8‏/7‏/2013

التصفيح والحماية المدرعة .

دبابــــــة المعركـــــة الرئيســـــة
التصفيـــــــــــــــح والحمايــــــــــــــــــــــة المدرعــــــــــــــــــــــــــة


يعتقد الباحثون أن تاريخ استخدام المعادن في الدروع يعود إلى مرحلة اكتشاف البرونز bronze في العام 2000-3000 قبل الميلاد . ففائدة الدرع المعدني على المواد الأنعم  مثل الجلد والخشب ، كانت واضحة وجلية للمستخدمين . مع ذلك ، بقيت المبادلة والمفاضلة بين قابلية الحركة mobility والحماية protection لانجاز وتحقيق قابلية البقاء محل خلاف طويل ، سجلت أبعاده في العديد من معارك التاريخ . مع ذلك ، فقد قررت حماية الدرع على مدى التاريخ ولدرجة كبيرة ، قدرة دبابة المعركة الرئيسة على البقاء والنجاة survive وهي تحت تأثير النيران المعادية . وإلى حد جعلها محصنة ضد عدد كبير من أسلحة العدو ، مما سمح لها بحرية حركة أكبر في ساحة المعركة . لذلك اعتبرت الحماية المدرعة Armour protection خاصية مهمة جداً ، طغت في أحيان كثيرة على بعض الخصائص المهمة الأخرى للدبابة ، هذا ما جعلنا أمام حقيقة أن نحو معظم وزن دبابة المعركة الرئيسة يفسر الآن بالحماية المدرعة .


أثناء الحرب العالمية الأولى ، الدبابات المتحالفة المثالية كان لديها سماكة دروع تتراوح بين 10-25 ملم من الصفائح الفولاذية المقساة . فقط سماكة 12 ملم من الدروع كانت كافية لإيقاف الرصاص الألماني المخترق للدروع AP bullets عند مدى تسديد قَريب نسبياً . لقد كانت هذه كافية أيضاً لإيقاف معظم شظايا المدفعية ، بالرغم من أن ضربة مباشرة كان قاتلة عادة . ومع بداية الحرب العالمية الثانية ، تضاعفت سماكة دروع الدبابات عما سبق ، وابتدعت قضية إمالة المقطع الأمامي لبرج الدبابة لتحسين مقاومة الاختراقات penetration resistance . لكن لسوء الحظ ، هذه الإضافات مع تصاعد وتيرة الحرب وتطورها ، قيدت لحد ما من سرعة الدبابات وحصرتها في سرعات معقولة . وبدأ المهندسون في تصميم دبابات جديدة مع زيادة سماكة حماية المقدمة ، بينما أبقي على التدريع الجانبي والخلفي أكثر نحافة . وتراوحت في العام 1945 سماكة دروع مقدمة البرج لبعض الدبابات من 100 ملم وحتى 150 ملم ، على الرغم من أن بعض التصاميم الألمانية تميزت بصفائح تدريع أمامية لنحو 200-240 ملم في السماكة (أثخن من دروع الطرادات البحرية الثقيلة) . كما كان هناك تحسينات هامة في الحجم وقوة الأسلحة الرئيسة .


