27‏/2‏/2013

ظاهرة تطاير أبراج الدبابات الروسية !!


تطـــاير أبـــراج الدبابـــات الروسيـــــة في ساحـــــة المعركـــــة
خلل التصميم .. وسوء التقدير


أحدثت الدبابة منذ ظهورها الأول في الحرب العالمية خلال معركة السوم Somme Battle في 15 سبتمبر العام 1916 ، تغييراً كبيراً في مجرى الحرب . في البداية كانت لغزاً غير مفهوم من وجهة النظر العسكرية في كيفية استخدامها ، فألقى على عاتقها مهمة إسناد جنود المشاة الراجلين . إلا أن بعض الضباط ممن يتمتعون ببصيرة جيدة ، درسوا خواص هذا السلاح الجديد ، وأدركوا أنها (أي الدبابة) يمكن أن تحل محل الخيالة cavalry ، واعتبارها "خيالة ميكانيكية" وأنها يمكن أن تكون سلاحا حاسما في مواجهة تكتيكات حرب الخنادق trench warfare . ومنذ ذلك الوقت ، أصبحت الدبابة ، تحتل مكانة عالية بين أسلحة ومعدات الحرب التقليدية ، ومن المؤكد أن عصر التكنولوجيا المتقدمة الحديثة أكد على هذه المكانة بل وعززها ، فلا تزال الدبابة في نظر الكثيرين من المنظرين ، سيدة المعارك وركيزتها .. تؤيد ذلك الجهود العظيمة التي تبذلها الدول المتقدمة صناعياً في مجال تطوير دباباتها ، وتزويدها بأعلى مواصفات الكفاءة التقنية .


الدبابات الروسية T-72 هي واحدة من أكثر دبابات المعركة الرئيسة في العالم إنتشاراً ومشاركة في الصراعات العالمية ، ويرجع الفضل في تطويرها بداية إلى مكتب تصميم أليكساندر موروزوف Aleksandr Morozov ، وهو مهندس ومصمم دبابات سوفييتي ، خريج معهد موسكو الميكانيكي ، ولد في 29 أكتوبر العام 1904 وتوفي في 14 يونيو العام 1979 . هذا الرجل عمل على تطوير دبابات من جيل جديد في مصنع الدبابات في منطقة كاركوف Kharkov (الآن يطلق عليها كاركيف Kharkiv في أوكرانيا) .. حلم موروزوف كان أن يكرر نجاح الدبابة السوفييتية T-34 مع أخرى جديدة بتصميم ثوري ، بحيث يمكن لهذه أن تجاري وتتفوق على دبابات منظمة حلف شمال الأطلسي في القوة النارية ، الحماية المدرعة ، وقابلية الحركة ، بينما تبقى في ذات الوقت وبشكل ملحوظ أكثر خفة وأكثر اقتصادية more economical . فعمل على تصميم الدبابة السوفيتيِة الأكثر تقدماً في الستينات هي الدبابة T-64 .


هذه الدبابة دمجت آنذاك مجموعة كبيرة من الميزات والخصائص المبتكرة ، بما في ذلك الدرع الخزفي ومنظومة التلقيم الآلي autoloader لصالح السلاح الرئيس ونظام التعليق الخاص خفيف الوزن ، ليمنح على أثرها موروزوف جائزة لينين Lenin Award التي تمثل الوسام الأعلى الممنوح من قبل الإتحاد السوفيتي لمبدعيه . أفكار هذه الدبابة أعتمدت بعد ذلك من قبل رئيس المهندسين ليونيد كارتسيف Leonid Kartsev لأجل تطوير نموذج مصغر من الدبابة حمل التعيين Obiekt 172M الذي كان جاهزاً بنهاية العام 1970 . اختبارات الجيش على الدبابة الجديدة بدأت في موقع كوبينكا Kubinka ، حيث عرض التصميم لتجارب ميدانية في الأحوال الجوية الحارة والباردة ، وكشفت هذه التجارب عدداً من عيوب التصميم design flaws ، لكن نتائج الاختبارات كانت واعدة بما فيه الكفاية لمصممي أورال فاغن للتصديق على خطة البناء اللاحقة ، ومنح فريق التصميم جائزة سوفييتية رسمية رفيعة المستوى في العام 1974 لنوعية الجهد المبذول . وفي تاريخ 7 أغسطس من العام 1973 تم قبول النسخة Obiekt 172M في الخدمة لدى القوات المسلحة السوفييتية كدبابة قياسية تحت اسم T-72 . وفي العام 1975 أطلق على الدبابة تسمية T-72 Ural بعد تصنيعها في منطقة جبال الأورال (اسم أورال Ural الرمزي اختير عن عمد لتذكير الجيش بأن الدبابة قَد طورت من قبل مجموعة نيزني تاغيل الواقعة في منطقة جبل أورال الروسية) .


التوجه التقليدي للقيادة السوفييتية آنذاك كان ينصب على إنتاج دبابات أرخص من ناحية التكاليف ، وكذلك أسرع تصنيعاً من الدبابات الغربية الحديثة ، حيث طغت الكمية وبشكل فعلي على النوعية . أما المصممين السوفييت Soviet designers ، فقد سعوا أثناء العمل على إبقاء تصاميم دباباتهم صغيرة ومنخفضة الارتفاع low profile قدر الإمكان لكي تكون أصغر هدف محتمل ، واضعين الأهمية القصوى على أن لا تصاب الدبابة ، وليس على احتمالية نجاتها بعد الإصابة . وهنا يمكن للقارئ ملاحظة مفارقة أخرى ، فعلى الرغم من أن الفكر السوفيتي الرسمي يوحي أن تخزين الذخيرة تحت أرضية البرج سوف يساهم على تخفيض الإرتفاع العام overall height للدبابة ، إلا إنه من الواضح أن هذا المنطق والتفكير يخالف الواقع . فمع تخزين الذخيرة تحت أرضية البرج ، فإن الحيز أو السعة المكانية لرأس أفراد الطاقم crew head-space الجالسين فوق موضع التخزين ، سوف تخفض وتقلل بشكل أكبر ، بحيث عمل هذا التوضيب في الدبابات T-72/T-90 على حشر الطاقم وضغطهم في مواقعهم بدرجة أكبر . وللقارئ أن يتخيل إلى أي مستوى كان يمكن تخفيض الصورة الظلية silhouette لهذه الدبابة لو كانت الذخيرة وضعت وسكنت في حماية مؤخرة البرج turret bustle ، كما هو الحال في الدبابة الفرنسية Leclerc المجهزة هي الأخرى بملقم آلي .


عموماً عندما جاءت حرب الخليج العام 1991 لتختبر هذه الدبابة عملياتياً (الدبابة أختبرت قبل ذلك بشكل مقنن ومخفض نسبياً في حرب العراق وإيران والحرب السورية الإسرائيلية في الثمانينات) حيث تبين وبشكل قاطع ، بأنه وعند إشراك تقنيات الكشف والرصد الحديثة ، فإن مقاصد التصميم والتخطيط الداخلي internal layout المضغوط تكون ذات قيمة تكاد لا تذكر . فوجود أبراج صغيرة لم يحمي الدبابة T-72 من الإصابات الدقيقة القاتلة ، ولا حتى شكلها البالستي منع الاختراقات الروتينية . لقد تبين أن التصميم السوفييتي لدبابة المعركة الرئيسة MBT أخفق لسببين رئيسين وهما : المراهنة على أن لا تصاب الدبابة أكثر من أن تنجو بعد هذه الإصابة ، ورفض المصممين السوفييت الإدراك بأن نجاة الطاقم crew survivability هو موضوع أكثر أهمية بكثير من نجاة العربة . لقد أدى اندماج هذين الخللين ، إلى إيجاد إطار محدد لهذه التصاميم ، مثل صينية التلقيم الآلي المركزية في الدبابة T-72 ، وكذلك احتياطي الذخيرة التي تم استيعابها على أرضية البرج turret floor . هذا بدوره سمح بظهور أشكال مركبة وصغيرة للدبابات السوفييتية ، لكنه في المقابل ضمن احتمالات أكبر لإصابة مخزون الذخيرة ، مما ضاعف معه من مخاطر الاشتعال والانفجار ، والنتيجة الطبيعية هنا هي فقدان الطاقم والدبابة معاً !!! المشاهد ذاتها تكررت في الشيشان والبلقان وفي الخليج والآن خلال الحرب الأهلية السورية ، ولم يعد غريباً أو مثيراً مشاهدة هيكل الدبابة T-72 المحترق وعلى مسافة بضعة أو حتى عشرات الأمتار يرقد البرج المحطم .


طبيعة وأبعاد المشكلة :
في الحقيقة الانطباع الأول عند التسلق إلى الدبابة T-72 هو ضيقها الداخلي الشديد ، الذي لا يقارن حتى بالدبابات السوفييتية الأسبق مثل T-62 . كما لا يقارن بالسعة الداخلية النسبية للدبابات الغربية . لا القائد ولا المدفعي يمكن أن يقف منتصباً في البرج وكوة البرج مغلقة ، هذه نتيجة طبيعة لتثبيت صينية الملقم الآلي على أرضية الهيكل التي شغل قطرها وارتفاعها الكثير من المساحة الداخلية . والأمر كما وصفه بعض المعلقين يعكس السهو النسبي للمصممين السوفيت إلى هندسة الطاقم الإنسانية crew ergonomics (علم يختص بدراسة التفاعل بين الإنسان والأدوات الأخرى ويستخدم طرق التصميم المحسنة لتطوير الأداء العام للإنسان) ومدى الحاجة للتكيف بين الإنسان والآلة وتأثير هذه الميزات على الأداء القتالي combat performance .. الدبابات T-72/T-90 تحتوي على خزين لنحو 44 قذيفة متنوعة من النوع المجزأ إلى قسمين . من هذه عدد 22 مقذوف و22 شحنة دافع مخزنة في صينية الملقم الآلي الدوارة على أرضية الهيكل وأسفل حلقة البرج ، حيث تعبأ المقذوفات بشكل أفقي في الطبقة السفلية ، بينما شحنات الدافع تفترش الطبقة العليا . المشكلة كما فهمها البعض خطأً ترجع لخزين الذخيرة في الصينية الدوارة الخاصة بالملقم الآلي وخطورة تعرضها للإنفجار عند حدوث أي ثقب لهيكل أو برج الدبابة ، لكن الصحيح أن الروس حرصوا على توفير حماية سقفية لنظامهم الآلي ، عن طريق باب أو صفيحة فولاذية تنزلق وتغلق آلياً خلال عملية تلقيم القذيفة للمدفع ، ولهذا السبب في حالة اختراق البرج من قبل الشظايا المتوهجة ، فإن هذه سوف تصيب ربما سقف الملقم المجهز بالصفيحة الواقية ، لكنها لن تشعل الذخيرة المخزونة في ذات الملقم (ومع ذلك هي عرضة للهجوم السفلي من الألغام الأرضية المضادة للدروع) .


هكذا فإن لب المشكلة بالنسبة للدبابات الروسية T-72/T-90 ، لا يكمن في تصميم نظام التلقيم الآلي ، بل هي محصورة في الذخيرة الإضافية المخزنة في مواقع مكشوفة من مقصورة القتال fighting compartment بالقرب من أفراد الطاقم ، . هذه الذخيرة عرضة للاشتعال عملياً مع أي اختراق محتمل لدروع المقصورة أو البرج ومن أي زاوية (هذا فعلياً ما أفقد التصميم لعنصر النجاة والبقائية survivability) . القذائف الإضافية وعددها 20/23 قذيفة مخزنه على أرضية الهيكل في مواضع متفرقة ، فهناك أربعة مقذوفات وشحنات دافعة propellant cases مثبته في جيوب عند الجهة اليمنى من خلايا الوقود الأمامية ، وهناك مقذوفين وشحنتي دافع خلف مقعد القائد . كما يتوفر مقذوفين وشحنة دافع واحدة مباشرة خلف المدفعي ، وثلاثة مقذوفات على رفوف خاصة في الجانب الخلفي للهيكل جهة اليسار . هناك أيضاً ستة مقذوفات على الحائط الخلفي ، وثمانية شحنات دافع في تجاويف خزان الوقود الخلفي على الأرضية وراء صينية الذخيرة . الذخيرة الوحيدة المخزنة فوق خط البرج تشمل خمسة شحنات دافع قرب موضعي المدفعي وقائد الدبابة . معظم هذه الذخيرة عرضة للإصابة والتحفيز بتأثير شظايا الإختراق ، ومن ثم يتحقق الإنفجار الحتمي .


ومن غرائب التصميم الأخرى التي تعرضت لها بعض المصادر ، هي ما كتبه بعض الباحثين في شؤون الدبابات الروسية ويتحدث هذا عن A wonderful combination, fuel and tank gun projectiles ، وتعني "مزيج وتوليفة رائعة .. الوقود مع قذائف مدفع الدبابة" !! إذ يوجد في الدبابات T-72/T-90 خزان وقود كبير تحت سطح الأرضية ، بين مؤخرة أرضية البرج وجدار الحماية ، وبعض شحنات الدافع محفوظة بشكل عمودي stowed vertically في تجاويف خاصة خلال هذا الخزان !! في مقدمة الهيكل ، هنالك أيضاً خزان وقود آخر إلى يمين السائق ، ويتوافر أيضاً في هذا الموضع تقريباً ذخائر إضافية مع شحنات دافع محفوظة في تجاويف غائرة recessed تحمل نمط وإسلوب التخزين في خزان الوقود ، لكنها تثبت هنا بشكل أفقي . عدد من المقذوفات محفوظة على حائط الهيكل في مؤخرة T-72 ، وبضعة شحنات دافع propellant cases تشد وتحزم إلى أرضية البرج ، بجانب أقدام كلاً من المدفعي والقائد !! (من البداية ، مبدأ التصميم كان يفضل الإنتاج الشامل والموسع mass production على المناعة والحصانة النسبية comparative invincibility) . لقد أظهر البرج ، كما بدا من الصراعات التي شاركت بها الدبابة T-72 ، ميله للطيران متى ما الدبابة ضربت وحدث الاختراق والثقب .


هكذا ، قابلية بقاء طاقم الدبابة T-72 كانت دائماً محل تشكيك وترهيب ، هذه ربما كانت نتيجة طبيعية لعدم فصل وعزل مقصورة تخزين الذخيرة ammunition compartment عن مقصورة الطاقم ، حيث تكدس أغلبية الذخيرة كما ذكرنا على أرضية هذه الأخيرة . لقد تحصلت الدبابات T-72 على ميل ونزعة أعظم لفقدان برجها بالمقَارنة إلى الأنواع السابقة من الدبابات السوفييتية مثل T-55 ، وذلك بسبب الحجم المتزايد المحمول لشحنات الدافع propellant داخل مقصورة القتال . خصوصاً عندما نعلم أن الحمولة القصوى للذخيرة في الدبابة T-72 تبلغ ضعفي تلك المحملة للدبابة T-55 ، أو للمقارنة 440 كلغم إلى 220 كلغم . أما الدبابة T-62 فقد كانت في المتوسط تحمل حوالي 310 كلغم من ذخيرة السلاح الرئيس . وبينما تتفاخر الدبابة T-90 في نسختها الكلاسيكية على نظيراتها T-72 بتطور وتحسن وسائل الحماية فيها ، إلا أن شكلها وتصميمها بقي على ما هو عليه ، فلا يزال الطاقم يجلس فوق موضع تخزين الذخيرة ، وبالتالي فإن الدبابة سوف تقدم مقاومة جيدة للاختراقات من جهة (نتيجة تعزز عنصر الحماية السلبية) ، لكن من جهة أخرى وفي حالة حدوث الاختراق فإن فرص نجاة الطاقم ستكون مماثلة لما هي عليه في الدبابة T-72 !! إن عملية إيقاد واشتعال ignition ذخيرة السلاح الرئيس تعتبر من الأسباب الأساسية لخسارة الدبابة وطاقمها في أرض المعركة . فمنذ الحرب العالمية الثانية ، دعا مصممو الدبابات لتحويل الذخيرة إلى أرضية الدبابة حيث كانت أقل عرضة أن تضرب ، وبالتالي تقليل هذا الخطر الكارثي . على أية حال ، هذا الترتيب لا يضمن بأن مخزون الذخيرة لن يتعرض للإصابة مع وجود خطر الألغام الأرضية أو تأثير تشظية المقذوف projectile fragments داخل الدبابة ، بحيث يمكن إشعال النار بسرعة قياسية . علاوة على ذلك ، موقع التخزين الأرضي يجعل الأمر صعباً للملقمين للوصول وتناول الذخيرة ، خصوصاً مع الوزن المتزايد وحجم ذخيرة المدافع الحديثة .


النمط الغربي في التخزين :
بالمقارنة إلى نمط التخزين في الدبابات الروسية T-72/T-90 ، نجد أن الدبابات الغربية تراعي قضايا النجاتية والبقائية Survivability لأقصى حد عند تخزينها لذخيرة السلاح الرئيس :


- على سبيل المثال الدبابة الأمريكية Abrams تحوي عدد 40 قذيفة لصالح مدفعها الرئيس من عيار 120 ملم . من هذه الذخيرة عدد 34 قذيفة توضع في عنق البرج مع أبواب فولاذية تنفجر للخارج عند تعرضها للهجوم ، بالإضافة على حاجز درعي armour bulkhead انزلاقي داخلي يفصل هذا المخزن عن حجرة القتال (باب مخزن الذخيرة يبدأ بالانغلاق تلقائياً بعد ثانيتين من رفع المحمل ركبته عن مفتاح التنشيط الجانبي وانتزاعه القذيفة من رفها) بحيث يضمن أن طاقة الانفجار سوف توجه للأعلى بدل التوجه لمقصورة الطاقم ، وبالتالي إتاحة فرصة أفضل للطاقم للهروب والإبتعاد . إن احتمالية إصابة هذا المخزن تكون عالية جداً ، خصوصاً مع هجوم خلفي في بيئة عدائية حضرية ، لكن الطاقم سوف يحصلون على فرصة أكبر للنجاة حتى في حالة انفجار كامل مخزون الذخيرة . أما بقية الذخيرة ، فهي مخزنة في رفوف جاهزة محمية protected racks داخل الهيكل .


- الدبابة الإسرائيلية Merkava Mk 4 تحمل نظام تلقيم نصف آلي semi-automatically . نظام التلقيم هذا عبارة عن مخزن دوار يعمل بشكل كهربائي ، يحمل 10 قذائف مختلفة بداخلة ، ويستطيع معالج دقيق ، الاختيار آلياً بين أربعة أنواع مختلفة من هذه الذخيرة (تحمل الدبابة 48-50 قذيفة للمدفع الرئيس) لصالح مدفع الدبابة وذلك حسب طلب الرامي . يقع نظام التلقيم هذا في مساحة معزولة من البرج ، وهو مصمم لحماية الطاقم في حالة انفجار الذخيرة ، حيث جرى تخزين كل قذيفة في حاوية وقائية protective container خاصة بها .


