2‏/8‏/2012


دبابة T-72 .. المضامين التكنولوجية ونقد التصميم (الجزء 2)


واجه المصممين السوفييت خلال عقد الستينات حالة من حالات التبدل والتقلب في تصاميم دباباتهم ، ولدت مجموعة كبيرة من النماذج القياسية ، فكانت هذه النماذج أصغر حجماً وأخف وزناً بشكل جوهري من نظراءها على الجانب الغربي . في الحقيقة الدبابة T-72 التي يدور حولها الحديث ، تعرض الكثير من مميزات وسمات التصميم design features المشتركة مع تصاميم الدبابات الأخرى سوفييتية الأصل . بعض من هذه ينظر إليها كنقائص أو نواحي قصور deficiencies عند مقارنتها إلى دبابات منظمة حلف شمال الأطلسي ، لكن معظم هذه الدبابات منتجة آنذاك بالطريقة التي أمكن تصورها لأغراض التوظيف والاستخدام ، بناء على تجارب السوفييت العملياتية خلال الحرب العالمية الثانية . واحدة من هذه الأمثلة هو ذلك المتعلق بالوزن القتالي للدبابة T-72 الذي بلغ 41.5 طن (الوزن القتالي في المعركة يبلغ 44.5 طن) ، ويعتبر هذا الوزن قليل لحد كبير عند مقارنته إلى دبابات المعركة الرئيسة الغربية ، أو حتى بالمقَارنة إلى وزن الدبابة الأمريكية M1A1 البالغ 56.8 طن . بعض من الطرق والجسور في بلدان حلف وارسو سابقاً صممت بحيث يمكن للدبابة T-72 أن تنتقل وتتحرك بتشكيل طابور طويل ، لكن الدبابات الغربية لا تستطيع أن تعبر مطلقاً أو فقط مع ترتيب الواحدة تلو الأخرى ، مما يخفض معه من قابلية حركتها mobility بشكل ملحوظ . مع ذلك ، لقد كانت إحدى أكثر النتائج المباشرة والمترتبة على هذا النمط من التصاميم ، هو تلك المتعلقة بمقدار الفضاء والمساحة الداخلية المتوفرة للطاقم ، فالحيز الداخلي الصغير جداً للدبابة T-72 ناتج عن عيوب رئيسه في التصميم ، حيث تكون المقاعد متشنجة ومقيدة وأشبه بما هو متوافر في سيارات السباق .




التصميم المتشنج cramped يلاحظ خصوصاً في مقصورة السائق (مع حرص المصممين السوفييت على إضفاء البطانة الجيدة والمناسبة للمقاعد المثبتة بواسطة مسامير لولبية داعمة supports bolted على أرضية الهيكل) مع ظروف إسكان بشكل هامشي أفضل في البرج . في الحقيقة الانطباع الأول عند التسلق إلى الدبابة T-72 هو ضيقها الداخلي الشديد ، الذي لا يقارن حتى بالدبابات السوفييتية الأسبق مثل T-62 . كما لا يقارن بالسعة الداخلية النسبية للدبابات الغربية . لا القائد ولا المدفعي يمكن أن يقف منتصباً في البرج وكوة البرج مغلقة ، هذه نتيجة طبيعة لتثبيت صينية الملقم الآلي على أرضية الهيكل التي شغل قطرها وارتفاعها الكثير من المساحة الداخلية . بشكل بعدي Dimensionally (خاضع للقياسات البعدية) هي أوطأ وأقصر بشكل ملحوظ من الدبابة الأمريكية M60A3 والبريطانية Chieftain ، هي تقريباً أخف بنحو 15 طن من هذه الأخيرة . إن تخفيض الفرد الرابع من طاقم الدبابة T-72 ، بالإضافة لكونه يخفض من قابليات العمل الجماعي لأفراد الطاقم عند الطوارئ وتعطل المركبة ، فإنه ينتقص من العيون المتوفرة لمسح المنطقة المحيطة بالدبابة للإبلاغ عن حالات الخطر أو الكمائن .




وبينما الدبابة M1A1 لم تكن واسعة كما هو الحال مع سابقتها M60A3 ، إلا أنها تستطيع التباهي بسعتها الداخلية والمساحة الكافية لأفراد الطاقم مقارنة بما تمتلكه الدبابة T-72 . وبينما قَد يبدو غير ذو تأثير في تصميم الدبابة ، إلا أن الأمر في الحقيقة يعكس السهو النسبي للمصممين السوفيت إلى هندسة الطاقم الإنسانية crew ergonomics (علم يختص بدراسة التفاعل بين الإنسان والأدوات الأخرى ويستخدم طرق التصميم المحسنة لتطوير الأداء العام للإنسان) ومدى الحاجة للتكيف بين الإنسان والآلة وتأثير هذه الميزات على الأداء القتالي combat performance . لقد أثبت تصميم الدبابة T-72 أنه لم يكن ملائم بشكل جيد إلى العمليات القتالية المطولة في المناخ الصحراوي ، حيث ضمن المجال الضيق والمحصور جداً ضمن حيز العربة إلى زيادة تسخين وإعياء الطاقم وإصابتهم بالإجهاد المفرط excessive stress . ومن سخرية القدر أن المجهزين السوفييت عالجوا هذه الجزئية "التكييف والتبريد" air conditioning في الدبابة T-72 ونسخها التصديرية ، بتزويدها بمروحة بلاستيكية مكشوفة وصغيرة !! هذه قَد تكون كافية في المناخ الروسي أو الأوروبي ، لكنها بالتأكيد لم تكن ذات قيمة في أجواء الصحراء الساخنة أو الرطبة .




تعرض الدبابة T-72 من الداخل نمط تقليدي في التصميم ، فهيكل الدبابة الملحوم بالكامل all-welded hull ، منقسم إلى ثلاث مقصورات رئيسة مع السائق في المقدمة ، مقصورة القتال في المركز ، والمحرك وناقل الحركة في المؤخرة . توزيع أفراد الطاقم لا يوجد ما يميزه ، فالسائق حدد مكانه مركزياً في مقدمة الهيكل ، القائد في الجانب الأيمن من البرج ، والمدفعي في الجانب الأيسر للبرج . داخل البرج ، تستحوذ كتلة عقب السلاح الهائلة breech block الخاصة بالمدفع الرئيس من نوع D-81TM عيار 125 ملم على موضع هام ، بالإضافة لآلية تناول الذخيرة وتسليمها ، والتي تعتمد على ملقم آلي autoloader ميكانيكي مع صينية دوارة carousel أسفل سلة البرج على أرضية الهيكل (لا تترك مجال أو سعة كافية للقائد أو المدفعي لحرية الحركة) . يحتوى مخزن الملقم على تشكيلة من 22 مقذوف و22 شحنة دافع نوع Zh40 ، حيث تعبأ المقذوفات بشكل أفقي في الطبقة السفلية ، بينما شحنات الدافع تفترش الطبقة العليا . القذائف الإضافية وعددها 20 تخزن على أرضية الهيكل ، أربعة مقذوفات وشحنات دافعة propellant cases في جيوب عند الجهة اليمنى من خلايا الوقود الأمامية . مقذوفين وشحنتي Zh40 خلف مقعد القائد . مقذوفين وشحنة دفع واحدة مباشرة خلف المدفعي . وثلاثة مقذوفات على رفوف خاصة في الجانب الخلفي للهيكل جهة اليسار . هناك أيضاً ستة مقذوفات على الحائط الخلفي ، وثمانية شحنات دافع Zh40 في تجاويف خزان الوقود الخلفي ، على الأرضية وراء صينية الذخيرة . الذخيرة الوحيدة المخزنة فوق خط البرج تشمل خمسة شحنات دافع قرب موضعي المدفعي وقائد الدبابة .




