24‏/5‏/2017

دبابات المعركة الرئيسة وترتيب الدروع ومواضع الهجوم .

دبابــــات المعركــــة الرئيســــة وترتيــــب الــــدروع ومواضــــع الهجــــوم

سؤال منطقي يتبادر لأذهان الكثير وهو لماذا يركز مصممو العربات المدرعة خلال العمل حول جزئية الهجمات التي تجيء من القوس الأمامي frontal arc وضمن قطاع 60 درجة تحديداً !! في الحقيقة دراسات عديدة تناولت مراتب ومواضع الهجوم المحتمل الذي من الممكن أن تتعرض لها دبابات المعركة الرئيسة MBT والعربات المدرعة الأخرى ، حيث تحدثت هذه وأكدت في معظمها أن مقطع القوس الأمامي ضمن 60 درجة هو الأكثر استهدافاً وتعرضاً للتهديد مقارنة بالمواضع الجانبية والخلفية . لذلك أستقطب هذا الموضع نسبة التصفيح والوقاية الأعظم مقارنة بالمواضع الأخرى من جسم الدبابة ، حيث مستوى أدنى من الحماية protection يكون أكثر قبولاً بسبب احتمالات الهجوم المنخفضة (برج الدبابة هو أكثر أجزاء الدبابة عرضة للخطر ، كما أنه واحد من أهم أجزاء الدبابة لاشتماله على السلاح الرئيس وأجهزة الرؤية والتصويب) . الأمر في حقيقته مماثل لعمل سترات الوقاية من الرصاص bullet-resistant vest التي يتحتم لزيادة فرص نجاة مرتاديها ، أن تقحم الصفائح والطبقات الخزفية في المواضع التي تؤمن حماية مباشرة للأعضاء الحيوية مثل القلب والرئتين ، بينما حماية أقل ما يمكن يتم توفيرها للأكتاف والأذرع . علاوة على ذلك ، نجد أن أكثر تلك الحماية المعروضة بالصدرية الواقية تكون واقعة في الجبهة أو الواجهة الأمامية ، وذلك لأن المنطقة الأمامية في أغلب الحالات تكون هي الأكثر عرضة للهجوم والتعرض . لذا ، خيارات مماثلة يجب أن تراعى وتدرس مع دروع العربات المدرعة بكافة تصنيفاتها .. وفي حين صممت ناقلات الجنود والعربات المدرعة خفيفة الوزن لكي تكون دروعها الأمامية مقاومة للمقذوفات الخارقة للدروع من عيار 12.7 ملم التي تطلق من مسافات قريبة نسبياً ، فإن المواضع الجانبية في هذه العربات مصممة على الأغلب فقط لتوفير الوقاية من مقذوفات خارقة عيار 7.62 ملم . عربات خفيفة أخرى صممت في السنوات الأخيرة لكي تكون منيعة على جبهة مقدمتها من مقذوفات العيار 14.5 ملم الثاقبة للدروع AP ، التي تطلق من مسافات قصيرة نسبياً ، لكن الدروع الجانبية كانت فقط كافية لمقاومة ودحر العيار 12.7 ملم .