مواد الدرع التقليدية تصنع نموذجياً من الفولاذ ، ألمنيوم ، أو معادن قاسية أخرى . ومع ذلك ، فإن الخطوة الحقيقية والفاعلة لمنظومات الحماية والوقاية لعربات القتال المدرعة كانت مع مادة الصلب أو الفولاذ steels ، إذ شملت سبائك الدروع المصنعة من هذا المعدن معظم الاستخدامات في الماضي ، الحاضر ، ومن المحتمل مواد التدريع المستقبلية . هذا لأنه يمتلك العديد من الخواص التجارية والميكانيكية المرغوبة . فالفولاذ رخيص أصلاً بسبب مادته الخام المنخفضة وكلف تصنيعه ، بالإضافة إلى قدرة وسهولة إنتاجه تجارياً . أثبت قابليته على توفير حماية بالستية جيدة من طيف واسع من التهديدات ، مع قابلية مميزة على تحمل الضربات المتعددة . هو يمكن أن يقطع بسهولة ميكانيكياً ، مع قدرة على التشكيل واللحام ، وبسهولة يمكن إصلاحه في ساحة الميدان ، وله مقاومة تخفيض جيدة تجاه المحيط البيئي . في الجزء الأخير من الحرب العالمية الثانية وفي العقد اللاحق لها ، كان هناك دراسات معمقة في فيزياء علم المعادن ، وكذلك في الخواص والملكيات الميكانيكية mechanical properties للفولاذ عالي القوة في مختبرات الجيش الأمريكي Watertown (النوعان الرئيسان من الدروع الفولاذية المستخدمة هما : الدروع المتجانسة المطوية RHA, MIL-DTL-12560 ، والدروع المتجانسة المصبوبة CHA, MIL-DTL-11356) حيث وجد أن الفولاذ بالصلادة القصوى وبالصلابة الكافية لمقَاومة التصدع cracking في جميع الظروف ، يزود أفضل أداء بالستي ممكن .


التحسينات الأخرى في الأداء جعلت وهذبت بدراسة آليات اختراق المقذوفات لمواد التدريع ، باستخدام أجهزة تشخيصية عالية السرعة ، مثل الأشعة السينية الومضية flash X-ray والتصوير الفوتوغرافي السريع .حيث جرى تحسين التصميم لنظام الدروع وتطوير الرموز التحليلية والحسابية التي يمكن أن تكون مستخدمة أيضاً لدراسة آليات الاختراق penetration mechanisms . لقد مكنت هذه الرموز والقوانين المهندسين من اختبار تصاميم دروع مختلفة ، لاكتشاف الملكيات والخصائص المفيدة لمقَاومة الاختراقات ، وتحسين قابلية مواجهة تعدد الضربات .


إن دور الدروع ينحصر بشكل رئيس في حماية تركيب العربات أو الأفراد . وهذه تعمل على امتصاص الطاقة الحركية للمقذوفات ، حيث تمتص هذهالطاقة إما بالتشويه اللدن plastic deformation للمقذوف الخارق أو بعمليات الكسر والتمزيق fracture processes ، ناهيك عن دورها في الحماية من أسلحة الطاقة الكيميائية . ويتطلب من صفائح الدروع انجاز وظيفتان أساسيتان ، دور وقائي protective role وآخر هيكلي structural role . فالمواد المستخدمة لبناء وتصنيع الدروع يجب أن تنجز كلتا الأدوار ، إذ يجب عليها توفير الحماية البالستية بامتلاكها القوة الكافية لحد أن لا تكون ممزقة أثناء ارتطام المقذوف بكتلتها . وهكذا تعتبر قوة مقاومة الشد tensile strength (بمعنى وصول مادة التدريع لنقطة الانهيار ، التي عندها تتحطم أو تفقد تماسكها ، تحت شروط الإجهاد القصوى) العامل الأساس في تقرير سماكة مادة التصفيح التي يجب أن تستخدم (أو الكثافة السطحية areal density) .على أية حال هناك العديد من الأنواع المختلفة لمقذوفات يمكن أن تستخدم وتستغل لمهاجمة واختراق الدروع ، بما في ذلك المقذوفات الخارقة للدرع الناقلة للطاقة الحركية ، وكذلك مقذوفات الطاقة الكيميائية ، وكل نوع من أنواع المقذوفات يتطلب حلاً مختلفاً جداً بين صيغة درع وآخر . وفي بعض الحالات قَد يكون من المعقول السماح للدروع بالتشوه على مدى ومساحة أكبر لكي تبطئ وتوقف المقذوف ، بينما في حالات أخرى هذه قَد لا تكون محتملة وممكنة بسبب قيود السعة المكانية .وتتضمن النظرات الجديدة الإبداعية الاستعانة بمواد أكثر خفة ، مثل المركبات الخزفية ceramics والمركبات الكيميائية الأخرى المبلمرة polymers ذات سلاسل الوحدات المتكررة . ويمكن الجزم حالياً أن الاستخدامات الحديثة استفادت من مواد خزفية متناغمة مثل أكسيد الألمنيوم (Al2O3) ، كربيد البورون (B4C) ، كربيد السيلكون (SiC) .. وغيرها لتطوير أنظمة حماية بالستية خاصة بالعربات المدرعة . فبسبب وزنهم النوعي المنخفض ، وتصلبهم العالي ، واستقرارهم الحراري ، أظهرت هذه الأنظمة إمكانيات مرتفعة لتحسين المعايير الحالية للأداء البالستي .


هناك 10 تعليقات:

  1. أخ انور..سؤال بعد اذنك..
    تقول (النوعان الرئيسان من الدروع الفولاذية المستخدمة هما : الدروع المتجانسة المطوية RHA, MIL-DTL-12560 ، والدروع المتجانسة المصبوبة CHA, MIL-DTL-11356)
    سؤالي..هذه الانواع من الدروع الفولاذية ، كم تصل مقاومة الشد (Ultimate tensile strength) لهذه الانواع التي ذكرتها ..

    ردحذف
    الردود
    1. حياك الله أخي فهد .. مقاومة الشد tensile strength هي مقياس لمقدار الإجهاد الأقصى الذي يمكن للمادة أن تتعرض له قبل وصولها لنقطة الانهيار أو التحطم ، وهذه تتفاوت بين فولاذ التصفيح المستخدم الآن لتتراوح عند حدود 850-1700 ميغا نيوتن لكل متر مربع . الفولاذ المستخدم في صفائح التدريع يشتمل في أحد أنماطه الحديثه على ما نسبته 0.25-0.4% من الكربون وعناصر مسبوكة أخرى ، بشكل رئيس النيكل nickel والكروم chromium وبنسبة 0.5-3.75 و1.8% على التوالي .. طبعاً أخي فهد وطبقاً لإتحاد منتجي الفولاذ الأمريكي ASM-96 ، فإن هناك بشكل حرفي للوصف ، مئات الأنواع من الفولاذ قيد الاستخدام في كافة أنحاء العالم ، ولكن بضعة منها فقط يمكن أن يكون مؤهلاً أو ذو قيمة بالستية للاستخدام في تصفيح الدبابات والعربات المدرعة الأخرى . جدير بالذكر أن مراكز البحث العلمي الغربية ، تعمل على تطوير أنواع من الفولاذ شديدة القوة ، تجمع بين خاصتي الصلادة ومقاومة التمزق . فلكي ينجو من الضغط وإجهاد الارتطام impact strain ، الفولاذ يجب أن يكون قوي ومرن لأقصى حد ممكن .. جدير بالذكر أخي الكريم أن الفولاذ المستخدم في صفائح التدريع يخضع لعمليات معالجة حرارية من أجل تصليده وزيادة مقاومته إلى الاختراق بالمقذوفات ومقاومة الكسر (هناك العديد من عمليات المعالجة الحرارية Heat treatment التي تستخدم لمعاملة الصلب ، لعل أكثرها شيوعاً التلدين/التطويع Annealing ، التسقية/التبريد السريع Quenching والتلطيف/التدفئة Tempering) بعد ذلك يجري مزجه وخلطه لجعله أكثر قسوة وقدرة على امتصاص طاقة الاصطدام لمقذوفات الطاقة الحركية .

      حذف
  2. اشكرك على الإجابة المفصلة..
    باقي سؤال أخير..
    كم يبلغ سمك تدريع بطن الدبابة (الأرضية) ؟؟
    خصوصاً دبابة الابرامز ..

    ردحذف
    الردود
    1. ليس على وجه الدقة ، لكن ذلك لن يتجاوز سماكة 50 ملم في أفضل الحوال لمواجهة عصف انفجار لغم أرضي مضاد للدروع .. والله أعلى وأعلم .

