23‏/6‏/2015

مفهوم السلاح الرئيس لدبابة المعركة والقوة النارية .

مفهـــــوم الســــلاح الرئيـــس لدبابـــــة المعركـــــة والقـــــوة الناريـــــة 


معركة السيطرة على المحمودية 2003 .. الرقيب "سكوت ستيوارت" Scott Stewart من سرية المشاة الثالثة الآلية ، كان أول من شاهد الدبابات العراقية ، لقد تم إخفاءها جزئياً في ظلال المباني الممتدة على طول الطريق الضيق ، في ساعة متأخرة من بعد الظهيرة . وقفت الدبابات العراقية T-72 بالقرب من بعضها البعض ، الأولى التي كانت تقف لجهة اليمين كانت توجه سبطانة سلاحها الرئيس لجهة الشمال ، في حين كانت الأخرى توجه سلاحها لجهة الجنوب ، مباشرة باتجاه الدبابة التي كان يقودها ستيوارت . الرقيب الذي يعمل بوظيفة رامي في دبابة M1A1 أخذ يحدق ويتفرس في منظاره لتفحص ما يراه ، وبدأت دبابته في إبطاء حركتها ، عندها قام بإبلاغ قائد الدبابة "بنكستون" S.Sgt. Pinkston بأنه رأى شيئاً لم يستطع تحديد هويته . بادر قائد الدبابة بنكستون للنظر من خلال وحدات صفوف الرؤية الصغيرة في غطاء فتحته السقفية ، ولكنه أيضاً أخفق في التحقق من ماهية الأشكال التي كانت تقف في منتصف الشارع على مسافة 500 م من دبابته ، وأعتقد أن ما يراه كان مجرد ناقلات جنود مدرعة من طراز BMP . الاعتقاد السائد أن ما تمت مشاهدته لم يكن أهداف صديقة ، شأنها في ذلك شأن كل ما في المدينة !! التي تقع على مسافة 15 ميل جنوب مدينة بغداد . لقد كانت "المحمودية" Mahmudiyah أحد مراكز تواجد وحدات قوات المدينة المنورة التابعة للحرس الجمهوري Republican Guard units ، قوات النخبة في الجيش العراقي . وفجأة صرخ القائد بنكستون "نار .. نار .. SABOT" في إيعاز لملقم المدفع لتحميل سلاحه بقذيفة طاقة حركية نابذة للكعب مثبته بزعانف . ولكن قذيفة شديدة الانفجار مضادة للدبابات HEAT بالفعل كانت محملة في عقب المدفع . ثبت ستيوارت الشعيرات المتقاطعة في منظار تصويبه على الجزء الخلفي المنحدر للدبابة المعادية الواقفة جهة اليمين ، وكان مفتاح المدفع في وضع MAIN ، في حين كان مفتاح الذخيرة يشير لوضع الذخيرة شديدة الانفجار المضادة للدبابات HEAT . وعندما سمع أمر الإطلاق من قائدة الدبابة ، ضغط ستيوارت على نابض المقبض اليدوي للرامي ، وانطلقت القذيفة التي تزن نحو 23 كلغم بسرعة 1400 م/ث نحو هدفها . بعدها صرخ بنكستون في جهاز الراديو "اتصال .. اتصال .. الدبابات أمامي" لتحذير كامل الكتيبة بعثورنا على الدبابات العراقية التي كنا نجهز لتدميرها .. سريتنا كانت تضم 14 دبابة M1A1 بالإضافة لعربة دعم ناري من طراز Bradley ، وكانت أوامرنا واضحة ومختصرة ومفيدة ، وتتمثل في البحث عن دبابات العدو وتدميرها . لقد قضينا ستة أشهر في الصحراء الكويتية نتدرب على هذا الدور . التمارين التي أجريناها كانت تتحدث عن حرب دبابات تقليدية ، وإطلاق نار وقتل دبابات العدو من مسافة 1500 م وأكثر . كنا مستعدين جيداً لدخول المدن ، والمناورة بين المباني متعددة الأدوار والسكك الضيقة ، مع يقيننا بأن هذه التضاريس تشكل مواضع مفيدة للكمائن المعادية وعمل الوحدات الصغيرة ، التي تدرك جيداً نقاط الضعف في دباباتنا . لقد كانت لدينا أفكار جيدة عن القتال في التضاريس الحضرية urban warfare ، خصوصاً مع أهداف الحملة النهائية في السيطرة على العاصمة العراقية بغداد . ومع ذلك لم نكن نتوقع أن نشاهد معارك بين الدبابات ذاتها Tank-to-tank في التضاريس الحضرية .

