964 وحققت معه فشل كبير ، أستدعى في النهاية التخلي عن مجمل النظام . فمن أصل 45 صاروخ تم إطلاقها ، نجح 16 صاروخ في إصابة هدفه وأخفق 18 في الإصابة ، في حين فشلت باقي الصواريخ في عملها لأسباب مختلفة ، وأثبت نظام السيطرة على الصاروخ عدم جدارته ، فألغي المشروع بالكامل .

  
أستمر العمل بعد ذلك بوتيرة بطيئة ، واختبر السوفييتي في منتصف الستينات أفكار أخرى ، مثل وضع الصاروخ 9K11 Malyutka (التسمية الغربية AT-3 Sagger) على سطح الدبابات T-54 ، T-55 ، T-62 ، T-10M و PT-76B ، كما نصب السلاح على مؤخرة برج مشروع الدبابة Obiekt 167 المستندة على تصميم الدبابة T-62 ، لكن المشروع لم يكتب له النجاح . ومع النصف الثاني من الستينات حدث تحول جدي وهام للنظرة السوفييتية حول أفكار هذه الأسلحة ، وتقرر تبني وتكييف adapt مدفع الدبابات عيار 125 ملم الذي أصبح في ذلك الوقت السلاح الرئيس لجيل الدبابات الروسية قيد العمل والتطوير ، لإطلاق القذائف الصاروخية الموجهه بالإضافة للمقذوفات غير الموجهه .

16‏/3‏/2013

منظومة الرؤية في الدبابة M1 Abrams .


منظومــــــة الرؤيــــــة فــــــي الدبابـــــــــة M1 Abrams



إن أحد أهم مكونات نظام السيطرة على النيران في الدبابة أبرامز مرتبط بأنظمة الرؤية sighting systems ، التي تسمح للمدفعي وقائد الدبابة باكتساب الأهداف وتعيينها بشكل بصري . القائد والمدفعي يجلسان على يمين البرج والملقم إلى اليسار . القائد لديه ستة مناظير أفقية periscopes (مئفاق) التي تغطي 360 درجة . هو لديه أيضاً منظار بقوة 3× للرشاشة السقفية من عيار 12.7 ملم . أما الملقم فلديه منظار أفقي يستطيع توفير تغطية حتى 360 درجة . إن أداة الرؤية البصرية الرئيسة على سلسلة الدبابات أبرامز ترتكز على منظار المدفعي الأساس GPS ، الذي يرتبط كهروميكانيكياً electro-mechanically مع السلاح الرئيس في كلاً من الارتفاع وزاوية السمت . هذا المنظار هو عبارة عن أداة كهروبصرية electro-optical مشتملة على عدستان بصريتان للتكبير ، أحدهما للرؤية النهارية بمجال رؤية واسع حتى 3× أو بمجال رؤية ضيق حتى 10× ، وأخرى للرؤية والتصوير الحراري بنفس قوة سابقتها . المنظار GPS له امتداد بصري آخر مع قائد الدبابة ومنظاره الرئيس ، يطلق عليه اختصاراً GPSE ، بالإضافة لمنظار المدفعي المساعد GAS . أما بالنسبة للبناء العام والملحقات ، فإن المنظار GPS يشتمل أيضاً في تكوينه بالإضافة للمنظار النهاري والآخر الليلي ، على محدد مدى ليزري LRF وأداة استقرار للمنظار sight stabilization ، حيث يعرض النظام معلومات عن مدى الهدف ، وجاهزية الرمي وإطلاق النار .


إن نظام الاستقرار إلى خط البصر الملحق يسمح بتوجيه ضربات دقيقة بسلاح الدبابة الرئيس أثناء الحركة على الطرق المستوية أو غيرها . فالأمر لا يتطلب من المدفعي أكثر من وضعه الشعيرات المتقاطعة في منظاره البصري على الهدف ، واستخدام محدد المدى الليزري لتقرير المدى ، ثم يعمل الحاسوب على وضع زوايا التصويب الضرورية ليفتح بعد ذلك المدفعي النار بعد تلقي إشارة الجاهزية في عدسة منظاره . وحدة إلكترونيات هذا النظام مثبته في رف خاص أسفل السلاح الرئيس (في ذات المكان الذي يضم وحدة إلكترونيات نظام قيادة وتدوير البرج/المدفع) . إن آلية الاستقرار إلى خط البصر line of sight ، تعمل على السيطرة والتحكم في مرآة رأسية على قمة منظار المدفعي الأساس لتثبيت المشهد نسبة إلى الأرض . هذه السيطرة التلقائية تبقي المرآة الرأسية ثابتة بينما الدبابة أبرامز ومنظارها يصعدان وينزلان للأسفل حسب تعرجات وتموجات الطريق . نظام الاستقرار والتوجيه لخط البصر يستلم بيانات الزاوية من جهازي تحويل كهرو ميكانيكية resolvers (نوع من أنواع المحولات الكهربائية الدوارة يستخدم لقياس درجات الدوران وتحديد الموقع الزاوي) ثم بعد ذلك يقارن هذه البيانات بزاوية الارتفاع القصوى من قراءة حاسوب نظام السيطرة على النيران . إذا هناك اختلاف أكثر من اللازم ، فإن الحاسوب يرسل إشارة منع وعرقلة inhibit  signal للمدفع لإيقاف عملية إطلاق النار .