      حذف
    2. الله يعطيك العافية..هذا آخر سؤال..
      برج دبابة ابرامز..كم يبلغ ارتفاعه ؟؟ البرج من غير بدن الدبابة ومن غير التجهيزات الإضافية التي فوق البرج (مثل الرشاش وأجهزة الرؤيا..إلخ)..
      المصادر متضاربة حول هذه المعلومة ..

      حذف
    3. ولماذا آخر سؤال !! أسأل على راحتك فهذا عملنا في المدونة .. يبلغ 65 سم من غير حساب التجهيزات السقفية للبرج .

      حذف
  3. كثرت عليك بالاسئلة أخ انور..انت كريم وحنا نستاهل..
    لكن..هل هناك مواقع متخصصة بمجال الدروع تنصح بها ؟؟
    مع التحية والتقدير لشخصك الكريم..

    ردحذف
    الردود
    1. إذا كنت تبحث عن مواقع متخصصة بتقنيات التصنيع والمواصفات الفنية فهي معدومة تقريباً .. إذا عندك أسئلة وجها هنا لأن هذا تخصصي ومجال عملي ، ولا يهمك كثرة الأسئلة طالما الفائدة تعم على الجميع .. إذا أردت هناك كتاب هو الوحيد ربما في العالم المتخصص في تقنيات الدروع وهو باللغة الإنكليزية .

      حذف
  4. طيب عندي سؤال بسيط خارج موضوع التصفيح والحماية..
    قبل فترة قام الألمان بمشروع تصميم دبابة جديدة .. أذكر أن تصميم الدبابة مختلف جذرياً عن الدبابة الحالية (ليوبارد)..منها استخدام مدفع عيار 140 ملم..كذلك استخدام ملقم آلي..وتصميم مختلف عن الدبابة الحالية..لكن الحكومة الألمانية وجدت أنه لا حاجة لهذا المشروع..فتم إلغاء المشروع..هل لديك معلومات عن هذا المشروع ؟؟؟ حاولت ابحث عن هذا الموضوع وعن تصميم الدبابة في مواقع الانترنت ولم أجد..مع اني قرأته قديماً في أحد المواقع .. وشكراً مقدماً..

    ردحذف
    الردود
    1. لم أقرأ من قبل عن هكذا تطوير رغم وجود السلاح بالفعل !! في أواخر الثمانينات أخي فهد ، عملت شركات أمريكية وأوربية عدة على تطوير مدافع تجريبية مشتركة من عيار 140 ملم لدبابة المعركة المستقبلية . وبرزت شركة Rheinmetall الألمانية بعملها على تطوير مدفع من عيار 140 ملم ، تم تثبيته على برج دبابة من طراز Leopard 2 وحمل التعيين NPzK-140. لقد استطاعت قذيفة الطاقة الحركية APFSDS الخاصة بهذا السلاح في الاختبارات ، اختراق تصفيح فولاذي متجانس بسماكة متر واحد عندما أطلقت من مسافة 1000 م . لقد تم التركيز في المدفع الجديد ، على ذخائر الطاقة الحركية الخارقة للدروع المثبتة بزعانف APFSDS ، ذلك أن رؤوس الشحنة المشكلة Shaped Charge (حتى تلك التي تحمل شحنتين مترادفين) أصبحت تجد مقاومة متزايدة لها من الدروع المركبة والتفاعلية في الدبابات الحديثة ، في حين أن الذخائر الخارق للدروع التي تعتمد على مبدأ الطاقة الحركية أثبتت فاعليتها على جميع أنواع الدروع المشار إليها سابقاً . وتستخدم بعض دول حلف الأطلسي ، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا ، قضباناً عالية الكثافة لصالح قذائف الطاقة الحركية ، مصنوعة من اليورانيوم المستنزف DU ، إلا أن الخطورة التي تعترض استخدام هذا المنتج بالنسبة لطاقم الدبابة ، أو بالنسبة للرماد المتناثر من عملية الاصطدام ، دفعت الأبحاث في اتجاه إعادة تطوير الذخائر المصنوعة من سبائك التنغستن Tungsten alloy .

      حذف