مهاجمـــــــــة الأهـــــــداف النقطويـــــــة فـــــــي الصـــــــراع الســـــــوري
طائرة مقاتلة تابعة للجيش السوري تستهدف جسر إستراتيجي تسيطر عليه قوات المعارضة بصاروخ تكتيكي جو أرض ، على الأرجح من نوع Kh-23 أوKh-25 الموجه في بعض أنماطه ليزرياً .. يحتاج هذا النوع من المقذوفات إلى مصدر خاص لتوليد الإشعاع الليزري ، ويوضع هذا المصدر الذي هو عبارة عن وحدة تعيين ليزرية designator إما على طائرة محلقة في موقع الاشتباك ، أو يتم تشغيلها من قبل طاقم أرضي ، أو توضع على الطائرة ذاتها مطلقة الصاروخ (أسلوب غير محمود لأنه يقيد الطائرة بعملية التعيين الليزرية ويعرضها لخطر الهجوم المضاد) . ويطير الصاروخ نحو الهدف متتبعاً شعاع الليزر المرتد عن الهدف ، حيث يقوم الباحث في مقدمة الصاروخ laser seeker بمسح قسم واسع من المجال الجوي أمام الطائرة المهاجمة لالتقاط أية إشارات غير مرئية منعكسة عن الهدف ... لقد جاء تطوير هذا النوع من الأسلحة نتيجة الحاجة إلى منح الطائرة المهاجمة قابلية بقاء أفضل فوق ساحة المعركة ، إلى جانب إمكانية تحقيق إصابة مؤكدة تجاه العديد من الأهداف التكتيكية ، بما في ذلك الدروع والدفاعات الجوية ووسائل النقل الأرضي والسفن ومحطات الطاقة وغيرها من الأهداف عالية القيمة . وتتحقق قابلية البقاء من خلال تقليل زمن تعرض الطائرة للنيران المعادية ، وكذلك من خلال زيادة المدى الذي يدخل فيه الهدف ضمن نطاق أسلحة الطائرة ، واستخدام تكتيكات "أضرب وغادر" launch-and-leave ، مع الاستفادة القصوى من سرعة انطلاق الصاروخ وطيرانه (تضاف سرعة الطائرة المطلقة إلى سرعة الصاروخ ، فإذا كانت سرعة الصاروخ 2.5 ماك ، وسرعة الطائرة عند إطلاق الصواريخ 2.0 ماك ، فإن سرعة انطلاق الصاروخ تكون 4.5 ماك) . وكقاعدة عامة ، فإن الصاروخ الذي يطلق من الجو ، يكون أكبر حجماً وأغلى ثمناً وأكثر تعقيداً من نظيرة الأرضي ، فهو يحمل رأساً حربية من الكبر بحيث يضمن تدمير أية دبابة يضربها ، وهو سلاح موثوق تماماً .
قد يتساءل البعض عن مدى الحاجة الحقيقية لمثل تلك الأنظمة ؟ ويكون الجواب ببساطة ، أن الجيوش العصرية لم تعد تتحمل استهلاك كميات هائلة من الذخائر التقليدية لتدمير أهداف نقطوية point targets معادية . وقد يبدو لنا ذلك السبب غير معقول ، ولكن إذا رجعنا إلى إحصائيات الحرب العالمية الثانية فستتأكد لنا صحته . ففي صيف عام 1944 قامت طائرات سلاح الجو الأمريكي بمهاجمة مصنع الفولاذ Yawata في اليابان ، فقامت 47 قاذفة من طراز B-29 بالانطلاق من قواعد لها بالصين ، ومن مجمل هذا الطائرات استطاعت طائرة واحدة فقط إصابة هدفها ، باستخدام قنبلة زنتها 500 رطل من مجمل 376 قنبلة تم إسقاطها . المثال الآخر حدث في شهر مارس من العام 1944 ، عندما شن الحلفاء عملية "الحصار الخانق" لقطع الإمدادات عن الجيوش الألمانية المقاتلة في إيطاليا ، وكانت هذه الإمدادات تتدفق من خلال ثلاثة شرايين مزدوجة من خطوط السكك الحديدية التي تخترق جبال الألب لمسافة 230 كلم ، وهدفت هذه الخطة إلى تدمير خطوط السكك الحديدية بقصفها كل يوم بقنابل الطائرات . وكان من المتوقع أن يؤدي هذا القصف المستمر إلى انهيار هيكل الإمداد اللوجستي ، وعلى مدى 52 يوم قام من الحلفاء بنحو 1500 غارة جوية على خطوط التموين هذه ، ألقت خلالها الطائرات 10.000 طن من القنابل . ورغم ذلك كانت النتيجة مخيبة للآمال ، إذا أنه على الرغم من تدمير الخطوط الحديدية عدة مرات وفي أماكن كثيرة ، فقد كانت عمليات الإصلاح تتم بصورة سريعة ، بحيث لا يتأثر كثيراً المرور المنتظم لقاطرات الإمداد ، كما تبين بعد الحرب أن المخزون اللوجستي الألماني في شمال إيطاليا أبان عملية الحصار الخانق زاد بنسبة 15% . وإذا ما حاولنا اليوم شن مثل هذه العملية باستخدام مقذوفات ذكية حديثة ، فمن المؤكد أن ذلك سيتم بنسبة لا تزيد عن 2-3% من الذخائر المستخدمة إبان عملية الحصار الخانق .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق