3‏/5‏/2013

المشاة/الدروع .. تنسيق العمل في المعركة الحضرية .


المشـــاة/الـــدروع .. تنسيــق العمـل في المعركــــة الحضريــــة
تجربـــــــــة الصــــــــراع الســــــــوري 


سؤال يراود الكثيرين ، لماذا أخفقت القوات المدرعة السورية في تحقيق أي بصمة أو إنجاز حقيقي في صراعها المستمر منذ ما يزيد عن السنتين مع قوى الثورة والمعارضة ؟؟ جواب هذا السؤال يحتاج إلى دراسة مطولة ومفصلة ، لكن يمكن مبدئياً مناقشة شقين من المشكلة ، الأول يتناول أداء المشاة السوري في معركة التضاريس الحضرية ، وإخفاق هذه القوات في تأمين الدور المطلوب منها على ساحة المعركة . والشق الثاني يتعلق بأداء القوات المدرعة وتحديداً دبابات المعركة الرئيسة التي كانت رغم تواجدها "مغيبة الأداء والفاعلية" لذا سنحاول مراجعة أداء كلا العناصر .


في الحقيقة تجربة الصراع السوري كانت مثال تعليمي مناسب لما يمكن أن يحدث عندما ينشغل جيش حديث نسبياً في تفاصيل حرب حضرية ضد متمردين مسلحين بشكل جيد ، دون استخدام تكتيكات الأسلحة المشتركة الصحيحة combined-arms tactics وأنظمة الأسلحة الأخرى . في المدن السورية مثل داريا وإدلب وحمص وغيرها ، الدبابات السورية والعربات المدرعة الأخرى غير المدعومة من قبل المشاة المترجل ، أصبحت فريسة سهلة لقوات المعارضة ومقاتلي الجيش الحر ، التي استخدمت وسائل مكيفة ومبتكرة للهجوم على دروع وعربات القوات النظامية . وبسبب غياب الأعداد الهامة لقوات المشاة النظامية المترجلة ، مقاتلوا الجيش الحر حولوا الكثير من شوارع المدن السورية إلى أفخاخ ومصائد traps لعربات الجيش النظامي المدرعة وألحقوا بها خسائر فادحة .


نظرياً ، الجيش السوري ليس لديه تجربة ناضجة بالقتال الحضري ، سوى ما تيسر من حروب قصيرة ومحدودة في الجارة لبنان ، لذا هو وجد نفسه متورطاً في واحدة من أكثر المواقف الكارثية التي يمكن مواجهتها ، وعانت قواته في الكثير من المواقف شبح الهزيمة والاندحار . لقد أخفقت قواته في تطويق وإحاطة encircle العديد من المدن بشكل محكم ومؤثر ، مما سمح لقوى المعارضة بتعزيز دفاعاتها وتأمين استحكاماتها .. لقد ارتكبت القوات النظامية خطأ آخر شديد ، تمثل بالتوجه والتحرك إلى مراكز المدن السورية الكبيرة ، حيث تحركت قواتهم المدرعة ودباباتهم على طول الطرق والشوارع الضيقة نسبياً بموازاة المباني المرتفعة . كانت أرتال دبابتهم غير مدعومة unsupported أو مسندة من قبل المشاة ، بحيث كان كل منها عملياً غير قادر على مساعدة وإغاثة الآخر ، فكانت النتائج كارثية بشكل متوقع .


في المقابل حجز مقاتلو المعارضة السورية ببساطة مواقع كمائنهم في المباني المدمرة والمحطمة وانتظروا ، في أغلب الأحيان مع حفرهم الأنفاق tunnels والمخابئ . ففي المدن ، المدافع لديه معظم الفوائد والمزايا advantages ، جزئياً لأن القتال في المناطق الحضرية يخفض ويقلل  أهمية التقنية (عادة هي فائدة المهاجم الأكثر أهمية) إلا أنه يعرض معدل إصابات أعلى أيضاً . مدافعو المعارضة دون المستوى من ناحية امتلاكهم لضروريات الحرب الحديثة ، مثل المدفعية الثقيلة ، سلاح الدروع ، قوة سلاح الجو ، والاستخبارات الإلكترونية ، لكنهم بالتأكيد مسلحين شخصياً بشكل جيد (ناهيك عن الرغبة الجامحة في القتال وتحقيق المكاسب) . لقد فوجئت القوات النظامية وأحرجت لدرجة كبيرة عندما أدركت الحدود التي استغل بها مقاتلون الجيش الحر قابليات الهواتف الخلوية ، وأجهزة الإتصال الخفيفة ، محطات التلفزيون المرتجلة ، وآلات تصوير الفيديو الخفيفة لكسب "حرب المعلومات" information war .


لقد أجاد هؤلاء تشكيل فرق قتل ومجموعات قتالية مؤلفة من 20-30 مقاتل ، حيث سلحت هذه المجموعات بمدافع عديمة الإرتداد وقواذف كتفيه مضادة للدروع من نوع RPG وغيرها ، بالإضافة لمدافع رشاشة وبنادق قنص من عيارات مختلفة . هذه المعدات والأسلحة مهمة عادة لحماية مطلقي القواذف الكتفية من نيران المشاة المعادي ، خصوصاً عند العمل من مواقع غير مهيأة أو محضرة مسبقاً ، بحيث يغير هؤلاء مواقعهم بعد كل رمية (تصبح هذه المتطلبات مهمة عند الإخفاق في إصابة الهدف من أول إطلاقه ، أو تواجد دعم من أي نوع للدبابات المتقدمة) . لقد عملت مجموعات المعارضة السورية  عادة  وفق مبدأ "Keep yourself hidden" أي أحتفظ بنفسك مختبئاً وبعيداً عن نظر ووسائل رصد القوات النظامية ، مع استخدام وسائل التمويه والخداع حسب ما هو متوفر ... للموضوع تتمة ومزيد من التفصيل . 

