3‏/11‏/2012

القنابل الموجهة كهروبصرياً .


القنابـــــــــل الموجهـــــــــــة كهروبصريــــــــاً
GBU-15


هناك نموذج من قنبلة موجهة تتصف بتطور يفوق بقليل سلسلة قنابل بيفواي الموجهة ليزرياً ، تستخدم لتدمير الأهداف المعادية عالية القيمة ، يطلق عليها GBU-15 . هذه القنبلة وعلى خلاف القنابل الموجهة ليزرياً ، تتمتع بوحدة بحث تلفزيونية television seeker أو وحدة بحث بالأشعة تحت الحمراء infra-red seeker تكون مثبته في أنف السلاح . هذه الوحدة الكهرومغناطيسية تنقل الصورة إلى الطائرة القاذفة للقنبلة عن طريق وصلة معلومات data link ، يتلقاها طاقم التوجيه ويعطي على ضوئها تعليمات تصحيحيه لتعديل مسار القنبلة . وعندئذ يكون بالإمكان إطلاق القنبلة حتى في الظروف المناخية غير المناسبة ، وهذا ما يسمح للطائرة باتخاذ مسار أخر للتملص والمراوغة من نيران العدو بعد تنفيذ المهمة .

فكرة القنبلة الموجهة تلفزيونياً TV guided bomb ظهرت نتيجة مناقشات بين مجموعة انتقائية من المهندسين المدنيين في مركز اختبارات المدفعية البحرية الأمريكي في منطقة بحيرة الصين ، كاليفورنيا . أحد المهندسين ، ويدعى Norman Kay ، كان يتولى تجميع أجهزة التلفزيونات في بيته كهواية ، عندما قام في العام 1958 بتجميع آلة تصوير مجهزة بأنبوب إلكتروني iconoscope على أمل ابتكار وإنتاج "شيء مضحك" (الأنبوب الإلكتروني من أهم العناصر الفعالة التي استخدمت في الدوائر الإلكترونية حتى عام 1948 ، عندما حلت أشباه الموصلات والترانزستورات مكانه في معظم الدوائر الإلكترونية ، خاصة في أجهزة البث والاستقبال الإذاعي والتلفزيوني . وانحصر استعمال الأنبوب الإلكتروني بعد ذلك التاريخ في أجهزة الراديو وفي أجهزة الاستقبال التلفزيوني لإظهار الصورة ، أو في الإرسال التلفزيوني لالتقاط الصورة وتحويلها إلى إشارة كهربائية) . فاستدعى زميل مشروعه الهندسي William H. Woodworth وأخبره بأنه اكتشف خلال عمله إمكانية تصنيع دائرة كهربائية قصيرة مع قابلية وضع صورة أو علامة ضوئية صغيرة على الشاشة ، كما أنه يستطيع جعل العلامات الضوئية الصغيرة تتحرك في الشاشة .. لاحقاً انضم لهؤلاء مجموعة أخرى من المهندسين ، قرروا بحث الفكرة بشكل أكثر تركيز ، خصوصاً بعد أن ضمنوا بعض الدعم المالي من سلاح البحرية لتطوير المفهوم .


لقد حرص طاقم العمل على تبني بعض تقنيات مشروع الصاروخ جو-جو الملقب AIM-9 Sidewinder ، بالإضافة لمكونات أخرى كنقطة انطلاق للبداية ، لتطور مجموعة العمل القنبلة Walleye خلال فقط أربعة سنوات من بدأ المشروع (كان من النتائج الإبداعية المثيرة التي استطاعت المجموعة ابتكارها هي كاميرا التصوير التلفزيونية بدون صمامات مفرغة vacuum tubes أو صمامات أيونية حرارية thermionic valve) . لقد عمل الفريق خلال الليل وفي عطل نهاية الأسبوع لإبقاء المشروع على الطريق الصحيح وإقناع البحرية بايجابياته واستحقاقه . المهندس Woodworth انكب على دراسة المزيد في علوم الإلكترونيات ، وذهب أبعد من ذلك ، لحد أخذ إجازة تفرغ لمدة سنة واحدة من مقر عمله ، والانضمام لإحدى المدارس الأكاديمية المتخصصة للدراسات العليا على نفقته الخاصة ، لكسب بعض المعرفة النظرية الإضافية المتطلبة للمشروع .. وفي 29 يناير من العام 1963 , قامت طائرة YA-4B Skyhawk بإسقاط أول قنبلة موجهة تلفزيونياً من طراز Walleye مع وزن إجمالي بلغ 1,100رطل ومدى أقصى من 30 كلم في بحيرة الصين . القنبلة أحرزت ضربة مباشرة ، لتستلم بعدها Martin عقد الإنتاج الأول لهذا النوع من الأسلحة في العام 1966 ، والقنبلة دخلت الخدمة في كلتا القوة البحرية والقوة الجوية الأمريكية .
  

وكما هو الحال مع القنابل الموجهة ليزرياً ، شهدت الأسلحة الكهروبصرية استخدامها الأول في حرب فيتنام ، عندما استخدمت البحرية الأمريكية أسلحتها الإنزلاقية الموجهة تلفزيونياً من نوع AGM-62 Walleye وأستخدم سلاح الطيران السلاح GBU-8 HOBOS . وكلا النوعين من الأسلحة كان عبارة عن قنابل إنزلاقية بأجنحة كبيرة وكاميرات تصوير في مقدمة القنبلة ، تقوم بمد وتغذية إشارات فيديوية لوصلة معلومات data link ، والتي تقوم هي الأخرى بدورها في إيصال ونقل المعلومات للطائرة القاذفة وعرضها في كابينة القيادة . أما بالنسبة للقنبلة Walleye التي دخلت الخدمة العام 1966 ، فقد شهدت استخداماً مثيراً في الحرب الفيتنامية ، عندما قامت طائرة A-4 Skyhawk تابعة للبحرية الأمريكية في 19 مايو من العام 1967 وخلال الاحتفال بعيد ميلاد الزعيم الشيوعي Ho Chi Minh’s السابع والسبعين ، بضرب محطة كهرباء مدينة Hanoi وأحرزت ضربة مباشرة ، ثم قامت طائره أخرى بعد يومين بضرب المحطة بذخيرة مماثلة لتتسبب في انقطاع التيار الكهربائي بالكامل عن المدينة . وتحدثت تقارير أمريكية آنذاك عن عدد 68 قنبلة تم استخدامها على مدى سبعة أشهر ، نجح منها عدد 65 قنبلة في إصابة أهدافه بدقة . وأستخدم السلاح بعد ذلك في حرب أكتوبر 1973 من قبل الطائرات الإسرائيلية بتأثيرات متباينة ، كما استخدمته إسرائيل في حرب لبنان العام 1982 . وفي حرب الخليج الأولى جرى إطلاق 124 قنبلة من هذا النوع على أهداف عراقية . وعلى الرغم من برنامج الترقية والتطوير اللاحق ، إلا أن إنتاج القنبلة Walleye توقف في العام 1995 لصالح استخدام الصاروخ الموجه جو-أرض  AGM-65 Maverick . أما مشروع تطوير السلاح HOBOS الذي بدأ في العام 1967 لصالح القوة الجوية الأمريكية ، فقد ظهر الإنتاج الأول في سنة 1969 . وهي كسابقتها عبارة عن قنبلة إنزلاقية مع مجموعة سيطرة وتوجيه تثبت على بدن قنبلة صماء من نوع Mark 84 ، وشملت هذه أربعة زعانف ذيليه مربعة ، وبطارية وإلكترونيات للسيطرة والاتصال ، بالإضافة لكاميرا تلفزيونية في مقدمة السلاح . وبعد حرب فيتنام واصل سلاح الطيران الأمريكي مشاريع التطوير لهذه القنبلة لتتمخض النتائج عن تطوير قنبلة موجهة إنزلاقية أكثر تطوراً ، أطلق عليها GBU-15 . لقد ظهرت الدقة العظيمة لهذا السلاح في 27 فبراير 1991 عندما دمرت طائرات F-111F الأمريكية محطات ضخ النفط في ميناء الأحمدي ، والتي كان العراقيون يسيطرون عليها ويستعملونها لتفريغ النفط الخام في مياه الخليج . يشار إلى أن سلاح الطيران الأمريكي أستخدم عدد 75 قنبلة GBU-15 خلال مراحل الحرب . كما أستخدم هذا السلاح من قبل سلاح الطيران الإسرائيلي في لبنان عام 1982 .


القنبلة GBU-15 هي إحدى منتجات شركة Rockwell الأمريكية ، بدأت أعمال تطويرها في العام 1974 ، وفي العام 1975 بدأت اختبارات الطيران بالنسبة للنسخة الموجهة تلفزيونياً ، وفي شهر نوفمبر من العام 1983 انتهت أعمال الاختبار والتقييم . وفي العام 1985 تم الانتهاء من تطوير النسخة الموجهة بالأشعة تحت الحمراء . القنبلة بطول 3.5 م وعرض أجنحة من 1.49 م ووزن 1.125 طن ، هي عبارة عن تحوير لقنبلة صماء نوع MK-84 ، بحيث ضمت في النهاية خمسة أجزاء رئيسة هي : قسم التوجيه الأمامي ، قسم الرأس الحربي ، وحدة التحكم ، مجموعة الأجنحة ، ووصلة معلومات السلاح .

مقطع التوجيه guidance section مثبت في أنف القنبلة ، ويحتوي إما على نظام توجيه تلفزيوني للاستخدام النهاري ، أو نظام توجيه بالأشعة تحت الحمراء للاستخدام الليلي وفي ظروف الرؤية السيئة (وهذا يشرح سر استخدام الحرف V أي متغير variable على أسم السلاح) . تقوم وصلة معلومات السلاح المثبتة في قسم الذيل بإرسال تصحيحات التوجيه للطائرة القاذفة للسلاح ، حيث يتولى مشغل الأسلحة في الطائرة ، التحكم بالقنبلة باستخدام وحدة سيطرة وتحكم عن بعد وتوجيهها نحو هدفها المطلوب . قسم السيطرة الخلفي يضم أربعة زعانف كبيرة بسطوح سيطرة على هيئة الحرف X للمساهمة في عملية الانزلاق وتوفير مستويات مناورة جيدة .

هناك 6 تعليقات:

  1. لكن اليست القنابل ذات التوجيه بالقصور الذاتى وال GPS افضل بالنسبة للاهداف الثابته والقنابل ذات التوجيه باليزر و التوجيه التلفزيونى افضل للاهداف المتحركة ؟

    ردحذف
    الردود
    1. مبدئياً تعليقك سليم أخي .. والذخيرة الموجهة بالليزر والتلفزيون يمكنها مواجهة طيف أوسع من التهديدات والأهداف المتحركة والثابتة .

      حذف
  2. لكن سؤال من فضلك هل يمكن للطائرة ان تلقى اكثر من قنبلة موجهة تلفزيونيا وتنسحب مثل القنبل الموجهة بالقصور الذاتى و GPS و ان تقوم اطقم ارضية او طائرة الاواكس بتوجيه تلك القنابل ؟

    ردحذف
    الردود
    1. مع أني لست متخصص بمنظومات الطائرات والأسلحة الجوية لكني لا أعتقد أنه يمكن إطلاق أكثر من قنبلة في نفس الطائرة وفي ذات اللحظة .. لأن كل قنبلة تطلق من الطائرة تعرض بيانات موقعها على شاشة خاصة في قمرة الطيار ليقوم هذا الأخير بعملية التوجيه والقيادة .

      حذف
  3. انا اعرف ما تقوله لكن انا سمعت انه يمكن للطيار القاء العديد من القنابل وتقوم اطقم ارضية بتوجيه هذه القنابل او اطقم على طائرات الاواكس فهل هذا صحيح ؟

    ردحذف
    الردود
    1. ربما تقصد التوجيه الليزري وليس التلفزيوني .. وهنا يمكن للأطقم الارضية بتوجيه هذه القنابل .

      حذف