أما بالنسبة لدبابات المعركة الرئيسة MBT ، فقد اشتمل بناءها العام على كتل تصفيح أكثر ثقلاً ، لكنها أيضاً موزعه ومرتبه بشكل غير متساوي أو منتظم ، فتدريعها الأمامي مصمم عموماً لمواجهة ودحر تهديدات بحجم مقذوفات سلاحها الرئيس الخارقة للدروع ، بينما دروعها الجانبية كانت فقط قادرة على مقاومة مستويات أدنى بكثير من الهجمات . في بادئ الأمر ، وزعت دروع الدبابات بناء على اعتقاد تقديري وحدسي Conjectural تماماً ، لكن مع الحرب العالمية الثانية ، فإن اختلاف وتنوع اتجاهات الهجوم المحتمل كانت موضع تحليل كبير من قبل الكثير من الباحثين المتخصصين . بالنتيجة ، جرى توزيع احتمالات مواضع الهجوم ، والتدريع أو التصفيح الذي يمكن أن يجاريه ويقابله ، وقدمت هذه على أساس مقداري . 
أول الدراسات لتوزيع احتمالات الهجوم كانت قد قدمت على ما يبدو العام 1943 في بريطانيا من قبل عالم الرياضيات "جون وايتكر" J.M. Whittaker ، عندما وضع هذا الرجل نموذجه النظري وقسم محيط الدبابة لثمانية مقاطع قياس كل منها بزاوية 45 درجة ، وذلك بقصد تقييم فرص مهاجمة دبابة معركة من اتجاه معين particular direction . كانت الدراسة مستندة على فكرة بسيطة ، تفترض تقدم دبابة بسرعة ثابتة باتجاه صف معادي من الأسلحة المضادة للدبابات . إن خط حركة وانتقال الدبابة سيكون بشكل مباشر وعمودي نحو مواضع الأسلحة المضادة للدبابات ، والعدد الإجمالي للطلقات التي يمكن أن ترمى بشكل مؤكد ويقيني نحو واجهة الدبابة ، ستكون فوراً متناسبة مع الزمن الذي تكون فيه الدبابة عرضة ومواجهة للمدافع . ولقد وضع وايتكر فرضيات إضافية حول مدى المدافع المضادة للدبابات وقدرة إطلاقها من أي اتجاه ، وبلغ هذا النموذج التقديري توقعاته بأن الجزء الأكثر احتمالاً للضرب من جسم الدبابة يرتكز على مقطعها أو القوس الأمامي frontal segment ، مع نسبة تعرض لا تقل عن 33.3% بالنسبة للزاوية 45 درجة ، و45% عند الزاوية 60 درجة .

وعلى الرغم من أن دراسة وايتكر كانت نظرية بشكل كلي ، إلا أنها أثبتت لكي تكون متوافقة مع البيانات وسجل الضربات التي تحملتها الدبابات في شمال غرب أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية ، واستخدمت منذ ذلك الحين كقاعدة لتوزيع وترتيب الدروع حول الدبابة .. في الحقيقة طبقاً لتجربة وبيانات الحرب العالمية الثانية فإن ما نسبته 25% من الضربات الموجهة كانت من نصيب صفائح التدريع المائلة (العليا والسفلى) في القوس الأمامي frontal sheets لهيكل الدبابة . في حين عرضت منطقة البرج تلقي ما نسبته 45% من الضربات . القسم أو المقطع الأمامي لصفيحة الهيكل الجانبية كانت مع نسبة ضربات من 21% ، أما المؤخرة فسجلت فقط 7% ، والمؤخرة المتطرفة فقط 2% . لقد أدت مفاهيم واستنتاجات هذه الدراسة بشكل خاص ، لتركيز جهد التصميم وجعل الدبابات محصنة ضد الهجمات التي تجيء من القوس الأمامي frontal arc ضمن مقطع 60 درجة ، بعد أن أظهرت الدراسة أن أكثر من 45% من الإصابات كان من المؤكد وقوعها ضمن هذا القوس . مع ذلك كان هناك تشكيك وخلافات عديدة بين المهتمين حول نتائج الدراسة في حالة الهجوم المتحرك أو حرب المناورة maneuver warfare ، حيث ذكر البعض أن توزيع احتمالات الهجوم يمكن أن تكون أكثر انتظاماً من تلك التي أشارت إليها تحليلات وايتكر ، أو المنحنيات الحلزونية والتوزيعات الإهليليجية elliptical (بيضاوية الشكل) المستنبطة والمستخلصة من الدراسات الأخرى . فعوامل أخرى مثل طبيعة النزاع ، السرعة ، التفوق التقني للقوة المهاجمة وغيرها ، سيؤثران بلا شك على فرص الضرب والرمي باتجاه قطاع محدد . من جانب آخر ، كان هناك جدل حول مدى الاشتباكات engagements المتزايد ، الذي أصبح أكثر من حقيقة مع ظهور أسلحة دبابة أكثر قوة ، وكذلك الأمر بالنسبة للأسلحة المضادة للدبابات . هذا التطور أدى إلى هجمات أكثر تركيزاً ودقة على القوسِ الأمامي للدبابة . وفي الحقيقة ، دراسات أخرى قدرت نسب أكبر لاحتمالات الهجوم ضمن قوس 60 درجة الأمامي ، كما هو الحال مع تحليل ضربات الدبابات أثناء الحروب العربية الإسرائيلية في الستينات والسبعينات والثمانينات (1967 ، 1973 ، 1982) ، التي زودت دليل وصورة مختلفة ، أعطى احتمال للهجوم ضمن قوس 60 درجة لمقدمة الدبابة بحدود 70% . كما سجلت تلك الصراعات ضربات بنسبة 23% في مواضع أخرى مختلفة على الدبابات المشاركة ضمن قوس 120 درجة ، وتم تحقيق فقط 7% ضربات ضمن قوس 60 درجة في مؤخرة الدبابات . هذه النتائج رغم أنها مختلفة كثيراً عن تحليلات ويتاكر وبيانات الحرب العالمية الثانية ، إلا أنها تؤكد من جديد على أهمية حماية المقطع الأمامي للدبابات ، الأكثر عرضة للإصابة .
 
دراسة هي الأبرز وربما الأحدث هي تلك التي أجراها الدكتور "مانفرد هيلد" Manfred Held (مصمم أسلحة نرويجي ، عمل في شركة Nobel الألمانية حيث كان يعيش ، حائز على جائزة نوبل ولديه العشرات من براءات الاختراع ومئات الدراسات العلمية الخاصة بالمتفجرات والدروع ، ويرجع له الفضل في تطوير الدروع التفاعلية المتفجرة ERA) عن نتائج إصابات الرؤوس الحربية وتوزيعها على الدبابات العراقية في حرب الخليج 1991 . فبعد هذه الحرب ، جرى فحص ومعاينة عدد 308 دبابة وعربة مدرعة كانت مستخدمة من قبل القوات العراقية ، بما في ذلك دبابات من طراز T-55 ، T-62 ، T-72 ، منها 25% كانت مدمرة ومحطمة تماماً . هدف الدراسة كان تقصي وتحري مواضع الهجوم ومستويات الأضرار الناتجة عن مقذوفات الطاقة الحركية KE وكذلك الرؤوس الحربية لمقذوفات الشحنة المشكلة SC . عندها ، نتائج التحليل جرى مقارنتها ومطابقتها مع البيانات المستخلصة من الحرب العالمية الثانية خلال الفترة 44-1945 ، حرب الأيام الستة 1967 ، حرب أكتوبر 1973 ، بالإضافة لبيانات توزيع الضربات hit-distribution data المستخدمة من قبل ألمانيا ، الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة لغرض تصميم دبابة المعركة وتقدير مواضع الضعف واحتمالية الهجوم . وقد أظهرت نتائج التحليل عدم تطابقها الكامل مع نتائج وبيانات حرب الخليج التي استنتجها دكتور مانفرد .
 