القوة النارية Fire power لأي دبابة معركة رئيسة هو حاصل مجموع المدفع والذخيرة ومنظومة السيطرة على النيران ، ويعرفها البعض على أنها "القدرة عملياً على تدمير قوات العدو في ساحة المعركة" .. في الجسم الإنساني نفسه ، نجد أصول هذا التعريف التي طبقت في القوة العضلية وضربة قبضة اليد Fist hit . لاحقاً ، عزز الإنسان هذه القدرة بالرمح ، والذي سمح بإيصال الضرر إلى مسافة بعيدة نسبياً ، ثم تلي ذلك استخدام القوس الذي سمح بالاستفادة من الطاقة الإنسانية لدفع السهم لمسافة أبعد . ويمكننا أن نجد الفكرة ذاتها تطبق اليوم في قذائف المدفعية أو القوة النارية للدبابة ، ولكن باستخدام دوافع كيميائية Chemical propellants . وعلى خلاف المدفعية التي صممت لتدمير أهداف خارج مدى البصر ، فإن القوة النارية للدبابات صممت لتدمير وسحق الأهداف القريبة بفاعلية كبيرة ، تفوق تلك التي تمتلكها العديد من منظومات الأسلحة الأخرى . وهكذا فان مصطلح السلاح الرئيس main armament يعني بالضرورة ، مدفع الدبابة القادر على إطلاق تشكيلة من قذائف الطاقة الحركية KE وقذائف الطاقة الكيميائية CE ، وفى أحيان كثيرة الصواريخ الموجهة من فوهة سبطانته .

لقد شهدت السنوات الخمسون الماضية ، منافسة شديدة بين الحماية المدرعة armoured protection والقوة النارية firepower ، فكان مع كل تقدم يحرزه الطرف الأول ، كانت هناك استجابة من الطرف الثاني ، والعكس بالعكس . ومع هذا السجال الضاري ، صممت مدافع الدبابات لفرض سيادتها على أرض المعركة ، فهي تضطلع بمهمة توفير عناصر الدقة ، المدى ، الاختراق ، النيران السريع . هذه الأسلحة يجب أن تكون مهيأة للتثبيت على أبراج الدبابات ، بحيث تكون قادرة على توجيه نيرانها المباشرة لدحر وهزيمة كافة الأهداف على مختلف المسافات والاتجاهات المنظورة . ويروي لنا التاريخ كيف أن مدافع الدبابات في بداية عهدها ، كانت مجرد قطع مدفعية ميدان field artillery جردت من عرباتها ، ووضعت في أبراج الدبابات .. كانت سبطاناتها قصيرة ومهيأة لإطلاق قذائف مثالية شديدة الانفجار ، وكانت هذه فعالة في حينها لاختراق وتجاوز دفاعات الخنادق وكذلك المشاة والأهداف المكشوفة . في الحقيقة ، الأبراج المسلحة لعربات القتال المدرعة لم تقدم حتى أواخر الحرب العالمية الأولى ، حيث كانت البداية مع الدبابة الفرنسية الخفيفة Renault FT-17 ، التي جهزت ببرج دائري بالكامل يحمل السلاح الرئيس . ومنذ ذلك العهد ، استمر نمط الترتيب هذا قائماً على معظم دبابات المعركة والعربات القتالية الأخرى والمدافع ذاتية الدفع . بعد الحرب العالمية الأولى ، أدرك خبراء الإستراتيجية ادوار جديدة للدبابات ، ربما كان أبرزها قابلية تحطيم دبابات العدو ، وهكذا حرص المصممين في هذه المرحلة على تحوير بعض المدافع المضادة للدبابات المعروفة ، وتثبيتها على أبراج دباباتهم ، بهدف إطلاق قذائف صغيرة بسرعات عالية ودقة أكثر وقابلية أفضل على اختراق الدروع . وأصبحت قضية تدمير دبابات الخصم القضية الأهم في تصوراتهم ، مقارنة بمهام سحق الحصون والمشاة كما في الحرب العالمية الأولى ، وعدلت تصاميم المدافع لمواجهة الدور الجديد . ومن باب التجربة والابتكار ، طورت عدة أمم في عقد الثلاثينات دبابات متعددة الأبراج ، ربما نتيجة التأثر بالبريطانية Vickers A1E1 التي ظهرت في العام 1926 . تلك الدبابات شوهدت خلال الفصول المبكرة الأولى لمعارك الحرب العالمية الثانية ، حيث عملت هذه بشكل سيئ والمفهوم أسقط بعد ذلك لصالح النماذج مفردة البرج . دبابات مدرعة أخرى بدون أبراج ، مع تسليح رئيس صعد في الهيكل ، أو في أغلب الأحيان في موضع متكامل ومحصن كجزء من بناء الهيكل الرئيس ، عرضت استخدام متزايد وشامل من قبل القوات الألمانية والروسية أثناء الحرب العالمية الثانية كمدمرات دبابات ومدافع هجومية . على أية حال ، بعد الحرب فقد هذا المفهوم حظوته وقبوله بسبب القيود المرتبطة بعمل السلاح ككل ، ويمكن أن تكون السويدية Stridsvagn 103 ، ومدمرة الدبابات الألمانية Kanonenjagdpanzer الاستثناء الوحيد من القاعدة . في الدبابات الحديثة ، البرج مدرع بشدة لحماية الطاقم من الشظايا والنيران المعادية ، ويمكن له أن يدور دورة كاملة حتى 360 درجة ، وهو مسلح عادة بمدفع من عيار كبير ، نموذجياً في حدود 105-125 ملم ، كما يمكن تثبيت الرشاشات داخل البرج . في الدبابات الحديثة ، البرج يأوي جميع أفراد الطاقم ماعدا السائق ، حيث يجلس اثنان من أفراد الطاقم هما قائد الدبابة والرامي ، وفي أغلب الأحيان ملقم المدفع ضمن حيز البرج .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق