6‏/12‏/2016

نظرة ناقدة لتصميم الدبابة الإسرائيلية ميركافا .

نظرة ناقدة لتصميم الدبابة الإسرائيلية ميركافا
مزايــــا ونواقــــص توضيــــب المحــــرك فــــي مقدمــــة الهيكــــل 

على الرغم من أن معظم دبابات المعركة لديها محركات مثبتة في مؤخرة الهيكل ، إلا أن بعضها عرض مقصورة محرك في المقدمة . إن موقع المحرك في الجبهة الأمامية للهيكل جرى تبنيه أولاً في العام 1917 في أحد التصاميم البريطانية ، لكن أي من فوائده الرئيسة لم تبدأ في الظهور حتى العشرينات ، عندما عربة Vickers أنتجت بمحرك ليس فقط حدد مكانه في مقدمة الهيكل ، لكن أيضاً مع سائق يجلس بجانبه . مثل هذا الترتيب وفر هياكل مضغوطة وأقصر بشكل خاص . هذا أستغل في تصميم عدة دبابات خفيفة ، بما في ذلك البريطانية Mark V/VI خلال الثلاثينات . وكذلك الفرنسية AMX-13 التي قدمت في الخمسينات ، والبريطانية Scorpion التي طورت أثناء الستينات .
ترتيب مماثل لمقصورة محرك حدد مكانهما في مقدمة الهيكل تم تبنيه أيضاً أثناء عقد السبعينات وذلك لصالح دبابة المعركة الإسرائيلية "ميركافا" Merkava . لكن هذا الترتيب الإسرائيلي لم يقصد منه تقليل طول الهيكل ، بل هدف إلى توسيط المحرك بين مقصورة الطاقم واتجاه الهجوم المرجح الذي سيكون في الغالب من الجبهة ، وبذلك جعل كتلة المحرك تساهم في عملية حماية الطاقم . إن الاستخدام المتعمد الأول للمحرك لزيادة حماية الطاقم ضد الهجوم من المقدمة ، كان من قبل السويديين ودبابتهم STRV-103 التي طورت خلال الستينات . لقد أعطى موقع حجرة المحرك في مقدمة الهيكل الدبابة STRV-103 ، ميزة امتلاك مخزون ذخيرة السلاح الرئيس في مؤخرة الهيكل ، حيث أنه في هذا الموضع أقل احتمالاً أن يضرب أو يستهدف . كما يمكن تحميل هذه الذخيرة loaded ammunition بسهولة نسبية أكثر بكثير من خلال الأبواب في صفيحة الهيكل الخلفي ، بالمقارنة مع نمط التحميل في الدبابات التقليدية (المناولة والنقل من خلال الكوات السقفية أعلى البرج) التي تحتفظ بمحركها في المنطقة الخلفية .. في الدبابة ميركافا ، الفوائد والمزايا عرضت أيضاً بمقصورة الذخيرة التي حدد مكانها في مؤخرة الهيكل (نتيجة نقل مقصورة المحرك للمقدمة) ، هذه استغلت لأبعد حد بالسماح لمرور أكداس حاويات الذخيرة ammunition containers واستخدام الأبواب في مؤخرة الهيكل لدخول وخروج الأفراد . وعلى حساب بعض الزيادات في الحجم الداخلي ، هذا الترتيب زود أفراد الطاقم ببديل عن النمط التقليدي لدخول أو مغادرة الدبابة من خلال الفتحات hatches في قمة البرج أو الهيكل ، وأصبح الوضع الجديد أكثر أماناً ، خصوصاً عند تعرض الدبابة لنيران معادية مباشرة . علاوة على ذلك ، حاويات الذخيرة في الدبابة ميركافا من النوع القابل للفصل والإزالة ، لذلك مقصورتها الخلفية يمكن أن تستخدم لحمل فريق قيادة command team ، أو أربعة أفراد جرحى على نقالات ، أو بحدود عشرة جنود مشاة بدلاً من الذخيرة .. مزايا الدفع بمقصورة المحرك لمقدمة الهيكل عرضت خلال حرب لبنان العام 1982 ، عندما جيش الدفاع الإسرائيلي IDF فقد بشكل نهائي خلال المعارك عدد خمسة دبابات ميركافا من الفئة Mk 1 من إجمالي عدد 50 دبابة مصابة . الإحصائيات الرسمية خلال هذا النزاع أظهرت بأن فرص ثقب دروع الدبابة ميركافا Mk 1 بلغت نحو 41% ، لكن احتمالات ثقب مقصورة الطاقم لم تتجاوز 13% . أيضاً فقط 15% من دبابات الميركافا التي ضربت تعرضت للإيقاد والاشتعال ، لكن لم يحدث أي انفجار لمخزون الذخيرة الداخلي . وللمقارنة ، إحصائيات مماثلة لدبابات أكثر قدماً من الإسرائيلية ميركافا ، من أمثال البريطانية "سنتوريون" Centurion والأمريكية "ماغاش" Magach (نسخة معدلة عن الدبابة M48) ، أظهرت على التوالي ما نسبته 61% لاحتمالات ثقب الدرع ، وما نسبته 30% لاحتمالات ثقب مقصورة الطاقم ، وأكثر من 31% لاحتمالات اشتعال النيران وإمساكها بالدبابة . في الحقيقة البناء أو التوزيع الهيكلي الذي تم تبنيه وكذلك الحلول التقنية لحماية أفراد الطاقم في كلتا أنواع دبابات الميركافا Mk 1 وMk 2 أظهرت نجاحها وكفاءتها خلال تلك الفترة . 
في المقابل ، عرض موقع المحرك الدبابة ميركافا بعض نواحي القصور والمقيدات الفنية والعملياتية . في الحقيقة الميركافا هي الدبابة الوحيدة في الخدمة الآن التي تعرض محرك في مقدمة الهيكل front-mounted engine على ناقلات الجنود المدرعة APC والمدافع ذاتية الحركة SPG وكذلك عربات المشاة القتالية IFV ، يوضع المحرك أمام مقصورة الطاقم وذلك كممارسة تصميم مشتركة ، لكن على دبابات المعركة الرئيسة فهذا عمل نادر الحدوث . فمع هذا الترتيب الاستثنائي ، أصبح الوصول إلى حجرة محرك الميركافا أكثر صعوبة بالمقارنة مع النظام التقليدي الذي يضع المحرك في المؤخرة ، بحيث أصبح لزاماً تحريك صفيحة التدريع الثقيلة لكشف غطاء المحرك . وفي حالة الحاجة لعملية صيانة روتينية للدبابة ، فإنه يمكن باليد رفع غطاء صغير مفصلي من غطاء التصفيح الأمامي . ما عدا ذلك فإن غطاء التصفيح يجب أن يقتلع بالكامل ، وذلك لا يتحقق إلا باستخدام رافعة خاصة .. على أية حال ، هذه العملية يجب أن تتم فقط مع إزالة واستبدال مجموعة توليد الطاقة أو ناقل الحركة . في هذه الحالة الدبابة ستحتاج لرافعة متخصصة لإنجاز العمل .

دفع المحرك لمقدمة الهيكل يخفض بلا شك الفسحة أو الفراغ المتوفر لدرع الوقاية الخاص special armor . فتراكيب الدرع الحديثة عادة ما تكون ضخمة جداً وتتطلب الكثير من سعة المكان (حماية مكافئة لأكثر 600-700 ملم تجاه مقذوفات الطاقة الحركية ، وبما يزيد عن 1000-1100 ملم تجاه مقذوفات HEAT لمقدمة الهيكل على دبابات المعركة الحديثة) لكي تتعامل مع جميع التهديدات المتوفرة والمعروضة في ساحة المعركة . في المقابل المحركات تشغل عادة أطوال كبيرة نسبياً (على سبيل المثال ، نحو 1500 ملم مع المحرك الألماني MT 883) . إن زيادة طول هيكل الدبابة أمر غير مرغوب ، كما أن له العديد من المساوئ . في حالة الدبابة ميركافا ، دروع مقدمة الهيكل الأمامية frontal hull-armor تكون أقل سماكة بكثير من مثيلاتها في دبابات المعركة لدى البلدان الأخرى . أيضاً وضع المحرك في المقدمة يساهم في زيادة ارتفاع الهيكل . فالارتفاع المتطلب لجلوس سائق دبابة المعركة (في وضع التمدد أو الاستلقاء reclining position) عادة ما يكون أوطأ من الارتفاع المتطلب لمجموعة المحرك . في حالة الدبابة الألمانية Leopard 2 على سبيل المثال ، نجد أن الارتفاع عند بداية الصفيحة الأمامية العليا للهيكل هو بحدود واحد متر فوق مستوى سطح الأرض ، والارتفاع عند نهاية نفس الصفيحة يعادل تقريبا 1.522 م فوق مستوى السطح . في حين مقطع مؤخرة الدبابة حيث يصعد المحرك نجد أن ارتفاع الهيكل يبلغ نحو 1.774 م فوق مستوى سطح الأرض . هكذا وبحسبة بسيطة نلاحظ أن تثبيت المحرك في مقدمة الهيكل يزيد من ارتفاعه لنحو 222 ملم (أو 272 ملم إذا حسبنا اختلاف ارتفاع القاع عن الأرض بين مقدمة الهيكل ومؤخرته في الدبابة Leopard 2) ، الأمر الذي يمكن أن يؤدي أيضاً إلى زيادة مماثلة في ارتفاع البرج . حلقة برج الدبابة ميركافا turret ring جرت موازنتها ودفعها بعض الشيء إلى الخلف بسبب قيود وارتفاع موقع المحرك في مقدمة الدبابة . هذا الترتيب عني أن الدبابة يمكن أن تخفض مدفعها الرئيس فقط لنحو -7 درجات بدلاً من -9 أو -10 درجات كما هو الحال في معظم الدبابات الغربية الحديثة . هذه الجزئية تشكل ضرر ونقيصة عند القتال من وضع الهيكل المخفي hull down position (الحل البديل كان في زيادة ارتفاع البرج وهو أمر أيضاً غير مرغوب فيه لدى المصممين) . الدفع بحلقة برج الدبابة إلى الخلف حتم بالضرورة تصميم البرج بشكل أكثر طولاً وإلا فإن سبطانة المدفع سوف تصطدم بالصفيحة الأمامية العليا لهيكل الدبابة في كل مرة يرغب فيها الرامي بتخفيض زاوية رمي السلاح   
على الرغم من أن وضع المحرك وأيضاً خزانات الوقود fuel tanks في مقدمة هيكل الدبابة سيوفر مقدار معين من الحماية تجاه ارتطامات الرؤوس الحربية ذات الشحنة المشكلة ، إلا أنه في المقابل يجب الاعتراف بأن هذا النوع من أشكال الحماية له معوقاته ومحدداته الخاصة في ساحة المعركة !! فعندما يتضرر المحرك من قذيفة معادية أو عند اشتعال منظومة الوقود ، الدبابة ستصبح جامدة في مكانها ولن تقوى على المشاركة في أي أعمال قتالية أخرى combat actions . وبدلا من موت الطاقم (وهي الغاية الرئيسة من وراء التصميم) ، الدبابة المتضررة ستكون مشلولة ومقعدة مع تسجيل حالة قتل الحركة أو قتل المهمة mobility/mission kill . هذا يعني أيضاً أن وحدات أخرى من القوات المشاركة في العمليات يجب أن تؤمن الدبابة المتضررة وتضمن تجهيزاتها حتى وصول التعزيزات أو فرق الهندسة المتخصصة combat engineers (ما عدا ذلك ، الدبابة المتضررة ستتحول بسهولة إلى حالة الخسارة الكلية عندما تهاجمها قوات عدو عن قرب) . بكلمة أخرى ، المحرك المصعد للمقدمة يمكن فقط أن يزود حماية لأفراد الطاقم ، لكن الدبابة كنظام قتالي ستكون على أية حال عرضة بدرجة أكبر لمظاهر الضرر والإعطاب (في التصاميم التقليدية ، الدرع السلبي الفعلي لا يوفر حماية للطاقم فقط  ، لكن أيضاً حماية مماثلة لمجمل النظام . فإذا أوقفت القذيفة المعادية عند الدرع الخاص ، فإنها لن تكون قادرة على إتلاف المكونات الداخلية للدبابة internal components . هكذا أنظمة الدبابة الداخلية ستبقى سليمة ويمكن للعربة الاستمرار والمشاركة في المعركة) .. تثبيت محرك الدبابة في مقدمة الهيكل يمكن أن ينتج عنه تخفيض لحدود رؤية السائق driver vision في المنطقة القريبة وذلك نتيجة ابتعاد مقصورته عن الحافة الأمامية للهيكل ولأن الهيكل أصبح أكثر طولاً . أيضاً وضع أسنان عجلة التسيير drive sprockets في المقدمة جعلها أكثر انكشافاً إلى الصخور والعقبات الأخرى ، الأمر الذي يعني أنه في سرعات الدبابة الأعلى ، أسنان عجلة التسيير يمكن أن تضرب وبالتالي ستكون عرض أكثر للضرر والتلف . أيضا مداخل تزويد الهواء air-intakes وكذلك مصرفات العادم exhaust vents التي حدد مكانها في جوانب ومقدمة الهيكل ، ستصبح أكثر مواجهة للأتربة وذرات الغبار الناتجة عن حركة الجنازير . 

هناك تعليقان (2):

  1. السلام عليكم
    استاذ انور ماهي نسبة نجاة الارماتا اذا ما واجهت الميركافا او ماهي نسبة نجاة الميركافا اذا ما واجهت الارماتا؟
    انا اتحدث عن قابلية الدروع امام المقذوفات وهل سيتمكن الجيش المصري الشقيق من دبابة الميركافا اذا ما استعمل الارماتا؟
    تحياتي

    ردحذف
    الردود
    1. صعب الجزم بهكذا مواجهة ، ومع ذلك الأرماتا تتضمن تجهيزات أكثر تقدما مما تملكه الميركافا ، على الأقل كما يدعي الروس !!

      حذف