- الدبابة الألمانية Leopard 2 المسلحة بمدفع من عيار 120 ملم ، تحمل مخزون ذخيرة من 42 قذيفة . عدد 27 قذيفة مخزنة في مخزن خاص في القسم الأمامي من الهيكل على يسار موقع السائق ، حيث الاستفادة من مستويات الحماية القصوى التي تؤمنها الدروع السلبية . هناك أيضاً عدد 15 قذيفة إضافية مخزنة في الجانب الأيسر لمؤخرة البرج ، ومنفصلة من مقصورة القتال بباب مشغل بشكل كهربائي electrically operated door . فإذا ضربت منطقة تخزين الذخيرة , فإن صفائح التنفيس blow-off panel في سقف البرج سوف توجه الإنفجار إلى أعلى بعيداً عن مقصورة الطاقم .


- الدبابة الفرنسية AMX-56 Leclerc المسلحة أيضاً بمدفع من عيار 120 ملم ، تتحصل على إجمالي ذخيرة من 40 قذيفة . الدبابة مجهزة بمقلم آلي فريد من نوعه (لذا هي تستعين بطاقم من ثلاثة أفراد فقط) يستعين في تغذيته بعدد 22 قذيفة مرتبة في مخزن في مؤخرة البرج . وهناك عدد 18 قذيفة موضوعة في مقدمة الهيكل على يمين السائق . في الحقيقة برج الدبابة صمم حول نظام التلقيم الآلي ليتفادى المشاكل الشائعة لدى الدبابات الأخرى المجهزة بأنظمة تلقيم آلي . الذخيرة المخزنة في البرج منفصلة ومعزولة عن الطاقم بحاجز مدرع armored bulkhead ، كما يوجد أبواب متكاملة لتنفيس طاقة الإنفجار في حالة إستلام الدبابة لضربة مباشرة من العدو (قذيفة ، صاروخ أو ما عدا ذلك) . هذا التصميم يزيد ويضاعف من ميزة قابلية بقاء الطاقم ، خصوصاً مع ضمانه بأن تأثير إنفجار الذخيرة ammunition blast سيحول بعيداً عن الدبابة ذاتها .





25‏/2‏/2013

الدبابات والدعم الناري في المدن .


دبابـــــة المعركـــــة الرئيســـــة .. الدعــــم النــــاري في المــدن
مظاهر القوة .. ومقيدات الاستخدام


يمكن القول أن مدفع دبابة المعركة الرئيسة سلاح دقيق وقاتل جداً في المديات والمساحات الممتدة حتى 3-4 كلم ، خصوصاً مع دعم منظومة اكتساب الأهداف البصرية ومحددة المدى الليزرية LRF التي تعين المدى بشكل دقيق وموثوق . هذا السلاح الذي يتراوح قطر سبطانته بين 120 و125 ملم في أفضل الأحوال ، يتحصل على مخزون من الذخيرة يتراوح بين 40-44 قذيفة متعددة المهام . مع ذلك الباحثين أن الأدوار المناطة بالدبابات أثناء المعارك وحرب المدن تتبدل ، فيكون الدور الرئيس لمدفعها أثناء القتال الحضري مرتكزاً على تزويد نيران مباشرة ثقيلة ضد المباني والمناطق المحصنة strong points المعينة كأهداف من قبل أفراد المشاة . في المقابل يمكن القول أن فقط المباني المرتفعة والإنشاءات الخرسانية الثقيلة في هذه التضاريس يمكنها توفير الحماية لشاغليها تجاه نيران الدبابات . الدبابات مزودة عموماً بمنظومة استقرار stabilized من أجل تصويب سلاحها الرئيس ، تتيح لها إطلاق نيرانها عملياً عند الانتقال والحركة عبر الأراضي المختلفة ، وبالسرعة المرتفعة نسبياً ، ناهيك أن أبراج الدبابات الحديثة تستطيع الاستدارة لدورة كاملة وتغطية 360 درجة خلال 8-9 ثوان فقط . هذه الميزة حقيقتاً وغيرها ، تبقى الدبابة كأحد أفضل الأسلحة المضادة للدبابات في ساحة المعركة . الرشاشات المختلفة ، كالسقفية عيار 12,7 ملم ، والمحورية عيار 7,62 ملم ، توفران مقدار ومعدل مرتفع من النيران المساندة للمشاة . كما تتجاوز قابليات اكتساب الهدف للدبابات ، قدرات جميع الأنظمة البرية الأخرى المماثلة . فمنظومات الرؤية الحرارية thermal sight تزود قابلية هامة للمراقبة والاستطلاع . هي يمكن استخدامها أيضاً خلال ساعات النهار لتمييز مصادر الحرارة (أفراد وعربات) ، حتى من خلال الأحراش والأغطية النباتية ..


ومع ذلك فإن الأمر لا يقتصر على الايجابيات فقط ، بل هناك المعوقات أيضا ، أحدها ما يتعلق بظروف القتال في التضاريسِ الحضرية المعقدة ، خصوصاً حين يصعد المقاومون من هجماتهم في المناطق التي تحتوي على سكان مسالمون غير مقاتلون أو من الضعفاء وكبار السن ، هنا تصبح فوائد القوة النارية للمدافع الرئيسة مخفضة لحد كبير . تبرز هذه المعضلة بصورة رئيسة لأن أنواع الذخيرة المتوفرة للدبابات أكثر مناسبة إلى المعارك التقليدية (حيث هي صممت) . لذا يشعر الكثير من قادة الدبابات بالحرج من استخدام مدافعهم القوية جداً في البيئات الحضرية ، مما قد يحمل معه مستويات مرتفعة من الضرر الإضافي الذي ببساطة يحد كثيراً من قابلية الاستخدام .


عندما يطلق المدفع الرئيس نيرانه ، فإنه يحدث كرة نارية fireball وغمامة دخان كبيرة تغطي المنطقة المحيطة (ضغط الانفجار المفرط يمكن أن يتسبب في تحطيم زجاج نوافذ المباني المحيطة حتى مسافة 200 م) ، وتوصى جميع القوات المترجلة العاملة قرب الدبابات بوجوب تفادى قوس الدبابة الأمامي لنحو 60 درجة أثناء الإطلاق . وفي نطاق منطقة إنشائية مبنية built-up area ، فإن غبار البناء والأوساخ المتطايرة أيضاً ، يضيفان تأثيراً إضافيا إلى الغيمة ، للحد الذي يمكن معه حجب الهدف بالدخان وغبار الانفجار . واعتماداً على الشروط والظروف المناخية المحيطة ، فإن هذا الحجب والغطاء قد يستمر لحوالي 1-2 دقيقة أو نحو ذلك ، تكون معه الدبابة عرضة للهجوم المضاد . نظام السيطرة على النيران fire control system بحد ذاته لا يستطيع توفير بيانات باليستية مناسبة لأقل من 200 م لصالح سلاح الدبابة الرئيس (مع ذلك ، مدى رؤية بصري لساحة المعركة حتى 300 م ، سيمكن الأطقم من مشاغلة الأهداف بسلاح الدبابة الرئيس بشكل مباشر ، وبالتالي توفير زمن اشتباك أسرع) .


أمر آخر يتعلق بذخيرة الدبابة ، فمن المعروف أن الحمولة القياسية لأي دبابة معركة ترتكز على ذخيرة الطاقة الحركية النابذة للكعب المثبتة بزعانف APFSDS ، وهذه ليست فعالة ضد المخابئ والاستحكامات ، المباني والإنشاءات ، أو أفراد ومشاة العدو . ناهيك عن إنهم يعانون أيضاً من مشكلة الأمان والسلامة عند إطلاقهم فوق رؤوس المشاة المكشوفين ، بسبب أجزاء القبقاب المنبوذة sabot pieces الساقطة على الأرض (هذه الأجزاء منبوذة في منطقة ممتدة لنحو 70 م إلى جانبي السلاح الرئيس ، وحتى مدى كيلومتر واحد من محور الرمي كما هو الحال مع قذائف الطاقة الحركية للمدفع الأمريكي M256 عيار 120 ملم) . كما ينصح أفراد المشاة المتواجدين خارج الدبابة (والمتقدمين معها) بوجوب البقاء على مسافة لا تقل عن 50 م من الدبابة في كل الاتجاهات لتجنب استقبال التأثيرات الضارة الناتجة عن إطلاق النار ، مثل الضوضاء الشديدة والضغط المرتفع over pressure . أيضاً بعض أنماط قذائف الطاقة الحركية التي تضرب الأهداف المقساة في الزوايا أكثر من 25 درجة ، تواجه انخفاض قليل في قابلية الاختراق ، في حين أن مهاجمة هذه الأهداف بزاوية تتجاوز 45 درجة تخفض الاختراق بنسبة أكبر بكثير .


في المقابل ، الذخيرة شديدة الانفجار المضادة للدبابات HEAT تزود تأثيرات تدميرية أفضل على الأهداف المذكورة أعلاه مقارنة بقذائف APFSDS ، ماعدا أفراد العدو في العراء ، التي تكون رشاشات الدبابة أكثر فاعلية تجاههم كما أظهرت الخبرات العملية . ومع أن هذه المعضلة أمكن تجاوزها جزئياً مع تزويد الدبابات الغربية بذخائر حديثة متعددة الأغراض مضادة للدبابات MPAT ، التي تتضمن غلاف خارجي مسبق التشظية ، من أجل مواجهة أكثر فاعلية تجاه الأهداف الناعمة والأفراد ، إلا أن ذلك قد يكون على حساب قدرة الدبابة الحقيقية والفاعلة على مواجهة دبابات المعركة الرئيسة الأخرى المعادية في ساحة المعركة (حجم رأسها الحربي الصغير يعني قدرات اختراق أقل less penetration مما هو متوفر للقذائف المتخصصة) . الذخيرة شديدة الانفجار المضادة للدروع HEAT قادرة هي الأخرى على فتح ثقوب أكبر قطراً في تراكيب البناء أو الإسمنت المسلح من قذائف MPAT أو MPAT-OR (XM908) ، وهذه تسلح رأسها الحربي على مسافة 12 م من فوهة السبطانة ، بحيث تسمح للدبابة بالاشتباك مع الأهداف في المسافات القصيرة . إن إعادة تجهيز وتحميل كامل الذخيرة للدبابة ، عملية صعبة وشاقة وتتطلب دعماً لوجستياً logistic support من الكتيبة الرئيسة .

24‏/2‏/2013

البواحث وأنماط التوجيه الحديثة .


البواحــــــــث وأنمــــــــاط التوجيــــــــه الحديثــــــــة


مما لا شك فيه أن عمليات الحروب المعاصرة والحديثة قد توسعت ، وازدادت معها وتيرة استخدام المقذوفات الموجهة المضادة للدروع التي تطلق من الأرض والجو على حد سواء . إن هذا التوسع كان نتيجة حتمية للقفزة التقنية التي تحققت في مجال تصميم وتطوير الدوائر والرقائق الالكترونية الحديثة . وقد يتساءل البعض عن مدى الحاجة الحقيقية لهكذا منظومات دقيقة ومكلفة في آن واحد ، والجواب ببساطة أن الجيوش الحديثة والعصرية ، لم تعد تتحمل استهلاك كميات هائلة من ذخائر الأسلحة التقليدية لتدمير أهداف نقطوية معادية . كما إنها لا تستطيع توفير أعداد كبيرة من الطائرات والدبابات والمدافع وغيرها .. ولمشاغلة هدف ما ، يستطيع المقذوف الموجه مهاجمته وتدميره بدقة أكبر وبدرجة مخاطرة أقل . وليس أكثر من دليل على صحة ذلك القول من تصوير الحالة السائدة خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945) عندما كان الأمر يتطلب لتدمير دبابة واحدة فقط ، قيام الطائرات بطلعات متعددة وإلقاء حوالي 800 قنبلة لإصابتها ، في حين يمكن في الوقت الحالي تدمير نفس الهدف بواسطة صاروخ واحد موجه نوع Maverick . إن التقدم التقني لم يتوقف فقط عند المجسات واللواقط وأنماط التوجيه ، بل تجاوزه أيضاً لقدرات المراقبة والكشف وقابليات اكتساب الأهداف وقدرات التمييز والتحقق باستخدام المجسات الكهروبصرية المتقدمة electro-optical sensors ، التي تكفل إجراء عمليات مسح متقدمه للإشارات ومن ثم معالجتها وتحليلها ، وهذه تعمل في الليل كما في النهار وفي معظم الأحوال الجوية . 


ويرى بعض الباحثين أن أحد أهم التحديات للمجسات وأنظمة البحث الحديثة تكمن في مدى التغطية العملياتي ، والذي يأتي على الأرجح نتيجة التقييدات المناخية والامتصاص الجوي للإشارات atmospheric absorption ، مما يحتم الامعان المسبق في اختيار أحزمة أو أنطقة تردادات البواحث ، خصوصاً عند الحديث عن الأنواع الكهروبصرية منها electro-optical . عملياً ، تصميم الباحث لابد أن يتضمن بعض المساومة والحلول الوسط بين العوامل المتعارضة ، والمهم في النهاية هو تكييف المنتج لإنجاز ما يطلب منه من مهام .مفهوم أو مصطلح "الباحث" seeker ، يتضمن في مجمله جميع الإشارات ومعالج البيانات المرتبطة بالبحث عن الهدف واكتسابه وتتبعه . البواحث تصنف بشكل عام ضمن ثلاثة أنواع رئيسة (نشيطة Passive ، نصف نشيطة Semi-active ، سلبية Passive) ، تعرف بعملها ضمن ثلاثة أنماط أساسية للتوجيه ، هي :


· التوجيه الراداري النشيط Active radar homing : هو نمط من أنماط التوجيه حيث تتحصل القذيفة على نظام رادار لتزويد إشارات التوجيه guidance signal . بمعنى أن القذيفة تحتوي على رادار وكذلك الإلكترونيات الضرورية لإيجاد وتعقب الهدف ذاتياً . وفي هذا النوع من أنظمة التوجيه يتولى الباحث إرسال شكل من أشكال الطاقة من أجل "إنارة" illuminate الهدف ، ثم يتولى بعد ذلك استلام الطاقة المنعكسة لإنجاز وإتمام عملية التوجيه . معظم الباحثين في نمط التوجيه هذا يستخدمون رادار بأداة للإرسال والاستقبال transceiver يشتغل في الحزمة الموجية المليمتريه أو حزم الموجات الأخرى (بالطبع الأمثلة الأخرى للباحث النشيط تتضمن أنواع الرادار الليزري) . وكما في حالة الباحث السلبي passive seeker ، استقلال منصة الانطلاق تمثل فائدة وقيمة رئيسة لا يمكن إغفالها . لكن في هذه الحالة إمكانية الكشف ستكون أعظم ، وبالنتيجة مواجهة الإجراءات المضادة CCM ستعتبر من المتطلبات ذات الأهمية الخاصة . المدى في نمط التوجيه هذا محدد ومقيد بقوةالمرسلة emitter ، إلا أن وظيفة الحجم والوزن مرتبطة بما هو مسموح ومقبول ضمن الحيز الداخلي لجسم الصاروخ . على الرغم من هذا ، التقدم المنجز في حقل الإلكترونيات الدقيقة microelectronics أدي إلى تحسينات هامة في المدى والحجم ، أتاحت توفير أنظمة رئيسة للتوجيه الطرفي على مستوى عالي من الدقة لصالح الأنظمة الجوية . 


· التوجيه نصف النشيط semi-active homing : المنظومات والذخيرة في هذا النوع من أنماط التوجيه لا يمكن تحميلها كآلية عمل صفة "أطلق وأنسى" بالمعنى الدقيق للكلمة ، لأنها تحتاج لقيام المشغل أو وحدة الإطلاق باستمرار إنارة illuminate الهدف واستخدام مصدر إشعاعي . هذا الترتيب يستعمل عموما عندما يكون حجم المرسلة أو الباعثة emitter (هوائي رادار أو معين ليزري) كبير نوعاً ما ، أو عند الرغبة في تقليل عامل كلفة الانتاج . مع ذلك فإن القذيفة في نمط التوجيه هذا يمكن أن توضع بعيداً عن مصدر الإضاءة ، وبعد إطلاقها يضمن باحثها الذاتي عملية الإطباق والإقفال lock on على الهدف (يستلم المستقبل الإشارات المرتدة عن الهدف ويجري عملياته الحسابية ، ويرسل بالتالي أوامر الكترونية لقسم السيطرة control section الذي يعطي بدوره إيعازات لزعانف التوجيه للانقياد تجاه الهدف) حينها يستطيع المشغل مغادرة مكان الرمي ، في حين يستمر المشغل الآخر القائم على وحدة الارسال في عمله بإضاءة الهدف حتى إصابته . التوجيه اليزري يمثل أحد أنماط هذه التقنية ، إذ يلجأ المشغل لاستخدام شعاع ليزر لتوجيه قذيفة ما إلى هدف معين ، ليطلق على النظام بعد ذلك مسمى "التوجيه الليزري نصف النشيط" SALH . في هذه التقنية , الليزر يستمر في إشارة الهدف وإشعاع الليزر يثب وينعكس عن الهدف ليتفرق في جميع الاتجاهات (هذه معروفة بطلاء الهدف painting the target) . الصاروخ أو القذيفة أو القنبلة ، تطلق أو تسقط في مكان ما قرب الهدف ، وعندما هي قريبه بما فيه الكفاية لبعض من طاقة الليزر المنعكسة من الهدف , يكتشف باحث ليزر من أي اتجاه هذه الطاقة تجيء ، ويعدل مسير المقذوف نحو المصدر . 


· التوجيه السلبي passive homing : نمط التوجيه السلبي يتميز بكونه مستقل ولا يحتاج لمصدر توجيه خارجي external guidance ، إذ يتشابه نمط التوجيه هذا مع نمط التوجيه نصف النشيط في كونه يستقبل فقط الإشارات ولا يمكنه إرسالها transmit . الذخيرة التي تستخدم هذا النمط في التوجيه ، تنقسم إلى نوعين مميزين ، فهي إما تعتمد على نوع من أنواع الطاقة الصادرة والمنبعثة عن ذات الهدف (يطلق عليهم مصطلح مقتفو البقع الساخنة hot spots أو الباحثين عن الحرارة heat seekers) ، أو تعتمد على صورة حرارية للهدف يقوم باحث القذيفة باكتسابها وتخزينها في ذاكرته ، ثم الإطباق عليها وتعقبها قبل عملية الإطلاق LOBL ، وكما هو الحال في بعض المنظومات الصاروخية الحديثة . وبشكل عام تعمل الكثير من منظومات التوجيه السلبي الحديثة في توجيهها على التقاط الإشارة الحرارية heat signature التي يقوم باحث الأشعة تحت الحمراء بتعقبها ورصدها ، حيث يستقبل هذا الإشارات الصادرة عن الهدف ويمررها لقسم السيطرة control section في منظومة السلاح ، والذي بدوره يقوم بحساب زاوية الهجوم الصحيحة correct angle واعتراض الهدف عن طريق التحكم ميكانيكياً بزعانف أو أجنحة التوجيه . البواحث السلبية عالية الأداء في الحزم المرئية وتحت الحمراء تميل إلى أن تكون متأثرة وحساسة sensitive إلى الإشعاع الناتج عن الهدف والخلفية المحيطة ، وتحتاج في الحقيقة لمعالجة الإشارات المستلمة لتمييز الهدف . تشتغل الأنواع الأخرى للباحث السلبي ببساطة كجهاز قياس لكثافة طاقة الإشعاعالكهرومغناطيسي radiometers ، فهي حساسة فقط إلى إشعاعات الهدف نفسه (سواء كانت تحت الحمراء أو مليمتريه أوحرارية أو رادارية)


أمثلة أنماط التوجيه تتفاوت وتختلف في مفاهيمها وآلية عملها كما ذكر ، ويمكن للمتابع أن يلحظ اختلاف كبير في التفاصيل . وتعرض أسواق السلاح حالياً تشكيلة متنوعة من أنظمة التوجيه المعدة لتجهيز الصواريخ المضادة للدروع المطلقة من منصات أرضية أو جوية ، فهناك التوجيه الليزري Laser guidance ، التوجيه التلفزيوني Television homing ، التوجيه بالأشعة تحت الحمراء Infrared homing ، التوجيه بالموجات المليمتريه Millimeter wave homing وهناك منظومات مختلطة تضم أكثر من نمط توجيه ، يطلق عليها Multi-Spectral homing أو التوجيه متعدد الأطياف .

20‏/2‏/2013

القـــاذف الكتفـــي .. RPG-29 .


القــــــاذف الملقـــــب بمصـــــاص الدمـــــاء Vampir
 RPG-29



في شهر أغسطس من العام 2007 ، وبينما كانت دبابة Challenger 2 بريطانية في دورية روتينية قرب مدينة العمارة al-Amarah العراقية ، تعرضت هذه الدبابة التي تعد واحدة من أكثر الدبابات تطوراً وتحصيناً في العالم ، لهجوم بقذيفة كتفية تعمل بالدفع الصاروخي rocket-propelled grenade ، صنفت آنذاك على أنها خاصة بالسلاح الروسي RPG-29 . الرأس الحربي للقذيفة صدم مقدمة هيكل الدبابة ، المجهز بدروع تفاعلية متفجرة ERA تحميه من القذائف الحربية ذات الشحنة الجوفاء Hollow Charge . واستطاع الرأس الحربي اختراق قرميد الدرع المتفجر وثقب تصفيح الهيكل وصولاً حتى حجرة سائق الدبابة وإصابته .. الهجوم تسبب في فقدان السائق نصف قدم رجله اليسرى ، في حين أصيب اثنان آخران من طاقم الدبابة بجروح متفرقة . ويصف قائد الوحدة اللحظة التي ضربت فيها القذيفة الدبابة في رسالة أرسلها لأحد أفراد طاقم الدبابة الجرحى حين ذكر "أتذكر مشاهدة إطلاق القذيفة ، عندما صرخت يا إلهي !! هذا سيء" ، كما أن سائق الدبابة البريطاني لا يزال يتذكر ما حدث حين يقول "عندما اصطدمت القذيفة بالهيكل ، التقطت صدمة الانفجار blast shock ، التي قذفتني بعيداً باتجاه الحائط الخلفي للبرج .. الانفجار أحرق حواجبي وجزء من وجهي ، الدبابة كانت ممتلئة بالأدخنة والأبخرة ، وبدأت بالصراخ أنا أصبت .. أنا أصبت .. ورجلي قد قطعت" .


القاذف RPG-29 الملقب بمصاص الدماء Vampir ، هو أحد أكثر القاذفات الكتفية المضادة للدروع تميزاً وفاعلية في أداءه ، وهو من تطوير المهندس VS Tokarev من شركة "بازلت" Bazalt . القاذف RPG-29 سلاح متعدد الاستخدام وقابل لإعادة التلقيم ، وعملية شحنه بالذخيرة تتم من عقب السلاح breech-loading . أدخل هذا القاذف الكتفي الخدمة في الجيش السوفييتي مع قذيفته ثنائية الرؤوس PG-29V في العام 1989 ، وقدم للجمهور أولاً العام 1993 في معرض IDEX-93 الدولي للأسلحة في أبو ظبي ، وهو من عيار 105 ملم . سبطانة القاذف جرى تصميمها بحيث تكون قابلة للتقسيم ، حيث يمكن فصلها لجزأين متساويين تقريباً في الطول لسهولة الحمل (الجزءان محمولان من قبل رجل واحد ضمن عدته الخاصة) مع إمكانية تزويدها بمنظار تصويب نهاري من نوع 1P38 بقدرة تكبير 2.7× وحقل رؤية حتى 13 درجة ، أو آخر ليلي من نوع 1PN51-2 (السلاح في هذه الحالة يحمل التعيين RPG-29N) . يبلغ وزن القاذف وهو جاهز للرمي 13.6 كلغم ، وطوله الأقصى يبلغ 1.85 م ، في حين يصل مداه في الرمي المباشر 300 م ، ومدى التصويب الأقصى يصل إلى 500 م . وتؤكد الشركة المنتجة أن دقة سلاحها تجاه هدف متحرك يمكن أن تصل 85% عند المدى الأقصى ، علماً أن جسم سبطانة القاذف يمتلك عمر عملياتي لنحو 300 إطلاقه (غرفة احتراق شحنة الدافع combustion chamber مصنوعة من الفولاذ المقسى) .



الرأس الحربي لهذا القاذف PG-29V الذي يبلغ وزنه 4,5 كلغم (كامل القذيفة يبلغ وزنها 6.7 كلغم) ، قادر على اختراق دروع متجانسة بسماكة 750 ملم أو نحو 600 ملم بعد تجاوز الدروع التفاعلية ، كما يستطيع اختراق 1.5 م من الإسمنت المسلح ، وهو من النوع الترادفي المخصص لمواجهة الدروع التفاعلية المتفجرة ، حيث يمتلك المقذوف شحنة ناسفة في مقدمة رأسه الحربية من عيار 64 ملم . وعند احتراق كامل شحنة الدافع في تجويف السبطانة (محرك صاروخي من مرحلة دفع واحده بوقود صلب) ، فإن المقذوف يغادر السبطانة السلاح بسرعة فوهة 255 م/ث ، حيث تنفرد ثمانية زعانف اتزان stabilize fins تكفل استقرار المقذوف أثناء طيرانه ، كما يشتمل المقذوف على خطاط لضبط التصويب . النوع الآخر من الرؤوس الحربية المخصص لهذا القاذف هو TBG-29V ، الذي يشتمل على متفجرات الوقود الجوي .



قدرات الرأس الحربي المضاد للدروع لهذا السلاح جرى فحصها في اختبارات نيران ميدانية ، الأهداف كانت دبابات T-80 وT-90 ، حيث استطاعت بعض إطلاقاته اختراق دروع القوس الأمامي لهذه الدبابات . القاذف RPG-29 استخدم في العديد من النزاعات الدولية ، فقد ذكرت مصادر إسرائيلية أن هذا السلاح الذي استخدمه رجال حزب الله Hezbollah خلال حرب لبنان العام 2006 ، كان أحد الأسباب الرئيسة لإصابات وخسائر الدبابات الإسرائيلية . كما أستخدم السلاح في شهر مايو من العام 2008 في العراق ضد دبابة أمريكية من طراز M1 Abrams ، واستطاع الرأس الحربي للقذيفة اختراق تصفيح دروع هيكل الدبابة من الجهة الأمامية .


17‏/2‏/2013

التدريع التفاعلي الإسرائيلي المتفجر Blazer .


التدريـــــع التفاعلـــــي الإسرائيلـــــي المتفجـــــر Blazer


التجربة الإسرائيلية في نزاعاتها مع جيرانها وكذلك مجمل صراعات الشرق الأوسط ، أكدت على الأهمية المتزايدة لتأمين حماية دبابة المعركة الرئيسة MBT ، خصوصاً تجاه الأسلحة الموجهة المضادة للدروع والقواذف الخفيفة المحمولة من قبل أفراد المشاة . ففي حرب أكتوبر 1973 ظلت الدبابات الإسرائيلية محمية بدروعها الأصلية فقط . وأثناء القتال تبين بسرعة أن هذه الدروع كانت ضعيفة للغاية إزاء قذائف الطاقة الكيميائية CE . كانت الكثير من الإصابات الإسرائيلية على امتداد جبهة السويس في الأيام الثلاثة الأولي من الحرب قد وقعت في صفوف أفراد أطقم الدبابات الإسرائيلية ، الذين خاضوا تفاصيل المعركة الرئيسة ، وألقي على عاتقهم مهمة مواجهة زخم الهجوم المصري الضاري .


عقب الحرب ركز الإسرائيليون الكثير من جهودهم على إجراءات ناجحة لتقليص الإصابات بين أفراد أطقم الدبابات ، وكان من نتائج تلك الجهود (بالإضافة لتزويد دباباتهم بأنظمة إطفاء آلية) تصميم الصفائح المدرعة الإضافية "بليزر" Blazer التي يسهل تثبيتها على الدروع القائمة ، وقامت القوات الإسرائيلية بالفعل بتركيب هذه الدروع المتفجرة الإضافية على دباباتها من طراز M48A5 ، Centurion وM60A1 خلال حرب لبنان العام 1982 .. التدريع الإضافي المثبت على الدبابة Centurion على سبيل المثال ، تألف عند ظهوره من قراميد تفاعلية قليلة السماكة ، مثبتة على حافة البرج ، أما القراميد السميكة ، فقد جرى تثبيتها على الأجزاء المائلة للأمام وعلى طرفي السلاح الرئيس . وقد وضع ثقب من الجزء الأيسر من برج الدبابة للرؤية الأمامية ، وكذلك للسماح برمي الرشاشة المحورية . كما ثبتت قراميد تفاعلية ، والتي هي بشكل أوتاد ، فوق صناديق التخزين الموجودة في الأمام فوق واقيات الجنازير track guards . لقد بلغ الوزن الإضافي لهذه الدروع بالنسبة للدبابة Centurion نحو 850 كلغم .

أما بالنسبة للدبابة M60A1 ، فقد زودت هذه بسبب ضعف دروعها الرئيسة (يطلق على هذه الدبابة في إسرائيل اسم قداحة رونسون Ronson lighter ، بسبب أن برجها حين يصاب بقذيفة معادية ، يشتعل فيه السائل الهيدروليكي بسرعة كبيرة) بعدد كبير من القراميد التفاعلية التي ثبتت حول البرج . هذه القراميد تكون عادة سميكة وعميقة أفقياً ، مع وضع قطع أكثر خفة من القراميد بشكل غير فني على الأقسام والأسطح العليا من الدبابة . ذلك لأن تقوس البرج وزواياه المختلفة وقضية حجب الرؤية ، كلها أمور لا تساعد على وضع قراميد أو صناديق رئيسة في ذلك الموضع . ولكون القسم الأمامي المائل من البرج في الدبابة M60 هو مقوس أو منحني ، فقد كان من الضروري وضع هيكل صفيحة يمكن تثبيت القراميد الإضافية عليه . لقد أكتمل تأسيس الدبابة M60 بإضافة أقسام من هذه القراميد على جانبي فتحة السائق ، للمساعدة على حماية تلك المنطقة الواهنة ، حيث يلتقي البدن مع الأقسام الإضافية المائلة على طرفي عش المدفع ، وبلغ وزن مجمل هذه الدروع الإضافية نحو 1000 كلغم . 


عرضت الدروع بليزر عند تطويرها لاختبارات مكثفة تتعلق بقدراتها البالستية واختبارات السلامة Safety Tests ، وأثبتت هذه قدرات فريدة ومميزة على الصمود ، حيث أجريت هذه الاختبارات في ظروف مشابهة لظروف ساحة المعركة الحقيقة ، وكان الهدف من تلك الاختبارات ، التأكد من أن طبقة المتفجرات لن تبدأ في عملها ، إلا بعد إصابتها بشحنة مشكلة ، وأن تلك الدروع لا يمكن هزيمتها بأمطار الدبابة بوابل من الطلقات النارية الصغيرة أو شظايا المدفعية artillery fragments ، حيث اشتملت قائمة الاختبارات على : قابلية التفاعل مع نيران الأسلحة الصغيرة ، الدمار الإضافي المصاحب ، مواجهة درجات الحرارة القصوى والصدمات الحرارية ، النقل والاهتزاز واختبار الطرق ، عامل السرعة في التخزين ، مقاومة نفاذية الماء ، قابلية التفاعل مع شظايا الهاون والمدفعية ، مواجهة نيران الحرائق ، التأثر بعمليات اللحام والقطع .

لقد تم إنجاز كافة هذه الاختبارات بنجاح وبنتائج ملموسة ، على سبيل المثال تم وضع مجموعة من الدروع التفاعلية بليزر عند درجات حرارة قريبة من 700 مئوية ولمدة ساعتين ولم يقع أي انفجار . تم أيضاً إجراء الاختبارات لآلاف الطلقات من عيار 7,62 ملم و23 ملم ، من مدى قريب برميات مفردة ورشقات ، ولم يكن لهذه تأثير كافي لتفجير القراميد التفاعلية ، وتم الحصول على نفس النتائج بالنسبة لشظايا الهاون والمدفعية . إن القدرات العملية للدروع بليزر تم إدراكها وتلمسها أثناء الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان العام 1982 ، حيث حسنت هذه الدروع من فرص نجاة الطاقم في الكثير من الحالات ، وفي إحداهما أصيبت دبابة M48 مرتين من قبل قذائف RPG-7 أطلقت من مسافة أقل من 100 م ، ولم يؤدي ذلك إلى اختراق الدبابة التي كانت مزودة بهذا النوع من الدروع .


يستطيع التدريع بليزر في منطقة جانبي البرج أن يوفر حماية كما أظهرت الاختبارات تجاه القذائف السلكية الموجهة نوع ساغر عند زاوية هجوم تبلغ 30 درجة . أما مقدمة البرج والهيكل ، فبالإضافة إلى توقيف كامل للقذائف الموجهة من نوع RPG- 7 عند أي زاوية هجوم ، فإنها تستطيع إيقاف مقذوفات الصواريخ ساغر بأي زاوية هجوم . النوع الأحدث من التدريع الإسرائيلي أطلق عليه Super Blazer ، وبالإضافة لقدرته على توفير حماية تجاه قذائف الشحنة المشكلة shaped charge ، فإنه يستطيع توفير حماية تجاه قذائف الطاقة الحركية kinetic energy . كما أن التدريع الجديد لا يتفاعل مع الطلقات الخارقة للدروع ، وحتى مع إطلاقات العيار 23 ملم ، وذلك من أي زاوية هجوم ومن مدى صفر . كما إنه لا يتفاعل مع شظايا قذائف المدفعية والهاون المنطلقة من مسافة 2 متر .

15‏/2‏/2013

الصاروخ الأمريكي الموجه رادارياً .. AGM-114L Hellfire .


الصــــــاروخ الأمريكــــــي الموجــــــه راداريــــــاً
 AGM-114L Hellfire


تقنية التوجيه باستخدام باحث الموجات المليمتريه MMWS تم اعتمادها في العام 1992 لصالح مشروع الصاروخ الأمريكي الأحدث AGM-114L الذي يتبع سلسلة الصواريخ الشهيرة الموجهة ليزرياً "هيل فاير" Hellfire . هذا السلاح من تطوير شركتي "روكويل إنترناشونال" Rockwell International و "لوكهيد مارتينا" Lockheed Martin ، ويعمل بالتوافق مع منظومة Longbow التي هي عبارة عن نظام رادار متكامل للسيطرة على النيران FCR يعمل مع رادار موجات مليمترية ، مصعد فوق قمة سارية الدوار الرئيس للمروحية الهجومية الأمريكية AH-64D Apache . إن الصاروخ AGM-114L هو في الأساس نسخة مماثلة ومشتقة عن القذيفة AGM-114K ، لكن مع استبدال الباحث الليزري نصف النشيط SAL بآخر راداري نشيط ذو موجات مليمتريه يستخدم للتوجيه النهائي terminal homing ، مما زاد قليلاً من طول الصاروخ ووزنه . هكذا تطلب التعديل الجديد توفير غطاء أو قبة أمامية لهوائي الرادار بدلاً من القبة الأنفية الزجاجية كما في نماذج صاروخ هيل فاير السابقة . مجموعة الرأس الحربي مزدوج الشحنات ومجموعة وصلات التحكم ونظام الدفع ذو الوقود الصلب وأجزاء السيطرة بقيا بدون تغيير . إن الصاروخ المدعو أحيانا باسم Longbow هو بطول 1.78 م ، وقطر جسمه يبلغ 178 ملم , مع امتداد أجنحه يبلغ 0.33 م ، ووزنه المتوقع هو فقط دون 50 كلغم . أثناء هجوم ، اكتساب الهدف منجز أما من قبل رادار السيطرة على النيران AN/APG-78 الخاص بالمروحية ، أو من خلال منظار تعيين واكتساب الأهداف TADS . المعطيات تغذي إلى الصاروخ لكي ينسق ويرصف رادار الموجة المليمتري النشيط ونظام التوجيه بالقصور الذاتي inertial guidance systems . الغرض من تطوير الصاروخ AGM-114L كان توفير نظام قذيفة لجميع ظروف الطقس مع قابليات نهارية وليلية day/night capability . الإطلاق الأول لهذا الصاروخ من مروحية أباتشي AH-64D حدث في شهر يونيو العام 1994 . كما تم تحقيق اطلاق نار ناجح أيضاً من طائرة أباتشي تستعمل بيانات ومعطيات ممررة من مروحية Longbow تطير على حده من مسافة 700 م ، دون أن تحصل الطائرة المطلقة للصاروخ على اكتساب مسبق للهدف .


يحتوي رادار السيطرة على النيران في المروحية AH-64D على نظام مدمج لقياس تداخل الترددات الراديوية RF interferometer ، والذي هو باختصار عبارة عن أداة لتعيين التداخل الذي يحدث عند انطباق الموجات الكهرومغناطيسية electromagnetic waves على بعضها البعض ، حيث يتسبب هذا الامتزاج في عرض بعض الملكيات الخاصة التي تميزها عن الحالة الأصلية للموجة . هذا النظام يحدد المواقع ويصنف الأهداف المشعة emitter targets (باعثة للإشارات) ، فإذا كان الهدف متحرك أو ثابت عند مدى قصير ، فإن رادار الصاروخ يكتسب الهدف بناء على بيانات ومعلومات ممره من رادار المروحية AN/APG-78 أو من منظار تعيين واكتساب الأهداف TADS ، ليقفل عليه قبل عملية الإطلاق LOBL . في هذا النمط ، يقوم رادار الصاروخ لحظة الاطلاق بعمل تحديثات مستمرة لنظام توجيه القذيفة حتى الارتطام بالهدف . أما إذا كان الهدف ثابتاً وبعيد المدى نسبياً ، فإن الصاروخ يطلق باتجاه موضع الهدف وفق مبدأ الإقفال بعد الإطلاق LOAL . في هذا النمط ، يعمل نظام التوجيه بالقصور الذاتي الخاص بالصاروخ على قيادته وتسييره باتجاه الهدف .


وعندما يكتسب شعاع الرادار الماسح الخاص بالصاروخ الهدف ، فإنه يقفل عليه ويقوم راداره المليمتري بتوفير تحديثات مستمرة لنظام قيادة الصاروخ أثناء التوجيه النهائي حتى الارتطام بالهدف (الصاروخ عملياً قادر على اصابة هدفه دون الحاجة لأن تكون منظومة الإطلاق launcher على خط البصر إلى الهدف مباشرة) . هو أيضاً يوفر قابلية عمل في الطقس غير الملائم وساحات المعركة المعتمة ، بمعنى تلك المحجوبة والمغطاة بالدخان والضباب ، والتي عادة تكون قادرة على اخفاء مواقع الأهداف ، أو منع ليزر التعيين designating laser من إنتاج الانعكاس القابل للكشف لشعاع الليزر . عموماً الصاروخ اختبر على نطاق واسع وضمن إجراءات مضادة متعددة counter-measures وأثبت نجاح التصميم . اختبارات إطلاق النار على الصاروخ AGM-114L الذي يمتلك مدى من 500-8000 م بدأت في يونيو العام 1994 ، وعمليات انتاجه قررت في العام 1995 ، ليدخل الصاروخ بعد ذلك الخدمة في العام 1998 ، حيث استخدم كما تتحدث العديد من المصادر خلال حرب أفغانستان وحرب تحرير العراق .

8‏/2‏/2013

الصاروخ ذو التعقب البصري الموجه سلكياً .


الصــــاروخ ذو التعقــــب البصــــري الموجـــــه سلكيـــــاً
 BGM-71 TOW


ترجع بدايات تطوير هذا الصاروخ لأواخر الخمسينات ، عندما بدأ الجيش الأمريكي دراساته لاستبدال الصواريخ الفرنسية SS-10 و SS-11 التي في خدمة قواته المسلحة ، فمنحت لاحقاً عقود التصميم لثلاثة شركات كبرى لتطوير صاروخ موجه مضاد للدروع ذو تطبيقات أرضية وجوية على المروحيات ، فبدأت أعمال التطوير لهذا السلاح في العام 1962 واستمرت حتى العام 1968 عندما منحت شركة "هيوز للطيران" Hughes Aircraft عقد إنتاجه النهائي ، ودخل أول إنتاجه في خدمة الجيش الأمريكي في شهر سبتمبر العام 1970 ، ولا يزال قيد الاستخدام في الكثير من القوات المسلحة العالمية . أما عن أول صاروخ TOW استخدم في موقف عملياتي ، فقد كان في شهر مايو العام 1972 قرب مدينة Hue جنوب فيتنام ، حيث بلغت نسبة النجاح المسجلة من قبل المروحيات المسلحة 65 ضربة مباشرة من مجمل 81 صاروخ تم اطلاقه (أكثر قليلاً من 80%) . إن كلمة TOW هي اختصار لجملة "مقذوف من أنبوب ، ذو تعقب بصري ، موجه سلكياً" Tube-launched, Optically-tracked, Wire-guided . ومع دخوله الخدمة ، تم استبعاد المدافع عديمة الارتداد نوع M40 من عيار 106 ملم والصواريخ سالفة الذكر بالإضافة للصاروخ ENTAC من الخدمة .


يستخدم الصاروخ TOW أسلوب التوجيه المسمى SACLOS ، وتعني "القيادة نصف الآلية إلى خط البصر" . فبعد أن يضع الرامي شعيرات التقاطع cross-hairs على الهدف ، يضغط على زر الإطلاق ، ليبدأ محرك المرحلة الأولى في قذف الصاروخ خارج حاويته خلال 0.50 ثانية . عندها تنفرج زعانف الاتزان وسط جسم الصاروخ ، وكذلك زعانف السيطرة الذيلية tail-fins الأربعة للخارج ، لتبدأ في ذات الوقت منارة أو مشعل زينون xenon beacon في مؤخرة الصاروخ بإصدار أشعة تحت الحمراء ذات موجة قصيرة short-wave ، بالإضافة لعمل منارة حرارية عالية التركيز توفر مصدر تتبع للموجة الطويلة للأشعة تحت الحمراء (يوفر هذا الثنائي مقاومة متزايدة للإجراءات المضادة الكهروبصرية EOCM) . بعد قطع مسافة سبعة أمتار من منصة الإطلاق أو زمن 1.6 ثانية ، يتوهج محرك الصاروخ الرئيس ، ليبدأ معها تعجيل الصاروخ لسرعة قصوى تبلغ 278 م/ث . ويتحسس المعقب الموجود في وحدة الإطلاق ، الإشعاع تحت الأحمر المنبعث من منارة الصاروخ الخلفية ، وبذلك يتم تحديد أي انحراف في خط سير الصاروخ ما بين الرامي والهدف ، وبعدها تجري عمليات تصحيح لطيران الصاروخ ، ووفقاً للأوامر التي يرسلها الحاسب الآلي . ويتم إرسال الأوامر التصحيحية corrective commands عبر سلكين مثبتين في مؤخرة الصاروخ (ولهذا السبب توضع عوادم المحرك على جانبي جسم الصاروخ وليس خلفه) وينحلان منه أثناء طيرانه . ويستمر الرامي في عمله والتركيز على إبقاء الشعيرات المتقاطعة على الهدف حتى إصابته ، مع ملاحظة أن الرأس الحربي يتم تسليحه بعد تجاوز مدى 30-65 م . يقطع الصاروخ TOW مداه الأقصى والبالغ 3750 م خلال نحو 22 ثانية (المدى الأدنى 65 م) .


حرصت الشركة المنتجة للصاروخ على إجراء عمليات تطوير وتحديث مستمرة لهذا الصاروخ ، فبعد الصيغة الأولية BGM-71A التي لم يكن يتجاوز مداها 3000 م ، وقدرتها على الإختراق 600 ملم ، جرى تطوير النسخة الأحدث عام 1976 ، وأطلق عليها اسم BGM-71B وتميزت بمدى أطول بلغ 3750 م . هذه النسخة طورت بالأصل للعمل مع المنصات الجوية ، وتحديداً مع المروحية UH-1B . ثم بدأ في العام 1978 برنامج تطوير النسخة الأحدث BGM-71C لتظهر للعلن العام 1981 . هذا الصاروخ صمم لدحر وهزيمة الدروع الجديدة واشتمل على رأس حربي أكثر قوة ، ومجس طويل بطول 381 ملم مثبت في مقدمة الصاروخ لتحسين مسافة المباعدة stand-off distance وتحسين قدرة الاختراق حتى 800 ملم . ظهرت بعد ذلك النسخة BGM-71D أو النسخة TOW-2 ، وباشرت شركة هيوز تطويرها في العام 1980 لتظهر في العام 1983 . اشتملت هذه النسخة على تحسين في قدرات دفع المحرك لنحو 30% ، والرأس الحربي الذي أصبح أكبر حجماً بزنة 5.9 كلغم ، ومجس أكثر بروزاً probe extended بطول 540 ملم لزيادة مسافة التحفظ التي تحتاجها الشحنة المشكلة لتكوين نفاثها الخارق ، بالإضافة لوحدة توجيه مطورة مضادة للتشويش . كما جرى تزويد وحدة الإطلاق بالمنظار الحراري الليلي thermal night sight نوع AN/TAS-4 الذي تم الانتهاء من تطويره العام 1980 . قابلية الاختراق في الصاروخ TOW-2 بلغت 850 ملم ، وتحدثت مصادر أخرى عن 900 ملم .


ظهرت لاحقاً في العام 1987 النسخة BGM-71E والمدعوة TOW-2A . اشتملت هذه النسخة على رأس حربي ترادفي tandem warhead لدحر الدروع التفاعلية المتفجرة ، حيث بلغ وزن الشحنة الرئيسة 5.9 كلغم ، في حين الشحنة الابتدائية الممتدة للأمام لمسافة 300 ملم ، بلغ وزنها 0.3 كلغم وقطرها 38 ملم . قدرت قابلية اختراق الصاروخ TOW-2A للدروع الفولاذية المتجانسة (بعد تجاوز قراميد الدرع التفاعلي المتفجر) بنحو 850-900 ملم . لقد تم وضع كتلة تعويضية في مؤخرة جسم الصاروخ لموازنة الثقل الناتج عن زيادة وزن الرأس الحربي في المقدمة . استخدم هذا الصاروخ على نطاق واسع خلال عمليات عاصفة الصحراء Desert Storm وأطلق أكثر من 3000 صاروخ خلال العمليات ضد القوات العراقية (طورت في منتصف العام 2001 نسخة منه حملت التعيين BGM-71H مخصصة لمهاجمة الدشم والتحصينات bunker buster ، دخلت الانتاج في العام 2006) . النسخة BGM-71F المسماة TOW-2B ذات قدرات مميزة في الهجوم العمودي top-attack على قمة الهدف المدرع ، حيث يكون التدريع أقل سماكة . باشرت أعمال تطوير هذه النسخة في سبتمبر من العام 1987 ليبدأ الانتاج العام 1990 وتدخل الخدمة في العام 1992 . لقد زودت هذه النسخة بمنظومة من المجسات Sensors ، مثل الليزر البصري optical laser ، والمجس المغناطيسي magnetic sensor ليمكنها تحديد الهدف وتقدير زمن تفجير الرأس الحربي . هذه المجسات تتيح التعرف على الهدف بواسطة شكله ، والتنبؤ بأماكن الضعف في دروع البرج من خلال حساب كمية تراكم الصلب metal mass في مختلف المواقع ، ليتم الهجوم بعد ذلك من ارتفاع متر واحد تقريباً فوق جسم الهدف . الرأس الحربي في هذه النسخة يشتمل على شحنتين ثنائيتين نوع EFP بقطر 149 ملم لكل منهما موجهتين نحو الأسفل ، قادرتين على تجاوز الدروع التفاعلية وتحقيق دمار عنيف للهدف المدرع . 

6‏/2‏/2013

قوة الضربة ...... AH-64A Apache .


