30‏/3‏/2013

مدافع الطائرات للدعم الأرضي .


مدافـــــــــع الطائــــــــــرات للدعـــــــــم الأرضــــــــــي


خلال الحرب العالمية الثانية بلغ مدفع الطائرة أهميته القصوى ، وهذا راجع بالطبع لكونه السلاح الوحيد المتوفر لعمليات القتال جو-جو ، بالإضافة لأدوار أخرى رئيسة في عمليات جو-أرض . ورأت تلك الفترة تطور المدافع الرشاشة من عيار 20 ملم ، وصولاً للعيار 50 ملم عند نهاية الحرب . وبعد الحرب تدرجت أهمية هذا السلاح حتى بلغت قيمته القصوى في الحرب الفيتنامية لمهام الاشتباكات الجوية ، ولكن بعد الحرب رأى بعض المنظرين العسكريين أن قيمة المدفع الرشاش على الطائرة المقاتلة أصبحت محدودة ، خصوصاً مع ظهور الصواريخ الجوية الموجهة ، فهم يرون أنه يتطلب تهيئة مساحة وحيز داخلي ، بالإضافة لعامل الوزن والثقل الزائد . كما أن الاهتزازات الناتجة عن إطلاق النيران ، يمكن أن تؤثر على الكترونيات الطيران وتسبب إعياءً هيكلياً structural fatigue . أضف لذلك أن بقايا المادة الدافعة والتي تغطي منطقة الرمي ، يمكن أن تسبب تآكل أجزاء الهيكل المحيطة بفوهة السلاح . رغم جميع هذه الآراء فمازالت هناك أسباب وجيه للاحتفاظ بالمدفع الرشاش ، خصوصاً لأدوار جو-أرض .


حادثة يمكن الاستشهاد بها من الحرب الأمريكية في أفغانستان ، ففي خلال معركة عنيفة في منطقة Ghar Takur عند أواخر شهر مايو من العام 2002 ، تعرضت قوة أمريكية لكمين محكم وخطير ، استوجب استدعاء طائرة الدعم الجوي الضخمة AC-130 ، وبسبب تأثير شعاع ضوء النهار على حدود رؤيتها ، لم تستطع الطائرة التدخل في المعركة واستخدام أسلحتها ، لهذا أرسل سلاح الطيران الأمريكي مقاتلاته للمساعدة ، هذه الطائرات كانت من طراز F-16 وF-15 ، ولكنها هي الأخرى واجهة مشكلة منعتها من استخدام صواريخها أو قنابلها الموجهة بسبب التقارب الكبير للمقاتلين الأفغان مع القوات الأمريكية ، هذا الأمر دفع المقاتلات لاستخدام مدافعها الرشاشة من عيار 20 ملم في قصف المواقع الأفغانية .


تجهز معظم الطائرات الهجومية الحديثة تقريباً بمدافع رشاشة ، تتراوح عياراتها بين 20-30 ملم ، أو أنها على الأقل تستطيع حمل حاويات خارجية لهذه المدافع cannon pods . وإذا كان الهدف من تركيب هذه المدافع هو توفير وسيلة دفاعية أخيرة في مواجهة هجوم طياري العدو ، فهي تفيد أيضاً في التعامل مع الأهداف أرضية ، وعند تعطل أو أخفاق أنظمة الأسلحة الرئيسة . وتستعمل المدافع الرشاشة عادة في الرمي على قوات العدو ، وبخاصة قوافل العربات خفيفة التدريع soft-skinned . وهذا الأسلوب في الهجوم ليس تكتيكاً شائعاً إلا عند مهاجمة أهداف جلية الوضوح ، فعند تنفيذه يكون على طيار أن يحلق في خط مستقيم ومستو ليسدد مدفعه الرشاش على الهدف (هذا السلوك في الرمي غير مستحب عند مواجهة أنظمة دفاع جوي معادية حديثة) . تجهز الطائرات الغربية بشكل عام بمدافع رشاشة دوارة rotary/gatling gun متعددة السبطانات ، مثل المدفع الرشاش Vulcan للطائرة المقاتلة F-16 وعياره 20 ملم ، أو المدفع الرشاش Equaliser وعياره 25 ملم الخاص بالطائرة AV-8B Harrier 2 . وهذا الأخير يتمتع بمعدل رمي يبلغ 3.600 طلقة في الدقيقة ، ومدى مؤثر تقريبي يصل إلى 1000 م . وتنفرد الطائرة A-10A Thunderbolt قانصة الدبابات في كونها الوحيدة المصممة لاستيعاب المدفع الرشاش GAU-30 عيار 30 ملم . هذا السلاح أثبت إعتماديته ، عندما تحدث الطيارون الذين هاجموا الدبابات العراقية خلال حرب تحرير الكويت عن قدرات تأثير تجاه الأهداف المدرعة الثابتة من مسافة تصل إلى نحو 2 كلم أو دون ذلك بقليل . وكانت قذائف المدفع GAU-30 المشتملة على خوارق مصنوعة من اليورانيوم المستنفذ DU قادرة على اختراق الدروع السقفية لجميع أنواع الدبابات العراقية ، بما في ذلك الدبابات سوفيتية الصنع T-72 .


ففي منتصف الستينات واجهت القوة الجوية الأمريكية حقيقة مؤلمة تتحدث عن "الغالبية الساحقة عددياً لسلاح الدروع السوفييتي" التي انتشرت على طول القطاعات المركزية لأوربا . هذه شكلت خطراً حقيقياً على قوات حلف شمال الأطلسي NATO الأقل عدداً ، فبحث الأمريكان في الحلول العديدة المتوافرة آنذاك ، ومن ضمن هذه الحلول ، طرحت أفكار حول نشر طائرات رخيصة وبسيطة نسبياً ، تحمل أسلحة مضادة للدروع حسب الطلب . المشروع أطلق عليه الاسم الرمزي X-A . أحد أسلحة وأجزاء المشروع X-A (لاحقاً ستصبح A-10) كان المدفع المحمول ، وبالفعل بدأ منتجو هذا النوع من الأسلحة في البحث عن مدفع بمعدل مرتفع من النيران يمكن أن يستخدم بفاعلية ضد الدبابات . منح عقد إنتاج المدفع لشركة General Electric (بعد منافسة شديدة مع شركة Philco Ford) التي كانت تنتج مدافع بسبطانات متعددة ، تعمل بنظام Gatling . هذا المدفع يوفر معدل نيران مرتفع جداً نتيجة اشتغاله بنمط الدوران السريع حول محوره ، والذي بدوره ، بالإضافة لتسريع عملية الرمي ، فإنه يعمل على تبريد السبطانات وإعادة تذخيرها وشحنها بالطلقات الجديدة . تدور هذه العملية بطريقة ميكانيكية منتظمة ، تشمل حتى انتزاع الذخيرة المستهلكة أو الطلقات الفاسدة . في عام 1968 قامت الشركة ذاتها بالعمل على سلاحها الأبرز المتوفر آنذاك M61A1 من عيار 20 ملم وتحويره ليصبح من عيار 30 ملم ، وكانت النتيجة مدفع بسبعة سبطانات من عيار 30 ملم أطلق عليه أسم GAU-8/A Avenger .

هناك 4 تعليقات:

  1. رائع يااستاذ انور

    ردحذف
  2. السلام عليكم
    استاذ انور اعجبني طرحك الرائع بصراحة ولكن هناك سؤال يدور في خلدي
    هل الكثافة النيرانية لها علاقة بقدرة الاختراق؟ والى اي مدى تصل هذه العلاقة؟
    فقد قرأت عن مدفع سوفياتي من نوع gsh-6-30 بمعدل الطلاق رائع حيث يصل الى اكثر من 6000 اطلاقة في الدقيقة الواحدة وهذا يعني 100 اطلاقة للثانية، هل هذه الكثافة تساعد في اختراق دروع دبابات حديثة مثل m1a2/k2/t-90

    ردحذف
    الردود
    1. السلاح الروسي سداسي السبطانات GSh-6-30 هو من عيار 30 ملم .. يمكن لهذا المدفع أطلاق تشكيلة كبيرة من الذخائر ، بما في ذلك القذائف الخارقة للدروع ، بسرعة فوهة تتراوح بين 880-890 م/ث ، مع وزن طلقات يتفاوت حسب النوع ما بين 386-404 غرام . الطلقة الخارقة للدروع الأبرز يطلق عليها AP (اختصار Armor piercing) ، وتستطيع هذه اختراق 25 ملم من التصفيح الفولاذي من مسافة 1000 م عند زاوية اصطدام تبلغ 90 درجة . أما الطلقة الثانية فيطلق عليها AP-T (اختصار Armor piercing Tracer) وهي مماثلة لقدرات سابقتها باستثناء اشتمالها على خطاط يحترق خلال ثانيتين من انطلاق القذيفة .. وجواب سؤالك نعم يمكن إختراق بعض مواضع الدبابات بهذا النوع من الطلقات كما هو الحال عند إصابة سقف الدبابة أو مؤخرتها وهكذا حيث سماكة الدرع أقل .

      حذف
    2. شكراً على المعلومات القيمة استاذنا العزيز

      حذف