هناك 9 تعليقات:

  1. جزاك الله خيرا استاذ انور على المعلومات القيمة
    طبعا هناك عامل مهم و اساسي في عملية احتكار النصر لجهة معينة و هو "الأرض"
    فمن يمتلك الأرض فقد امتلك المداخل و المخارج و المخابئ و جميع التضاريس الحضرية من ابنية و ابراج و ما الى ذلك ، و هذا الأمر يعطي ممتلكي الأرض مزايا كثيرة و متعددة و هي استخدام جميع التضاريس في توفير الحماية للعناصر ، توفير تمويه و غطاء لجميع انواع الحركة سواء كانت ليلا ام نهارا ، و اهم مزية هي تحويل الأسلحة و مضادات الدروع الخفيفة الى اسلحة قاتلة لأن التضاريس الحضرية تكشف للمقاتل جميع نقاط ضعف الاليات و الدروع اينما كانت و كيفما كانت.
    لقد عشت في مدينة الزبداني و شهدت معركة اقتحام المدينة
    لقد كانت مدعومة بما يقارب 20000 الف جندي و عدد كبير من الاليات و لم يستطيعوا هزم المقاتلين الا بعد عشرة ايام من القتال الدامي رغم انها كانت واقعة في سهل واسع لا وجود لمظاهر حضرية فيه ولكن امتلاك الأرض هو ما اعطى الأفضلية للمقاتلين
    اما سبب الهزيمة فهو ضعف التنظيم و التخطيط و قلة توافر الأسلحة و المعدات

    ردحذف
  2. كلام جميل أخي عبد الملك ، جانبه الصواب والموضوعية .. نعم من يمتلك الأرض وتفاصيلها يمتلك في المقابل أحد أهم مصادر القوة وسنفصل في القادم إن شاء الله تكتيكات المقاومة السورية .

    ردحذف
  3. ما تقوله فيه نوع من الصحة ، ولكن الجيش العربي السوري غير مدرب اصلاً على التنسيق بين المشاة والدروع في مناطق حضرية حتى تحرك المشاة ليس بالشكل المطلوب حيث يتجمعون في مكان واحد ولا يسيرون الى مجموعات تحت امرة ضابط الصف ،أيضاً حواجز الجيش الثابتة منذ فترة قريبة بدأو بوضع طبات اسمنتية ورشاشات ثابتة من مواقع حاكمة لتجنب العمليات الأنتحارية

    ردحذف
  4. ذكرت فيما سبق أخي الكريم أن الجيش السوري ليس لديه تجربة ناضجة بالقتال الحضري ، حتى العراقيين أثناء حربهم الضروس مع الإيرانيين في الثمانينات واجهوا نفس المعضلة أثناء القتال في مدينة المحمرة (خرمشهر) وواجهوا خسائر كبيرة أمام عدو متحصن جيداً ويعرف تضاريس المنطقة .

    ردحذف
  5. يا أستاذ أنور ياريت تكثر من الموضوعات الخاصة بالتجربة السورية
    لأنها ذات أهمية خاصة
    محمد الغورى

    ردحذف
  6. الإستاذ محمد يؤمر أمر .. كنت أعتقد أنه ليس هناك من يقرأها أو يهتم لها إلا القليل .. عموماً إنتظر حتى الغد إن شاء الله .

    ردحذف
  7. ربنا يحفظك ويكرمك أستاذنا الفاضل
    طبعا لها متابعون وهى مهمة جدا

    ردحذف
  8. السلام عليكم وازيدك من الشعر بيت استاذ انور في تاريخ 12 7 2012 تم تدمير 127 الية عسكرية في ديرالزور (محافظتي) موزعة بين عربات بي ام بي ودبابات وعربات نقل العساكر ولاكن لانه الجنود النظاميين كانوا خايفين من الارتجال وحماية الدبابة حصلت هي الواقعة وكان اسمها (مجزرة الدبابات) وهذا يعني انه لو كان المشاة يحمون الدبابات وكان بينهم وبين الدروع تنسيق لما كانت دمرت كل هذه الاليات بالعكس وايضا اما عيني دمرت 12 دبابة بشارعنا اسم الشارع (شارع بور سعيد ) ولكن واجهتنا مشكلة وهي انه الدبابة لما توقف تضرب عليها اربي جي 7 بس ماتصيبها (كان هناك رجل من الجيران يقول هذا مجالها المغناطيسي ) هو يلي يبعد القذيفة وممكن معالجته بوضع كيس نايلون على راس القذيفة ولكن ايضا بدون كيس النايلون كان من الممكن تدميرها بس وقت تمشي اما وقت توقف فما ممكن ضربها الا بالطريقة السابقة (طبعا كانت الدبابات تي 72 تابعة للحرس الجمهوري والفرقة الرابعة ) وبامكانك مشاهدة المقطع على يوتيوب اسمه مجزرة الدبابات بديرالزور شارع بور سعيد

    ردحذف
    الردود
    1. قضية المجال المغناطيسي ليس لها وجود أخي ، خصوصاً وأنت تقول أنها كانت تتسبب في حرف وإبعاد قذيفة RPG عن الدبابة المتوقفة !! والصحيح أن الرامي ونوعية الذخيرة كان لها تأثير في دقة الإصابة . عموماً لا نستطيع لوم الرماة فأكثرهم مدنيين ليس لديهم خبرة سابقة والبعض لم يحمل سلاح في حياته فما بالك بمواجهة دبابة معركة وجهاً لوجه .. نصركم الله .

      حذف