  حرب الخليـــج وعاصفـــة الصحـــراء .. قــوة الضربــة
AH-64A Apache


الدروس العملياتية الأبرز للمروحيات الهجومية هي تلك التي قدمتها طائرة AH-64A Apache خلال حرب الخليج في عملية عاصفة الصحراء العام 1991 ، عندما بدأت طلائع وحدات المروحية تصل لمسرح العمليات بتاريخ 24 نوفمبر العام 1990 . وحتى تاريخ 15 يناير 1991 كان عدد 147 مروحية أباتشي قد وصلت لقواعدها في الخليج . الصعوبات الأولى التي تمت مواجهتها تعلقت بمدى تكيف هذه المروحيات مع الأجواء والبيئة الصحراوية desert environment . لقد تسببت هذه ببعض القلق بالنسبة للمخططين العسكريين ، كما هو الحال بالنسبة للأطقم وأفراد الصيانة . لقد تسللت الرمال الدقيقة إلى تجاويف معظم أجزاء المروحية أباتشي ، بما في ذلك كابينة القيادة ووحدات الطاقة المساعدة auxiliary power units ، وهذا ما ألقى بشكوكه حول القدرات المرتقبة للمروحية في هذه الظروف .


في 17 يناير 1991 قامت أربعة طائرات مروحية من طراز MH-53 Pave Low تابعة لسرب العمليات الخاصة العشرون SOS ، بقيادة مجموعتين قتاليتين من ثمانية مروحيات أباتشي مجهزة بصواريخ Hellfires وقذائف Hydra 70 وخزان وقود إضافي لكل منها ، للقيام بالضربة الأولى في الحرب ، والتي أطلق عليها الاسم الرمزي "نورماندي" Normandy (الاسم الذي أطلق على عملية تحرير أوربا من الاحتلال الألماني خلال الحرب العالمية الثانية) . مهمة الطائرات كانت على درجة عالية من الخطورة والسرية ، وتتركز على مهاجمة وضرب منظومات التحذير المبكر الرادارية early-warning radar في المنطقة الغربية من الأراضي العراقية . وفي الساعة 0238 وبعد قطع مسافة 90 كلم ، استطاعت القوة الجوية تحديد أهدافها (الهدفان يبعد كل منهما عن الآخر مسافة 56 كلم) والتزم فريق طاقم الوحدات المهاجمة الصمت والتعتيم اللاسلكي قبل الوصول لمواقعها المحددة بنحو 10 ثوان ، وعند وصولها تولى كل فريق من أربعة مروحيات أباتشي توجيه نيرانه نحو كل هدف ، وأطلق العنان لعدد 27 صاروخ من طراز Hellfire لتصيب عدد 16 هدف من أصل 18 هدف في كل موقع ، واستطاعت المروحيات تنفيذ المهمة بنجاح وتدمير الأهداف الرادارية خلال خمسة دقائق فقط . لقد فتحت هذه العملية الجريئة ممراً بعرض 20 ميل ، مهيأة الطريق أمام طائرات التحالف للتوجه نحو أهدافها في العاصمة العراقية بغداد . وبالفعل خلال 22 دقيقة كانت أكثر من مائة طائرة نفاثة أمريكية تعبر الحدود نحو أهدافها بدون سابق إنذار للعراقيين ، وتبدأ معها عملية عاصفة الصحراء Operation Desert Storm رسمياً . ومع نهاية اليوم استطاعت فعلياً نحو 900 طائرة نفاثة للتحالف العبور لأهدافها في العراق .


استخدام مروحيات أباتشي لضرب محطات التحذير الرادارية العراقية المبكرة ، كانت واحدة من ضمن ثلاثة خطط موضوعة بتصرف مخططي القيادة المركزية الأمريكية لتنفيذ هذه المهمة الخطرة والحاسمة . كان السؤال المهم .. كيف سنُحدث ونفتح هذا الممر ؟؟ هم اقترحوا ثلاثة خيارات رئيسة لتجاوز هذه المعضلة ، أحدها باستخدام قوات العمليات الخاصة special operations forces لتدمير مواقع الرادار باستخدام صواريخ موجهة . الخيار الثاني كان باستخدام قوات العمليات الخاصة في دور تعيين الأهداف ليزرياً لصالح صواريخ Hellfire الخاصة بمروحيات أباتشي، الحل الثالث تمثل باستخدام طائرات نفاثة لإتمام هذه العملية وإطلاق قذائف جو-أرض موجهة على مواقع الرادارات العراقية أو صواريخ جوالة cruise missiles . وفي النهاية تم استبعاد اثنين من هذه الخيارات ، الأول الخاص بمشاركة أفراد القوات الخاصة SOF بسبب الخوف من أسرهم ومن ثم المساومة عليهم من قبل العدو . الخيار الثاني الذي تم استبعاده هو ذلك الخاص باستخدام الطائرات المروحية ، فرغم معرفة وجزم القيادة العسكرية على قدرة هذه الأنظمة على تنفيذ المهمة إلا أن المشكلة كانت تكمن في حاجة قيادة التحالف لمعلومات وتقييم عن مدى الضرر extent of damage الذي لحق بالأهداف المضروبة ، وهذه لا يمكن الجزم بها إلا من خلال التعيين البصري لموقع الهجوم .


وهكذا فأن المروحيات وأطقمها يستطيعون إدراك حجم الخسائر التي لحقت بوحدات الإنذار المبكر العراقية من خلال مشاهداتهم الشخصية ، كما أنهم يستطيعون معاودة مشاغلة الهدف مرات ومرات حتى التأكد من النجاح الكامل . الوقود الداخلي للمروحية وهي محملة بكامل تسليحها (ثمانية صواريخ Hellfires وعدد 38 مقذوف غير موجهة و1.200 طلقة للمدفع 30 ملم) كان يمكن أن يكفيها للطيران لأكثر بقليل من ساعتين متواصلتين ، أقترح أطقم وحدات المروحيات Apaches لتجاوز هذه المشكلة إضافة خزان وقود إضافي سعة 230 غالون في منطقة التخزين الداخلية اليسرى من المروحية ، فالمخططون لم يكونوا يريدون إنشاء منطقة إعادة تزود بالوقود refueling point على غرار تلك التي أنشئت في الصحراء الإيرانية 1980 لتدشين عملية إنقاذ الرهائن والتي انتهت بالفشل الذريع . ولإفساح المجال للمزيد من الوقود كان على المروحيات تخفيض حمولتها من المقذوفات غير الموجهة لنحو 19 قذيفة فقط . وفي النهاية تم الاستقرار على رأي تثبيت خزان وقود إضافي على أحد الأجنحة الجانبية للمروحية ، والذي رفع وزن المروحية بزيادة 680 كلغم ، لكنه في المقابل سهل للطائرة إمكانية الوصول لمدى 640 كلم . عملية الانطلاق كانت من منطقة تقع بالقرب من الحدود العراقية ، يطلق عليها اسم "الجوف" Al Jouf ، ومنها في الساعة الواحدة صباح يوم 17 يناير أنطلقت المروحيات باتجاه أهدافها وهي تطير بسرعة 193 كلم/س وعلى ارتفاع 15 م عن سطح الأرض ، مع صمت إذاعي كلي وشامل . كنا نستخدم نظام الرؤية الأمامية بالأشعة تحت الحمراء FLIR وكذلك نظاراتنا للرؤية الليلة night-vision goggles حتى الوصول لمنطقة الأهداف .


وبعد تعيين الأهداف بدأ الهجوم ، وانطلقت صواريخ Hellfires نحو أهدافها المختارة ، في فوضى عارمة أصابت المكان ، إطلاق الصاروخ تلو الصاروخ والقذيفة تلو القذيفة والمدفع الرشاش 30 ملم بدأ في العمل ، وعندما وصل لمسافة دون 4.000 م بدأنا بضرب ومشاغلة أنظمة الدفاع الجوي العراقية المنتشرة بالمكان . كنا نشاهد من خلال منظومة FLIR مع بداية الهجوم ومضات الإنفجارات ، أربعة طائرات أباتشيكانت تحوم بمسافة قريبة من بعضها البعض وتعمل على إطلاق نيرانها بشكل مكثف ودقيق . بعد انتهاء المهمة حلقنا على ارتفاع 2000 م كنقطة استراحة break point عن أهدافنا المحترقة ، وبعضنا اقترب لحد 800 م منها بقصد التمعن بحجم الأضرار ، ثم استدار الجميع لرحلة العودة .


وصل عدد المروحيات الهجومية أباتشي خلال حرب المائة ساعة وتحرير دولة الكويت لإجمالي من 277 مروحية ، وأخذت هذه الطائرة على عاتقها دوراً مهماً من الحرب الخاطفة الأرضية lightning ground war (وإن كانت قد عانت من بعض المصاعب الميكانيكية في بداية الحملة) واستطاعت توفير الدعم الجوي القريب لقوات الحلفاء المتقدمة ، بالإضافة لتدمير مئات الدبابات والعربات العراقية المدرعة ، مع نسبة استعداد وجاهزية بلغت 85% خلال مراحل الحرب و19.000 ساعة طيران . لقد قامت هذه الطائرة بالإضافة لأدوارها الهجومية بعمليات استطلاع واستكشاف في عمق الأراضي العدائية ، بل وحتى بعمليات استلام واكتساب المئات من الأسرى العراقيين . وخلال جميع مراحل الحرب لم تسقط سوى مروحية Apache واحدة ، أصيبت بقذيفة RPG ضربت المحرك الأيمن من جسم الطائرة . نفذ الطاقم عملية هبوط اضطراري emergency landing تحت حماية وتغطية مروحية أخرى ، التي قامت بنقلهم للخطوط الخلفية بعد تشبثهم بحمالات الأجنحة الجانبية للمروحية .