18‏/11‏/2017

تاريخ تطور الأسلحة الموجهه وتقنيات القيادة البدائية .

تاريــــخ تطــــور الأسلحــــة الموجهـــــــه وتقنيــــات القيـــــادة البدائيــــة 

تعود فكرة السلاح الذي يمكن التحكم به عن بعد وتوجيهه guided نحو الهدف بعد إطلاقة إلى زمن بعيد في التاريخ العسكري. فقد أجرت وزارة الدفاع الأمريكية خلال الحرب العالمية الأولى تجارب على قنبلة موقوتة طائرة، تدعى The Bug "الحشرة" لكنها لم تستعمل ميدانياً قط، وحذر نقاد هذا السلاح الجديد من أن أجهزة التوجيه والتحكم به كانت غير جديرة بالثقة. وفي عام 1923 كررت التجربة على طائرة بحرية بدائية موجهة عن بعد أطلق عليها Wild Goose، إلا أن نظام التوجيه في هذه الطائرة لم يكن أفضل من سابقه. في الحقيقة، فكرة الأسلحة الموجهة لم تتحقق بوجهها المقبول إلا خلال الحرب العالمية الثانية، عندما استخدمت البحرية الألمانية في شهر مارس من العام 1943 الطوربيد الموجه صوتياً acoustic-homing torpedo الذي أطلق عليه G7e/T4 Falke. أستخدم هذا السلاح أولاً على الغواصات البحرية U-boats وكان له دور في إغراق عدة سفن تجارية لقوات التحالف. وبعدها بشهرين اختبر الأمريكان طوربيد صوتي مشابه في عمله للطوربيد الألماني، أطلق عليه Mark-24. هذا السلاح كان معداً للإطلاق من طائرة الدورية البحرية PBY-5، وبالفعل في استخدامه الأول استطاع إغراق الغواصة الألمانية U-640. ومع العام 1945 استطاع هذا السلاح إغراق عدد 37 غواصة ألمانية ويابانية والإضرار بعدد 18 أخرى. في شهر سبتمبر من العام 1943 وبعد أربعة أشهر من تدمير الغواصة U-640، هاجمت 15 قاذفة قنابل ألمانية من طراز Dornier-217 الأسطول الإيطالي بقنابل إنزلاقية موجهة راديوياً radio-guided، أطلق عليها Fritz X، واستطاع هذا السلاح الذي كان يزن 1540 كلغم، إغراق السفينة الحربية الإيطالية Roma. ويذكر التاريخ كيف قامت طائرتي Dornier-217 بإطلاق قنبلتين من هذا النوع بتاريخ 9 سبتمبر من العام 1943 على السفينة الإيطالية في موقع عند جبل طارق Gibraltar، ومن ثم إغراقها على الفور.  
أما الأمريكان فقد استخدموا في أواخر 1944 وبداية 1945 قاذفات قنابل موجهة من طراز B-17، محملة بنحو 15 طن من المتفجرات TNT، وأطلق على هذا السلاح اسم Weary Willie. اشتركت هذه الطائرات في مهام شن غارات على أحواض إصلاح الغواصات الألمانية في Helgoland، وكان الطيارون ينزلون بالمظلات على بعد 30 كلم من الهدف، ويجرى التحكم بالطائرة عن بعد بقية الطريق حتى الهبوط المدمر. سلاح أمريكي آخر بنظام توجيه راداري radar guidance وهيكل خشبي، هو القنبلة الإنزلاقية glide bomb المجنحة التي تدعى BAT. أطلق هذا السلاح ضد السفن اليابانية في أواخر الحرب العالمية الثانية، وفي أحد شهر مايو استطاعت قاذفات أمريكية من طراز PB4Y-2 إغراق مدمرة يابانية على بعد 30 كلم بهذا السلاح. أما القنبلة الإنزلاقيه GB-1 التي تزن طناً واحداً، فقد أطلقت من القاذفات الأمريكية في العام 1944 على مدينة cologne الألمانية. كما طور اليابانيون بدورهم خلال الحرب العالمية الثانية أسلحتهم الموجهة الخاصة، أو طائرات الكاماكازي Kamikaze (تعني الريح المقدسة divine wind) ولكنها صادفت نجاحاً محدوداً، وفي أوكيناوا Okinawa عام 1945، أخطأت 93% من هذه الطائرات المأهولة والمليئة بالمتفجرات أهدافها أو أسقطت قبل وصولها للسفن الأمريكية. وفي ذلك الوقت أقترح التقنيون العسكريون الألمان سلاح Natter المأهول، وهو صاروخ موجه guided missiles يطلق عمودياً، ويغادره الطيار بالمظلة بعد الانقضاض على الهدف. كما جرب الألمان والأمريكان القنابل الموجهة تلفزيونياً قبل بث البرامج التلفزيونية المنتظمة بوقت طويل . ومع ذلك فقد كان لهذه الأسلحة تأثير محدود جداً على النتائج التي تمخضت عنها الحرب العالمية الثانية outcome of World War II.  
خلال الحرب التي دارت رحاها في أوربا، أسقطت طائرات الحلفاء ما مجموعة 2.5 بليون كيلو غرام من الذخائر المتفجرة، على مدى أكثر من أربعة ملايين طلعة هجومية للطائرات القاذفة والمقاتلة. وحسب دراسة "القصف الاستراتيجي" Strategic bombing الأمريكية، وهي تقييم لفعالية القصف الجوي أعد بعد الحرب، فإن 20% من القنابل الموجهة نحو أهداف دقيقة، سقطت في منطقة الهدف. وفي تلك الحرب كانت مختلفة الطائرات والقاذفات، تقوم بإلقاء قنابلها من خلال التكتيكات المعروفة باسم الإلقاء الحر Free Fall ويعني هذا الأسلوب ترك القنابل تسقط من الطائرة إلى الأرض بفعل العوامل البالستية، ودون التحكم في مسارها بعد إفلاتها من الطائرة. فبعد تحرير القنبلة من الطائرة، تتخذ هذه مسار بالستي ballistic trajectory دون أي قابلية أو قدرة على المناورة. ولتحسين دقة التصويب، كان على الطائرات القاصفة أن تلجأ لخط ومسار الطيران المستقيم عند لحظة الإطلاق، فحتى مع مقدار قليل من التأرجح أو الميلان الجانبي (أو ريح عابرة) يمكن أن تنخفض دقة التصويب. لذلك عملياً لا يمكن استخدام القنابل حرة السقوط لمشاغلة أهداف محددة بدقة شديدة (بمعنى عندما تكون الدقة العالية مطلوبة) أو الضربات الجراحية surgical strikes التي يكون عندها الضرر الإضافي في أنحاء الهدف غير مقبولة. ويتحدد مسار القنبلة من الطائرة إلى الهدف (أو المسافة الأفقية horizontal distance التي ستقطعها القنبلة قبل ارتطامها بالأرض) من محصلة سرعة الطائرة وسرعة الرياح، إضافة إلى الارتفاع الذي أفلتت القنبلة منه في لحظتها، مع عامل الشكل الديناميكي الهوائي للقنبلة aerodynamics. ويتحكم عاملي السرعة والارتفاع الذي تفلت القنابل عنه، إلى حد بعيد بدقة الإصابة، فكلما زاد الارتفاع والسرعة أصبح احتمال الخطأ أكبر في إصابة الهدف، حتى مع وجود أدق الأجهزة الخاصة بالتصويب. 
اتبعت خلال الحرب العالمية الثانية أساليب التحقق من الخطأ، وذلك بأن تقوم طائرة أو قاذفة ضمن التشكيل بإلقاء قنابلها أولاً، ومن حساب الخطأ بين نقطة التصويب aim point ونقطة الإصابة الفعلية، يمكن لبقية الطائرات إجراء التعديلات على مسارها وسرعتها بغرض إصابة الهدف. ورغم كون أجهزة التصويب للأسلحة في طائرات الحرب العالمية الثانية بالقياس الحالي متخلفة وبدائية، إلا أن إلقاء القنابل من الارتفاعات العالية حقق (خاصة من خلال القاذفات الغربية الثقيلة) نتائج مثيرة. إن قنبلة صغيرة الحجم ربما تكون غير قادرة على تدمير دبابة ميدان حديثة، ويمكن الذكاء هنا في دقة الإصابة. فدبابة المعركة الرئيسة MBT تكون عادة منيعة نسبياً إلى الإنفجارات القريبة أو الشظايا splinters، ولكي تكون الضربة فعالة لهدف بحجم الدبابة، فإننا بحاجة إلى درجة عالية من التوجيه الدقيق أكثر مما هو متوفر في قنبلة حديدية حرة السقوط. لقد جاء الجواب مع تطوير أنظمة حديثة لتحويل القنابل الحديدية القديمة إلى قنابل دقيقة التوجيه precision- guided وشديدة التدمير في نفس الوقت. وبالتأكيد فإن عملية التحوير هذه أرخص بكثير من تطوير سلاح موجه جديد، مما وفر مخزوناً من القنابل الأكثر فعالية. إن الدور المتزايد للذخيرة والأسلحة الموجهة بدقة في النزاعات والصراعات العسكرية military conflicts موثق في الكثير من الإحصائيات، ففي الحرب الفيتنامية العام 1972 بلغ عدد القنابل الجوية الموجهة 2% فقط من مجمل القنابل التي أسقطت من قبل سلاح الجو الأمريكي. وفي حرب الخليج 1991 بلغت هذه النسبة 8%. في حين بلغت هذه النسبة في عمليات Allied Force في يوغسلافيا العام 1991 نحو 30%. وخلال عمليات الحرية الدائمة Enduring Freedom في أفغانستان العام 2001-2002 بلغت 50%. أخيراً في عمليات حرية العراق Iraqi Freedom في العراق، بلغت نسبة الذخيرة دقيقة التوجيه المستخدمة 60%.


هناك 5 تعليقات:

  1. الردود
    1. كيف يمكن التسديد على شبكة جهاز HJ8-L؟ علما بأنه الشبكة مرسوم فيها صليب، وأسفل تقاطع الصليب على امتداد ذات خط الصليب موضوع رأس سهم؟
      هل التسديد على تقاطع الصليب أم رأس السهم؟

      حذف
    2. إستاذي الفاضل عمر أقدم لك ملف الصاروخ باللغة العربية، أتمنى إن شاء الله أن ينفعك وتجد به إجابات أسئلتك .. تحياتي .

      https://www.mediafire.com/?f3w07kses7i10ah

      حذف
  2. رابط آخر ..

    http://depositfiles.com/files/8wfju723d

    ردحذف
  3. شكرا جزيلاً.. سأقرؤه إن احتجت أي استفسار آخر سأخبرك

    ردحذف