النسخ الأساس من الدبابة T-72 كانت مدفوعة من قبل محرك بشاحن توربيني بقوة 780 حصان ، جرى تثبيته بشكل مستعرض transversely mounted في مؤخرة الهيكل وملحقاته أسفل منظومة التبريد ، وهو نسخة عن ذات المحرك الديزل V-12 بقوة 500 حصان المصمم أصلاً في الحرب العالمية الثانية لصالح الدبابة T-34 . على أية حال ، هو قادر على نقل الدبابة بسرعة جيدة نسبياً بسبب وزنها الخفيف ، حيث استطاعت دبابة واحدة تسجيل قراءة حتى 110 كلم/س على طريق سريع في ألمانيا . ناقل الحركة transmission مثبت خلف المحرك مباشرة في مؤخرة الدبابة . الجنازير tracks تتحرك على عدد ستة عجلات طريق كبيرة القطر ، تسمح بالتعريف والتمييز السهل للدبابة T-72 وأحفادها (عائلة الدبابات T-64/80 لها عجلات الطريق أصغر نسبياً) . أما بالنسبة لراحة الركوب ، فقد تحدثت تقارير عدة عن رداءتها وسوءها بسبب استخدامها أنظمة تعليق من نوع قضبان اللي torsion bar suspension ، مقَارنة إلى الدبابات الغربية المجهزة بأنظمة تعليق هايدروديناميكية hydrodynamic suspension . نسخة التصميم الأساس للدبابة تشتمل على منافذ مشاهدة بيرسكوبية periscope صغير جداً للرؤية المحيطة ، ومجال رؤية السائق مخفضة بشكل ملحوظ متى ما كانت فتحته السقفية مغلقة ، حيث تعتبر قيادة الدبابة تحدي حقيقي . إن نظام التوجيه والتسيير في الدبابة T-72 يعتمد على نموذج تصميم تقليدي لذراع دفة ثنائي steering tillers (يسحب أو يدفع للأمام لتحريك العربة للجهة المطلوبة) ، بدلاً من دولاب التسيير steering wheel أو مقود التوجيه المشترك كما في الدبابات الغربية الحديثة . هذا التصميم يتطلب الاستخدام الثابت والمتواصل تقريباً لكلتا اليدين ، الذي يعقد ويصعب توظيف السرعة السابعة في صندوق التروس اليدوي manual gearbox (أداة ميكانيكية تقوم بزيادة أو تخفيف عزم الدوران ميكانيكياً عن طريق عدة تروس ينتج عنها تخفيض أو رفع سرعة الدوران) .




صممت الدبابة T-72 لعبور الأنهار المغمورة بالمياه باستخدام أنبوب تنفس snorkel ذو قطر صغير يتم تثبيته في موقع العبور . ولأن الهيكل ليس مانع أو عازل للماء بشكل محكم ، فإن الطاقم بشكل مفرد مجهزين بجهاز بسيط لإعادة التنفس rebreather يتيح البقاء لفترة وجيزة . إذا توقف تشغيل المحرك تحت الماء ، فإنه يجب أن يستأنف عمله خلال ستة ثواني ، وإلا فإن مقصورة محرك الدبابة T-72 ستصبح مغمورة ومغرقة بالماء بسبب خسارة وفقدان الضغط . إن إجراءات الغوص بالدبابة دائماً ما اعتبرت مهمة خطرة ، لكنها عامل مهم لإبقاء قابلية الحركة العملياتية operational mobility .




نظام تخزين الوقود الخارجي external fuel system في الدبابة T-72 ، كما هو في الدبابات الروسية الأخرى ، أثار الكثير من الجدل والتعليقات حول سهولة تعرضه للهجوم والإصابة ، مما قد يترتب على نتائج كارثية على بقائية الدبابة . فنظام محرك الدبابة T-72 مجهزة بعدد من أربعة خزانات وقود بسعة إجمالية تبلغ 705 لتر ، محمية بصفائح تدريع الهيكل ، واحدة من هذه الخزانات مثبتة على أرضية الهيكل في مقصورة الطاقم crew compartment ، بينما الثلاثة الأخرى موجودة في مقدمة الهيكل على جانبي السائق . خزانات الوقود الخارجية الخمسة الأخرى مع إجمالي سعة 495 لتر ، وهذه موزعة على طول سقف الرف الأيمن لهيكل الدبابة . جميع هذه الخزانات مرتبط بعضها البعض بأنابيب توصيل وتغذية ، بالإضافة إلى برميلي تخزين وقود في مؤخرة الهيكل بسعة إجمالية من 390 لتر . الاستخدام العام للدبابة T-72 أثبت ارتفاع احتمالية إصابة الخزانات الخارجية واختراق جدارها الرقيق thin-walled ، مما يترتب عليه انسكاب مادة الوقود ، مع احتمالية اندلاع النيران نتيجة الأبخرة المتولدة . إذ أن خروج السائل القابل للاشتعال وانتشاره على صورة رذاذ يختلط مع الهواء ، يمكن أن يشكل خليط قابل للانفجار في حال توفر وسيلة إيقاد ناجحة . في الدبابة الأمريكية أبرامز نجد أن حاويات الوقود في مجملها مخزنة ضمن هيكل الدبابة ومحمية بدروعها ، وبطريقة تضمن حدود الاتصال الدنيا للوقود بالأوكسجينِ الجوي . وتشتمل منظومة الوقود على أربعة حاويات وقود بلاستيكية من مادة البولي إثيلين polyethylene ، مع إجمالي من 1911 لتر . منها خزانا وقود رئيسان ، واحد على كل من جانبي المحرك في مؤخرة الهيكل ، وهناك أيضاً خزاني وقود يحدد مكانهما في مقدمة الدبابة ، جهتي اليمين والشمال من موضع استلقاء السائق .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق