29‏/7‏/2016

كيـف تعبـر دبابـات المعركـة الرئيسـة الحواجـز المائيــة .

كيـــــف تعبـــــر دبابـــــات المعركـــــة الرئيســـــة الحواجـــــز المائيــــــة

تطلب الكثير من الجيوش بأن تكون دباباتها ذات قدرات برمائية amphibious capability لكي تستطيع التقدم دون الحاجة لانتظار وصول أجهزة مد الجسور bridging equipment ، التي تكون ثقيلة ومرهقة وبطيئة الحركة . هذه القضية مهمة جداً ، ليس فقط بشكل خاص كجزء من قابلية حركتهم في ساحة المعركة، بل أيضاً كجزء من قابلية حركتهم العملياتية. وتتفاوت العقبات أو الموانع المائية Water obstacles في طبيعتها وكذلك في نوعية المشاكل التي تسببها . وتستطيع الكثير من دبابات المعركة ، عبور جداول ومجاري ضحلة shallow streams بدون تحضيرات مسبقة ، بشرط أن يكون العمق الأقصى للماء بعض الشيء أقل من ارتفاع قمم هياكلهم . هذا يعني بأن الدبابات يمكن أن تعبر عقبات مائية بدون تحضير حينما يكون عمق الماء لا يتجاوز 1-1.4 م . أما مع بعض التحضير والتجهيز ، فإن عمق الماء الذي تستطيع دبابات المعركة الرئيسة الغطس فيه واجتيازه يمكن أن يتزايد ليبلغ مستوى ارتفاع قمم سقوف أبراجهم ، أو نحو 2-2.4 م ، اعتماداً على حجم الدبابة ، وقد أثبتت التجارب أن قاع النهر يتحمل كثيراً من الثقل (لسوء الحظ ، الجنازير غير كفؤ كوسيلة دفع في الماء ، ويمكن أن تبلغ قابليتها كحد أقصى على تحويل الطاقة الصافية من أسنان العجلة إلى القوة الدافعة propulsive power فقط حوالي 10% من قدرتها الفعلية) . ويمكن تجهيز هذه الدبابات بسدادات قابلة للنفخ inflatable seals لمنع نفاذ ودخول الماء خلال بعض المواضع قابلة للتسريب ، مثل حلقة البرج والمدفع المصعد . إجراءات أخرى جرى تبنيها لمساعدة الدبابات على العبور العميق ، ألحقت قابليات خاصة لتشغيل المحرك متى ما كانت مقصورته مغمورة بالمياه flooded ، كما عمل بذلك في بعض دبابات القتال الأمريكية . حيث تستمر مقصورة المحرك في وضع المنع والغلق ، وفقط نظام التبريد يكون مغمور بالمياه ، بعد فصل مراوح التبريد عن العمل .
لمساعدة المركبة على الطفو والعوم float ، تحتاج بعض العربات المدرعة إلى عوامات خاصة وكافية ، في حين تستطيع بعض العربات الخفيفة الأخرى ، مثل عربة الاستطلاع الروسية المجزرة PT-76 والعربات الأخرى المشابهة ، العوم والطفو دون  أي مساعدة إضافية أو ترتيبات خاصة . في المقابل فإن دبابة المعركة الرئيسة تحتاج إلى مثل هذه العوامات . وفي الماضي تم اختبار أقمشة نسيجية عازلة للماء waterproof وقابلة للطي على الدبابات البريطانية Vickers و Centurion التي تزن تقريباً 37 طن . هذه الأقمشة فعالة جداً ، حيث أنها تمنح أداء أفضل قياساً بأجهزة الطفو التقليدية ، إلا أنها ذات قيمة محدودة من الناحية التكتيكية ، حيث أنها تتطلب بعض الوقت لنصبها وإعدادها ، كما يعاب عليها أنها واسعة جداً وسهلة التعرض للنيران المعادية . كما استخدمت نفس الإعداد الدبابة الأمريكية Sherman DD في هجوم يوم النصر على سواحل فرنسا العام 1945 .
