8‏/3‏/2013

التمساح السوفييتي في أفغانستان .


تجــــــــارب وخبــــــــرات التمســــــــاح السوفييتــــــــي
في أفغانستــــان .. Mi-24 Hind
 

القوات المسلحة السوفيتية التي اجتاحت أفغانستان في ديسمبر عام 1979 كانت مشتملة على نحو 40.000 ألف جندي وضابط مع معداتهم ، لكن المقاومة العنيفة من قبل المجاهدين الأفغان أجبرت السوفييت على زيادة حجم قواتهم إلى نحو 118.000 ألف جندي في أواخر عام 1985 . المقاومة الأفغانية العنيفة تطلبت إشراك السوفييت لمروحياتهم الهجومية المعروفة Mi-24 (أطلق عليها أطقمها أسم التمساح Crocodile) ، حيث تم نشر هذه الطائرة من ضمن إجمالي 650-500 مروحية مختلفة الأنواع تم إشراكها بالعمليات القتالية في الساحة الأفغانية .


الاستخدام الأول المسجل لهذه الطائرة في دور مضاد للدروع ، كان في شهر أغسطس من العام 1979 وقبل الحرب في أفغانستان ، عندما استولى عدد من الجنود المتمردين الأفغان على بضعة دبابات حكومية ، وحاولوا مهاجمة قصر الرئاسة في العاصمة كابول ، فأرسلت مروحيات Mi-24 لإيقاف وصد الهجوم ، وبالفعل جرى تدمير معظم الدبابات بواسطة الصواريخ المضادة للدروع الموجهة ومقذوفات S-5 حرة التوجيه . بعد ذلك أشركت هذه الطائرة بفاعلية في الحرب الأفغانية التي امتدت من 24 ديسمبر العام 1979 وحتى 15 فبراير العام 1989 ، وإن جاء استخدامها في دور مضاد للدروع ، محدود جداً ونادر الحدوث في تلك الحرب . وشهدت مرحلة ما قبل الحرب الأفغانية أيضاً إسقاط أول مروحية Mi-24 بالنيران الأرضية عند منحدر جبلي قرب مدينة خوست Khost في 30 مايو 1979 . دفع السوفييت بقواتهم للحرب ، ووجد الجيش الأحمر نفسه متورط في حرب عصابات guerrilla war مع شعب غليظ متحمس للقتال وتضاريس شديدة الوعورة . لقد بدت المروحية Mi-24 أكثر من مناسبة لمواجهة المجاهدين الأفغان Mujahedin ، للحد الذي أستجدى معه القادة السوفييت كامل مخزونهم من هذه المروحية . وأحبت قواتهم الأرضية هذه الطائرة ، فهي تستطيع البقاء فوق ساحة المعركة وتوفير نيران مضادة لمواقع العدو حسب الحاجة ، على عكس الطائرات السريعة التي تبقي للحظات وتحتاج بعدها للعودة لقواعدها للتزود بالوقود .


تستطيع المروحية Mi-24 Hind حمل تشكيلة كبيرة ومتنوعة من الأسلحة والذخائر ، بما في ذلك عدد 32 مقذوف غير موجه unguided عيار 57 ملم ، أو20 مقذوف عيار 80 ملم ، أو 5 مقذوفات من عيار 122 ملم ، أو قذيفة واحدة من عيار 250 ملم . والمقذوفات S-8 عيار 80 ملم على وجه التحديد اكتسبت المديح الأعلى في أفغانستان ، فمع رأس حربي زنته 3.6 كلغم ، بقدرة تحطيم فاعلة وأجزاء شظايا بوزن 3 غرام ، ودائرة نصف قطرها القاتل يصل لنحو 10-12 م ، كان هذا السلاح ملائماً لعمليات الدعم والإخماد الناري . أما المدافع الرشاشة ، فقد توفرت تشكيلة من الحاويات الخارجية والداخلية ، تتضمن مدفع دوار Gatling من عيار 12.7 ملم في برج عند مقدمة الأنف ، بالإضافة لمدفعي عيار 7.62 ملم ، وحاوية قاذفة لقنابل يدوية عيار 30 ملم ، وأخيراً حاوية ثنائية السبطانات لمدفع عيار 23 ملم (UPK-23-250) ، وإن كان السلاح الأخير هو الأكثر شعبية للاستخدام بين أطقم المروحيات Mi-24 .


المروحية أثبتت قدرتها على حمل أربعة قنابل حديدية iron bombs زنة 250 كلغم ، أو قنبلتين زنة 500 كلغم ، كما أنها تستطيع تحميل صواريخ موجهة مضادة للدروع ATGM من طراز 9K114 Shturm مع رأس حربي شديد الانفجار أو متفجر الوقود الجوي fuel/air . ومع حمولة متنوعة ، تستطيع المروحية Mi-24 إطلاق مقذوفاتها غير الموجهة من مسافة 1.200-1.500 م ، ثم تميل المروحية للأسفل مع تفعيل نيران المدافع الرشاشة ، حيث يتولى مساعد الطيار في هذه اللحظة ، تعيين هدفه وإطلاق قنبلته باتجاهه . وعندما تكون الهجمات عند سرعة عالية وارتفاع أكثر انخفاضاً ، فإن القنابل تجهز بصمام تأخير لنحو 32 ثانية ، لتأمين سلامة المروحية من الشظايا المتطايرة عن الانفجار . أما قنابل متفجرات الوقود الجوي ، فقد استخدمت لأول مره في شهر أغسطس من العام 1980 ، عندما تولت إحدى مروحيات Mi-24D الإغارة على هدف قرب وادي "فايزأباد" Fayzabad . القنبلة أطلقت من ارتفاع 300 م وتسببت موجة الانفجار باهتزازات ورجات عنيفة لهيكل المروحية وطاقمها .


وبسبب تدريعها الثقيل ، كانت Mi-24 محصنة ضد أسلحة المجاهدين الخفيفة ، وهذا ما دفع بالمجاهدين لاستحداث وسائل مواجهة جديدة ، بما في ذلك إعداد الكمائن في المناطق الجبلية المرتفعة للرمي باتجاه أسفل المروحية أو على مؤخرتها ووسطها . ومع ذلك فقد كان لهذه المروحية أربعة نقاط ضعف حساسة معروفة لمستخدميها ، هي نظام الوقود المكشوف ، المنافذ التوربينية turbine للمحركات ، مجموعة دوار الذيل tail rotor ، وخزان الزيت oil tank المميز بموضعه أسفل النجمة الحمراء المرسومة على هيكل الطائرة fuselage ، بالإضافة لعيوب فنية أخرى تتعلق بقصر عمر الدوار الرئيس ، الذي لم يتجاوز 1500 ساعة عمل ، والوقت الطويل المستلزم لتغيير المحرك . فالظروف الجوية والكثافة المنخفضة low-density في المرتفعات الأفغانية الجبلية الشاهقة ، أرهقت محركات الطائرات وجعلت حومها hovering أكثر صعوبة . كما فرضت قسوة البيئة في هذه الحرب ، نسبة استنزاف عالية على الطائرات السوفييتية Mi-24 ، عكست صورتها على المكائن والمحركات ، حيث عانت هذه من ظاهرة تآكل أنصالها الضاغطة ، حتى أن محركات TV3-117 كان يجب استبدالها قبل الزمن الفعلي لعمرها الافتراضي ، فالغبار والحرارة المرتفعة التي غالباً ما كانت هي المناخ السائد (حوالي 75% من الغارات نفذت في ساعات الصباح الأولى للهروب من حرارة النهار المرتفعة جداً) ضاعفت من أعمال الصيانة وأدت لتطوير مجموعة من المرشحات المانعة للغبار PZU ، انتزعت وفق مصادر سوفييتية نحو 70-75% من حبيبات الغبار والرمل التي كان يبتلعها المحرك ، مما قلل معه من معدل تآكل وإهتراء شفرات المحركات بمعدل 2.5-3 مرات عن السابق .


التضاريس في أفغانستان ، كان لها هي الأخرى تأثير بالغ على استخدام المروحيات Mi-24 ، فالطرق الملتوية والضيقة خلال الوديان والقرى ، والجبال المرتفعة tall mountains شديدة الانحدار أوجدت مواضع كمائن مثالية للمقاومة ، لذلك عندما كانت قوافل التجهيز والإمدادات السوفيتية تتقدم (حاملة مئات الأطنان من الوقود والذخيرة والطعام) تحت حراسة العربات المدرعة أمثال BMP-1/BMP-2 وBTR-70/BTR-80 والعربات ZL-23-2 .. وغيرها ، كانت المروحيات Mi-24 في ذات الوقت تتقدم معها كمرافق أساس بطيران متعرج عند سرعة 150-170 كلم/س لتوفير الغطاء الجوي ، حيث كانت مجموعة منها تبحث عن كمائن ambushes المجاهدين الأفغان المتقدمة ، في حين كانت مجموعة أخرى تقوم بإنزال قوات خاصة على المناطق المرتفعة بقصد كشف الكمائن الأخرى المتسترة بالتضاريس ، ثم يعاد التقاط هذه القوات وإنزالها في مواقع متقدمة أخرى .. وهكذا يتم توفير أمن الأجنحة flank security للقافلة المحملة حتى تجاوزها المنطقة المشبوهة . حماية طوابير القوافل العسكرية تمثلت أيضاً بتقدم وتجاوز المروحيات Mi-24 منطقة تحركات القوات الصديقة ، والبحث عن المواقع المحتملة للكمائن الأفغانية على طول الطريق حتى 5-8 كلم ، وكذلك على جانبيه والمنطقة المحيطة حتى 2-3 كلم ، وضربها قبل أن تبادر هذه للتحرك والهجوم . لقد مثلت المروحيات Mi-24 سلاح الإسناد والدعم الجوي القريب close air support الأكثر أهمية للقوات السوفييتية في أفغانستان ، فلم تكن هذه المروحية مجرد سلاح ضربة لقوات المجاهدين المشتبكة مع القوات السوفيتية ، بل إنها كانت في أحيان كثير تهاجم حتى امتدادات تصل إلى 20-30 كلم من الحافة الأمامية Forward edge لمنطقة المعركة ، وهذا ما دفع المجاهدين لإطلاق لقب "عربة الشيطان" Satan's Chariot على هذه المروحية (في أواخر العام 1986 اختبرت المروحيات Mi-24 قنابل حاجبة للبصر تصدر وميض شديد ، قادرة على التسبب بعمى مؤقت للأفراد الذين يقعون على مسافة 30-50 م من مركز دائرة الانفجار) .


وفي الوقت الذي استخدم فيه السوفيت مروحياتهم على نطاق واسع ، وبدون رحمة ضد المجاهدين الأفغان غير المحصنين unprotected ، فإن هؤلاء في المقابل طوروا العديد من تكتيكات المواجهة المضادة ، منها على سبيل المثال التحرك خلال ساعات الظلام الليلية ، حيث تكون مروحيات Mi-24 أقل فاعلية وأقل قدرة على الرصد والتعيين (درب السوفييت أطقم طائراتهم أيضاً على القتال الليلي عن طريق إسقاط الشعلات الضوئية flares نحو الأهداف المريبة) . لقد أستطاع المجاهدون تحديد أوقات الهجمات السوفيتية ومواقعها المرتقبة ، وبدءوا بحفر المخابئ الوقائية المستترة ، وإعداد كمائن الدفاع الجوي ، التي اعتمدت في البداية على المدافع الرشاشة الثقيلة ، حيث اكتشف المجاهدون بأن أي عيار أصغر من العيار 23 ملم ، لم يكن أكثر من سلاح إزعاج ومضايقة لمعظم أجزاء المروحيات Mi-24 ، فمقصورة القيادة ، ناقل الحركة الرئيس ، خزانات الأنظمة الهيدروليكية ، صندوق تروس المحرك المساعد ، خزانات الوقود ، حميا بصفائح الدروع الفولاذيِة التي بلغ سماكتها 4-5 ملم ، وأوقفت كما يدعي السوفييت أكثر من ثلثي إطلاقات المقاتلين الأفغان . زجاج مقصورة القيادة هو الآخر كان محصن من الرصاص bullet-proof ، وتؤكد المصادر السوفييتية أنه خلال طوال خدمة Mi-24 في أفغانستان ، لم تنجح أي إطلاقه في اختراق زجاج مقصورة القيادة ، على الرغم من أن أغلب الضربات التي تلقتها المروحية كانت وهي في وضع الغطس والاندفاع نحو هدفها الأرضي ، حيث استلمت مقصورة الرامي/مساعد الطيار الضربات الأعظم . إحدى مروحيات Mi-24 رجعت لقاعدتها بستة خدوش على لوح الزجاج الأمامي ، وفي حادثة أخرى استطاعت رشقة إطلاقات عيار 12.7 تمزيق التجهيز السفلي لمقصورة القيادة ، وتمكنت رصاصة زنتها 50 غرام ، الوصول لمقعد الطيار المدرع والاستقرار على الصفيحة المعدنية الخاصة بمسند المقعد .


في مرحلة لاحقة من الحرب عندما بدأ الأمريكان توفير أسلحة حديثة للمقاومة الأفغانية لاستخدامها ضد المروحيات ، كالصاروخ stinger المطلق من على الكتف ، رجحت كفة المجاهدين في معركتهم مع الطائرات السوفيتية ولحد كبير ، وهذا ما استلزم من أطقم مروحيات Mi-24 الطلب من قياداتهم توفير المزيد من الإجراءات المضادة counter measures . ومع نهاية التدخل العسكري في أفغانستان ، خسرت القوة الجوية السوفييتية المئات من الطائرات المروحية ، معظمها من طراز Mi-24 ، وأظهرت طبيعة تلك المعارك مرة أخرى ، صعوبة الانتصار في حرب العصابات guerilla war حتى مع استخدام المروحيات الهجومية بشكل مكثف وموسع . وفي ليلة 2 فبراير من العام 1989 ، أسقطت آخر المروحيات Mi-24 في الحرب ، وقتل أفراد طاقمها ، العقيد A. Golovanov ومساعده S. Peshekhodko بينما كانوا يستكشفون طريق الانسحاب !!

هناك 5 تعليقات:

  1. ليس صعوبة الانتصار فى حرب العصابات لان لولا التسليح الامريكى لما استطاعو فعل اى شئ مع هذه المروحيات بس بصراحة مروحية جبارة.بخصوص الصورة السابعة ما هذا المدفع الذى يتكون من ثلاث مداف رشاشة دوارة ؟و ما عدد الطائرات من هذا النوع التى اسقطت ؟

    ردحذف
    الردود
    1. هذه حاوية بمدفع رشاش رباعي السبطانات من عيار 12.7 ملم والأخرى من عيار 7.62 ملم (الخبرات الأمريكية والتجربة الفيتنامية كانت حاضرة مع المصممين الروس) . عدد المروحيات التي أسقطت كما تذكر بعض المصادر الغربية يتجاوز 300 مروحية من هذا النوع لكني شخصياً أشكك في هذه الأرقام وصحتها !!

      حذف
  2. لكن مشكلة هذه الطائرة ان حجمها كبير و لذلك يسهل اصطيادها بس رقم 300 رقم كبير جدا هل معنى هذا ان روسيا كانت تمتلك 1500 طائرة من هذا النوع ؟

    ردحذف
    الردود
    1. نعم بالفعل .. كانت ضخمة الحجم عالية الصوت ، وكما سبق وأن ذكرت ، الرقم 300 محل تشكيك !! عموماً التضاريس في أفغانستان ، كان لها تأثير بالغ على استخدام المروحيات Mi-24 ، فالطرق الملتوية والضيقة خلال الوديان والقرى ، والجبال المرتفعة tall mountains شديدة الانحدار أوجدت مواضع كمائن مثالية للمقاومة .

      حذف
  3. في الحقيقة مي 24 عانت من عدة مشاكل ومن بينها ضعف امكانيات القتال الليلي وسرعة ارتفاع درجة حرارة المحرك وقدم انظمة تصفية الهواء الداخل لتبريد المحر
    انا شخصيا افضل النسخة المطورة عنها وهي مي35 فهي افضل للعمليات الليلية وبتدريع افضل وافضلية بالسرعة والمناورة وهي اقوى بتدريعها ايضا

    ردحذف