محدد المدى الليزري LRF الملحق بالنظام يمكن أن يتحصل على مدى الأهداف المحددة عند مديات 200 إلى 7990 م من الدبابة ، بدقة زائد أو ناقص 10 م (الأمر يعتمد بشكل أكبر على طبيعة الأحوال الجوية) . فهو يحدد مدى الهدف عن طريق إرسال نبض ضوئي وبعد ذلك يقيس الزمن المستغرق لعودة ذلك الشعاع إلى المستقبلة (في حال استقبال محدد المدى الليزري لأكثر من إشارة ارتداد لشعاعه ، فإن الحاسوب البالستي يتولى القيام بتشخيص أسباب الخطأ) . إذا المدى إلى الهدف بين 200 و4000 م ، فإن القراءة ستدخل بشكل تلقائي في الحاسوب البالستي ballistic computer وستظهر في منظار المدفعي الأساس GPS . أما إذا كان الهدف على مدى 4010 و7990 م ، فإن مؤشر المدى يظهر في منظار المدفعي الأساس على شكل ومضات flashing number ، وفي هذه الحال تكون الرسالة للمدفعي وقائد الدبابة بأن قراءة المدى لم تدخل آلياً إلى الحاسوب البالستي وإن عليه إدخالها بشكل يدوي manual entered . استخدم في محددات المدى الليزرية لنسخ الدبابة أبرامز المبكرة ليزر النيوديوم ياغ Nd:YAG الذي طوره باحثوا الجيش في السبعينات (بعد أن كانت عملية تحديد المدى في الستينات تعتمد على ليزر الياقوت ruby laser) . في البداية أنجز محدد المدى الليزري هذا معدل نبضتين في الثانية ، وبجهود البحث المستمرة ، جرى زيادة الناتج إلى 10 نبضات بالثانية . فائدة ليزر النيوديوم ياغ على نظيره نظام ليزر الياقوت كان في قدرته على التواصل والتنقل بمعدل تكرار مرتفع مع طاقة إنتاج عالية ، بالإضافة لعمله بطريقة غير مكشوفة ، أولياً بسبب خاصية الثبات والاستقرار الحراري thermal stability التي تميزه . ومع جميع فوائد ليزر النيوديوم ياغ ، إلا أنه عانى من ضرر رئيس ، وهو عدم توفيره جانب السلامة للعين المستخدمة بسبب طول موجته التشغيلية والبالغة 1.06 مايكرو ، لذلك أجتهد الباحثون على مر السنين في العمل على بدائل "العين الآمنة" eye-safe للعمل بالتزامن والتوافق مع ليزر النيوديوم ياغ . في هذا المجال عدة نظائر وبدائل طرحت للبحث ، واحده منها كان إلزام شعاع الليزر الأصلي العبور خلال خلية تحوي الميثانول methanol (مركب هيدروكربوني يتألف من الكربون والهيدروجين والأكسجين) الذي يسمح بانتقال الموجة الأطول . حل آخر تضمن استخدام متأرجح بارمتري بصري ، لتحويل تردد الليزر المستخلص إلى حقل ومجال العين الآمنة (مثلاً حتى 1.5 مايكرو) . لقد أثمرت هذه الجهود عن قيام شركة Hughes بتطوير صناعي لمحدد مدى ليزري بعدسة زجاجية آمنة للعين ، يعمل بتأثير "رومان"Raman effect ، الذي استبدل ليزر النيوديوم ياغ على الدبابات أبرامز والعامل بالطول الموجي 1.06 مايكرو إلى آخر أكثر أمنا بطول موجي 1.54 مايكرو (ظاهرة رومان التي اكتشفت العام 1928 تتحدث عن تغير حاصل في طول الموجة الضوئية يحدث عندما شعاع الضوء يرتطم بمركب كيميائي ويتعرض للبعثرة والانحراف بسبب تذبذب جزيئات المادة) . عموماً الدبابات الأحدث M1A2 تستخدم محدد مدى ليزري يستخدم ليزر ثاني أكسيد الكربون CO2 ، يعمل بنفس الطول الموجي لنظام التصوير  الحراري thermal imager ، يعمل بشكل أفضل خلال الدخان والغبار وأكثر أماناً أيضاً للعين البشرية .


يبرز الجزء الخارجي الخاص بمنظار المدفعي الأساس GPS خلال سقف برج الدبابة أمام محطة سلاح القائد ، حيث تأتي حماية هذا المنظار من خلال غلاف مدرع تطلق عليه أطقم دبابات الأبرامز اسم "بيت الكلب" dog-house . يحتوي بيت الكلب هذا على مرآة رأسية مستقرة ذات تقنية عالية ، تمكن الدبابة أبرامز من إطلاق النار بدقة أثناء التحرك . ويتولى بابان مدرعان صغيران في مقدمة بيت الكلب حماية مرايا المنظار sight mirrors من أذى الشظايا والإطلاقات صغيرة العيار . المدفعي يمكن أن يفتح ويغلق هذه الأبواب المدرعة فقط باستخدام مجموعة مقابض صغيرة حدد مكانها فوق منظار المدفعي الأساس . في حالة عطل أو فشل عمل منظار المدفعي الأساس ، المدفعي يمكن أن يستخدم منظار بصري مساعد بقوة تكبير 8× ، على الجانب الأيمن من حامل المدفع الرئيس ، مباشرة تحت الرشاشة المحورية coax machine gun . نقطة التصويب Aiming points للمدفعي تظهر ضمن دائرة في الصورة البصرية لمنظار المدفعي الأساس ، هذه يطلق عليها كوصف عام اسم "شبيكة التسديد" reticle (شبكة خطوط أو ألياف رفيعة متقاطعة في عدسة التصويب ، أصلها جاء من الكلمة اللاتينية reticulum وتعني الشبكة) كما وتشاهد قراءة محدد المدى الليزري أسفل الصورة . في الماضي شبيكة التسديد هذه حفرت أو نقشت في اللوح الزجاجي ، لكنها الآن موجودة بهذا النمط فقط في المنظار البصري المساعد .

11‏/3‏/2013

ميكانيكية عمل الدروع التفاعلية المتفجرة .


ميكانيكيــــــة عمــــــل الــــــدروع التفاعليــــــة المتفجــــــرة
تجاه قذائف الشحنة الجوفاء hollow charge


يخصص مصممو دبابة المعركة الرئيسة نحو 30-40% من وزنها الكلي لغرض توفير الحماية لها. فقد كان لقدوم المقذوفات المشكلة انفجارياً EFP التي تتحصل على سرعة مميزة لأكثر من 2000 م/ث ، وكذلك الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات مع قابلية اختراق لنحو 1000-1200 ملم من التدريع الفولاذي المتجانس RHA ، بالإضافة إلى مقذوفات الطاقة الحركية KEP بخوارقها من سبائك التنغستن أو اليورانيوم المستنزف DU ، أن هددت الوجود ذاته لدبابة المعركة الرئيسة على مستوي من العالم . وفي ظل تنامي الأسلحة الأخرى المضادة للدروع ، فإن زيادة الحماية ومن ثم زيادة الوزن لم تعد مقبولة ، كما أن التدريع السلبي passive armor بشكله الحالي لم يعد قادراً على توفير الحماية المطلوبة للدبابة ، لذلك اتجه المصممون لوسائل وطرق أخرى لتعزيز فاعليه المواجهة لدى دبابة المعركة الرئيسة MBT . من هذه كان تطوير الدروع التفاعلية المتفجرة Explosive Reactive Armor . إذ افترض هؤلاء أن مثل هذه الدروع ستوفر حماية نسبيه جيده لدبابات المعركة الحديثة والقديمة منها على حد سواء . وتحدث بعضهم عن قدرة هذه الدروع على تخفيض قيمة الاختراق لما يزيد عن 80-90% من طاقة نفاث الشحنة الجوفاء ، أو حتى أكثر من ذلك مع الأنواع الأحدث . بمعني أن رأس حربي لقذيفة RPG-7 كلاسيكية يستطيع اختراق 300 ملم من الدروع الفولاذية المتجانسة RHA ، تنخفض قابلية اختراقه في مواجهة قراميد الدروع التفاعلية المتفجرة ERA لنحو 30 ملم فقط . إلا أن هذه القيم في الحقيقة مرتبطة بشروط معينه ، ربما كان أهمها وبالدرجة الأولى ، زاوية الالتقاء بين النفاث وموضع الإصابة على صفيحة التدريع التفاعلي .


ويحرص المصممين عند تطوير قراميد الدروع التفاعلية المتفجرة ERA ، على تضمين المنتج (ومراعاة) الكثير من العناصر المثالية ، مثل حجم وشكل صفائح قراميد الدروع التفاعلية ، سماكة الصفائح ومادتها ، صلابة الصفائح وكثافتها ، قابلية لحام المادة المعدنية المستخدمة للقراميد ، حساسية المادة المتفجرة المستعملة ، سرعة انفجار المادة المتفجرة ، كثافة المادة المتفجرة ، قدرة القراميد على مواجهة نيران الأسلحة الخفيفة ، المناعة تجاه أجزاء الشظايا للأنواع المختلفة من الرؤوس الحربية ، مراعاة زاوية هجوم القذيفة القادمة ، تخفيض عامل التشظية والتجزؤ في المواد المستخدمة لتخفيض الخطر على القوات الصديقة ، ضمان قابلية مواجهة الضربات المتعددة ، منع انتقال تأثير الانفجار بين القراميد المجاورة . ترتيبات متزايدة لضمان القدرة على استبدال القراميد التالفة والمتضررة ، عدم احتراق المادة المتفجرة نتيجة اختراق الشظايا . تأثير الصفائح المقوسة أو المسطحة على عمل قرميد الدرع التفاعلي المتفجر ، مدى التأثير على قابلية الحركة للعربة الحاملة للنظام ، ارتفاع قراميد الدرع التفاعلي التي قد تولد مشكلة المنطقة العمياء .


ميكانيكية وآلية عمل هذه الدروع التفاعلية المتفجرة تختلف باختلاف الخطر المتوقع ، ونحن هنا نتحدث عن نوعين من الأخطار ، النفاث عالي السرعة والخاص بقذائف الشحنة الجوفاء hollow charge ، وخوارق الطاقة الحركية عالية السرعة KEP . ميكانيكية العرقلة بالنسبة للنوع الأول تنسب لآليات محدده ، حيث يمكن تخفيض قابلية الاختراق عن طريق :

(a) آلية قطع الصفائح المعدنية Plate cutting mechanism .
(b) عرقلة وتشتيت النفاث Disruption of jet .
(c) دمج تأثير النقطتين أعلاه combined effect .

فبعد تحفيز وانفجار المادة المتفجرة ، فإن كلتا الصفائح المعدنية السفلى والعليا المتحركة من قرميد الدرع التفاعلي يتم ثقبها وقطعها بنفاث الشحنة الجوفاء . حيث تعمل حافة وطرف الصفيحة المعدنية المتحركة بسرعة عاليه ومنتجات التفجير عالية الكثافة أيضاً على اقلاق وارباك استقامة وانتظام النفاث ، وبالتالي تخفض قدرته على اختراق الهدف .. ولتفصيل الأمر وبناء على العديد من الاختبارات النظرية والميدانية ، فإنه يمكن القول أن طيران الصفائح المعدنية وحركتها في طريق النفاث ، يتسبب في تخفيض طاقته نتيجة قيام هذا الأخير باختراق أو بمعنى أدق ثقب perforate هذه الصفائح ، ليلحقها بعملية قطع cutting وإحداث شق ضيق لهذه الصفائح ، بالإضافة لعرقلة وإقلاق النفاث بناتج الانفجار عالي الكثافة . كل هذا يلعب دوراً رئيساً في تخفيض قدرات النفاث على الاختراق . وعندما يتجاوز النفاث الصفيحة الخلفية لقرميد التدريع التفاعلي ، فإن ذلك يتسبب في زعزعته وتفتيته لأجزاء صغيره . هذه الأجزاء الصغيرة تعرض سلوك تدميري ذاتي ناتج عن انحرافها وبعثرة تماسكها Coherence disturbing ، مما يجعلها تضرب مناطق متفرقة من سطح الهدف الرئيس . لقد وجد أيضاً من خلال الاختبارات أن زاوية الهجوم angle of attack والحجز الجزئي للانفجار ، من العوامل الأكثر أهميه في تخفيض القوة الثاقبة للنفاث ، كما وجد أن لكمية ونوعية المواد المتفجرة دور رئيس في العملية ، وكذلك كثافة الصفائح المعدنية . الاختبارات أكدت أيضاً أن النفاث عندما يضرب الصفيحة المعدنية بشكل غير مباشر (بشكل متقاطع أو عرضي) فإن عملية القطع تولد ثقباً طويلاً وممتداً فيها ، حيث يعتمد حجم وطول هذا الثقب على سرعة الصفيحة وعلى زاوية الاصطدام angle of impact ومدة بقاء النفاث .


واختصاراً نقول أنه عندما يصطدم النفاث في نقطة ما على الصفيحة المتحركة ، فإن ثقب بقطر وعمق معين سوف ينتج ، فإذا كانت سماكة الصفائح الحقيقية أو المكافئة أكثر من هذا العمق المتحقق بالاختراق ، فإن جزء مهم من كتلة النفاث ستكون مستهلكه ومبدده بهذه الصفائح . إن العامل الأهم هو ذلك المتعلق برأس النفاث وطرفه الأمامي jet tip . فهذا الجزء يتحرك بسرعة عالية جداً يمكن أن تبلغ 8000-10000 م/ث (يمكنه بلوغ هذه السرعة خلال 40 جزء من المليون من الثانية ، مع إعطاء تعجيل لرأس المخروط لنحو 25 مليون g) ، بينما تتحرك الأجزاء اللاحقة من النفاث بسرعات أقل . وهكذا فإن رأس النفاث ينجز اختراق أولي مهم في مادة الصفائح ، وهو مستهلك في معظمه لهذه الجزئية . وفي الحقيقة فإن رأس النفاث هو الجزء الأكثر أهميه من كتلة النفاث ، فهو الذي يسمح لبقية كتلة النفاث بالتكدس والتراكم بشكل كفء efficiently pile باتجاه فتحة الثقب المنجزة ، ويزيح بالتالي مادة الدرع عن طريقها . إن تبديد رأس النفاث سيخفض قدرات الاختراق لنحو 30% أو أكثر ، على الرغم من أنه فعلياً لا يشكل سوى جزء يسير جداً من كتلة النفاث .
  

وعندما يضرب نفاث شحنه جوفاء قرميد التدريع التفاعلي ، فإن المادة المتفجرة المحصورة تبدأ عملها خلال أجزاء من المليون من الثانية ، لكن تأثير موجة الانفجار على النفاث تبدأ لاحقاً وبوقت قصير ، ربما ذلك راجع لعدم وجود فضاء أو فسحه كافيه لتحرك موجة الانفجار الناتجة عن انفجار المادة المتفجرة وتعجيل الصفائح المعدنية ، ولكن عندما تبدأ الصفائح بالحركة وتبدأ موجة الانفجار بالتمدد ، فإنها تأخذ سرعة وكثافة مقاربه لتلك التي يمتلكها النفاث (هناك تدرج انحداري في السرعة على طول امتداد النفاث ، فتمدد هذا الأخير وطوله لا يبقيان ثابتان على طول مسافة المواجهة stand-off distances) وتبدأ عندها عملية الاصطدام التقاطعي transverse impact مع النفاث ، مما يتسبب بفقدان هذا الأخير تماسكه واستقامة خطه ومن ثم اضعاف قوة اختراقه (عملية تعجيل الصفيحة الخلفية واصطدامها العنيف ببدن العربة يمكن أن يسبب تشوه جوهري لهيكل العربات خفيفة التدريع ، لذلك فإن هذا النوع من الدروع مؤهل للعمل مع الدبابات أكثر منه مع العربات الأخرى) . وعندما تبدأ الصفائح المعدنية في الابتعاد لمسافة معينه ، فإن موجة المادة التفجيرية تبدأ في التوسع لمستويات عاليه ، ويبدأ معها تأثير الانفجار في الانخفاض ، بحيث يعبر النفاث هذه المنطقة بسهولة وبدون تقاطع .

8‏/3‏/2013

التمساح السوفييتي في أفغانستان .


تجــــــــارب وخبــــــــرات التمســــــــاح السوفييتــــــــي
في أفغانستــــان .. Mi-24 Hind
 

القوات المسلحة السوفيتية التي اجتاحت أفغانستان في ديسمبر عام 1979 كانت مشتملة على نحو 40.000 ألف جندي وضابط مع معداتهم ، لكن المقاومة العنيفة من قبل المجاهدين الأفغان أجبرت السوفييت على زيادة حجم قواتهم إلى نحو 118.000 ألف جندي في أواخر عام 1985 . المقاومة الأفغانية العنيفة تطلبت إشراك السوفييت لمروحياتهم الهجومية المعروفة Mi-24 (أطلق عليها أطقمها أسم التمساح Crocodile) ، حيث تم نشر هذه الطائرة من ضمن إجمالي 650-500 مروحية مختلفة الأنواع تم إشراكها بالعمليات القتالية في الساحة الأفغانية .


الاستخدام الأول المسجل لهذه الطائرة في دور مضاد للدروع ، كان في شهر أغسطس من العام 1979 وقبل الحرب في أفغانستان ، عندما استولى عدد من الجنود المتمردين الأفغان على بضعة دبابات حكومية ، وحاولوا مهاجمة قصر الرئاسة في العاصمة كابول ، فأرسلت مروحيات Mi-24 لإيقاف وصد الهجوم ، وبالفعل جرى تدمير معظم الدبابات بواسطة الصواريخ المضادة للدروع الموجهة ومقذوفات S-5 حرة التوجيه . بعد ذلك أشركت هذه الطائرة بفاعلية في الحرب الأفغانية التي امتدت من 24 ديسمبر العام 1979 وحتى 15 فبراير العام 1989 ، وإن جاء استخدامها في دور مضاد للدروع ، محدود جداً ونادر الحدوث في تلك الحرب . وشهدت مرحلة ما قبل الحرب الأفغانية أيضاً إسقاط أول مروحية Mi-24 بالنيران الأرضية عند منحدر جبلي قرب مدينة خوست Khost في 30 مايو 1979 . دفع السوفييت بقواتهم للحرب ، ووجد الجيش الأحمر نفسه متورط في حرب عصابات guerrilla war مع شعب غليظ متحمس للقتال وتضاريس شديدة الوعورة . لقد بدت المروحية Mi-24 أكثر من مناسبة لمواجهة المجاهدين الأفغان Mujahedin ، للحد الذي أستجدى معه القادة السوفييت كامل مخزونهم من هذه المروحية . وأحبت قواتهم الأرضية هذه الطائرة ، فهي تستطيع البقاء فوق ساحة المعركة وتوفير نيران مضادة لمواقع العدو حسب الحاجة ، على عكس الطائرات السريعة التي تبقي للحظات وتحتاج بعدها للعودة لقواعدها للتزود بالوقود .


تستطيع المروحية Mi-24 Hind حمل تشكيلة كبيرة ومتنوعة من الأسلحة والذخائر ، بما في ذلك عدد 32 مقذوف غير موجه unguided عيار 57 ملم ، أو20 مقذوف عيار 80 ملم ، أو 5 مقذوفات من عيار 122 ملم ، أو قذيفة واحدة من عيار 250 ملم . والمقذوفات S-8 عيار 80 ملم على وجه التحديد اكتسبت المديح الأعلى في أفغانستان ، فمع رأس حربي زنته 3.6 كلغم ، بقدرة تحطيم فاعلة وأجزاء شظايا بوزن 3 غرام ، ودائرة نصف قطرها القاتل يصل لنحو 10-12 م ، كان هذا السلاح ملائماً لعمليات الدعم والإخماد الناري . أما المدافع الرشاشة ، فقد توفرت تشكيلة من الحاويات الخارجية والداخلية ، تتضمن مدفع دوار Gatling من عيار 12.7 ملم في برج عند مقدمة الأنف ، بالإضافة لمدفعي عيار 7.62 ملم ، وحاوية قاذفة لقنابل يدوية عيار 30 ملم ، وأخيراً حاوية ثنائية السبطانات لمدفع عيار 23 ملم (UPK-23-250) ، وإن كان السلاح الأخير هو الأكثر شعبية للاستخدام بين أطقم المروحيات Mi-24 .


المروحية أثبتت قدرتها على حمل أربعة قنابل حديدية iron bombs زنة 250 كلغم ، أو قنبلتين زنة 500 كلغم ، كما أنها تستطيع تحميل صواريخ موجهة مضادة للدروع ATGM من طراز 9K114 Shturm مع رأس حربي شديد الانفجار أو متفجر الوقود الجوي fuel/air . ومع حمولة متنوعة ، تستطيع المروحية Mi-24 إطلاق مقذوفاتها غير الموجهة من مسافة 1.200-1.500 م ، ثم تميل المروحية للأسفل مع تفعيل نيران المدافع الرشاشة ، حيث يتولى مساعد الطيار في هذه اللحظة ، تعيين هدفه وإطلاق قنبلته باتجاهه . وعندما تكون الهجمات عند سرعة عالية وارتفاع أكثر انخفاضاً ، فإن القنابل تجهز بصمام تأخير لنحو 32 ثانية ، لتأمين سلامة المروحية من الشظايا المتطايرة عن الانفجار . أما قنابل متفجرات الوقود الجوي ، فقد استخدمت لأول مره في شهر أغسطس من العام 1980 ، عندما تولت إحدى مروحيات Mi-24D الإغارة على هدف قرب وادي "فايزأباد" Fayzabad . القنبلة أطلقت من ارتفاع 300 م وتسببت موجة الانفجار باهتزازات ورجات عنيفة لهيكل المروحية وطاقمها .


وبسبب تدريعها الثقيل ، كانت Mi-24 محصنة ضد أسلحة المجاهدين الخفيفة ، وهذا ما دفع بالمجاهدين لاستحداث وسائل مواجهة جديدة ، بما في ذلك إعداد الكمائن في المناطق الجبلية المرتفعة للرمي باتجاه أسفل المروحية أو على مؤخرتها ووسطها . ومع ذلك فقد كان لهذه المروحية أربعة نقاط ضعف حساسة معروفة لمستخدميها ، هي نظام الوقود المكشوف ، المنافذ التوربينية turbine للمحركات ، مجموعة دوار الذيل tail rotor ، وخزان الزيت oil tank المميز بموضعه أسفل النجمة الحمراء المرسومة على هيكل الطائرة fuselage ، بالإضافة لعيوب فنية أخرى تتعلق بقصر عمر الدوار الرئيس ، الذي لم يتجاوز 1500 ساعة عمل ، والوقت الطويل المستلزم لتغيير المحرك . فالظروف الجوية والكثافة المنخفضة low-density في المرتفعات الأفغانية الجبلية الشاهقة ، أرهقت محركات الطائرات وجعلت حومها hovering أكثر صعوبة . كما فرضت قسوة البيئة في هذه الحرب ، نسبة استنزاف عالية على الطائرات السوفييتية Mi-24 ، عكست صورتها على المكائن والمحركات ، حيث عانت هذه من ظاهرة تآكل أنصالها الضاغطة ، حتى أن محركات TV3-117 كان يجب استبدالها قبل الزمن الفعلي لعمرها الافتراضي ، فالغبار والحرارة المرتفعة التي غالباً ما كانت هي المناخ السائد (حوالي 75% من الغارات نفذت في ساعات الصباح الأولى للهروب من حرارة النهار المرتفعة جداً) ضاعفت من أعمال الصيانة وأدت لتطوير مجموعة من المرشحات المانعة للغبار PZU ، انتزعت وفق مصادر سوفييتية نحو 70-75% من حبيبات الغبار والرمل التي كان يبتلعها المحرك ، مما قلل معه من معدل تآكل وإهتراء شفرات المحركات بمعدل 2.5-3 مرات عن السابق .


التضاريس في أفغانستان ، كان لها هي الأخرى تأثير بالغ على استخدام المروحيات Mi-24 ، فالطرق الملتوية والضيقة خلال الوديان والقرى ، والجبال المرتفعة tall mountains شديدة الانحدار أوجدت مواضع كمائن مثالية للمقاومة ، لذلك عندما كانت قوافل التجهيز والإمدادات السوفيتية تتقدم (حاملة مئات الأطنان من الوقود والذخيرة والطعام) تحت حراسة العربات المدرعة أمثال BMP-1/BMP-2 وBTR-70/BTR-80 والعربات ZL-23-2 .. وغيرها ، كانت المروحيات Mi-24 في ذات الوقت تتقدم معها كمرافق أساس بطيران متعرج عند سرعة 150-170 كلم/س لتوفير الغطاء الجوي ، حيث كانت مجموعة منها تبحث عن كمائن ambushes المجاهدين الأفغان المتقدمة ، في حين كانت مجموعة أخرى تقوم بإنزال قوات خاصة على المناطق المرتفعة بقصد كشف الكمائن الأخرى المتسترة بالتضاريس ، ثم يعاد التقاط هذه القوات وإنزالها في مواقع متقدمة أخرى .. وهكذا يتم توفير أمن الأجنحة flank security للقافلة المحملة حتى تجاوزها المنطقة المشبوهة . حماية طوابير القوافل العسكرية تمثلت أيضاً بتقدم وتجاوز المروحيات Mi-24 منطقة تحركات القوات الصديقة ، والبحث عن المواقع المحتملة للكمائن الأفغانية على طول الطريق حتى 5-8 كلم ، وكذلك على جانبيه والمنطقة المحيطة حتى 2-3 كلم ، وضربها قبل أن تبادر هذه للتحرك والهجوم . لقد مثلت المروحيات Mi-24 سلاح الإسناد والدعم الجوي القريب close air support الأكثر أهمية للقوات السوفييتية في أفغانستان ، فلم تكن هذه المروحية مجرد سلاح ضربة لقوات المجاهدين المشتبكة مع القوات السوفيتية ، بل إنها كانت في أحيان كثير تهاجم حتى امتدادات تصل إلى 20-30 كلم من الحافة الأمامية Forward edge لمنطقة المعركة ، وهذا ما دفع المجاهدين لإطلاق لقب "عربة الشيطان" Satan's Chariot على هذه المروحية (في أواخر العام 1986 اختبرت المروحيات Mi-24 قنابل حاجبة للبصر تصدر وميض شديد ، قادرة على التسبب بعمى مؤقت للأفراد الذين يقعون على مسافة 30-50 م من مركز دائرة الانفجار) .


وفي الوقت الذي استخدم فيه السوفيت مروحياتهم على نطاق واسع ، وبدون رحمة ضد المجاهدين الأفغان غير المحصنين unprotected ، فإن هؤلاء في المقابل طوروا العديد من تكتيكات المواجهة المضادة ، منها على سبيل المثال التحرك خلال ساعات الظلام الليلية ، حيث تكون مروحيات Mi-24 أقل فاعلية وأقل قدرة على الرصد والتعيين (درب السوفييت أطقم طائراتهم أيضاً على القتال الليلي عن طريق إسقاط الشعلات الضوئية flares نحو الأهداف المريبة) . لقد أستطاع المجاهدون تحديد أوقات الهجمات السوفيتية ومواقعها المرتقبة ، وبدءوا بحفر المخابئ الوقائية المستترة ، وإعداد كمائن الدفاع الجوي ، التي اعتمدت في البداية على المدافع الرشاشة الثقيلة ، حيث اكتشف المجاهدون بأن أي عيار أصغر من العيار 23 ملم ، لم يكن أكثر من سلاح إزعاج ومضايقة لمعظم أجزاء المروحيات Mi-24 ، فمقصورة القيادة ، ناقل الحركة الرئيس ، خزانات الأنظمة الهيدروليكية ، صندوق تروس المحرك المساعد ، خزانات الوقود ، حميا بصفائح الدروع الفولاذيِة التي بلغ سماكتها 4-5 ملم ، وأوقفت كما يدعي السوفييت أكثر من ثلثي إطلاقات المقاتلين الأفغان . زجاج مقصورة القيادة هو الآخر كان محصن من الرصاص bullet-proof ، وتؤكد المصادر السوفييتية أنه خلال طوال خدمة Mi-24 في أفغانستان ، لم تنجح أي إطلاقه في اختراق زجاج مقصورة القيادة ، على الرغم من أن أغلب الضربات التي تلقتها المروحية كانت وهي في وضع الغطس والاندفاع نحو هدفها الأرضي ، حيث استلمت مقصورة الرامي/مساعد الطيار الضربات الأعظم . إحدى مروحيات Mi-24 رجعت لقاعدتها بستة خدوش على لوح الزجاج الأمامي ، وفي حادثة أخرى استطاعت رشقة إطلاقات عيار 12.7 تمزيق التجهيز السفلي لمقصورة القيادة ، وتمكنت رصاصة زنتها 50 غرام ، الوصول لمقعد الطيار المدرع والاستقرار على الصفيحة المعدنية الخاصة بمسند المقعد .


في مرحلة لاحقة من الحرب عندما بدأ الأمريكان توفير أسلحة حديثة للمقاومة الأفغانية لاستخدامها ضد المروحيات ، كالصاروخ stinger المطلق من على الكتف ، رجحت كفة المجاهدين في معركتهم مع الطائرات السوفيتية ولحد كبير ، وهذا ما استلزم من أطقم مروحيات Mi-24 الطلب من قياداتهم توفير المزيد من الإجراءات المضادة counter measures . ومع نهاية التدخل العسكري في أفغانستان ، خسرت القوة الجوية السوفييتية المئات من الطائرات المروحية ، معظمها من طراز Mi-24 ، وأظهرت طبيعة تلك المعارك مرة أخرى ، صعوبة الانتصار في حرب العصابات guerilla war حتى مع استخدام المروحيات الهجومية بشكل مكثف وموسع . وفي ليلة 2 فبراير من العام 1989 ، أسقطت آخر المروحيات Mi-24 في الحرب ، وقتل أفراد طاقمها ، العقيد A. Golovanov ومساعده S. Peshekhodko بينما كانوا يستكشفون طريق الانسحاب !!

3‏/3‏/2013

محرك الدبابة الروسية T-72 .


محــــــــــرك الدبابـــــــــــة الروسيـــــــــــة T-72


في العام 1971 ظهر المحرك V-46 سوية مع الدبابة الجديدة T-72 . فلتجاوز سباق قابلية الحركة مع الدبابة المنافسة T-64 , محرك ديزل جديد عالي القوة جرى تطويره واستخدامه . هذا الاختيار جرى اشتقاقه عن نموذج المحرك V-45K ، مع ذلك هو قدم تغييران رئيسان عن سابقه (1) قابلية استخدام وقود متعدد الأنواع (2) استعمال معزز شحن ميكانيكي supercharger . المحرك V-46 هو محرك ديزل مبرد بالماء ذو 12 اسطوانة على هيئة "V" (الزاوية بين الاسطوانات تبلغ 60 درجة) مع وزن اجمالي من 980 كلغم . جسم المحرك وعلبة المرفق ورؤوس الاسطوانات صنعا من سبيكة الألمنيوم aluminum alloy ، بينما بطانة الأسطوانات وعمود المرفق وذراع المكبس جرى تصنيعهما من الفولاذ . أما المكابس فتصنع من سبيكة الألمنيوم والنحاس duralumin . كل اسطوانة لها صمامي إدخال وصمامي إخراج ، تتم السيطرة عليهما من قبل أعمدة كامات رأسيه . المحرك V-46 يستخدم أذرع توصيل مفصلية لربط المكابس إلى عمود المرفق ، حيث ذراع المكبس الأيمن يوصل إلى عمود المرفق crank shaft ، بينما ذراع الأسطوانة في الجهة المقابلة أو المعاكسة موصول إلى "مُحمِل" أو دحروج Bearing في ذراع المكبس الأيمن .


قوة المحرك وطاقة خرجه موفرة عبر عمود المرفق إلى علبة التروس أو المسننات الوسطية intermediate gearbox ، وعبر علبة تروس بالسرعة المتغيرة variable speed gearboxes (أداة تعمل على تنظيم السرعة والقوة التدويرية ، أو ناتج عزم الدوران للمحرك) . إضافة إلى ذلك ، يعرض المحرك V-46 قابلية تشغيل يدوية ، حيث تستخدم هذه لتشغيل بعض الأجزاء المساعدة في المحرك ، بضمن ذلك أعمدة الكامات الرأسية ، مضخة حقن وقود ، وكذلك مضخات الماء والتشحيم . لقد حرص المصممين على عدم ربط وإيصال بعض التجهيزات مثل ضاغط الهواء ومولد بادئ التشغيل ومروحة التبريد مباشرة إلى المحرك .. وبينما النسخ السابقة للمحرك كانت محركات ديزل صافية (بمعنى تستخدم وقود الديزل فقط) ، فإن المحرك V-46 قادر على الاشتغال والعمل أيضاً بوقود البنزين أو الكيروسين أو مزيج من الاثنان . ونتيجة لهذا التحول والقدرة على احراق أنواع أخرى من الوقود ، مضخة الوقود fuel pump كان لزاما عليها أن تحسن وتطور ، وهذا بشكل رئيس بسبب حقيقة أن الديزل مستعمل كمزيت أو مشحم lubricator للمضخة . ولتمكين المحرك من الدوران بوقود البنزين ، بدا التشحيم الخارجي مطلوباً وضرورياً . لهذا السبب مضخة وقود مشغلة ميكانيكياً من نوع NK-12M جرى ايصالها مباشرة إلى نظام تشحيم المحرك .


ولمعالجة الحرارة الناتجة ، فقد عدلت أنظمة تشحيم وتبريد المحرك V-46 وفقاً لهذه المتطلبات . إذ يستخدم المحرك نظام التشحيم بالوعاء الجاف dry sump lubrication ، حيث زودت دورة الزيت بمضختين تعمل كل منهما على حده ، وبينما تعمل المضخة الأولى على ضخ الزيت في خزان الزيت ، فإن الأخرى تعمل على سحب الزيت من الخزان وإيصاله إلى نقاط التشحيم . لقد ضمن هذا النظام تجهيز نمط تشحيم مناسب خلال تقريباً جميع ظروف عمل المحرك ، علماً أن خزان الزيت مع سعة إجمالية من 65 لتر من الزيت .



منظومة المحرك V-46 تجهز بعدد أربعة خلايا وقود داخلية للتخزين والتغذية مع اجمالي من 705 لتر ، وخمسة خزانات أخرى خارجية على الجهة اليمين من الهيكل مع اجمالي تخزين من 495 لتر . جميع الخزانات مرتبطة مع بعضها البعض بسلسلة خطوط أنابيب pipelines . الخزانات الداخلية لحمت بالصفائح الفولاذية الواقية ، ولمقاومة التآكل من الداخل والخارج ، هي مغطاة بطلاء من مادة لدائنية عازلة من الراتنج الصناعي bakelite varnish . أما الخزانات الخارجية فهي مصنوعة من الألمنيوم ومصبوغة من الخارج . وبمساعدة معدات خاصة إلى نظام تجهيز الوقود ، فإنه بالإمكان ايصال عدد برميلين اضافيين يحملان 390 لتر من الوقود في مؤخرة الهيكل . مخزون الوقود يتيح للدبابة بلوغ مدى حتى 700 كلم مع الخزانات الإضافية الخلفية ، و500 كلم فقط بدونها ، علماً أن استهلاك المحرك النوعي للوقود يبلغ 245.9 غرام لكل كيلووات بالساعة . المحرك الديزل V-46 استخدم مع النماذج المبكرة فقط من الدبابة T-72 ، ثم هو بعد ذلك استبدل بسرعة بالمحرك V-46-6 .


المحرك V-46-6 هو نسخة محسنة ومطورة عن المحرك الأسبق V-46 ، وقدم بعض التغييرات المختلفة ليتم اختياره لصالح نماذج الدبابة T-72 الأولى في أواخر السبعينات . هو استخدم مع النسخ T-72A ، T-72M وT-72M1 ، وتضمن اختلافان رئيسان عن سابقه : الأول تزويده بعدد خزاني تعويض لنظام التبريد compensation tanks ، أحدهم على قمة سقف المحرك والآخر بالأسفل منه . التعديل الثاني تضمن تثبيت نسخة جديدة من مرشح التشحيم lubrication filter ، ونظام تشحيم مع طارد مركزي lubrication centrifuge إلى اليمين من المحرك على كلا من جانبي ضاغط الطرد المركزي (هذا الأخير يستخدم لتنقية وتنظيف الزيت من الشوائب صغيرة الحجم التي لا تستطيع المرشحات التقليدية إزالتها) . الموقع الجديد للمرشحات سمح بالوصول السهل بالإضافة لتيسير قابلية الصيانة والإدامة maintainability . المحرك V-46-6 صنع بترخيص في عدد من البلدان ، بما في ذلك الهند لصالح الدبابة المنتجة محلياً T-72M1 .