بدأت فكرة الدبابة البرمائية في نهاية الحرب العالمية الأولى ، عندما استخدمت الدبابة Mark IX خزانات هوائية air-drums ربطت على جانبيها واختبرت كعربة برمائية . وفي الحرب العالمية الثانية وتحديداً العام 1941 ، كان البريطانيين هم المبادرين لتطوير هذا النوع من التجهيزات ، عندما ابتكر N Straussler ستائر التعويم flotation screens ، أولاً لصالح دباباتهم من طراز Crusader التي سحبت بواسطة عوامتي طوف ، كان يمكن تثبيتها أو إزالتها في نفس الوقت ، في حين أن الجنازير التي تسير الدبابة ، كانت مغموسة في الماء . الدبابة المتوسطة الأمريكية M4 Sherman جعلت برمائية بإضافة شبكة جنفاص (قطعة من قماش القنب canvas) مطاطية ، لتوفير قابلية الطفو والعوم وكذلك ومراوح إضافية منقادة بالمحرك الرئيس لإعطاء الدفع . أطلق على هذه الدبابات مختصر DD tanks (اختصار دافع مزدوج Duplex Drive) ، حيث استخدمت Sherman DD في معركة يوم النصر في شهر يونيو من العام 1944 ، لتزويد وتوفير دعم ناري قَريب على الشواطئ أثناء عمليات الإنزال الأولي . هذه الدبابة لم تكن تستطيع إطلاق النار وهي في وضع العوم ، بسبب كون شبكة الطفو أعلى مستوى من المدفع الرئيس . وأثناء عملية الإنزال ، عدد كبير من هذه الدبابات تعرض للغرق ، بسبب قسوة الطقس في القناة الإنجليزية (مع بعض الدبابات التي أنزلت خطأ من مكان بعيد جداً) ، ومع ذلك فقد زودت هذه الدعم النار المطلوب في الساعات الخطرة الأولى للإنزال 
قبل الحرب العالمية الثانية ، أنتج السوفييت دبابات برمائية خفيفة دعيت T-37 وT-38 . كما طوروا نموذج تسلسلي ثالث أطلق عليه T-40 ، بدأ إنتاجه بعد بداية الحرب . إلا أن الخطوة السوفييتية الأبرز في هذا المجال كانت مع العربة البرمائية PT-76 التي لها هيكل على هيئة قارب مسطح ، الذي يضمن مقاومة أقل ما يمكن عندما تكون الدبابة في وضع العوم . هي تستطيع السباحة بعد تشغيل مضختي نفخ bilge pumps أسفل الهيكل . التي بدورها تنصب صفيحة موازنة trim vane أمامية ، التي تحسن الاستقرار وتزيح الماء عن العربة ، وتمنع فيضان الماء إلى القوس الأمامي للدبابة (تعمل أيضاً كدرع إضافي additional armor) . ويتم تحويل منظار السائق الأفقي periscope لوضع السباحة ، حتى يتمكن من الرؤية من فوق صفيحة موازنة . وتبقي مضخات النفخ الدبابة في وضع العوم والطفو afloat ، حتى لو تسرب لها الماء أو تعرضت للضرر . وتتحصل الدبابة على مضخة نفخ يدوية للاستعمال الطارئ . إن الدبابة PT-76 مدفوعة خلال الماء بواسطة محركي نفث مائي hydrojets قابلين لتعديل الضغط ، واحد على كل جانبي الهيكل ، مع فتحات تحت الهيكل والمخارج في المؤخرة (تمتلك هذه المحركات كفاءة دفع لنحو 30% قياساً بمراوح الدفع التقليدية التي تبلغ كفاءة دفعها فقط 20%) . هناك أيضاً فتحات نفث مائية إضافية مساعدة على كل من جانبي الهيكل فوق عجلة الطريق الأخيرة . المخارج الخلفية لها أغطية خاصة lids ، التي يمكن أن تكون مغلقة بالكامل أو جزئياً ، بحيث تعيد توجيه جدول الماء water stream إلى المخارج الأمامية الموجهة في جوانب الهيكل ، هكذا يمكن للعربة الاستدارة أو التحرك عكس الاتجاه . هذا نظام المصمم من قبل المهندس N. Konowalow ، هو نفسه المصمم للعربة الأسبق BTR-50 ، وهو يتيح للعربة PT-76 التحرك والسباحة بسرعة 10-13 كلم/س ولها مدى من 100 كلم . هي يمكن أن تعبر معظم العقبات والعوائق المائية ، وكذلك تستطيع أن تسبح أيضاً في البحر .
الكثير من دبابات المعركة الغربية ، تحمل أنبوب إضافي يمكن تركيبه فوق قبة الآمر ، لتزويد الهواء لكل من الطاقم والمحرك ، يطلق عليه اسم "سنوركل" schnorkel . حيث يوفر هذا الأنبوب للدبابة إمكانية الغطس لعمق يزيد عن أربعة أمتار . إن بعض هذه الأنابيب واسعة بما فيه الكفاية لكي يتسلقها شخص ما ، وبالتالي فهي تعمل إما للتهوية ventilation أو للهروب escape في الحالات الطارئة ، على الرغم من أن هذه القدرات نادراً ما يعمل بها ، ومن المحتمل أن لا تستخدم على أي حال أثناء الحرب (عمليات خوض المياه العميقة خطرة جداً ، ولا يلجأ إليها إلا في حال عدم وجود بديل آخر) . أما الجيش الروسي فيستخدم أدوات مماثلة ، لكنها أقل قطرا من مثيلاتها الغربية لتعزيز قدرات الدبابة البرمائية ، حيث تثبت أنابيب السنوركل على تركيب خاصة فوق سقف البرج . ويوفر هذا النوع من الأنابيب القدرة على خوض الأنهار التي يصل عمقها إلى أكثر من 4-4.5 م ، كما يزود الطاقم بأجهزة تنفس rebreathing respirators للحالات الطارئة . ويمكن القول في الختام أنه مع جميع عمليات الغطس ، فإن تفاصيل الاستطلاع ضرورية جداً وهناك احتمال أن ينحل الجنزير ، ليس فقط بسبب الطبيعة الإنزلاقية slippery لقاع النهر ، ولكن أيضاً بسبب أن الدبابة تشهد درجة ارتفاع مساوية لوزن الماء (وفق قاعدة أرخميدس Archimedes' principle ، إذا طفا جسم على سطح سائل ما ، فإن وزن الجسم يساوي وزن السائل المزاح ، أما إذا كان وزن الجسم أكبر من وزن الماء المزاح في حالة انغماره كليا ، فإنه يغطس في الماء) . هذه المشكلة يمكن حلها جزئياً بواسطة غمر وإشباع flooding مقصورة المحرك ، لكن الدبابات في هذه الحالة قَد تواجه مشكلة وصعوبة في التسلق خارج الماء بسبب الوزن الإضافي ، حتى تجفيف مقصورة المحرك مرة أخرى .
ويتولى المهندسون engineers عملية استكشاف قاع النهر ، قبل عبور الدبابات له . كما يتم تثبيت إشارة أو علامة على الدبابة لمعرفة مستوي الماء ، حيث يبقي قائد سرية الدبابات على ضفة النهر ، لإعطاء توجيهات العبور للطاقم أثناء كامل العملية . وفي بعض الدبابات ، كالروسية T-72 ، فإن توقف المحرك أثناء عبور المجرى المائي ، يعني فقدان الضغط العالي over-pressure ، مما يؤدي لدخول الماء إلى غرفة المحرك ومن ثم إلى غرفة الطاقم . في هذه الحالة ، تكون عملية الهروب من الدبابة وهي تحت الماء ، محفوفة بالمخاطر .

هناك 4 تعليقات:

  1. إذا كانت الدبابات الحديثة يمكن أن يتسرب الماء إليها فكيف يمكن القول أنها مضادة لأسلحة الكيميائية و البيولوجية ... !!!


    فالأولى أن تسمح بتسرب الإشعاعات و الغازات إن كانت تسمح بذالك للماء ؟؟

    ردحذف
    الردود
    1. هي لا تسمح بتسرب الماء لها ، خصوصا مقصورة الطاقم .

      حذف
  2. بالمناسبة شاهد صاروخ كوربنت على مايبدو لم ينفجر بعد الإصطدام (إنزلق) وإنفجر بجانب الهدف

    ( 29 juil. 2016 )
    https://www.youtube.com/watch?v=LuvG2sAGshU&feature=youtu.be

    ردحذف
    الردود
    1. هو صاروخ تاو على الأرجح وليس كورنيت .. إنحرافه شكل صدمة غير متوقعه لكن هناك أكثر من سبب لذلك ، ربما نتيجة خطأ في التوجيه من قبل الرامي والله أعلم .. لا يمكن الجزم أن الصاروخ أخطأ الهدف وتبقى الإحتمالات قائمة .

      حذف