بحث مانفرد في دراسته بعناية ، الضربات على كل من الجوانب الأفقية للعربات المصابة وكذلك من القمة . وأظهرت نتائج قياسات أقطار الثقوب الناتجة عن ولوج وخروج المقذوفات ما يلي : بالنسبة لقضيب مقذوفات الطاقة الحركية APFSDS تم تسجيل قيم من 40 إلى 60 ملم بالنسبة لقطر فتحات الخروج . في المقابل ليس أكثر من 30 إلى 60 ملم تم تسجيلها بالنسبة لقطر فتحات النفاذ أو الدخول . نفس القيم تقريباً جرى تسجيلها بنسبة 50% لتأثير الرؤوس الحربية لمقذوفات الشحنة المشكلة ، لكن أحياناً قطر الثقب كان إلى حد كبير أكثر اتساعاً عند فتحة النفاذ في منطقة سقف البرج . في هذه الحالة ، وصل قطر ثقب النفاذ الناتج إلى 100 ملم . وبشكل عام تراوحت أقطار ثقوب النفاذ والخروج لمقذوفات الشحنة المشكلة بين 10-100 ملم حسب نوع الرأس الحربي المستخدم . وأظهرت تحاليل الدراسة أن مقذوفات الطاقة الحركية نفذت لجسم الدبابات المصابة عملياً بمسار أفقي horizontal trajectory ، حتى الصاروخ الأمريكي Hellfire المطلق من مروحية على مسافة 2000 م وارتفاع 200 م ، أصاب هدفه بزاوية 5.7 درجة . وأظهر تحليل الضربات الموجه للأهداف محل الدراسة ، أن نسبة دبابات T-55 المحطمة بلغ 65% ، في حين بلغت هذه النسبة للدبابات T-62 نحو 17% ، أما الدبابات T-72 فقد كان نصيبها 18% . وبلغت نسبة استخدام مقذوفات الشحنة المشكلة على الأهداف محل التحليل 70% (تترك هذه آثار مميزة من الشظايا المنتجة والمنتشرة على السطح الخارجي للدرع ، ناتجة عن الغلاف المعدني للرأس الحربي) ، في حين بلغت هذه بالنسبة لمقذوفات الطاقة الحركية 20% فقط (حيث آثار الزعانف حول الثقب تعطي دلالة واضحة ، كما تحمل الثقوب هنا قطر ثابت بالسطوح الناعمة نسبياً على طول مسار الاختراق الداخلي) و10% بوسائل أخرى . 77% من الضربات سجلت في منطقة البرج ، ونسبة أقل بكثير بلغت 23% سجلت في الهيكل ، في حين بلغت نسبة الإصابات على القوس الأمامي للبرج frontal arc عند زاوية 45 درجة ، فقط 34% . التجربة القتالية في لبنان العام  2006 أظهرت أن ما نسبته 49% من الضربات كانت من نصيب القوس الأمامي من الدبابات الإسرائيلية ، في حين أن نسبة 7% كانت من نصيب المنطقة الخلفية ، ونسبة 22% من نصيب الجانبين .

هناك 5 تعليقات:

  1. كل عام وانت بخير اود ان اشكرك على مدونتك التي لم ارى لها مثيل او منافس بل اجد كثرة السرقات للموضيع على الشبكة اريد ان اطلب منك ان تقوم بوضع ملف pdf للموضوع او رابط على موقع: justpast.it وجزيت خيرا

    ردحذف
    الردود
    1. مبارك عليكم شهر رمضان أخي الكريم وجزيل الشكر على كلمات الإطراء وإن شاء الله ننظر في إقتراحك .. تحياتي .

      حذف
  2. السلام عليكم اخي الكريم إذا ممكن مساعدة حول موضوع صواريخ atgm metis work principles إذا ممكن بشكل مفصل ومبدأ الكاميرا الحرارية الخاصة به

    ردحذف
    الردود
    1. للأسف أخي الكريم لا يتوفر لدي حاليا تفصيل لمواصفات الصاروخ التقنية وكامرته الحرارية ولكن هذا الرابط ربما يفيدك .

      http://www.studfiles.ru/preview/3618023/page:2/

      حذف
  3. السلام عليكم ، أستاذ أنور تبادر في ذهني سوأل . ماهو رأيك إذا كانت الدبابة او الناقله تتمتع بدرع تفاعلي يليه درع قفصي هل هذا ناجح

    ردحذف