الصفحات

10‏/12‏/2012

طائرات الدعم الجوي القريب CAS .


طائــــــرات الدعـــــــم الجـــــــوي القريـــــــب CAS
أسلــوب العمــل والأدوار المناطــة


يعهد لطائرات الدعم الجوي القريب CAS مهاجمة الأهداف الأرضية ، وتنفيذ الضربات الدقيقة من ارتفاعات منخفضة تجاه مواضع معادية على اتصال أو مقاربة لمواضع القوات الأرضية الصديقة ، وفي معظم الأحوال الجوية (عمليات تكتيكية عند جبهة المعركة وليس في عمق مؤخرة القوات المعادية) . إن مثل هذه العمليات الخطرة لا يمكن عادة إجراءها بالطائرات المقاتلة التقليدية ، بل أن الأمر يتطلب طائرات قوية البنية وذات قدرات مميزة على المناورة ، كالأمريكية Fairchild A-10 والروسية Sukhoi Su-25 .

وربما كان من المفيد قبل الحديث من دور طائرات الدعم القريب CAS في تدمير التشكيلات المدرعة والأهداف المفردة أيضاً ، أن نتناول أسلوب عمل الطائرات المقاتلة بشكل عام في هذا الدور ، والعوامل المؤثرة فيها . فالطائرات المقاتلة في الأساس عبارة عن أنظمة تسليح بالغة التعقيد ، تكلف ملايين الدولارات لتطويرها ، وقد أتاحت بعض التقنيات مثل المحركات النفاثة والقنابل الموجهة ليزرياً ، وتقنيات البحث والرصد ، والتزود بالوقود أثناء التحليق ، أتاحت للطائرات المقاتلة الهجومية ، تنفيذ مهمات إستراتيجية بعيدة المدى ، وتنفيذ ضربات مركزة ضد أهداف نقطوية point targets ، كانت تختص بها من قبل القاذفات الثقيلة ذات المحركات الأربعة . وبشكل عام ، تحتوى الطائرات المقاتلة على نحو 6-8 نقاط تعليق أو أكثر ، تتراص في كل منها حمولات قصوى متنوعة ، وتستطيع كل واحدة منها حمل مقادير مختلفة من الذخائر التي يختلف وزنها وقوة جرها drag Force (مصطلح يشير لمقاومة الهواء air resistance ، أو تلك القوى التي تعترض الحركة النسبية لجسم ما خلال حركته في وسط غازي أو سائل) بمقدار كبير . بشكل عام يؤثر الوزن وقوة الجر على الأداء العام للطائرة ، فالتحليق على ارتفاع عال ، يزيد من المدى الذي تقطعه الطائرة ، حيث تنخفض قوة الجر وينخفض حرق الوقود بفضل تخلخل الهواء . لكن عمليا لا يمكن التحليق على هذا المستوى العالي من الارتفاع ، إلا فوق الأراضي الصديقة أو المناطق المحايدة ، أما فوق الأراضي المعادية ، فإن التحليق على مستوى منخفض يكون هو المعيار السائد ، وعندئذ يحتاج الطيار إلى استعمال الحارق الخلفي/اللاحق ، الذي يتكفل بإنتاج قوة دفع إضافية للمحرك ، عن طريق حرق الوقود في العادم (يحدث الحارق الخلفي إشارة وبصمة أشعة تحت الحمراء IR signature سهلة الرصد بالنسبة للمنظومات المعادية) وتحقيق سرعة اختراق عالية يستهلك معها الوقود بمعدل كبير ، يؤدي في الحقيقة إلى تقليل مدى التحليق بنسبة كبيرة . ويمكن زيادة المدى بواسطة خزانات الوقود الإضافية ، التي تطرح بعد استنفاذ وقودها . وفي الوقت الذي تحتل فيه هذه الخزانات نقط تعليق الأسلحة ، فإنها في المقابل تزيد من تأثير واتساع المهمة القتالية .


وترتبط الخصائص التصميمية طائرات الهجوم والدعم الأرضي القريب CAS ارتباطاً وثيقاً بأسلوب عملها ، فلقد سعى المصممون عند تطوير هذا النوع من الطائرات ، إلى تأمين عدة متطلبات أساسية ، مثل سرعة الطيران ، والقدرة على المناورة maneuver ability ، والقدرة على البقاء في الجو لأطول فترة ممكنة ، والتسليح ، والأبعاد الهندسية ، والقدرة على تحمل الضربات المعادية المباشرة ، وغير ذلك من المتطلبات الضرورية لمثل هذا النوع من الطائرات ، ويؤكد المصممون على أن أحد أبرز المشاكل الرئيسة التي واجهتهم ، كانت اختيار مقدار السرعة المناسبة للطيران ، والتي لها التأثير الأكبر على بقية المواصفات . إذ أن هناك جملة من التناقضات الواجب معالجتها ، فمن جانب كلما زادت السرعة زادت الحيوية القتالية للطائرة ، وقلت فترة وجودها في منطقة نيران المقاومات الأرضية ، ومن جانب آخر كلما زادت سرعة الطائرة ، قلت معها قدرة كشفها وتعيينها للأهداف الأرضية المعادية target aiming وصعب الانقضاض عليها ، وتناقصت القدرة على المناورة ، مما يضيع الهدف عن أعين الطيار . وعند معالجة هذه المسائل ، وجد أنه من الأنسب التنازل عن عامل السرعة ، فقد أكدت الاختبارات أن الطائرة لو تخطت سرعة 900 كلم/س عند مهاجمة الهدف ، فلن يكون لدى الطيار الوقت الكافي للتعرف على الهدف والتصويب عليه وإطلاق أسلحته ، وحتى في حالة استخدام النظم الملاحية الآلية Avionics والمعدات الهجومية الحديثة ، فلن يساعد ذلك سرعة الهجوم سوى هامشياً ، ويبدو أن الحل يكمن في استخدام صواريخ متوسطة المدى تطلق من بعيد ، ولكن مع وضع قتالي متغير بسرعة ، يصبح تحديد الهدف والتعرف عليه ، مهماً جداً لمنع إطلاق النيران على الأهداف الصديقة ، ولا يتيسر ذلك إلا برؤية الهدف ، ولذلك لا تحتاج طائرات الدعم القريب في الغالب لسرعة تتجاوز 900 كلم/س .


لقد أهتم المصممون كثيراً بتأمين حيوية أجهزة الطائرة الداخلية ، وعدم عطبها جراء تأثيرات القذائف والشظايا المعادية ، ولهذا فقد أخذت بنظر الاعتبار قضية تدريع بعض أجزاء الطائرة المهمة ، وحفظ المنظومات الأكثر أهمية وحساسية في مأمن ومنفصلة عن بعضها البعض ، بالإضافة إلى تدريع غرف المحركات . في الطائرة A-10 على سبيل المثال جرى تركيب المحركات منفصلة عن بعضها البعض في ظل الجناحين الكبيرين ، وفي رأي الخبراء فإن تركيب المحركين متباعدين عن بعضهما البعض بأقصى مسافة ممكنة ، يساهم في تجنب عطبهما في آن واحد نتيجة إصابتهما بقذيفة واحدة . عموماً فإن الطائرة A-10 مصممة ، بحيث تستطيع الطيران بمحرك واحد إذا ما اضطرت لذلك . كما وتوجه عوادم محركاتها Engine exhaust نحو الأعلى لتقليل بصمة الأشعة تحت أحمراء . وفي المقابل نجد أن محركات الطائرة السوفيتية SU-25 قد جرى تركيبها متلاصقة وقرب بعضها البعض ، إلا أن ذلك في الحقيقة لم يمنع من فصلها بألواح من معدن التيتانيوم titanium بالإضافة إلى الصلب الملحوم ، وتبلغ سماكة هذه الألواح نحو 15 ملم ، وهي ممتدة لتشمل جسم الطائرة في الجزء المقابل لفتحة عادم المحركين . ويؤكد المصممين السوفييت ، أن هذا الترتيب قد وفر وقاية لجسم الطائرة جراء انفجار الرأس الحربي للصواريخ المضادة للطائرات عند اقترابها من المحرك ، كما منع وصول النار المترتبة على اشتعال المحرك إلى جسم الطائرة أو للمحرك الآخر . وقد حدث أن أصيبت إحدى طائرات SU-25 بصاروخ جو-جو أطلق عليها من طائرة F16 باكستانية خلال الحرب الأفغانية في الثمانينات ، إلا أن الطائرة ورغم إصابتها استطاعت العودة إلى قاعدتها بمحرك واحد .

 

بالإضافة إلى الحماية ، يولي مصممي طائرات الدعم الجوي القريب CAS أهمية خاصة للقدرة على المناورة maneuver ability ، وذلك للتعويض عن انخفاض مستوى الحماية التي تؤمنها السرعات العالية ، ولتسهيل عمليات التصويب على الأهداف وتتبعها ، ويتم تقييم القدرة على المناورة ، بمدى كفاية الطائرة على الطيران الدائري في أضيق حيز ممكن ، ومن الواضح أن شعاع دائرة الالتفاف الملائم ، يتمثل في المسافة التي لا يغيب فيها الهدف عن نظر الطيار أثناء الالتفاف ، لأنه إذا ضاع الهدف ، فقد لا يحصل الطيار على فرصة الإطباق عليه look on مرة أخرى . ومما لا شك فيه أن قدرة الالتفاف الضيقة هذه ، تفيد في تجنب صواريخ جو-جو المعادية .

إن القدرة العالية على المناورة والتسلق climbing بسرعة فائقة ، يتطلب توفر محركات قوية الدفع إلى حد معين ، إذ أن قوة الدفع التي تزيد عن المطلوب ، لا تتناسب مع تصميم الجناح وتكون عديمة الفائدة . وعادة ما تستخدم في طائرات الهجوم الأرضي محركات توربينية نفاثة ، تتميز بكفاءة عالية في الطيران بسرعة دون صوتية . بالإضافة إلى أن في هذا النوع من المحركات ، يتم تمرير غازات العادم المنفلتة بالهواء المندفع من مسارب الهواء الجانبية ، مما يخفض كثيراً من بصمة الطائرة الحرارية ، ويوفر لها المزيد من الحماية تجاه الصواريخ التي تتبع الأشعة تحت الحمراء infrared-guided missiles .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق