28‏/9‏/2012

الاستخدام الموسع للمروحيات الهجومية .

الاستخـــدام الموســـع للمروحيـــات الهجوميـــة 
في الحرب العراقية الإيرانية


من المحتمل أن الاستخدام الواسع والشامل الأول للمروحيات الهجومية المضادة للدبابات في منطقة الشرق الأوسط ، كان خلال الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات ، عندما كانت القوة الجوية العراقية مجهزة بطائرات سوفييتية نوع Mi-24A وMi-25 ، وأخرى فرنسية من نوع SA-342M Gazelle ، وسجلت الحرب نحو 118 اشتباك بين الطائرات المقاتلة والمروحيات ، ونحو 56 اشتباك بين المروحيات والمروحيات ذاتها . أستخدم العراقيين مروحياتهم في بداية الحرب لأهداف ومهام تكتيكية ضيقة ، أهمها العمل كمدفعية جوية أمامية forward artillery لإسناد المشاة والدروع وإطلاق النار على القوات الإيرانية المتقدمة . ثم ما لبثت أن تغيرت المفاهيم وأخذ العراقيين في استخدام طائراتهم في تشكيلة أوسع من المهام ، بما في ذلك مهاجمة الدروع الإيرانية ومقرات المشاة وبطاريات المدفعية ، وحتى الجسور . كما شاركت المروحيات في دعم مجموعات القوات المدرعة والدبابات العراقية ، وتوزيع الألغام والاستطلاع وحتى في الحرب الكيميائية chemical warfare . ومع ذلك فقد بدا الاستخدام العراقي للمروحيات في بعض نواحيه ، متردداًً في توجيه ضربات للعمق الإيراني ، أو إيصال قوات الإنزال الخاصة للخطوط الخلفية لمواضع العدو .


إذ أشارت العديد من التقارير خلال الحرب أن العراقيين كانوا يواجهون مشكلة جدية في اكتساب الأهداف والقتال خلال الأجواء السيئة أو في العمليات الليلية ، ربما نتيجة افتقادهم لمنظومات الرؤية الليلية night vision ، أو حتى عند عملهم في مواجهة قوات المشاة الإيرانيين المسلحين بمدافع آلية ومقذوفات كتفيه أرض-جو . فالخوف من المجازفة والمخاطرة بسقوط المروحية قيد كثيراً من العمليات الجوية تجاه المواضع الإيرانية ، خصوصاً الخطوط الخلفية منها . أما قدرة القتال والاشتباك مع الأهداف في المناطق المبنية أو في مناطق الأهوار marsh areas فقد كانت محدودة أصلاً لعدم تعود طياري المروحيات العراقية على هذا النوع من المهام القتالية . ولهذه الأسباب مجتمعة اتصف دور المروحيات العراقية تجاه الدروع الإيرانية بالمحدودية نوعاً ما ، فقد كان على هذه الطائرات أن تستخدم أسلحتها ، بما في ذلك الصواريخ الموجهة المضادة للدروع ، تجاه أهداف متنوعة ، بما في ذلك المشاة والتحصينات ، وكان عليها أيضاً ، بسبب ضعف أداء بعض منظومات الصواريخ وأجهزة تصويبها من جهة والظروف التعبوية من جهة أخرى ، أن تطلق بضعة صواريخ (3-4 أضعاف العدد الفعلي المطلوب) لتصيب عربة أو هدف مدرع واحد ، فهذه الطائرات حقيقتاً لم تحقق إحتماليات قتل عالية kill probabilities تجاه الأهداف المدرعة الإيرانية . وربما فرضت تكتيكات المعركة والرغبة في توفير نيران داعمة وثقيلة لقوات المشاة الأمامية هذا النمط في أسلوب القتال على المروحيات العراقية ، وفرضت توجيه الكثير من الصواريخ المضادة للدروع للمضايقة و"الإزعاج" harassment أكثر منها لتسجيل حالة قتل مؤكدة . القضية الأخرى الأكثر أهمية التي شهدتها الحرب العراقية الإيرانية تمثلت في استخدام الطرفين لتكتيكات الإخفاء أو hull-down position بالنسبة لدباباتهم وعرباتهم المدرعة ، هذه ضاعفت في الحقيقة من صعوبة اكتساب والتسديد نحو الأهداف المستترة بالنسبة لطياري المروحيات .


أما على الجانب الآخر فقد كان سلاح الطيران الإيراني مجهز بالمروحيات الأمريكية الهجومية AH-1J Sea cobra أكتسبها في عهد الشاه ، لكن الكثير من هذه الطائرات كانت تفتقد لقابلياتها العملياتية operational capability ، خصوصاً في السنوات الأولى للحرب ، لذلك اتصفت أعمال هذه الطائرات في بداية الحرب بالصغر والمحدودية ، ولم تكن في واقعها قوة داعمة رئيسة . ومع ذلك فقد استخدمت القوات الإيرانية طائراتها من طراز Sea cobra تقريباً بنفس التكتيكات التي استخدم معها العراقيين مروحياتهم طوال مراحل الحرب ، وكانت الأولوية في الهجمات لتجمعات المشاة والخنادق والاستحكامات العراقية ومواضع حضرية مختلفة ، وأهداف دفاعية جبلية على الحدود الشمالية بين البلدين المتصارعين . شراهة الاستخدام الإيراني للصواريخ كانت للحد الذي استهلكوا معه الكثير من مخزونهم من قذائف TOW في السنة الأولى للحرب ، التي أطلقت من منصات أرضية وجوية . وعندما بدأت إيران في الحصول بسرية على الأسلحة من الولايات المتحدة (قضية إيران كونترا Iran-contra) في منتصف الثمانينات ، أعطى الإيرانيين الأولوية في الصفقة لصواريخ TOW ، والتي بالفعل استخدمت تجاه الدبابات والدروع العراقية كما شوهد بعد ذلك في معركة الهجوم على "الفاو" Faw في العام 1986 والهجوم على "مهران" Meheran في ذات السنة ، وكذلك الهجوم على مدينة البصرة Basra في العام 1987 . وأحتاج الإيرانيون لإطلاق أكثر من صاروخ من مروحياتهم لإصابة هدف معادي ، هذا الإسراف في الاستخدام عزاه الخبراء لسوء التدريب ومشاكل أخرى تخص مصاعب التشغيل ، فكان على مشغلي هذه المنظومات إطلاق مقذوفاتهم تجاه أهداف "غير مستحقة" أو قبل تأكيد عملية التصويب والتهديف عليها .


اشتباك المروحيات الأول حدث بتاريخ 7 سبتمبر من العام 1980 ، عندما عبرت الحدود الإيرانية الجنوبية خمسة مروحيات عراقية من نوع Mi-24 لمهاجمة موقع حدودي إيراني ، قامت على أثر ذلك طائرات سلاح الجو الإيراني IRIAF بالاشتباك مع التشكيل العراقي ، ونجحت في إسقاط طائرة مروحية واحدة ، لتسجل هذه الحادثة أول اشتباك جوي engagements بين طائرات مقاتلة إيرانية ومروحيات هجومية عراقية ، وتبدأ بعدها الحرب بأيام . هذه الحرب التي امتدت على طول ثمانية سنوات (1980-1988) سجلت أيضاً ما يمكن اعتباره أول اشتباك جوي أو مبارزة بين المروحيات المضادة للدبابات في التاريخ العسكري ، كان ذلك في شهر نوفمبر 1980 قرب مدينة ديزفول Dezful . فبعد تسلل زوج من مروحيات Mi-24 العراقية ، تصدت لها مروحيات AH-1J Sea Cobras الإيرانية ، وحدث اشتباك جوي مذهل ، جرى بواسطة صواريخ TOW المضادة للدروع ، وأسفر عن تدمير مروحية عراقية ، وتضرر الأخرى نتيجة الإصابة ، ثم ما لبثت هذه أن سقطت هي الأخرى على مسافة 10 كلم من موقع الاشتباك ، وهبطت الطائرات الإيرانية في موقع التحطم لأسر الطيارين الذين نجوا من الموت . سجل المواجهة بين المروحيتين Mi-24 وSea Cobras تكرر بتاريخ 21 أبريل ليتكرر نفس المشهد قرب مدينة "بنجوين" Panjewin وتسقط مروحيتين عراقيتين بدون أي خسائر إيرانية .


في تاريخ 14 سبتمبر 1983 انتزع العراقيون المبادرة وأسقطوا بطائراتهم Mi-24 مروحية Sea Cobra قرب مدينة البصرة ، بعدها بتاريخ 5 فبراير من نفس السنة تم إسقاط ثلاثة مروحيات إيرانية أخرى من نفس النوع وبالمروحيات Mi-24 أيضاً . وفي 25 فبراير هاجمت مجموعة من المروحيات العراقية من جديد لتسقط ثلاثة مروحيات إيرانية .. الاشتباك الأخير حدث في 22 مايو بين مروحيتي Mi-24 ومروحيتي Sea Cobra ، واستطاعت المروحيات العراقية خلال هجومها ، إسقاط طائرة إيرانية واحدة وهروب الأخرى . وادعى العراقيون بعد نهاية الحرب أن مروحياتهم من طراز Mi-24 وGazelles أسقطت خلال مجمل سنوات الحرب عدد 53 مروحية إيرانية مختلفة ، بما في ذلك أنواع مثل Bell AB 204 وBell AB 212 بالإضافة لأعداد من Sea Cobra . الاشتباك الأبرز ، وربما الأغرب ، في تاريخ الحرب ، ما تحدث عنه العراقيون بتاريخ 27 أكتوبر من العام 1982 عن إسقاط طائرة مقاتلة إيرانية من نوع F-4D Phantom قرب منطقة "عين هوشة" Ain Hoshah ، بواسطة صاروخ مضادة للدروع من نوع Swatter At-2 أطلق من مروحية Mi-25 (مؤلف كتاب بولندي متخصص يؤكد أن عملية الإسقاط تمت بواسطة نيران المدفع الرشاش للمروحية) .


الخبراء الروس درسوا نتائج هذه الاشتباكات ، وتحدثوا عن أن النتائج ارتبطت بالدرجة الأولى بالموقف والظروف المحيطة بالاشتباك ، وكذلك بمهارة وخبرة الطاقم . فإذا كان طيارو Sea Cobra محظوظون بما فيه الكفاية لاكتشاف مروحيات Mi-24 أولاً ، فإنهم سيبادرون لاستخدام صواريخهم الموجهة TOW وإصابتها . أما إذا حدث العكس وكانت المبادرة للمروحية Mi-24 في الرصد وحدث الاشتباك مباشرة وجهاً لوجه ، فإن المروحية Sea Cobra ستواجه مشكلة في الهروب والتملص ، وعليها أن تناور بحدة maneuvering sharply لمنع طاقم Mi-24 من التصويب والتهديف عليها بدقة ، ولذلك حرص الخبراء الروس على نصيحة الطيارين العراقيين عند الاشتباك مع المروحيات الإيرانية الأكثر رشاقة ، ضرورة الارتقاء لارتفاع 1000 م ثم الغوص مرة أخرى نحو المروحية الإيرانية ومحاولة النيل منها من المؤخرة .

27‏/9‏/2012

منظومات الحماية النشيطة .

منظومــــــــــات الحمايــــــــــــــة النشيطــــــــــــة


يجزم العديد من المنظرين العسكريين ، أن دبابات المعركة الرئيسة ستحتاج في المستقبل المنظور إلى التأكيد على بعض التجهيزات القياسية لإتمام عملها بشكل آمن ، مثل كاشف للأشعة تحت الحمراء IR detector ، نظام تعريف بالهدف target identification ، مستقبل تحذير راداري radar warning receiver .. هذه التجهيزات وربما غيرها ، تلحق ضمن مفهوم "أنظمة الحماية النشيطة" APS ، حيث يمكن تقسيمها من حيث طبيعة الإجراءات المضادة Countermeasures وردود الأفعال إلى صنفين رئيسين : الأول يطلق عليه أنظمة "القتل الناعم" soft kill ، في حين يطلق على النوع الآخر أنظمة "القتل الصعب" hard kill . ومن خلال الاختلاف العملياتي بين كلا المفهومين ، فإنهما يشتركان في بعض النواحي التشغيلية ، منها (1) الكشف الدقيق وتتبع التهديد (2) تفعيل الإجراءات المضادة لهزيمة ودحر التهديد القادم (3) تسريع رد الفعل وإكماله خلال أجزاء أو ثوان معدودة ، عند مدى مواجهة قصير وفي جميع الأحوال الجوية (4) تخفيض الأخطار والأضرار الإضافية للحد الأدنى تجاه الأفراد والعربات القريبة .. وفي حين تعمل منظومات القتل الناعم على التشويش على القذائف المعادية ، بغرض حرفها عن مسارها باستخدام إجراءات تخفيض وإرباك الإشارات الكهرومغناطيسية ، بالإضافة لاستخدام وسائل الحجب والإخفاء والمشوشات وأخيراً الفخاخ الخداعية decoys دون العمل على تدمير أو إتلاف السلاح المهاجم ، فإن منظومات القتل الصعب في المقابل تعمل على الاشتباك واعتراض disrupts الصاروخ أو القذيفة القادمة لضرب الهدف المدرع قبل وصولها لمرحلة التماس المادي مع العربة حاملة النظام ، وتأكيد حالة الإتلاف أو التدمير لها .. إن عمل منظومات القتل الصعب يرتكز على تهيئة وتوفير مظلة واقية لحد معين ، على شكل منطقة نيران دفاعية نشيطة ، تؤمن مسافة أمنة safe distance حول العربة المستهدفة .


