15‏/11‏/2013

تطهير حقول الألغام بواسطة .. الشحنات الخطية .

تطهيــــر حقـــــول الألغــــــام بواسطــــــة .. الشحنـــــــات الخطيــــــــة


الشحنات الطولية أو الخطية line charges هي وسيلة أخرى لتطهير حقول الألغام ، وتستخدم لإحداث خرق وفجوة في حقول الألغام تحت الشروط القتالية . وبينما هناك العديد من الأنواع والأشكال ، إلا أن التصميم الأساس للعديد من الشحنات الخطية المتفجرة يتعمد على وجود رابط مملوء بالمتفجرات ينوى اطلاقه وقذفه فوق حقل الألغام المفترض . الشحنة المسلطة سوف تفجر الألغام المضادة للدبابات والمضادة للأفراد المدفونة تحت السطح (لا يضمن تحفيز جميع أنواع الألغام) ، بالنتيجة يتم توفير طريق آمن نسبياً لعبور العربات المدرعة وجنود المشاة . النظام يمكن أن يكون منقول بواسطة الأفراد ، أو مصعد على عربة مقطورة . تاريخياً البريطانيين هم من أوائل الأمم التي طورت أنظمتها الخاصة أثناء الحرب العالمية الثانية . الكنديون طورا نظام "الأفعى" Snake ، في حين تطبيق كبير جداً انصب على نظام "طوربيد بنغالور" Bangalore Torpedo في العام 1941 وحتى العام 1942 . 


تطوير بريطاني أكثر مرونة أطلق عليه "ثعبان البحر" Conger طور في العام 1944 واستخدم لتطهير حقول الألغام الألمانية خلال حملة "النورماندي"  Normandy . هو عبارة عن أنبوب أو خرطوم من النسيج بقطر 5 سم وبطول 301 م ، يطلق من قبل صاروخ بقطر 127 ملم ، الذي بدوره يوجه نحو حقل الألغام المفترض ، وبعد ذلك يملأ الخرطوم بهواء مضغوط Compressed air ، ثم بمادة سائلة متفجرة من مادة النيتروغليسرين nitroglycerin إجمالي زنتها نحو واحد طن (تضخ إليها من العربة الناقلة) قبل التفجير . الخرطوم والصاروخ صعدا في مقطورة مجنزرة ، التي كانت تسحب من قبل دبابة من نوع Churchill AVRE . وبينما كان ثعبان البحر رائعاً كما بدا من قدراته ، حيث أظهر قابلية فعلية على تطهير ممر آمن خلال حقل الألغام بعرض ستة أمتار . إلا أن هذا النظام كان في المقابل خطر جدا عند الاستخدام . فالبريطانيين أنفسهم لم يستخدموه في التطهير إلا لمرة واحدة فقط . والولايات المتحدة لم تتسلم سوى نصف عدد هذه الأنظمة من أصل 100 كانت قد طلبتها ، لكن مع ذلك هي لم تنشرهم لأسباب تخص عامل الأمان أولاً . احدى الملاحظات التي سجلت على نظام ثعبان البحر هو درجة تأثر ثبات مادة النيتروغليسرين إلى التجمد عندما تصبح درجات حرارة دون الصفر مئوية . هذا جعل المادة المتفجرة السائلة خطرة جداً للتعامل والاستعمال في الأجواء الباردة ، مما جعل مجمل النظام محدود الفائدة . 


طوربيد بنغالور ابتكر أولاً من قبل المهندس النقيب "ميكلنتوك" McClintock ، من وحدة الجيش الهندي البريطاني في منطقة "بانغالور" Bangalore في الهند ، العام 1912 . هذا السلاح البريطاني تم ابتكاره كوسيلة لتفجير مصائد المغفلين ، وكذلك للتخلص من المشاكل التي سببها ارتفاع عوائق الأسلاك الشائكة للحواجز والتحصينات التي تركت وخلفت من حرب البوير (1899-1902) والحرب الروسية اليابانية (1904-1905) . هذا السلاح كان أصلاً مع أنبوب بطول 5.5 م ، مليء بنحو 27.2 كلغم من الديناميت ، لكنه يمكن أن يركب ضمن عدة أنابيب أخرى موصولة ببعض . في الحرب العالمية الأولى ، استعمل طوربيد بنغالور أولياً لسحق وتحطيم الأسلاك الشائكة قبل هجوم . إذ اتضحت قابلية استخدامه حتى أثناء وجود غطاء من النيران المعادية ، صادرة عن الخنادق التي تحمي المواقع . نظام الطوربيد القياسي شمل عدد متماثل خارجياً من الأنابيب المسننة في أطرافها ، كل منها بطول 1.5 م ، واحدة منها احتوت على الشحنة المتفجرة explosive charge . وعند الاستعمال ، الأنابيب تشد وتوثق سوية بواسطة قطع الوصل الطرفية لجعل الأنبوب أكثر طولاً من المطلوب ، وبفكرة مماثلة بعض الشيء إلى فرشاة المدخنة أو قضيب تنظيف المجاري . ليتم بعد ذلك دفعهم للأمام باتجاه الموضع المقصود ، بحيث يكون السلاح جاهزاً للتفجير وتطهير ممر بعرض 1-1.5 م خلال الأسلاك الشائكة barbed-wires . أثناء معركة "كمباري" Cambrai العام 1917 ، مهندسو الجيش البريطاني استعملوا طوربيد بنغالور لإلهاء وصرف انتباه قوات العدو عن موقع المعركة الحقيقي وموضع الهجوم . في مرحلة مبكرة من بداية الحرب العالمية الثانية ، وجد أن نظام الطوربيد يمكن أن يكون وسيلة عملية لتطهير الممرات خلال حقول الألغام المضادة للأفراد .


القوات الأمريكية في المقابل تبنت أثناء الحرب العالمية الثانية استخدام طوربيد بنغالور ، وحمل النظام التعيين M1A1 . هو كان كثير الاستخدام من قبل الجيش الأمريكي ، بشكل خاص أثناء عملية يوم النصر D-Day ، عندما هبط نحو 160,000 من قوات الحلفاء بتاريخ 6 يونيو العام 1944 على طول امتداد 50 ميل من الشريط الساحلي الفرنسي المحصن بشدة ، لمواجهة القوات الألمانية النازية على شواطئ نورماندي Normandy في فرنسا . القوات المهاجمة كانت مدعومة بأكثر من 5,000 سفينة و13,000 طائرة مقاتلة وقاذفة . ومع نهاية نهار يوم السادس من يونيو ، استطاع الحلفاء كسب موطئ قدم في نورماندي ، لكن مع كلفة خسائر عالية نسبياً ، بلغت أكثر من 9,000 جندي بين قتيل أو جريح (القوات البريطانية لم تستخدم نظام طوربيد بنغالور في ذات العملية واستبدلته بنظام الاطلاق الصاروخي Conger) . في العام 1944 ، بدأت الولايات المتحدة أيضاً تجريب نظام إضافي الذي يستعمل قذيفة بندقية مجهزة بمصيدة رصاصة bullet-trap ، أو صاروخ صغير لنشر حبل تفجير طويل ، لكن هذه الأدوات ما كانت مقبولة عموماً . أما السوفييت ، فقد عرفوا طوربيد بنغالور خلال الثلاثينات ، لكنهم لم يشرعوا في تصنيع وإنتاج نسخهم الخاصة . فقط بعد الحرب العالمية الثانية ، أثناء التطوير النشيط والمستحق لقوات الهندسة engineering troops وتمويل الجيش السوفيتي ، هم طوروا نموذجهم الخاص من الطوربيد ، والذي سمي اختصاراً KM (الشحنة الممتدة) . هو كان عبارة عن أنبوب بقطر 7 سم وطول 1.95 م ، مليء بنحو 5.2 كلغم من مادة TNT شديدة الانفجار .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق