18‏/8‏/2012

صفائح التدريع .. عرقلة أم امتصاص .

صفائـــــح التدريـــــع .. عرقلـــــة أم امتصـــــاص


بشكل عام تتوفر الدروع الحديثة ضمن نمطين مميزين ، فأما أن تكون هذه الدروع سلبية بليدة Passive armor ، أو أن تكون نشيطة فاعلة active armor . الدروع السلبية تعمل على إيقاف المقذوف المعادي بالاعتماد على الملكيات والخصائص المادية لمكونات الدرع وحدها ، حيث تصنع هذه المواد من تشكيلة مدهشة من المواد الغريبة ونصف الغريبة . هي قاسية جداً ، حيث تقوم فكرة عملها على امتصاص الضربات واستيعاب طاقتها. وعلى النقيض من ذلك فإن فكرة عمل الدروع النشيطة (تعرف كذلك باسم الدروع التفاعلية ، الدروع الذكية ، الدروع الكهربائية ...) تقوم على التفاعل والاشتباك مع المقذوف قبل وصوله لصفيحة التدريع الرئيسة للهدف ، بهدف عرقلة وتعطيل تقدمه عن طريق حرفه أو تحطيمه . وهكذا فإن مواد الدروع بشكلها العام يمكن تقسيمها لنموذجين مختلفين من حيث أسلوب التعامل مع تهديدات طاقة المقذوف ، فهذه إما أن تكون "معرقلة" disruptive أو "ممتصة" absorbing . حيث تميل المواد المعرقلة لأن تكون مصنعة من مواد عالية القوة مثل الفولاذ عالي التصليد high-hardness والمواد الخزفية . إن الغرض من هذه المواد في التدريع متعدد الطبقات هو تمزيق أو تشظية المقذوف القادم وكذلك إبطاء سرعته وإضعافها . وبكلمات أخرى ، تشتيت وتبديد الطاقة الحركية للمقذوف بواسطة مادة الدرع ، من خلال تحطيمه وإعادة توجيه طاقة الأجزاء والشظايا الناتجة بعيداً عن التركيب المحمي . من ناحية أخرى ، تعمل المواد الممتصة على استيعاب الطاقة الحركية للمقذوف من خلال المقدار الكبير من التشويه اللدائني ، وتحويلها لشكل أدنى من أشكال الطاقة مثل الحرارة . وتعمل المواد المقساة والمواد المركبة كأدوات امتصاص جيدة لطاقة المقذوفات الحركية ، رغم أن لها قدرة تمزيقية أيضاً . وضمن هذه التصنيف يمكن القول أن صفائح الفولاذ المقسى والمصلد في الطبقة الخارجية من منظومة التدريع وكذلك الوحدات الخزفية أو ألياف الزجاج ، تعتبر عامل عرقلة لأي تهديد قادم من الخارج ، في حين تعمل طبقة المطاط التي تليها وكذلك بطانة التشظية spall liner كعامل امتصاص ، حيث تعمل هذه على تخفيض تأثيرات التشظية بعد ثقب صفائح الدرع (يتضمن تركيبها نسيج أو ألياف صناعية معززة بمركبات أخرى ، بما في ذلك ألياف البوليثيلين polyethylene) .


وهكذا يحرص المهندسون عند تصميم وتوزيع دروع دباباتهم وعرباتهم المدرعة ، على مواجهة شكلين مختلفين من أشكال التهديدات المحتملة ، قذائف الطاقة الحركية Kinetic Energy وقذائف الطاقة الكيميائية Chemical Energy . من ناحية تهديدات مقذوفات الطاقة الحركية ، فإنها تستخدم طاقة الاصطدام المرتفعة لتحقيق النفاذ ، والنوع الوحيد تقريباً الذي له القدرة على اختراق قوس برج الدبابة الأمامي الثقيل ، هو الخارق للدروع المثبت بزعانف النابذ للقبقاب APFSDS ، حيث يصمم المقذوف عموماً لتركيز مستوى مرتفع جداً من الطاقة الحركية على مقطع عرضي صغير لأقل ما يمكن على سطح الهدف لكي يتحقق الاختراق الأعمق . ولأن الطاقة الحركية للمقذوف تتعلق بشكل مباشر بكتلته ، فإن مصممو السلاح يجاهدون لزيادة الكثافة المقطعية sectional density للمقذوف ، التي تعرف بأنها كتلة المقذوف إلى منطقته العرضية (كقاعدة عامة ، المقذوف الأعلى في كثافته المقطعية ، الأعظم في قدرته على تحقيق اختراقات أعمق) . فمع انتقال وتحرك المقذوف بسرعات مرتفعة جداً ومفرطة hypervelocity ، فإن قوة مادة الدرع عند الارتطام تصبح مهملة ، حيث أن كلتا المقذوف والدرع سيذوبان ويتصرفان مثل السوائل ، وتصبح فقط كثافة المنطقة أو الكثافة السطحية Surface density هي العامل الأهم (المصطلح يشير لكل وحدة منطقة في كتلة جسم ما موزعة على السطح ، وهذه مصورة بالكيلوغرامات لكل متر مربع ، حيث يمكن إيجاد الكثافة السطحية بأخذ كتلة جسم وتقسيمه على منطقته) . في هذه الحالة المحددة ، المقذوف بعد اصطدامه بجسم الهدف سيواصل عملية الاختراق حتى يتوقف عن تحويل زخمه واندفاعه الحركي إلى مادة الهدف . في هذه الحالة المثالية يكون فقط ، الزخم ، مقطع المنطقة العرضي ، الكثافة ، والسماكة المنظورة هي العوامل ذات الصلة والمرتبطة بموضوع تتميم حالة الاختراق ..


وللتبسيط نقول أنه عند حدوث التماس المادي بين الخارق عالي السرعة وكتلة الهدف ، فإن الطاقة الحركية للقضيب ستحول كطاقة اصطدام إلى الهدف impact energy . وستتولد موجات اهتزازية/صدمية في الهدف وكذلك موجات صدمية انعكاسية reflected shock wave ستتولد على امتداد قضيب الخارق . كلا القضيب والهدف سيواجهان ويتحملان مستويات الضغط المرتفع في منطقة الاصطدام ، كما ستتولد موجات خلخله Rarefaction waves على جوانب منطقة الاصطدام . وبينما تتعرض المادة عالية القسوة للفك والتحرر خلال حركة تقدم قضيب الخارق ، فإن تدفق لدن plastic flow يمكن أن يحدث وأيضاً فشل أو إخفاق هيكلي للمادة كما عرضت النتائج . وبعد الاصطدام ، يمكن تمييز حفرة أو منطقة التأثير المشكلة (موضع اصطدام وارتطام الخارق) بواسطة حافتها البارزة ومركزها المخروطي المرتفع . في الحرب العالمية الثانية كانت القذائف المثالية الثاقبة للدروع على هيئة رصاصة bullet-shaped ، وكان لديها سرعة أوطأ بكثير مما تتحصل عليه القذائف في زمننا الحالي ، بحيث أن ارتطامها بالدرع لم يكن يؤدي لإنجاز حالة الذوبان للقذيفة والدرع . في هذه الظروف ، قوة مادة التدريع وصلادتها تصبح العامل الأهم ذو الصلة . فإذا كان المقذوف خفيف وبطيء نسبياً ، فإن قوة التدريع قَد تتسبب في تحصيل أضرار ربما لا تتجاوز حد التشويه المرن elastic deformation أو التشويه اللحظي ، بحيث تهزم القذيفة وتدحر دون أضرار فاعلة على كتلة الهدف .

هناك 4 تعليقات:

  1. اولا اشكرك اخي على اهتمامك بهذا الجانب ونشر الثقافة العسكري لدي سؤالين في هذا الجانب

    اولا ماهي المواد المستخدمة في صناعة انواع الدروع الممتصه و النشيطه ؟ ارجو ان تهتم لهذه النقطة وتجيبني عليها

    ثانيا هل يستخدم نوعي التدريع معا في تدريع الدبابات و العربات المدرعة ام لا ؟

    ثالثا هل يسهم الشكل الهندس للمدرعة في قدرتها على تحمل المقذوفات ؟

    شاكر لكم و اعذروني على الاطالة مكنكم نتعلم

    ردحذف
  2. المواد عديدة أخي ، فهناك الطبقات المطاطية وألياف الزجاج والألياف النسيجية المركبة .. ولحد ما أخي فإن عمل هذه المواد ليس مختلف عن السيارات الحديثة والمتطورة ، حيث يمكنك إدراك كيف تقوم هذه بامتصاص معظم الطاقة في حالة اصطدام السيارة وهي مسرعة جداً وإنقاذ حياة الركاب . بالنسبة للسؤال الثاني ، نعم نوعي التدريع تستخدم في العديد من الدبابات والعربات المدرعة الأخرى . بالنسبة للشكل الهندسي بالطبع له دوره المؤثر ، فعند إصطدام المقذوف بجسم الهدف فإنه عرضة للإنحراف إذا كان موضع الإصطدام ضمن صفائح التدريع ذات الزوايا الحادة .

    ردحذف
  3. اشكرك اخي على ردك و اهتمامك نفع الله بك وجعله في ميزان حسناتك

    ردحذف
  4. اخي الكريم انور, لم نرى منك اي موضوع عن الدبابات التي جرى تطويرها في الدول العربية مثل الحسين الاردنية او الفونيكس.

    ردحذف