لقد أثبتت الصراعات والمعارك التي جرت في العقود الماضية وبما لا يجعل مجالاً للشك على أن صفائح التدريع مهما كانت جيدة وبمميزات استثنائية ، فإنه يمكن للعديد من مخاطر وتهديدات ساحة المعركة الحالية تجاوزها وإلحاق الضرر الهيكلي بها . لذا اعتمدت أنظمة الحماية النشيطة في أسلوب عملها على بعض الأدوات الكهرومغناطيسية لاكتشاف التهديد القادم ، ثم بعد ذلك التعامل معه إما بإطلاق بعض أنواع الذخيرة الاعتراضية بقصد إحباط ذلك الهجوم ، أو القيام بإجراءات تشويش وإرباك مضادة . هكذا برز الدور الأعظم والمهم لمجسات التحذير أو لأنظمة كشف التهديد detection systems لتجنب الإصابة والأضرار الناتجة . ففي هذه الحالة ، يلقى على عاتق هذه الأنظمة مهمة كشف القذائف المشغلة والمندفعة نحو أهدافها المقصودة ، مثل القذائف الصاروخية الموجهة وكذلك المقذوفات غير الموجهة . هذه الأنظمة يجب أن تميز وتفرق بين الأهداف الحقيقية وتلك الوهمية أو الخاطئة وبالتالي منع الإنذارات الزائفة . هم يجب أن يميزوا بين الصواريخ أو القذائف الأخرى التي تهدد العربة المحمية ، وتلك التي ستخطئها أو تصوب نحو أهداف أخرى قريبة (مثال على هذه الأنظمة ، مستقبلات التحذير الليزرية LWR التي تدمج عادة في عملها مع قاذفات قنابل الدخان) .. المشوشات تحت الحمراء Infrared jammers هي الأخرى أدوات طورت لمواجهة الصواريخ المضادة للدروع الموجه بصرياً أو SACLOS (القيادة نصف الآلية إلى خط البصر) . هذه المشوشات غير القابلة للاستهلاك تصدر إشارات في طيف الأشعة تحت الحمراء لإرباك نظام السيطرة على القذيفة في منصة الإطلاق وبالتالي إرسال إشارات مضللة وزائفة للصاروخ false signals لكي يخطئ هدفه . هذه المشوشات التي يمكن إلحاق عملها مع أنظمة التحذير الليزرية ، تستطيع العمل وفق نمطين ، الأول عندما تكون العربة في وضع تشويش مستقر وتبث في اتجاه ثابت ، نموذجياً على القوس الأمامي وبتوافق مع السلاح الرئيس . هذه الطريقة تستخدم متى ما عرف مصدر ووجهة قدوم التهديد . النمط الآخر عندما العربة في وضع الحركة ، حيث تبث المشوشات بينما هي تنفذ مسح أفقي ثابت ومستمر horizontal scan لكي تزيد إلى حد كبير من قطاع المنطقة المحمية . هذه الطريقة مستعملة في حالة توافر تهديد غير محدد المصدر .. استخدام آخر لليزر في الإجراءات المضادة أمكن بلوغه ، وذلك كأداة إعماء أو إبهار للبصر Lasers dazzle يوجه نحو مشغلي منظومة السلاح أو المجسات الكهروبصرية electro-optical للأسلحة المضادة للدبابات العدائية (اعتماداً على الشروط والظروف البيئية ، المدى الفعال لأنظمة الإعماء يمكن أن يبلغ تقريباً 5-10 كلم) . لعمل هذا ، وحدة إطلاق شعاع الليزر يجب أن تدمج مع كاشفات التحليل الزاوي العالي angular resolution وذلك لإنجاز وتحصيل دقة الإشارة الضرورية . متطلبات مستويات الطاقة في هذه الأنظمة يمكن أن تكون مخفضة نسبياً بحيث لا تلحق أضراراً دائمة ، مع ذلك هناك ليزرات أكثر قوة ، ومن المحتمل أن تتسبب في أضرار بعيدة الأثر للمنظومات الكهروبصرية ، وتعمي المشغلين ورماة القذيفة المعادية (العديد من هذه المنظومات تزود بفلاتر ومرشحات خاصة لتخفيض الأضرار البصرية) . بسبب هذا ، هناك اعتراضات سياسية قوية إلى أسلحة الطاقة الليزرية الموجهة laser-based directed energy ، للحد الذي استوجب صدور قرار أممي لمنع تصنيعها واستخدامها (اتفاقية لاهاي الفصل الرابع العام 1980) .


بداية منظومات الحماية النشيطة APS اقترح في الولايات المتحدة خلال الستينات ، عندما طورت إحدى أهم مؤسسات البحث العسكري المتخصصة Picatinny Arsenal في شمال نيوجيرسي ، طورت منظومة حماية نشيطة للدبابات تعتمد في عملها على رادار دوبلر Doppler radar لاكتشاف القذائف المقتربة ، وحساب سرعتها لتحديد اللحظة والفرصة الملائمة للإطباق عليها وتدميرها قبل أن تضرب هي هدفها . يستعمل هذا الرادار تأثير دوبلر doppler effect لقياس سرعة الأهداف التي تكشفها التغطية الاتجاهية للهوائي ، حيث يرسل رادار دوبلر موجة مستمرة بتردد ثابت ، ويستخدم الهوائي نفسه في كل من عمليتي الإرسال والاستقبال . وعندما تصطدم الموجة المرسلة بهدف مقترب من الرادار ، فإن الموجات تنعكس عند تردد أعلى من التردد المرسل . وعندما يكون الهدف مبتعداً عن هوائي الرادار ، فإن الموجة المرتدة reflection تصبح ذات تردد أقل ، وكلما كان الهدف أسرع في أي من الاتجاهين كان الفرق أكبر بين تردد الموجة المرسلة وتردد الموجة المنعكسة . وبقياس الفرق في التردد ، يحدد رادار دوبلر سرعة الهدف قيد التتبع . الفكرة كانت قائمة على إطلاق شحنة متشظية fragments باتجاه مسار المقذوف لتحطيمه أو حرفة عن مساره على أقل تقدير ، قبل أن تبلغ رأسه الحربية ذات الشحنة المشكلة جسم الهدف . الرادار كان القاعدة المقترحة كثيراً لاكتشاف القذائف المهاجمة ، وتم تثبيت إحدى هذه الأنظمة بالفعل خلال العام 1960 على دبابة M60 بقصد الاختبار . على أية حال ، هناك أضرار لاستخدام الرادار في منظومات الحماية النشيطة للدبابات ، أحدها صعوبة اكتشاف القذائف تجاه خلفية من الضوضاء وتداخل الإشارات التي تتولد متى ما الرادار كان مستخدم بالقرب من مستوى سطح الأرض . أنظمة رادار بطبيعتها هي أيضاً نشيطة active ، مما يعني سهولة كشف العربات التي تحملها من قبل العدو . بديل اكتشاف آخر للقذائف جرى اختباره في إسرائيل بداية العام 1980 ، اعتمد على أنظمة كهروبصرية electro-optical ، حيث أن لهذه الأنظمة ميزة الكشف السلبي passive ، لذلك هي ليست عرضة للرصد أو لهجوم المقذوفات الباحثة عن الإشارات الكهرومغناطيسية ، بالإضافة إلى أنها أقل تكلفة من منظومات الكشف الرادارية . هي تعتمد في كشفها للقذائف المضادة على الإشارات الحرارية والبصرية للعوادم الساخنة والمضيئة لمحركات هذه المقذوفات . لذا يعاب على هذا النوع من التجهيزات عدم قدرته على رصد المقذوفات حرة الطيران التي تقترب من أهدافها ، مثل الذخيرة الفرعية حرة السقوط submunitions أو قذائف الهاون . هذه الأسباب وغيرها دعت المعنيين للعودة لمنظومات الكشف الرادارية ، خصوصاً مع اشتمال العديد منها على معالج دقيق microprocessor لتحليل الإشارات الواردة عن منظومة رصد وتعقب الهدف ومن ثم تحديد الإجراءات المضادة المناسبة للتفاعل ، بما في ذلك تحديد أين ومتى يتم اعتراض الهدف .


أما أول نظام للحماية النشيطة APS دخل الخدمة العملياتية ، فقد كان السوفييتي "دروز" Drozd ، الذي طور خلال عامي 1977-1982 ودخل الخدمة في العام 1983 على دبابات T-55 التابعة لمشاة البحرية السوفيتية . صمم هذا النظام (يدخل ضمن مفهوم أنظمة القتل الصعب) للعمل كبديل للدرع السلبي أو التفاعلي ، للدفاع ومواجهة أسلحة العدو المضادة للدبابات . هو معد لتوفير الحماية تجاه القذائف الكتفيه والصواريخ الموجهة المضادة للدروع ، حيث استخدم دروز مجسات رادارية ذات موجة مليمتريه millimeter wave radar (من النوع بدائي التصميم والقدرات) على كل من جانبي البرج لاكتشاف المقذوفات القادمة ، بالإضافة إلى وحدة كهربائية مساعدة حدد مكانها إلى الخلف من البرج . رادار الرصد أشتمل على مرشح معالج Processor لتحديد طبيعة الأخطار ، وتوجيه النظام نحو الأخطار الحقيقية فقط المقتربة بسرعة تتراوح بين 70-700 م/ث . استخدام النظام عدد 8 مقذوفات من عيار 107 ملم ، عدد 4 على كل من جانبي البرج لاعتراض الصواريخ المعادية . واشتملت هذه على رؤوس حربية متشظية مع صمامات تحفيز تقاربيه (نمط التشظية كان من النوع المخروطي cone-shaped) . عانى هذا النظام من عدة عيوب ونواقص ، إذا بدا أن راداره كان غير قادر على تقرير مستويات التهديد threat levels بشكل كافي ، ومقذوفات النظام للدفاع عن النفس تسببت في مستويات عالية بشكل غير مقبول تقريباً من الأضرار العرضية والجانبية collateral damage ، خصوصاً إلى المشاة المرافقين والمترجلين . النظام كان غالي الكلفة جداً على ما يقال أيضاً ، وأن تكاليفه كانت تتجاوز قيمة الدبابة الحاملة نفسها . مع ذلك ، ورغم الملاحظات العديدة التي سجلت على المنظومة دروز إلا أن السوفييت يدعون أنها استطاعت تسجيل نسبة نجاح في أفغانستان بلغت 80% ، وتم بالفعل تصنيع عدد 250 وحدة من النظام لصالح الدبابات التابعة للبحرية السوفييتية T-55 .


دبابة منظمة حلف شمال الأطلسي الأولى التي دمجت نظام حماية للقتل الناعم كانت الفرنسية AMX-56 Leclerc ، التي دخلت الخدمة مع الجيش الفرنسي في العام 1992 ، ثم بعد ذلك بسنتين في الإمارات العربية المتحدة . لقد جهزت الدبابة لوكليرك بالنظام القاذف Galix ، الذي طور من قبل شركتي Giat وLacroix Tous Artifices. هذا النظام يحتوي على عدد تسعة سبطانات إطلاق لمقذوفات من عيار 80 ملم تمت ملاءمتها إلى جانبي سقف البرج . ومن أجل مواجهة الطيف الأكبر من مخاطر ساحة المعركة ، طورت لهذا النظام ذخيرة خاصة ، عبارة عن قذائف حجب وستر دخانية screening smoke grenades ، بالإضافة إلى أفخاخ عاملة بالأشعة تحت الحمراء infrared decoys ، قادرة على مواجهة مخاطر متعددة الأطياف ، مثل التعين الليزري أو بالأشعة تحت الحمراء أو البصري . ويمكن لقذيفة الحجب والإخفاء أن تصبح الفحص نافذة المفعول في أقل من ثانيتين فقط ، وتزود حماية لأكثر من 30 ثانية في شروط الرياح البالغ سرعتها أربعة أمتار في الثانية . يمكن لهذه المنظومة أيضاً أن تطلق قنابل الدخان التقليدية أيضاً ، أو الغاز المسيل للدموع tear gas ، أو المضادة للأفراد وكذلك قذائف الإنارة illumination rounds . مع ذلك جزئية ضعف ونقيصة لوحظت في ترتيب النظام ، وتتعلق هذه بعدم تزويد الدبابة لوكليرك بنظام كشف شعاع الليزر laser detection لتحفيز عمل الإجراءات المضادة .

23‏/9‏/2012

دبابة المعركة الرئيسة .. قابليات الحركة .

دبابـة المعركـــة الرئيســـة .. قابليـــات الحركـــة


لو أجرينا تقييماً للحركة والسرعة على نفس الأرض بين دبابة M4 Sherman وهي من دبابات الحرب العالمية الثانية ودبابة حديثة من طراز M1 Abrams ، لوجدنا أن الأخيرة أكثر سرعة وأرجح في المناورة وأفضل من ناحية التعجيل والتسارع acceleration ، على الرغم من أنها أثقل وزناً وأكبر حجما (من ناحية الطول والعرض) . فمنذ ما يقارب 20 عاماً مضت ،  أدرجت مواصفات الحركة mobility بقائمة متنوعة حسب الأهمية ، وتناولت هذه القائمة (1) الوزن الكلي (2) القدرة القصوى للمحرك (3) أقصى سرعة على الطريق (4) وأبعاد الموانع والعقبات الممكن عبورها . وخلال السنوات الأولى من تاريخها خصصت الدبابة لمرافقة المشاة ، وهذا يعني أن فكرة "السرعة" speed كانت أمراً ثانوياً ، حيث جرى البحث آنذاك عن عربة لا توقفها الموانع العمودية vertical obstacles (الطبيعية منها والصناعية) ، وكان الجنزير أفضل وسيلة لمعالجة هذه المشكلة . مع ذلك ، الأستخدام اللاحق للدبابة أظهر أنه يمكن للتضاريس المتعرجة والأرض الوعرة أن تحدد وتقيد سرعة هذا السلاح عملياً من خلال الإجهاد المنصب على منظومة التعليق suspension والطاقم crew . لذا ، إنجاز كبير في هذه الجزئية أمكن تحقيقه أثناء الحرب العالمية الثانية عندما طورت أنظمة تعليق محسنة ، سمحت بالأداء المحسن والعبور خلال التضاريس الوعرة مع قابلية نسبية لاطلاق النار عند الحركة . أنظمة تعليق مبكرة مثل "كرستي" Christie (نسبة لمصممها المهندس الأمريكي والتر كرستي ، حيث سمحت هذه الأنظمة للدبابات الخفيفة بالسير بشكل أسرع في المناطق الوعرة مقارنة من نظام النوابض الصفيحية التقليدي . النظام قدم أولاً على العربة غير المجنزة التي صممها بنفسه M1928 ، وإستخدم بعد ذلك على كل تصاميمه حتى موته في العام 1944) ، أو أنظمة لاحقة مثل التعليق بعمود أو قضيب الالتواء torsion-bar التي طورت من قبل "فيردناند بوشي" Ferdinand Porsche وحسنت أداء الدبابة على التنقل عبر التضاريس الوعرة بشكل مثير ، وقابلية الحركة بشكل عام . إن جداراً عمودياً ارتفاعه متراً واحداً ، وحفرة عمقها ثلاثة أمتار ، ومنحدراً مستوى ميل 60 درجة ، وأرضاً موحلة أو رملية ، لا يمكنها أن توقف تقدم دبابة معركة الرئيسة .


خلال الحرب العالمية الثانية ظهر مصطلح الدبابات البرمائية Amphibious tanks ، وهي عربات جيدة التسليح والتدريع مصممة خصيصاً أو مكيفة لعمليات عبور المجاري المائية . هذا النوع من الدبابات نادر الوجود الآن في الجيوشِ الحديثة ، إذ استبدل المفهوم بالعربات الهجومية أو ناقلات الجنود المدرعة البرمائية المصنعة حسب الطلب . في الوقت الحالي فأن عمق العبور المثالي لدبابة المعركة الرئيسة يبلغ تقريباً متر واحد ، وهذا ما يحدده ارتفاع فوهة منفذ الهواء للمحرك air intake وموقع السائق . مع ذلك دبابات أخرى الحديثة أمثال الأمريكية Abrams والألمانية Leopard II والروسية T-90 تمتلك القدرة على عبور مجاري المياه والأنهار الضحلة حتى عمق 4-5 م وذلك بمعداتها الخاصة (هذه الدبابات تستخدم أنبوب للتنفس تحت الماء يطلق عليه snorkel لتوفير الهواء للمحرك والطاقم) وهذا يقلل بطبيعة الحال وبصورة ملموسة من الموانع والحواجز obstacles التي يصعب عبورها . إن أطقم الدبابات عادة ما يكون لديهم رد فعل أو تفاعل سلبي تجاه عبور المجاري العميقة ، لكن هذا الاجراء في الواقع يضيف فرصة كبيرة لعنصر المفاجأة والمرونة التكتيكية tactical flexibility خلال عمليات عبور المياه ، وذلك بإنشاء وتأسيس طرق جديدة وغير متوقعة من مواضع الهجوم .


دبابات المعركة الحالية تمتلك قابلية حركة عالية جداً وهي قادرة على عبور معظم التضاريس الأرضية بسبب منظومة الجنازير الحلقية المتصلة وأنظمة التعليق المتقدمة . تعمل الجنازير tracks على تفريق وتشتيت وزن العربة على منطقة كبيرة ، مما يؤدي إلى تخفيض الضغط على الأرض . وحالياً يمكن لأي دبابة حديثة أن تسير بسرعة تقريباً 40 كلم/س عبر تضاريس مستوية ومنبسطة flat terrain وبحدود 70 كلم/س على الطرق المعبدة . وهنا يتوجب الأخذ بنظر الاعتبار قضايا تسليم وتوصيل الوقود وكذلك صيانة الدبابة ، فالقيادة بالسرعات القصوى ولمسافات طويلة يمكن أن تتسبب مع الزمن في الاجهاد والأعطال الميكانيكية mechanical failure لكل من أنظمة نقل الحركة والمحرك وكذلك منظومة الجنازير . لذلك يرجح على الدوام توافر ناقلات الدبابات ذات العجلات ، وخطوط السكك الحديدية لنقل الدبابات لمسافات البعيدة . في الحقيقة فكرة السرعة لم تأخذ أهميتها حتى الحرب العالمية الثانية ، نتيجة إستراتجية "الحرب الخاطفة" Blitzkrieg التي انتهجتها القوات الألمانية ابتداء لإخضاع خصومها ، واعتمدت بشكل رئيس على قدرة القوات المدرعة على المناورة manoeuvre والمراوغة لتحقيق أهدافها . وتدرجت السرعة من ذلك الوقتإلى نحو 50-60 كلم/س كحد أقصى لدبابات حقبة الخمسينات ، حتى وصلت إلى أكثر من 70 كلم/س بالنسبة للدبابات الحديثة في عصرنا الحالي (أغلب عمليات الحرب الخاطفة التي أنجزت على طرق فرنسا تحديداً أجريت بسرعة خطوات المشاة ، أو نحو 5 كلم/س) . إن السرعة أو الخفة هي واحدة من أهم مواصفات الدبابة المعركة الحديثة رغم ثقل وزنها الذي يتجاوز 60-70 طناً . فهي تستطيع زيادة السرعة وتغيير الاتجاه والوقوف ، مما يساعدها على عبور مسافة 200 م في زمن يصل إلى 15 ثانية فقط ، وهذا يمثل كسباً يزيد بنسبة 20% قياساً بالجيل السابق . وعندما نعلم أن سياق الاشتباك مع دبابة أخرى معادية (الوقت اللازم للتحول والهجوم ابتداء من مرحلة الكشف وحتى إطلاق النار) يكون في حدود 12 ثانية ، فإنه يمكننا أن نستنتج أن خفة الحركة والرشاقة Tank agility هي أسلوب فعال من أساليب الوقاية العديدة لدبابة المعركة الرئيسة . مع ذلك فمن المفيد التوضيح أن العديد من التراكيب والهياكل الإنشائية مثل الجسور والكباري ليس لديها القدرة أو قابلية الحمل load capacity لدعم دبابة المعركة الرئيسة . وعند التقدم السريع في مراحل المعركة ، فإنه من الصعب في أغلب الأحيان اختبار ملكيات وقوة بناء هذه التراكيب . خلال احتلال العراق العام 2003 ، دبابة M1 Abrams كانت تحاول عبور أحد الجسور لتجنب النيران المعادية ، سقطت في نهر الفرات عندما انهار الجسر فجأة .


دبابات اليوم مجهزة عادة بمحركات بقوة 1,200-1,500 حصان (سعة المحرك هنا أكثر من 25,000 سم/مكعب) ، مع مدى تشغيلي لنحو 500 كلم . وتحققت الكثير من التطورات الأخرى نتيجة التحسينات التي أدخلت على المحركات ، كاستخدام التوربينات الغازية gas-turbine أو استخدام تقنيات فرط التغذية العالية لمحركات الديزل . إن المحرك التوربيني الغازي يعطي للمصمم فرصاً أكثر قياساً بالمحرك المكبسي التقليدي ، والدبابة الأمريكية M1 التي تستخدم محركاً توربيناً غازياً من طراز Avro ، يولد قوة حصانيه مقدارها 1500 حصان ، هي أول دبابة في الخدمة تستخدم محركاً توربينياً بالكامل للقوة . ويدور جدول مستمر بين مؤيد ومعارضي المركبات التي تعمل محركاتها بالديزل diesel engines ، وبين تلك التي تعمل بالتوربينات الغازية gas turbines . فالأولى يمكن الاعتماد عليها وهي اقتصادية ، إلا أنها ثقيلة وضخمة الحجم ، في حين أن الأخيرة صغيرة الحجم ، وتعطي نسبة عالية من القوة قياساً بالوزن ، كما أنها تحتوى على أجزاء متحركة أقل وهي أيضاً اقتصادية نسبياً عندما تعمل بكامل قوتها . إلا أنها عندما تعمل من وضع السكون ، فإن استهلاكها للوقود يكون مرتفعاً جداً وتكون شرهة للوقود fuel-hungry ، والدبابات تمضي أوقات طويلة وهي ساكنة ، يضاف إلى ذلك ارتفاع كلف بناء مثل هذه المحركات ، كما أنه في حالة الدبابة M1 Abrams فقد ظهرت مشاكل جدية تتعلق بترشيح الهواء ومدى الاعتماد على المحرك . وبما أن القوة المضافة لكل وحدة وزن per unit weight لمحرك الديزل التقليدي يمكن أن تنتج عنها قوة هائلة (تصل هذه القوة في الدبابة الألمانية Leopard 2 على سبيل المثال 1500 حصان) لذا يبدو من المحتمل أن أغلب مصممي الدبابات سوف يستمرون في اختيار محركات الديزل لدباباتهم ، بشرط أن تنتج نسباً مرضية من القوة قياساً بالوزن ، وتبلغ هذه الآن أكثر من 25 حصان بريطاني للطن الواحد .


لقد تأثرت الحركة أيضا بتصميم الدبابة العام ، فالحماية الجبهوية الضرورية والمدفع المركز سطحياً ، نتج عنه تمركز الثقل في مقدمة الدبابة ، في حين أن مركز الثقل يجب أن يقع في الوسط كلما أمكن ذلك . أن مثل هذه الوضعية قد تؤثر على قيادة الدبابة ، كما قد تعرض مقدمة الدبابة لخطر الاصطدام بالأرض أثناء الحركة . لقد تم تجاوز هذا الأمر بسحب مركز دوران المدافع في بدن الدبابة ووضع بكرة إرجاع الجنزير إلى الإمام أكثر باتجاه المقدمة ، التي بدورها قدمت ودفعت نقطة اتصال الجنازير باتجاه مقدمة الدبابة أكثر .. حركية الدبابة أيضا تتأثر بتصميم الجنازير tracks ونظام التعليق suspension . فالجنازير العريضة تعطي ضغوطاًً أرضية منخفضة ، وبالتالي تعطي أداء جيد على الأراضي الرملية والموحلة (دبابة المعركة الرئيسة يمكن أن تصبح مشلولة ومعرقلة في الظروف الموحلة muddy conditions) وأغلب دبابات المعركة الرئيسة محددة بضغط أرضي يبلغ ما بين 0,8 كلغم إلى 1 كلغم/سم2 . إن تصميم الجنازير هو أيضاً مهم ومؤثر من ناحية تقليل عامل الاستهلاك والإتلاف للطرق المعبدة ، وقد ظهرت لتلافي ذلك جنازير حديثة مكسوة بالمطاط ذات وسائد ناعمة الحركة يمكن تجديدها . ويبدو حالياً عدم وجود مجال كبير للقيام بتحسينات إضافية . وتحمل وحدات الدبابات كميات إضافية من فقرات (حلقات) الجنازير إلى ساحة المعركة ، تلافياً لما يستهلك أو يتلف منها .

21‏/9‏/2012

الدبابات الروسية وقابلية النجاة كما يراها أصحابها .

الدبابــات الروسيــة وقابليــة النجــاة كمــا يراهــا أصحابهــا


نعرض لأول مرة وجهة النظر الروسية فيما يخص أداء دباباتهم الميدانية الرئيسة ، فالروس كأقرانهم الأمريكان ، لديهم تجربة مريرة فيما يخص عرباتهم المدرعة وكفاحها خلال الحرب الشيشانية الأولى 1994-1996 ، معها أعاد الروس تقييم تكتيكاتهم القتالية ضمن كافة الصنوف ، وقبلها مراجعة مستويات الحماية والبقائية في تصاميم دباباتهم من الحقبة الشيوعية (يومها وضعت إحدى كبرى صحفهم مانشيت بالخط العريض على صدر الصفحة الأولى يقول : الهياكل المشوهة والممزقة للديناصورات الفولاذية steel dinosaurs على شوارع غروزني كانت أكثر بلاغة من أي حجج وتبريرات) . القيادة العسكرية الروسية شكلت آنذاك فريق تفتيش رسمي مختص لمعاينة العربات المدرعة الروسية المتضررة والمحطمة التي شاركت في معركة غروزني Grozny ، مع صلاحيات كاملة . بموجب ذلك ، سمح لكل من "سيرجي ليبوف" Sergei Lebov و"يوري ميدفيد" Yuri Medved القيام بزيارة قصيرة إلى مركز تطوير الدروع الروسي في "كوبينكا" Kubinka . التقرير الذي كانوا يعدونه أصبح واحداً من الأولويات القصوى في الجيش الروسي وقياداته . لقد كان بإمكان المفتشين بالإضافة إلى العدد الكبير من العربات المدرعة الخفيفة المدمرة ، فحص عدد 23 دبابة معركة رئيسة من طراز T-72B وعدد 10 دبابات من طراز T-80BV .مستوى الأضرار في هذه الدبابات كان متفاوت لحد كبير ، ففي حين أن بعضها تعرض لأعطال وتلف طفيف وسطحي من قبل المقاتلين الانفصاليين الشيشان ، فإن حجم الأضرار كان في الحقيقة هائل وشديد جداً بالنسبة لدبابات أخرى . في حالة واحدة مميزة ، دبابتين من نوع T-72A روسية دمرت أثناء المعركة حول قصر الرئاسة في غروزني ، بدت مثل النصب التذكاري الغريب بالنظر إلى أبراجهم المفصولة disembodied turrets المرتبة بعناية على الشارع بجانب هياكلهم المحطمة . ليبوف وميدفيد كان لديهم مهمة جمع بيانات سبب تطاير وانفصال أبراج هذه الدبابات . في الحقيقة هذا النوع من العمل لم يكن جديداً إلى المفتشين الروس ، فقد رأوا دماراً مماثلاً على ساحات معركة عاصفة الصحراء Desert Storm وفي يوغسلافيا السابقة ، لكن كان عليهم هذه المرة البحث بشكل أكثر شمولية عن أسباب افتراق البرج عن الهيكل . إيقاد واشتعال الذخيرة المخزنة في الداخل onboard ammunition بعد اختراق دروع الدبابة الرئيسة ، يسبب انفجاراً عنيفاً بما فيه الكفاية لنسف برج الدبابة المنكوبة عالياً في الهواء وبعيداً عن الهيكل (هذا ما تحدث عنه الغرب دوماً) . لكن ليبوف وميدفيد عرفا أن المشكلة جزئياً لم تكن في تصميم الدبابات نفسها ، فمنذ بدايات الحرب المدرعة ، الدبابات كانت تدخل المعركة بالذخيرة وهي مخزنة في المواضع المفتوحة غير المحمية ضمن مقصورات قتالها fighting compartments ، لذا كان لزاماً البحث في أسباب أخرى لهذه النتائج المأساوية .


قاعدة كوبينكا العسكرية التي توجه نحوها الفريق (تحول إلى متحف وصالة عرض بعد ذلك) ، والواقعة على مسافة 60 كلم خارج موسكو ، كانت فيما مضى مركزاً سرياً جداً لتطوير العربات المدرعة وموقعاً للاختبار . وفي نفس هذا المكان وفي شهر فبراير من العام 1995 ، عقد الجنرال "بافل غراشيف" Pavel Grachev (حصل في العام 1988 على وسام بطل الاتحاد السوفيتي الذهبي ، وهو وزير الدفاع الروسي السابق للفترة 1992-1996) ، مؤتمره الخاص الذي تحدث خلاله عن أداء الدروع الروسية في معركة غروزني . تعليقاته ربما كان لها تأثير كبير ومهم على قابليات تطوير العربات المدرعة والدبابات الروسية ، في الوقت الذي ساهمت فيه هذه التعليقات في تقليل الغرب لقدرات الدبابات الروسية الحالية والمستقبلية بشكل مثير . النقاط الرئيسة التي ركز عليها الجنرال الروسي تمحورت حول الأداء السيئ poor performance والرديء للعربات الروسية المدرعة وكما أشير إليه بشكل عام أثناء القتال في الشيشان . طبقاً للجنرال غراشيف ، نشر الجيش الروسي 2,221 عربة مدرعة أثناء بدء العمليات في الشيشان بتاريخ 14 ديسمبر 1994 . من ذلك المجموع ، كان هناك خسارة كلية وغير قابلة للاسترجاع irretrievable لنحو 225-250 عربة مدرعة مختلفة ، منها 62 دبابة معركة رئيسة من الأنواع T-72B وT-80B وT-80BV. وتحدث غراشيف يومها وأعرب عن استياءه الشديد من أداء القوات المدرعة الروسية بشكل عام ، ومن الدبابة T-80 بشكل خاص . طبقاً لبعض المصادر الغربية ، فإن دبابة T-80 التي كانت آلة القتال الرئيسة للجيش الروسي ، والتي لطالما أقلقت وأفزعت رؤساء وزارة الدفاع الأمريكية في العقد الأخير من الحرب الباردة ، ظهرت "ككومة خردة" junk heap على ساحات معركة الشيشان . يومها تحدث الجنرال غراشيف بشكل واضح ، وحدد ثلاثة مواضع رئيسة كعيوب منطقية للدبابة T-80 : حماية التدريع غير الكافية ، شراهة المحرك التوربيني الغازي للوقود ، ومصاعب تعامل الملقم الآلي مع خراطيش الذخيرة نصف القابلة للاحتراق .


الجنرال "أليكساندر غالكين" Aleksandr Galkin ، رئيس مديرية الدروع التابعة لوزارة الدفاع الروسية تحدث في مقابلة نشرت في صحيفة "النجم الأحمر" Red Star بتاريخ 25 مارس 1995 ، وأضاف بعض التعليقات المثيرة المتعلقة بالدبابة T-80 ، والنتائج العرضية التي تحققت خلال القتال في الشيشان . فذكر أولاً في رده على الملاحظات الحرجة التي نشرت وتتعلق بمنظومة التلقيم الآلي في الدبابات الروسية "القذائف في الدبابات الغربية توضع منفصلة عن الطاقم ، وهذا يحمل فائدة وميزة نفسية psychological advantage ، لكن في حالة حدوث ضربة مباشرة وقوية ، مخزون الذخيرة ما زال عرضة للانفجار والطاقم في وضع الخطر" . مع ذلك ، الجنرال غالكين اعترف على أية حال "إذا نفاث شحنة مشكلة ضرب جانب الدبابة T-80 الضعيف واخترقه ، فإنه يمكن أن يصيب أحد أجزاء مخزن الذخيرة على أرضية البرج ، وهذا مع حدث فعلاً عندما أصيب مقذوف صاروخي موجه من نوع Cobra (يخزن مثله مثل القذائف القياسية الأخرى في صينية التلقيم) وتسبب ذلك في حدوث انفجار عنيف لكامل حمولة الذخيرة" . طبقاً الجنرال غالكين ، هذه المشكلة كشفت أثناء العمليات القتالية ، وستؤخذ مستقبلاً بنظر اعتبار المصممين الروس ..


يرى المنظرين الروس أن المصادر والكتابات الغربية في أغلب الأحيان تتحدث عن حساسية دبابات الروسية للإطلاق والاختراق ، ويقولون أنه حتى مع اشتعال نيران صغيرة في مقصورة الدبابة ، فإن ذلك يمكن أن يتسبب في انفجار عنيف للذخيرة المخزنة في الداخل ammunition detonation ، ومن ثم فصل وطيران البرج عن الهيكل . وعندما ننظر بمزيد من الموضوعية objectively لهذا الرأي فإننا نجد أن أي مركبة سواء كانت أرضية أو جوية هي حساسة بطبعها للنيران الداخلية ، وليس الأمر مقتصر فقط على الدبابات . وقضية انفجار مخزن الذخيرة في الدبابات الروسية نتيجة النيران المعادية ، هي عملية متوقع حدوثها حتى مع الدبابات الغربية الأحدث مثل الأمريكية M1 Abrams ، وإن كان الخبراء الغربيين يتشدقون بالحديث عن صعوبة انفصال البرج عن الهيكل ، فإننا نتحدث في المقابل عن نتيجة حتمية نهائية تتمثل في تدمير الدبابة ومقتل الطاقم عادة (على الرغم من أن حالات افتراق برج الأبرامز عن الهيكل مثبته وأبلغ عنها أيضاً خلال حرب العراق 2003) . مع ذلك ، سجلت بعض الدروع الروسية خلال حملة الشيشان ، حدوث حالات حريق نتيجة عمل معادي وأمكن للدبابة النجاة وتجاوز الخطر . ومن ذلك ما حدث في شهر يناير العام 1995 عندما إحدى الدبابات تعرضت لإطلاق نار في غروزني من قبل سلاح RPG-7 وقذيفة من نوع PG-7VL (المقذوف القياسي ذو الشحنة المشكلة) ، عندما ضربت القذيفة الجانب الأيمن غير المحمي بحاجز الوقاية الذي تمزق خلال المعارك السابقة ، فثقب نفاث الشحنة المشكلة دروع الدبابة مباشرة . قناني الإطفاء كالعادة لم تكن مشحونة ، وبدأت الدبابة في الاشتعال . بأمر من قائد الدبابة ، عمل أفراد الطاقم على إخلاء العربة ، في حين استمر المحرك واصل في الدوران . قائد الدبابة عمل على إنقاذ السائق وإخراجه من الدبابة في الوقت الذي كانت فيه النيران قد أخمدت يدوياً . الذخيرة الداخلية وجدت وهي ساخنة بفعل حرارة النار المشتعلة وكانت متشحة بالسواد .. رغم ذلك لم يحدث شيء !! بالطبع ، لو كانت اسطوانات مكافحة الحريق extinguishing cylinders التي استخدمت على ما يبدو في عمل سابق جاهزة للعمل ، لكن بالإمكان السيطرة بشكل أسرع على الحريق .. مرة أخرى والعمليات العسكرية في أوج ضراوتها ، يظهر الدعم التقني والإسناد اللوجستي للقيادة العسكرية الروسية في أسوأ ظروفه .
  

بعد ضمان تزويد معظم الدبابات الروسية المشاركة بالعمليات بقراميد الدروع التفاعلية المتفجرة ERA ، والتوجيه الصحيح لأطقم الدبابات لاستخدام عرباتهم بشكل منسق مع باقي الوحدات ، تحدث القادة الروس عن انخفاض معدل الخسائر وبدأ تناقصها . في ربيع العام 1996 خلال تحرير قرية "غوسكايا" Goiskaya ، التي دافع عنها العشرات من المقاتلين الشيشان المسلحين بأنظمة متنوعة مضادة للدروع ، قامت سرية آلية روسية مجهزة بدبابات من طراز T-72B مع غطاء من القراميد التفاعلية بعملية الهجوم . الدبابات هاجمت مع أفراد المشاة مواضع المقاتلين من مسافة 1,200 م تقريباً ، المقاومون المتحصنون حاول الرد بنيران الصواريخ المضادة للدروع من طراز 9M111 Fagot ، حيث تولى المسلحون إطلاق ما مجموعه 14 صاروخ (الصاروخ Fagot دخل الخدمة 1970 ويمتلك مدى أقصى لنحو 2000 م ، ورأسه الحربية المفردة قادرة على اختراق نحو 400 ملم من التدريع الفولاذي المتجانس) . قذيفتان أخفقتا في إصابة إحدى الدبابات بعد مناورة سريعة وبشكل ماهر قام بها سائق الدبابة (القذيفتان استهدفت نفس الدبابة) . ضربت القذائف الأخرى بعض الدبابات المشاركة في العمليات ، وانتهت إحداها بعدد أربع قذائف !! على أية حال ، بعد هذه الضربات ، استطاع طاقم الدبابة الاستمرار ومواصلة أداء مهامهم القتالية fighting ability بعد تصدي الدروع التفاعلية للهجوم . الضربات أسفرت عن تلفيات وأضرار بالغة للرشاشة السقفية المضادة للطائرات ، ومنظار القائد البصري TKN-3B ، وأداة مراقبة المدفعي .

19‏/9‏/2012

البطانة المانعة للشظايا .

                   البطانـــــــة المانعـــــــة للشظايـــــــا


يولي المصممون اهتماماً خاصاً في تعزيز محطة الدفاع الأخيرة في التدريع الطبقي المركب والوجه الداخلي لصفيحة التدريع الأخيرة ، حيث تبدو الحاجة ضرورية لتعزيز دور البطانة المانعة للشظايا spall liner ، وتأكيد آليتها في إيقاف وصد arrest أو على الأقل إبطاء وتسكين mitigate الشظايا عالية السرعة النافذة عن محطة الحماية الرئيسة للدروع والتركيب الخزفي لمقصورة العربة . فالمواد المركبة أمثال ألياف الزجاج بصيغه المختلفة S-glass ، E-glass ، وكذلك أنسجة الألياف المدعمة مثل الكيفلار ، الكربون ، البولستر .. تتألف في معظمها من ألياف تعزيز fibers مترابطة ومصفوفة ، حيث تتمتع هذه المواد النموذجية جميعاً بمواطن قوة محددة وعالية نسبياً مقارنة بالمعادن . وفي الحقيقة يلقى على عاتق البطانة مانعة الشظايا القيام بمهمتين رئيستين ، عندما يبلغ أداء الاختراق حدوده الباليستية ، فإن مبطن التشظية يجب أن يمنع دخول شظايا المقذوف أو أجزاء وكسور مادة درع داخل مقصورة العربة ، ثانياً عندما أداء اختراق المقذوف يتجاوز الدرع ، مبطن التشظية يجب أن يخفض مخروط التشظية splinter cone بشكل ملحوظ ، مما يعني تحسين قابلية بقاء ونجاة الطاقم وتحقيق الحد الأدنى من الأضرار داخل مقصورة الطاقم .


لقد سجلت إحصائيات الإصابات الباليستية لعموم الحروب المتأخرة ، بضمن ذلك الحرب العالمية الثانية ، كوريا ، فيتنام ، فوكلاند ، الحروب العربية الإسرائيلية ، نحو 59% من الجروح كانت نتيجة أجزاء الشظايا المتطايرة ، فقط 19% بسبب طلقات الرصاص ، و22% رجعت لأسباب أخرى ، مثل الإصابات الناجمة عن الإنفجارات الثانوية والحطام الطائر ودمار المباني . وللتوضيح نقول أن قضية التجزؤ والتشظي تنشأ بالدرجة الأولى من مادة الهدف ، وهذه الحالة متوقع حدوثها نتيجة الفشل الديناميكي للسطح المعدني الداخلي بعد إرسال موجة اهتزاز shock waves خلال كتلة الهدف (مصطلح الفشل الديناميكي Dynamic Failure للمواد يناقش ضغوط التحميل ونسب الإجهاد العالية وتأثيرها على الفشل المادي والهيكلي للمادة) . لذا نجد وعلى نحو مميز ، أعداد كبيرة من الأجزاء والشظايا المتآكلة الصغيرة ، ذات الأوزان المليغرامية تتحرك بسرعات لنحو 1000 م/ث (نسبة كبيرة من هذه الأجزاء ستكون ذات كتل بتأثير مهمل جداً negligible effect ، لذا ستكون بمفعول معتدل نسبياً ، في المقابل فإن مقدار غير محدد سيمتلك طاقة حركية هامة وقاتلة للركاب البشريين) ، وكذلك لدينا السرعة المتبقية لمادة المقذوف التي تتسبب بشظايا أكبر حجما ، ويتراوح وزن هذه بين غرامات إلى عشرات الغرامات ، تتحرك بسرعة بضعة مئات الأمتار في الثانية الواحدة .الأجزاء يمكن أن تميز من خلال نمط تشكيلهم ، فهم يمكن أن يدعوا باسم التجزؤ الحلقي ring fragmentation أو يدعوا بالتآكل erosion . تشمل أجزاء التآكل مادة الهدف المثقوبة وكذلك أجزاء المقذوف ذاته . أما التجزؤ والتشظي الحلقي فينشأ من مادة الهدف وسطحه الداخلي ، حيث يتوقع حدوثه خلال عملية الفشل الديناميكي بعد إرسال موجات الاهتزاز ، تنتج عنها موجة شد tensile wave خلال كتلة الهدف .


إن أكثر المركبات الصناعية الليفية شهرة في الاستخدام للتطبيقات الباليستية يطلق عليها "الأراميد" Aramid من عائلة النايلون ، وهي ألياف صناعية مقاومة للحرارة (هم مستعملون أيضاً في التطبيقات الفضائية كبديل عن الأسبستوس asbestos) . ولمزيد من الدقة ، هي عبارة عن ألياف فيها السلاسل الجزيئية متوجه بدرجة عالية على طول محور الليف ، وبالتالي تزداد إمكانية نشوء الروابط الكيميائية بين السلاسل الجزيئية . ألياف الأراميد طورت أثناء الستينات وقدمت أولاً بشكل تجاري من قبل شركة DuPont في السبعينات تحت الاسم التجاري "كيفلار" Kevlar ، حيث يستخدم هذا المنتج كبطانة تشظيه داخلية لحماية أطقم الدبابات وعربات القتال المدرعة .

17‏/9‏/2012

الألغام الأرضية .. وسائل ضد المعالجة والرفع .

الألغام الأرضية .. وسائل ضد المعالجة والرفع


يعتبر استخدام وسائل ضد التعامل والمعالجة Anti-handling devices ، الأسلوب الأكثر شيوعاً لزيادة حساسية الألغام المضادة للدبابات . هي وسيلة أو أداة مصممة لإعاقة ومنع الخصم من العبث tampering باللغم أو محاولة تعطيله أو رفعه أو نقله . فهذه الوسيلة مصممة لتفجير اللغم عند تحريكه من مكانه ، وهي في الحقيقة وسيلة فعالة لمنع تطهير حقول الألغام (البعض يضعها في خانة مصائد المغفلين booby-trap) . بعض الألغام تأتي مع هذه الإضافات كمكمل لتصميمها ، والبعض الآخر يأتي كإضافة مرتجله ، ولهذا السبب يوصى دائماً عند التعامل مع الألغام الأرضية بوجوب اتخاذ إجراءات وقائية إضافية ، أو تدميرها في موقعها بدل محاولة إبطال مفعولها . في الحقيقة ليس كل الألغام لديها أداة ضد المعالجة والرفع لاءمت أو وافقت تركيبها ، إذ تشير التقارير المعنية أنه ربما واحد من كل عشرة ألغام مضادة للدبابات في حقل ألغام دفاعي كبير سيكون لديها مثل هذا التجهيز ، مشدود إلى صمامها الثانوي . مع ذلك ، يجب على طاقم أعمال التطهير والإزالة clearance process إدراك أن الألغام المضادة للدبابات عادة ما تنشر أو تطرح بالتزامن مع أنواع أخرى مختلفة من الألغام المضادة للأفراد ذات المحتوى الأدنى من الأجزاء المعدنية ، مثل VS-50 أو TS-50 ، وبعضها يمكن له التجهز بميزات ضد المعالجة أيضاً .أحد أبرز الألغام في هذا المجال هو اللغم الأمريكي M15 ، فهذا اللغم الذي يزن 14.27 كلغم وقطره 337 ملم ، يشتمل على آلية ضغط تقع في منتصف جسم اللغم المعدني ، وتوجد تجاويف على حاوية اللغم لوضع صمامات مانعه للرفع والمعالجة anti-handling ، أحدها على الجانب والآخر على قاع اللغم ، والتي بدورها تشعل الشحنة الرئيسة التي تزن 10.3 كلغم من المتفجرات عند محاولة تحريك اللغم . إن الأصناف المختلفة لأدوات ضد المعالجة تستحدث عادة للاستخدام مع تشكيلة من الصمامات .


قائمة أنواع الصمامات المستعملة كأدوات ضد معالجة يمكن أن تشمل :

· صمامات السحب والشد Pull fuzes : هذه تركب نموذجياً في حجيرات الصمام الثانوية المحددة في مكان على جانب أو قاع اللغم الأرضي . إن الصمام يوصل عادة إلى سلك رقيق thin wire مربوط بالأرض ، لذلك السلك سينسحب تلقائياً إذا اللغم مرفوع ، أو حاول أحدهم نقله أو إزعاجه بأية وسيلة . صمامات السحب البسيطة تتسبب عند جذبها في تحرير نابض الطارق spring striker ومن ثم تحفيز اللغم على الانفجار . نسخ إلكترونية أكثر تطوراً من صمامات السحب تم تطويرها ، هذه تمتلك ميزة مجس "سلك قطع" break wire الذي يكتشف هبوط في الفولطية . وبأي طريقة كانت ، جذب السلك المخفي سيتسبب في انفجار اللغم .
· صمامات ضد رفع والنقل Anti-lifting fuzes : هذه تشد وتثبت بعناية إلى جيب الصمام المساعد ، الذي يحدد مكانه عادة في أسفل قاع الألغام الأرضية المضادة للدبابات . أي إجراء سلوكي حيال رفع أو تحريك اللغم سوف يتسبب في تحرير الطارق المنتصب ، ومن ثم تفجير اللغم . من أشهر أدوات الإطلاق وتحرير الألغام التي طورت خلال الحرب العالمية الثانية واستمر استخدامها لعدة سنوات بعد الحرب ، الأمريكي M5 ، الذي يعتبر مثال كلاسيكي لصمامات ضد الرفع (يستخدم بشكل قياسي مسمار لولبي مثبت بسلك) .
· مفاتيح الإمالة/الاهتزاز Tilt/Vibration switches: هذه عبارة عن صمام مركب ومشدود داخل الأداة التي تتسبب في تفجير اللغم إذا ما تمت إمالة المجس لما بعد زاوية معينة certain angle أو خضع اللغم لأي اهتزاز . نموذجياً ، هو على شاكلة أو نمط من ترتيب البندول ، حيث يمكن استخدام نابض تحميل "رعاش" trembler تعمل ذبذباته على قطع الدائرة الكهربائية ، أو مفتاح زئبق (مفتاح الزئبق mercury switch المعروف كذلك بمفتاح ميل الزئبق هو أداة الغرض منها السماح بقطع تدفق التيار الكهربائي في دائرة كهربائية ، بالاعتماد على الموقع أو الاصطفاف الطبيعي للمفتاح ، نسبة إلى اتجاه سحب جاذبية الأرض ، أو القصور الذاتي) لاكتشاف الإمالة وتحفيز مفجر اللغم .
· صمامات ضد أجهزة كشف الألغام Anti-mine detector fuzes : هذه طورت أثناء الحرب العالمية الثانية لاكتشاف الحقل المغناطيسي magnetic field للكاشفات (كاشفات الألغام التي تعمل بالطاقة الكهربائية تتحصل على مجال أو حقل مغناطيسي يحيط بها نتيجة انتقال ومرور التيار الكهربائي electric current خلال أسلاكها الداخلية) .
· الصمامات إلكترونية : الصمامات الإلكترونية الحديثة يمكن أن تتضمن وتدمج ميزات ضد معالجة . نموذجياً ، هذه الصمامات يمكن أن تتألف من واحد أو أكثر من المجسات التالية : مغناطيسي seismic أو زلزالي magnetic ، أو حساس للحرارة أو الصوت thermal/acoustic . مثل هذه الصمامات يمكن تمييزها بين الأنواع المختلفة لعمليات تطهير الألغام ، وبمعنى آخر هي يمكن أن تقاوم التنشيط أو التحفيز activation بالأدوات المختلفة مثل العربات الدقاقة mine flails (أداة مصعدة على مقدمة عربة تشتمل على جنازير في أطرافها كرات معدنية ، تعمل على ضرب الأرض بضعة مرات في الثانية الواحدة بهدف تفجير الألغام الأرضية أمام العربة التي تحملها وجعل الطريق آمن خلال حقل الألغام) ، أو المحاريث ، أو المتفجرات ، في ذات الوقت الذي تكون قابله للانفجار متى ما عولجت من قبل أفراد إزالة الألغام المتخصصين .


إضافة إلى ما ذكر ، هناك صمامات إلكترونية لها قابلية التدمير الذاتي self-destruct . وبمعنى آخر هي مصممة مع نوع من عداد التوقيت التنازلي لتسبب في انفجار اللغم بعد ساعات ، أو أيام أو حتى بعد شهور من طرحها فوق أو أسفل التربة ، ومن المحتمل أن تنفجر هذه مع محاولة تحويلها لوضع السلامة بتحريك المفتاح المختص . وعلى الرغم من أن الصمامات بخاصية التدمير الذاتي ليست أدوات ضد المعالجة بحد ذاتها ، إلا أنهم يضيفون عامل تعقيد وإرباك إضافي إلى عمليات التطهير والإزالة .


دليل الجيش الأمريكي للألغام FM 20-32 ، يصنف بضعة أشكال من أدوات ضد المعالجة :

· أداة ضد الرفع : Anti-lifting devices وتعمل هذه على تحفيز اللغم وتفجيره عند محاولة رفعه أو سحبه خارج الحفرة التي هو بداخلها .
· أداة ضد القلق أو الاضطراب : Anti-disturbance device وتعمل هذه على تحفيز اللغم وتفجيره عند محاولة تحريكه أو محاولة إمالته ، كما في اللغم VS-50 الذي يحتوي على قضيب زئبقي مدمج .
· أداة ضد التعطيل : Anti-defusing device وتعمل هذه على تحفيز اللغم وتفجيره عند محاولة إزالة ورفع صمام اللغم المحمي .
. أداة ضد النزع والتجريد : Anti-disarming device وتعمل هذه على تحفيز اللغم وتفجيره عند محاولة وضع وتحويل آلية تسليح اللغم إلى الوضع الآمن .

15‏/9‏/2012

الرؤوس الحربية الترادفية (الثنائية) .

الـــرؤوس الحربيـــة الترادفيـــة (الثنائيـــــة)


مع تطوير التقنيات المتقدمة وتطبيقها في حماية دبابات المعركة الرئيسة MBT ، فإن قدرات حماية دروع الدبابة الرئيسة زيدت وتضاعفت كثيراً .. وكان لظهور الدروع المركبة والمباعدة في العقود السابقة ، أن خفض بشكل ملحوظ من قابليات وعمق اختراق أسلحة الطاقة الحركية والكيميائية تحديداً . هذه القابليات الوقائية تم مضاعفتها عملياً مع تطوير عناصر الدروع التفاعلية المتفجرة ERA التي يرجع الفضل في تطويرها للدكتور النرويجي "مانفريد هيلد" Manfred Held ، الذي سجل براءة اختراعه في ألمانيا العام 1970 ، وظهر ابتكاره أولاً على الدبابات الإسرائيلية في لبنان العام 1982 ، ثم بعد ذلك وبنفس المبدأ ظهرت هذه القراميد على الدبابات السوفييتية من الفئة T-80/64 . يشتمل عنصر أو قرميد الدروع التفاعلية المتفجرة في بناءه العام على صفيحتين معدنيتين ، حصرت بينها طبقة متفجرات منخفضة الحساسية . وتوضع هذه القراميد على طبقة التصفيح الرئيسة للعربات المدرعة ، وبدرجة ميلان للزاوية المتوقعة لهجوم نفاث الشحنة الجوفاء hollow charge . وعندما يضرب الرأس الحربي الصفيحة الخارجية ، فإن الموجات الصدمية shockwaves والضغوط المرتفعة لسيل النفاث تؤدي لتفجير طبقة المتفجرات ، لتبدأ معها الصفيحتين المعدنيتين بالطيران والحركة بشكل عرضي وباتجاهين متعاكسين .


في الوقت الحاضر ، القابلية الوقائية لعناصر الدروع التفاعلية المتفجرة ERA ، سوية مع الدروع المركبة compound armor الحديثة ، تستطيع توفير نحو 1300-1400 ملم من السماكة المكافئة للتدريع المتجانس ، ويمكن لهذه أن تزيد في المستقبل القريب . في المقابل فإن قدرة الرؤوس الحربية ذات الشحنات المشكلة المفردة ، لا تستطيع في أحيان كثيرة تجاوز ذلك المستوى من ثخانة التدريع ، لذا كان من الضروري البحث عن بدائل ناجحة . أحدها ارتبط بالشحنات المشكلة متعددة المراحل ، حيث صممت أجيال الصواريخ الغربية الموجهة المضادة للدروع أمثال TOW2A وMILAN2 وHOT2 ، وكذلك العديد من المنظومات الروسية الأخرى المشابهة ، بحيث تكون مزودة برؤوس حربية ثنائية ومترادفة tandem warhead ، تستخدم لتحفيز وتفجير طبقة قراميد الدروع التفاعلية المتفجرة الواقية لدروع دبابة المعركة ، وبذا تبقى الشحنة الرئيسة اللاحقة فعالة لاختراق دروع الهدف المقساة . فنتيجة لضغوط الكونغرس الأمريكي وقلق منظمة حلف شمال الأطلسي من حقيقة فاعلية مقذوفاتهم الموجهة المضادة للدروع أحادية الرؤوس ، تجاه الدبابات السوفيتية الأحدث التي جهزت في بداية عقد الثمانينات بقراميد التدريع التفاعلي المتفجر ، فقد جرى العمل على مشاريع صواريخ مضاد للدروع تستخدم رؤوس حربية ثنائية الشحنات ، حيث اختبر المصممون في بداية أعمال التطوير عدة أنواع من أنماط الرؤوس الحربية ، وباستخدام تراكيب مختلفة لبطانات الشحنات المشكلة ، مثل نصف الكروي semi-spherical والمخروطي conical . كما تم اختبار أنواع مختلفة من المتفجرات ، مثل hexogen وhexoflen وoctoflen والمتفجرات البلاستيكية منخفضة الحساسية ، واختبر المصممون مواد أغطية مختلفة للرؤوس الحربية ، لاختيار الرأس الحربي الابتدائي المثالي للشحنة الترادفية . فقد كان لظهور وتطور الدروع التفاعلية المتفجرة الحديثة ، التي أصبحت تغطي العديد من دبابات المعركة الرئيسة ، كالروسية T-72 و T-80 و T-90 ، بل وحتى الأمريكية M1A2 TUSK والبريطانية Challenger 2 ، التي باتت تستخدمها ضمن نسخة مخصصة حرب المدن والتضاريس الحضرية ، أن بدا من المفيد اللجوء لخيار الرؤوس الحربية متعددة الشحنة .


تتوافر الشحنات الترادفية في الصواريخ المضادة للدروع وفق نمطي توضيب ، أحدهما مع محور انفجار أفقي والآخر مع محور انفجار عمودي . في النوع الأول يتم تثبت شحنتين مشكلتين في نفس الرأس الحربي للقذيفة خلف بعضهما البعض ، بتأخير زمني مؤكد ومع مسافة عازلة تفصل بينهما . الشحنة الابتدائية المتفجرة الأولى مثبته في مقدمة هيكل الرأس الحربي ، أو في مسبار أو مجس طويل probe ، مثبت على مقدمة الرأس الحربي للقذيفة (يبلغ طوله في الصاروخ TOW2A على سبيل المثال 226 ملم ، مع قطر 40 ملم وشحنة متفجرة زنتها نحو 250 غرام) يتولى تدمير العنصر التفاعلي المتفجر وإزاحته عن الطريق ، في حين أن نفاث الشحنة المشكلة الرئيسة اللاحق يعمل على اختراق الدرع المكشوف (يتهيأ الطريق أمام الشحنة الرئيسة للتقدم والانفجار في نفس الموقع الذي هاجمت منه الشحنة الابتدائية ، بحيث يمر نفاث الشحنة الرئيسة من نفس الطريق ومن ثم اختراق دروع الهدف) . كلتا هذه الشحنات المتفجرة تثبت على الأغلب قريبة من بعضها البعض بسبب القيود المتعلقة بجزئية السعة والفراغ في قسم الرأس الحربي للنظام . ويبدو من الضروري مع هذا التصميم العمل على حماية الشحنة الثانية من تأثيرات انفجار الشحنة الأولى ، أثناء الفاصل الزمني بين تلقين الشحنتين . فقد يحمل انفجار الشحنة المشكلة الأولى بعض التأثيرات الضارة blast effects على الشحنة الرئيسة ، بحيث ينتقص ويؤثر في النهاية على أداء نظام الرأس الحربي ككل . لقد أظهرت الاختبارات الحديثة أن هذه الرؤوس الحربية التي تستخدم مرحلتين من مراحل الانفجار ، يمكن أن تزيد عملياً من عمق الاختراق لنحو 10-15% في الدروع الفولاذية المتجانسة ، والثقب الشعاعي لنفاث الشحنة سينمو ويتطور بوضوح . كما أنها فعالة إلى حد ما في التعامل مع بعض أنماط الدروع القفصية cage armor التي تصمم لحماية العربات المدرعة والدبابات وتشكيل حاجز محيطي حولها . كما بينت الاختبارات أن هذا النوع من الرؤوس رغم فاعليته تجاه الدروع التفاعلية المتفجرة ، إلا أنه لا يمتلك نفس درجة الفاعلية تجاه الدروع التفاعلية غير المتفجرة non-explosive reactive armor ، التي لا يوجد فيها بطانة داخلية متفجرة ، تتفاعل بالشكل المطلوب مع الشحنة المتفجرة الابتدائية .


زمن التأخير delay time المطلوب بين انفجار الشحنتين يقدر بنحو 50-300 جزء على الألف من الثانية . إن عملية توقيت وتأخير زمن الانفجاريين هذه مهمة جداً لعدة أسباب ، أولها لمنع الشحنة الثانية الرئيسة من التحفز والانفجار قبل إتمام عملية تدمير التدريع التفاعلي بواسطة الشحنة الابتدائية وإزاحته من موقعه . الفاصل التأخيري مهم أيضاً لمنع موجة نفاث الشحنة الرئيسة من اللحاق وإدراك كتلة ذيل نفاث الشحنة الابتدائية ، التي تتحرك عند سرعة 2000 م/ث أو دون ذلك بقليل . وفي الحقيقة يعتمد زمن تحديد التأخير الفعلي على سماكة صفائح التدريع المؤلفة للتدريع التفاعلي ، كما يعتمد على زاوية سقوط المقذوف على الهدف (زمن تأخير مفرط وزائد عن الحد يمكن أن يتطلب زيادة في مسافة المباعدة stand-off range للشحنة المتفجرة الرئيسة ، وتخفيض في سرعة القذيفة ، كما وقد يؤدي التبكير المفرط لزيادة التفاعل بين الشحنتين) .. من ضمن الترتيبات الأخرى التي اختبرت وأثبتت أهميتها ، وضع حاجز وقاية بين الشحنتين الرئيسة والابتدائية . الحاجز مصمم بسماكة منخفضة نسبياً حتى لا يؤثر على تكون نفاث ومسافة المباعدة الفضلى للشحنة الرئيسة . بعض التصاميم ألحقت ثقوب تهوية وتنفيس vent للغازات الناتجة عن انفجار الشحنة الابتدائية ، فتصريف الغازات يجب أن يكون سريع وفعال ، حتى يجعل مستويات الضغط على حاجز الحماية في مستواه الأدنى .


النمط الآخر للشحنات ثنائية الرؤوس يقوم على أساس محور الانفجار العمودي ، حيث تثبت شحنتين مشكلتين بجانب بعضهما البعض ، وكما هو الحال مع الصاروخ السويدي BILL 2 والأمريكي TOW2B . حيث يتم تحفيز هذه الشحنات المشكلة الثنائية عن طريق صمام تقاربي proximity fuse من مسافة مباعدة مثالية ، وإشعالها لضرب الهدف بسرعة عالية جداً ، لتخترق كتلة معدنية ذات طاقة حركية عالية بعد ذلك المنطقة الضعيفة لسقف البرج (نحو 50% من طاقة الرأس الحربي يتم تحريرها delivered داخل الدبابة المصابة) . في هذا النوع من الرؤوس الحربية تقوم شحنة ابتدائية مشكلة انفجارياً كما في الأمريكي الأمريكي TOW2B بتدمير مسبق لصفيحة التدريع التفاعلية المتفجرة ERA في حال وجودها ، في حين تتولى الشحنة التالية الرئيسة اختراق الدروع الأساسية للبرج وفق نفس المبدأ (نحن هنا نتحدث عن شحنتين من النوع EFP) . وتستطيع مجسات الصاروخ تمييز برج الدبابة أو مركز الهدف وتحديد الموقع الأفضل لإشعال وإطلاق الرأس الحربي .. لقد أثبتت التجارب الميدانية في مراحل التطوير الأولى لهذا النمط الهجومي ، أن أحد أفضل الأشكال القادرة على تحفيز المادة المتفجرة في الدروع التفاعلية ومن ثم إتاحة الطريق أمام الشحنة الرئيسة لإختراق الدروع ، هي القذيفة المشكلة انفجارياً EFP ، حيث أن الموجات الصدمية المولدة بهذه الشحنة كفيلة بتحفيز وإشعال متفجرات قراميد الدروع التفاعلية (يقترح المصممون تجاوز كتلة الشحنة المتفجرة سرعة 2000 م/ث لتحقيق عملية تحفيز مثالية للدروع التفاعلية وتفجيرها) . وتزود الشحنة EFP عادة ببطانة معدنية بزاوية منفرجة لنحو 140-170 درجة ، وبمتوسط سماكه للبطانة المعدنية تبلغ 1-2% من قطر الشحنة . ومما يعاب وينتقص من قدرات هذه النمط في ترتيب الشحنات الثنائية الرؤوس ، هو محدودية فاعلية الرأس الحربي تجاه الأهداف التي تتطلب الهجوم المباشر وليس الرأسي ، فوضع الشحنات المشكلة الثنائية بوضع عمودي سوف يساهم بشكل مؤكد في جعل محور الانفجار بعيداً عن مركز الهدف .


مع منظومات الصواريخ الموجهة المضادة للدروع ATGM من الجيل الثالث الأحدث ، واجه المصممين معضلة أمكن تفاديها نسبياً ، وتتعلق هذه بنمط توضيب وتكديس الشحنات الترادفية . فمن المعروف أن العديد من هذه الأنظمة تستخدم مجسات توجيه homing seekers نشيطة أو سلبية لقيادة الصاروخ إلى هدفه . هذا الباحث يجب أن يسكن بالضرورة في أنف الصاروخ ، الذي هو عادة ذات الموقع المحجوز للرأس الحربية بشحنتها المشكلة في قذائف الجيل الأول والثاني . بسبب موقع الباحث هذا ، الرأس الحربي المزدوج يمكن أن يكون في أحسن الأحوال يوضع مباشرة خلف الباحث . لذلك ، نفاثي الشحنتين المشكلتين يحتاجانِ لدحر وتجاوز عقبات الباحث أولاً قَبل أن يضربوا كتلة الهدف . هذا يؤدي إلى فقدان مؤكد certain loss لنسبة محددة من طاقة النفاث قبل هزيمة صفيحة الدرع التفاعلي . هذه الخسارة من الطاقة يمكن أن تتزايد وتتضاعف أكثر في بعض الحالات ، خصوصاً مع تواجد وتسكين أنظمة الصاروخ الفرعية الأخرى ، مثل لوحة معالج الإشارات ، التي قد يحدد مكانها بين الرأس الحربي والباحث (لذا يتوجب على المصمم التأكيد على اعتبارات التخطيط والتنظيم المحسن optimised layout لأنظمة الصاروخ الفرعية) . هكذا ، ولقطر معطى ومعلوم من الرأس الحربي ، فإن الاختراق الفعلي المنجز في الهدف من قبل الرأس الحربي مزدوج الشحنة في الشروط الثابتة absolute terms ، يمكن أن يكون مقلل ومخفض في بعض الحالات بالمقارنة إلى رأس حربي مع شحنة مشكلة واقع في أنف الصاروخ ، وكما هو الحال في منظومات الجيل السابق الصاروخية المضادة للدروع . على أية حال ، مقذوفات الجيل السابق لم تكن لديها القابلية الأساسية على تحقيق الهجوم السقفي top-attack capability ، تحديداً عند إطلاقها من منصات أرضية ، لذا مقدار الدروع الذي كان عليهم هزيمتها وإزاحتها في هجوم على المقدمة الجبهوية/الأجنحة الجانبية للدبابة في أغلب الأحيان يتطلب طاقة أكبر بالمقارنة إلى قمة الدبابة التي يمكن أن مشاغلتها engaged وهزيمتها بسبب قابلية الهجوم السقفية لصواريخ الجيل الثالث المضادة للدروع . لذلك ، فإن قابلية اختراق الرؤوس الحربية لصواريخ الجيل الثالث المضادة للدبابات نسبة إلى سماكة الدروع المتطلب دحرها وهزيمتها في قمة الدبابة ، هي في الحقيقة أعلى إلى حد كبير ، وأكثر قدرة من تلك من الرؤوس المماثلة الخاصة بصواريخ الجيل الثاني السابقة (النسبة تكون هنا عند مقارنة اختراقهم penetration إلى سماكة الدروع التي سيدحرونها في جبهة/جوانب الدبابة) ، وهذا ما يبرر حقيقة من ضمن أمور أخرى أسباب ارتفاع كلفهم .

13‏/9‏/2012

فيزياء عمل الشحنات المشكلة .

فيزيـــاء عمـــل الشحنــــات المشكلــــة


إن فيزياء عمل الشحنات المشكلة shaped charge معقدة جداً وحتى اليوم لم تفهم تماماً ، فقد أظهر العمل المبكر على هذه الشحنات ، تأثرها بالتراكيب البديلة ، بضمن ذلك تعديل زاوية المبطن أو تغيير سماكته ، فهذه يمكن أن تؤدي لتحصيل كتلة نفاث أسرع وأطول . جهود البحث والتطوير لمضاعفة قابليات الاختراق أخضعت بشكل كبير لاختبارات النجاح والفشل . وتبقى المشكلة الأبرز التي يواجهها هذا النوع من الشحنات ، والتي تتعلق باستقرار وتوازن القذيفة بواسطة دورانها حول محورها ، فهذا الدوران يسبب عملية طرد مركزي Centrifugal Force وتشتيت لسيل النفاث ، وبالتالي يزيد من قطره وبعثرته ، مما يقلل معه من قوة وفاعلية تركيزه (أظهرت الاختبارات الميدانية أن رؤوس الشحنات المشكلة عند إخضاعها للدوران المتسارع تحدث ثقوب بقطر أكبر لكن مع قابلية اختراق أقل لنحو 50%) . لهذا السبب يحرص مصممي المقذوفات والصواريخ المضادة للدروع على جعل عملية الموازنة أثناء الطيران تتم بواسطة زعانف خارجية صغيرة ، تضمن أقصى استقرار ممكن للمقذوف أثناء طيرانه .


الشحنة المشكلة في تركيبها البسيط تتضمن جسم أسطواني من الفولاذ أو الألمنيوم أو غيره ، مملوء بمادة شديدة الانفجار ، ويكون الجزء الأمامي للاسطوانة على شكل هندسي متناسق ، مثل تجويف مخروطي conical cavity أو نصف كروي hemispherical ، أو بيضوي ellipse أو هرمي pyramid أو مخروط ثنائي الزوايا dual angle cone ، أو أي شكل آخر مقوس مجهز ببطانة معدنية مثبته بإحكام خلال حيطان التجويف (عادة ما تكون هذه من النحاس أو أي معدن آخر) . ويتم وضع صاعق تفجير في مؤخرة الاسطوانة ، وعند تحفيز وإشعال المادة المتفجرة ، فإن جميع الطاقة الكيميائية المخزنة في المادة المتفجرة تتحول إلى موجة كروية خارجية متكاثرة وضغوط مرتفعة جداً ، تندفع على طول محور التناظر لتغمر بطانة التجويف (نموذجياً تتطلب موجة الإنفجار فقط 6 مايكرو/ثانية للوصول إلى قمة المبطن) . وتقود هذه الموجة نحو تحطيم وسحق البطانة المعدنية الداخلية في التجويف وعصرها لتبدو كمائدة سائلة لزجة viscid fluid (رغم إنها ليست كذلك) بتأثير ضغوط الغازات المتمددة ، ولحد أقل بتأثير درجة حرارة المتفجر . ولتوضيح هذه الجزئية تحديداً نقول أن النفاث في حقيقته يكون في حالة صلبة كما أظهرت صور الأشعة السينية X-ray وليس سائلة كما كان يعتقد من قبل . كما أن ألوان التوهج الحراري التي عرضتها الاختبارات ، افترضت قيمة متوسطة لحرارة سطح النفاث عند 400-500 درجة مئوية (مع بعض البقع الساخنة الموضعية) في حين أن النحاس يذوب عند حرارة 1083 درجة مئوية ، لذلك الثقب الناتج عن النفاث عالي السرعة في كتلة الدروع ليس له علاقة في الحقيقة بقضية الإنصهار أو الذوبان . هذه النتيجة تم الوصول لها باستخدام تقنيات أجهزة قياس الإشعاع تحت الأحمر ثنائي الألوان two-color infrared radiometry .


أثناء هذه العملية وخلال أجزاء من المليون من الثانية ، مادة المبطن تواجه حالة تشويه عنيف جداً تعرف باسم "الإنهيار" collapsing مع نسب إجهاد مرتفعة جدا . بعد مرحلة الانهيار بنحو 9 مايكرو/ثانية ، تبلغ مادة البطانة نقطة الخضوع yield point ، بحيث تبدأ مادتها تحت تأثير الإجهاد والضغط المتنامي بالتشوه لدائنياً لتشكيل النفاث والاندفاع نحو محورها المركزي . هذه العملية أو الظاهرة التي تدعى "التدفق الهايدروديناميكي" hydrodynamic flow (في الفيزياء ، ديناميكا الموائع هو العلم الذي يهتم بالملكيات الميكانيكية للسوائل ، مثل سرعة تدفقها ومدى لزوجتها وغير ذلك من المفاهيم المرتبطة) تؤدي لتشكيل وتكوين نفاث بصيغة محددة ، يتقدمه رأس النفاث jet tip الذي يتحرك بسرعة عالية جداً على طول محور المواجه لقاعدة المخروط ، حيث تكون أغلب المادة النفاثة ناشئه عن الطبقة الأعمق للمبطن ، أو نحو 15-20% من سماكته . ويؤدي التدفق اللدن الناتج إلى حدوث توسع وتمدد شعاعي radial expansion في مادة الهدف حول محور النفاث ، بحيث يثقب جسم الهدف ويعمل على توسعة الثغرة الناتجة (في الفيزياء ، حركة التدفق اللدن تحدث في المواد تحت الضغط المفرط والشديد ، حيث تتدفق المادة كهيئة لزجة جداً ولا ترجع إلى شكلها الأصلي بعد زوال الضغط) . في النهاية ، يتوقف النفاث اللدائني وينقطع بعد أن يحدث تجويف عميق بهيئة مخددة أو محززة furrowed cavity . هذا الناتج في الواقع يمثل أغلب طاقة النفاث المحولة والمنقولة إلى كتلة الهدف ، مع ملاحظة أن أي تزايد في حالة عدم الإستقرار للنفاث أو أنجرافه ستؤدي بالنتيجة إلى إختراق خارج المحور ، مما يعني قابلية إختراق محدودة .. وبسبب الاختلاف والتفاوت في سرعة انهيار البطانة على طول مادتها ، وهذه ناشئة عن تلقي واستقبال بعض أجزاء طبقة البطانة ضغوط انفجار أكبر من الأجزاء الأخرى ، فإن تشكيل النفاث الناتج سيكون له سرع متفاوتة على طول قطاعه . ونتيجة لوجود هذا التدرج الإنحداري في السرعة ، فإن النفاث سيتمدد ويستطيل stretch حتى يتمزق إلى عمود من الجزيئات . هذا التفتت لسيل النفاث أو التجزؤ هو من يتسبب في هدر وخسارة عمق الإختراق . فعندما يتجزء سيل النفاث ، فإن جزيئاته الفردية لن تصطف وتترتب بشكل مثالي وسوف تقوم عادة بالإصطدام في الحائط الجانبي للحفرة المشكلة مسبقاً ، ولن تتصرف هذه بالنتيجة لزيادة عمق الإختراق penetration depth . هكذا ، مجموع الطول الكلي للنفاث لن يساهم فعلياً في عملية الإختراق ، وجزيئات النفاث الخلفية أبداً لا تصل إلى قاع الحفرة . لهذا السبب ، فإن من المفيد عند تصميم الشحنات المشكلة مراعاة بقاء النفاث الناتج مستمراً ومتماسكاً طالما كان ذلك ممكناً وذلك بزيادة فاعلية مسافة المباعدة standoff performance (مسافة المباعدة هي المسافة بين قاعدة بطانة الشحنة المشكلة وسطح الهدف المستهدف) .


إن كتلة النفاث الرئيسة عند تشكلها تتحلل إلى جزءان منفصلان ، هما العنق ورأس النفاث . ولكي نفهم تشكيل هذه الأجزاء ، فمن الضروري بحث ودراسة العلاقة بين نسبة كتلة مادة البطانة إلى كتلة المادة المتفجرة ، أو بمعنى آخر نسبة المعدن لشحنة التفجير metal-to-charge ratio ، التي تأخذ الرمز M/C . حيث يشير الحرف C لكتلة المادة المتفجرة لكل وحدة طول من القذيفة ، والحرف M يشير لكتلة المعدن لكل وحدة طول من القذيفة . هذه النسبة عامل رئيس في تقرير السرعات المرتبطة بالنفاث ، حيث يفترض لتقرير نسبة M/C ، تناول وأخذ مواضيع هندسة المتفجرات explosive geometry وكذلك خواص المعادن بنظر الدراسة والاعتبار .. على سبيل المثال ، عند ملأ سبطانة معدنية بمادة متفجرة ، فإن الكتلة الكلية للمعدن المستخدم الذي يحتوي المادة المتفجرة سوف تقَارن وتضاهى بكتلة المادة المتفجرة . حيث سيلاحظ أن أي مقطعين من السبطانة لديهما نفس الطول سيمتلكان نفس كمية المعدن وكتلة الشحنة المتفجرة . وفي حال جرى تقسيم أو تنصيف halved أحد تلك المقاطع ، فإن كتلة المعدن وكتلة المادة المتفجرة ستكونان كلاهما منصفة أيضاً . لهذا السبب ، فإن نسبة M/C تكون مستقلة في الطول لكل مقطع .. إن هندسة المتفجرات والمعادن في الشحنة المشكلة shaped charge تكون مطبقة في المخروط المجوف المحاط بالمادة المتفجرة ، والذي يتم تغليفه من قبل الاسطوانة الحافظة . فعلى خلاف السبطانة المملوءة بالمادة المتفجرة سابقة الذكر ، فإن نسبة M/C لهذه الهندسة تعتمد على طول المقطع المقسم . هذا ينتج من حقيقة أن نسبة M/C تزداد من قمة طرف المبطن إلى قاعدته ، ولهذا السبب المبطن والمادة المتفجرة المحيطة به مقسمة ومفرقه إلى مقاطع أو أجزاء ، ونسبة M/C محددة ومحسوبة لكل مقطع . بشكل عام ، مع نسبة M/C أصغر وأقل ، فإننا نتحصل على سرعة نهائية أكبر وأعلى للعنصر الذي سيتولد وينتج . إن نسبة M/C للمبطن الداخلي المعدني ستكون أقل عند قمة رأس المخروط وتزداد صوب قاعدته . لذلك ، هو يظهر بأن المادة في قمة المبطن تنجز السرعة الأقصى maximum velocity للنفاث .. وفي حين أظهرت الاختبارات أن رأس النفاث قادر على بلوغ سرعة 7-10 كلم/ث أو أكثر في الهواء (نحو ثلاثون مرة ضعف سرعة الصوت) ، فإن عنق النفاث الذي يمثل أغلبية طول النفاث الملاحظ (منتج عن جزء المبطن بين نقطة الرأس وقاعدة المخروط) يتحرك بسرعة أكثر انخفاضا تبلغ نحو 2-3 كلم/ث ، بينما تتحرك الكتلة المعدنية اللاحقة slug بالسرعة الأكثر انخفاضاً ، أو نحو 0.5-2 كلم/ث ، حاملة معها نحو 80-85% من كتلة البطانة المعدنية . إن تحقيق السرعات المتطلبة والمرجوة يعتمد بشكل عام على نوع الشحنة المتفجرة المستخدمة وأسلوب حجزها ، المواد المستخدمة ، ونمط تلقين أو إيقاد الشحنة المتفجرة .


لقد أثبتت الاختبارات أيضاً أن رأس النفاث jet tip يستطيع بلوغ سرعته القصوى خلال نحو 40 مايكرو/ثانية فقط (40 جزء من مليون جزء من الثانية) بعد مرحلة الانفجار ، بحيث يوفر تعجيل لرأس المخروط يبلغ نحو 25 مليون G . هذا الاختلاف في السرعة يتسبب في تمدد وتوسع كتلة النفاث ، ويمكن أن يؤدي في النهاية إلى تفتيتها وتمزيقها إلى عمود من الجزيئات ، وبمرور الوقت تميل هذه الجزيئات إلى فقد اصطفافها وتماسكها alignment ، وهو ما يخفض من عمق الاختراق في مسافات المباعدة الطويلة (عندما يتمزق النفاث ، فإن جزيئاته الفردية لن تصطف بشكل مثالي ، وستعمل هذه على تحقيق ارتطامات جانبية بحائط الحفرة المشكلة سابقاً ولن تتصرف لزيادة عمق الاختراق) . وعندما يضرب رأس النفاث مادة الهدف فإن الضغط الذي يمارسه هذا الجزء في الحفرة المشكلة على جسم الهدف يمكن أن يبلغ 10,000,000 من الضغط الجوي لتبدأ عملية اختراق الهدف . كما أظهرت الاختبارات أن المادة في أقصى مقدمة النفاث تفرض عملية شبه تآكلية erosion-like ، بحيث يستمر تآكل الهدف حتى استهلاك واستنفاذ جميع مادة النفاث . وتجبر مادة الهدف المقساة للتدفق لدائنياً خارج طريق ومسار النفاث (أحد الأمور المدهشة هنا أن الحرارة لا تلعب أي دور تقريباً في الاختراق ، حيث أنه ببساطة لا وقت لانتقال الحرارة ، لأن العملية بكاملها من الإيقاد وحتى الاختراق تتم خلال 150 جزء من المليون من الثانية ، أو 150/1000,000 ثانية) .

11‏/9‏/2012

طائرة الدعم الجوي القريب .. Sukhoi Su-25 .

طائرة الدعم الجوي القريب .. Sukhoi Su-25


الطائرة الروسية Sukhoi Su-25 هي طائرة نفاثة ثنائية المحركات twin-engine jet مع مقعد واحد ، طورت في الإتحاد السوفييتي من قبل مكتب التصميم سوخوي . هي مصممة لتوفير الدعم الجوي القريب للقوات الأرضية السوفييتية ، وللمقارنة مع الأمريكية A-10 فإن الروسية Su-25 أصغر منها في الحجم ، ولها نسبة 25% أقل في مساحة الأجنحة و15% أقل في الوزن العلمياتي الأقصى ، ومحركات الطائرة Su-25 تزود قوة أكثر بنسبة 25% من الطائرة A-10 ، كما أنها أسرع من الطائرة الأمريكية ، وإن كانت تتساوى معها نسبياً في قدرات المناورة .

أنطلق النموذج الأول للطائرة Su-25 في 22 فبراير من العام 1975 ، ثم دخلت الإنتاج في العام 1978 ولقبها السوفييت بإسم Grach وتعني "الغراب" Rook . ترجع بداية هذه الطائرة للعام 1968 عندما قررت القيادة السوفييتية تطوير طائرة هجومية مدرعة متخصصة لتوفير الدعم الجوي القريب CAS للقوات السوفييتية الأرضية . فكرة تطوير هذا النوع من الطائرات جاءت بعد تحليل تجارب الطائرات الهجومية خلال الحرب العالمية الثانية وخبرات معارك الخمسينات والستينات . المقاتلات القاذفة السوفييتية التي كانت في الخدمة ، أو التي تحت التطوير في تلك الفترة أمثال Su-7 وSu-17 وMiG-21 وMiG-23 كانت غير قادرة على تلبية متطلبات الدعم الجوي القريب ، فنتيجة لسرعة طيرانها العالية ، عانت هذه الطائرات من صعوبة المحافظة على الاتصال البصري مع الهدف ، ناهيك عن افتقارها للدروع الواقية الكافية لحماية الطيار وتجهيزاتها الداخلية الحيوية من النيران الأرضية والصواريخ الكتفية المضادة للطائرات . حرص المصمم Pavel Sukhoi وطاقمه الفني من مكتب تصميم سوخوي Sukhoi Design Bureau على إجراء تصميم تمهيدي في فترة زمنية قصيرة نسبياً ، بالتعاون مع جهات سوفييتية رسمية أخرى ، إلا أن مسابقة تصميم أعلنها سلاح الجو السوفييتي في شهر مارس من العام 1969 لتطوير طائرة حديثة للدعم الجوي القريب شاركت بها عدة شركات معروفة ، حفز مكتب سوخوي على بدأ العمل في نسخة ابتدائية أطلق عليها T-8 ، وتمخض هذا الجهد عن نموذجين إختباريين ، هما T8-1 وT8-2 اللذين باشر المكتب أعمال تطويرهما في شهر يناير من العام 1972 ، وأصبح هذان النموذجان جاهزان للطيران في 9 مايو من العام 1974 ، ومع ذلك فإن الطيران الاختباري الأول لم يتم إلا في 22 فبراير من العام 1975 . وبعد سلسلة اختبارات طويلة من قبل الطيار Vladimir Ilyushin ، فازت نسخة سوخوي التي أطلق عليها Su-25 على منافستها الرئيسة Ilyushin Il-102 في مسابقة القوة الجوية السوفييتية . واقترحت إدارة مكتب سوخوي أن يتم تصنيع وإنتاج الطائرة Su-25 في مدينة تبليسي Tbilisi في جورجيا ، وتحديداً في المصنع المخصص أيضاً لإنتاج طائرة التدريب آنذاك MiG-21UM . وبعد موافقة وزارة الدفاع الروسية بدأ إنتاج الطائرة Su-25 رسمياً في العام 1978 .


على مدى أكثر من 25 سنة من الخدمة ، شوهدت طائرة الدعم الجوي القريب الروسية Su-25 في عدة قوات جوية ، كما رصدت هذه الطائرة في الكثير من المواجهات والصراعات الإقليمية والدولية ، فاشتركت بكثافة في الحرب السوفييتية على أفغانستان في الثمانينات ، وقامت بالعديد من عمليات القصف الجوي ضد قوات ومعاقل التمرد الخاصة بالمجاهدين الأفغان . وخلال السنوات الأخيرة من الحرب العراقية الإيرانية أستخدم سلاح الطيران العراقي الطائرة Su-25 ضد المواقع الإيرانية . كما استخدمت الطائرة في مواضع أخرى ، مثل الحرب الشيشانية وحرب أبخازيا وفي الصراع المقدوني ، والصراع في استونيا .. وظهرت مغايرات ونماذج مختلفة للطائرة Su-25 في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات ، منها النموذج Su-25UB المخصص للتدريب وهو ثنائي المقاعد dual-seat ، وهناك النموذج Su-25BM المخصص لسحب الأهداف الجوية وجرها ، والنسخة Su-25K المخصصة للتصدير ، ونسخة البحرية الروسية التي لم تدخل مرحلة الإنتاج Su-25TP ، وهناك النسخ الأحدث المطورة من هذه السلسلة وهي النموذج Su-25SM والنموذج Su-25TM .

صممت الطائرة Su-25 وفق مخطط ديناميكي هوائي aerodynamic تقليدي ، مع أجنحة ودفة ذيل غير مميزة ، وأستخدم في بناء هيكلها عدة معادن وبمقادير مختلفة ، مثل الألمنيوم وبنسبة 60% ، الفولاذ 19% ، التيتانيوم 13.5% ، سبيكة المغنيسيوم 2% ، معادن أخرى 5.5% . يتحكم الطيار بقيادة الطائرة عن طريق ذراع مركزي ، حيث يجلس الطيار على كرسي قاذف من نوع Zvezda K-36 (مماثل لذلك الموجود في المقاتلة Su-27) وأمامه أجهزة وأدوات الطيران القياسية . كابينة القيادة مصممة على هيئة حوض مدرع armored bathtub محاط بصفائح ملحومة من التيتانيوم titanium بسماكة تتراوح بين 10-24 ملم ، توفر حماية من الطلقات الخارقة للعيار 20-23 ملم ، كما أن الزجاج الأمامي من النوع المدرع . ويوجد في مؤخرة كابينة القيادة مسند فولاذي للرأس بسماكة 6 ملم ، صعد على الحاجزِ الخلفي . يفتح غطاء كابينة القيادة الزجاجي لجهة اليمين ، ويصعد الطيار عن طريق سلم متدلي للأسفل (أستبدل لاحقاً بسلم ركوب أنبوبي بثلاثة خطوات) وعند جلوس الطيار فإن مستوى جلوسه يكون منخفض نسبياً ، مما يؤثر على حدود رؤيته ، كما أن الرؤية الخلفية محدودة جداً ، ويتم التعويض عن ذلك من خلال منظار أفقي periscope على قمة غطاء الكابينة ، يستخدم للرؤية الخلفية . خلف كابينة القيادة يوجد وسادة فولاذية بسماكة 6 ملم ، مثبتة على الحاجز الخلفي ، مصممة لتعزيز حماية الطيار . لقد حرص المصممين الروس في النماذج اللاحقة من الطائرة Su-25 ، على تلافي مساوئ التصميم القديم لكابينة القيادة ، خصوصاً مع الأنواع الأحدث من الطائرة ، أمثال Su-25TM وSu-25SM ، التي جرى بها تطوير وتزويد كابينة القيادة بالكترونيات طيران aviation electronics حديثة ، وتوضيب موضع الطيار على نحو أفضل .


جهزت النسخ المبكرة للطائرة Su-25 بمحركين نفاثين بدون حارق خلفي من نوع R95Sh ، في حجرات منفصلة ومعزولة separate compartments على جانبي الهيكل الخلفي للطائرة ، في حين جهزت النسخ الأحدث من الطائرة بالمحرك المطور R-195 ، الذي يوفر للطائرة قدرة دفع أعظم وسرعة قصوى تبلغ نحو 950 كلم/ساعة ، بالإضافة لمعدل تسلق يبلغ 58 م/ث . وللطائرة خزين وقود يتكون من خزانين داخليين في الهيكل وخزان وقود على كل من جناحي الطائرة ، إجمالي سعتهما يبلغ 3.660 لتر . والخزانات من النوع ذاتية الانسداد self-sealing في حال تعرضها للثقب نتيجة إطلاقه معادية . وتساهم أنظمة التحكم بالمحركات بالسيطرة على أداء كل محرك باستقلالية عن المحرك الآخر ، وتتيح المحركات للطائرة بلوغ مدى أقصى وهي بكامل حمولتها القتالية حتى 750 كلم . نظام الهبوط landing gear عرض مخففات وممتصات للصدمة ، بالإضافة للإطارات منخفضة الضغط low-pressure tires للعمل على المدارج غير المعبدة . كما وحدات العجلات مزودة بواقيات طينية لمنع قذف مداخل المحرك بأي حطام أو حجارة أثناء الإقلاع والهبوط . وتحمل بعض النسخ من الطائرة Su-25 حاويات خاصة في داخلها لغرض الصيانة والدعم للطائرة في المطارات البعيدة ، عند ساحة المعركة .

تسليح الطائرة Su-25 يعتمد على عدد 10 نقاط تعليق hard points قادرة على حمل نحو 4.400 من الذخائر والأسلحة الهجومية ، بما في ذلك صاروخ AA-8 Aphid أو AA-12 Adder للدفاع الذاتي واشتباكات جو-جو . كما تستطيع Su-25 حمل تشكيلة مختلفة وواسعة من قنابل الاستخدام العام ، أو الاختصار الروسي FAB ، مثل FAB-500 ، FAB-250 ، FAB-100 ، BetAB-500 وODAB-500 ، وقنابل حارقة من نوع ZAB-500 . الطائرة قابلة أيضاً لتحميل سلسلة القنابل العنقودية المسماة RBK ، بالإضافة للقنابل الموجهة ، مثل القنابل الموجهة تلفزيونياً TV-homing ، وحاويات المدافع والذخيرة الفرعية ، وحاويات القذائف غير الموجهة من عيار 57 ، 80 ، 122 و240 ملم . كما أنها مهيأة أيضاً لحمل الصواريخ الموجهة للأرض أمثال Kh-25ML ، Kh-29L وKh-29T (تستخدم نظام قيادة ليزري) . هناك أيضاً صواريخ مضادة للإشعاع الكهرومغناطيسي مثل Kh-25MPU وKh-58 (تتيح استهداف رادارات منظومات الدفاع الجوي وتدميرها قبول دخول الطائرة منطقة الخطر) . أما تسليح الطائرة القياسي فيرتكز على المدفع GSh-30-2 عيار 30 ملم ، مع حمولة إجمالية من 250 طلقة .


وفي الوقت الذي تحدثت فيه المصادر الروسية عن قدرات رائعة لهذه الطائرة ، فإن مصادر غربية شككت آنذاك في فعالية النسخة القياسية من طائرة Su-25 ، فالطيار يواجه صعوبة حقيقة في القيام بمناورات جدية للمراوغة والتملص أثناء توجيهه أسلحته نحو الهدف ، علاوة على ذلك فإن الطائرة Su-25 تستطيع إطلاق صاروخ موجهه ليزريا LGM وتوجيهه عن طريق منظومة Klen-PS لتحديد المدى والتعيين الليزري ، ولكن عند استخدام القنابل الموجهة ليزرياً ستكون أكثر صعوبة ، وذلك لأن القنابل حرة السقوط free-fall تتجه للسقوط خلف الطائرة القاذفة عند رميها وتحريرها ، ولذلك يفترض الخبراء الغربيين وجود طائرة أخرى مرافقة تقوم بعملية إضاءة الهدف من مسافة آمنة ، بينما الطائرة الأخرى تهاجم هدف آخر ، وهذا التكتيك ملاحظ من خلال طيران Su-25 المستمر بشكل أزواج .

لقد تحدثت العديد من المصادر الروسية عن مميزات البقائية والنجاة لهذه الطائرة ، خصوصاً تلك التي تم تداركها في الحرب الأفغانية خلال عقد الثمانينات ، فقد تحدث الروس عن عدة حوادث اشتباك للطائرة Su-25 مع طائرات سلاح الجو الباكستاني ، وتم إسقاط إحدى هذه الطائرات بواسطة صاروخ أصاب المحرك الأيمن وسقطت الطائرة داخل الأراضي الباكستانية ، وأسر طيارها Rutskoi الذي أفاد بأنة قام بعدد 400 طلعة قتالية ، وأنة أصيب مرتين من قبل الصواريخ الباكستانية دون أن تسقط طائرته . تعرضت طائرة أخرى من نفس النوع بقيادة العقيد طيار Alexander V. Rutskoj لصاروخين جو-جو من نوع AIM-9L Sidewinders أطلقت من طائرة F-16 باكستانية ، إلا أنها استطاعت العودة سالمة إلى قاعدتها رغم الإصابة والأضرار (الطائرة عموماُ مهيأة للطيران بمحرك واحد، إذا ما أصيب أحد المحركين) . الطائرة ذاتها تم تجديدها في جورجيا لدى مصانع تبليسي Tbilisi ، ثم عرضت في باريس العام 1989 ، وهي الآن معروضة في متحف Khodynka .

أغرب حادثه مع الطائرة Su-25 ما تعرض له الطيار الرائد Rubalov's الذي أصيب محرك طائرته وتدفق الوقود وأغرق فسحة المحرك . كابينة الطيار والعديد من أنظمة التحكم تحطمت ، وأصيب الطيار بجروح في وجهه الذي غطي بالدم ، بعدها قرر Rubalov's القيام بهبوط على بطن الطائرة belly landing ، وبعد أن نجح في ذلك وتوقفت الطائرة على الأرض ، نزل الطيار بسرعة وأخذ يجري خوفاً من انفجار الطائرة ، ولكن ذلك لم يحدث .. فعاد لها من جديد ليطفئ محركها .