أوكل إليها مهام تقديم الدعم الناري للتشكيلات المدرعة والميكانيكية
قصــــة ميــــلاد المروحيــــة الروسيــــة العريقــــة Mil Mi-24 Hind
قصــــة ميــــلاد المروحيــــة الروسيــــة العريقــــة Mil Mi-24 Hind
أثناء الحرب العالمية الثانية ، حقق الجيش الأحمر السوفييتي اختراقاته العميقة عن طريق تحشيد المدفعية والمشاة في المناطق المختارة ، ثم يأتي بعد ذلك الدروع ووحدات المشاة الآلي motorized infantry units . في أواخر الستينات وأوائل السبعينات ، رأت القيادة السوفيتية أن فكرة تركيز القوات في مناطق محددة هي فكرة سيئة ، بسبب خطر سلاح الجو المعادى ، وربما هجوم نووي مباغت ، لذلك استبدل مذهب تحشيد القوات Concentrating بمذهب تركيز القوة النارية ، باستخدام منظومات الصواريخ متعددة الفوهات وقوة السلاح الجوى .. كما طورت تكتيكات جديدة للهجوم الأرضي ، قائمة على تجميع وتكديس القوات الأرضية المتحركة بسرعة على طول المحاور المختارة للهجوم ، وقبل الوصول لخطوط العدو الدفاعية "التحشيد في الحركة" concentration in move ، ثم بعد ذلك التسلل والتداخل مع خطوط العدو من قبل المجموعات التكتيكية المستقلة ، أو ما يطلق عليه "مجموعات المناورة العملياتية" operational maneuver groups . هذه العمليات تتم بالتزامن مع الدعم والهجمات الجوية ، وهكذا عمل السوفييت على نسخ "المعركة الأرضية الجوية" air-land battle لقوات منظمة حلف شمال الأطلسي ، وتثبيتها في مفاهيمهم القتالية . فليس سراً أن العسكريين السوفييت كانوا معجبين جداً بالاستخدام الشامل للمروحيات الأمريكية خلال حرب فيتنام ، وقاموا بتحليل تلك الاستخدامات ، واستخلصوا ما يناسبهم من استنتاجات .
المشكلة الأخرى التي كان على القيادة العسكرية السوفييتية مواجهتها تتعلق بإدارة سرعة التقدم والحركة خلال حرب واسعة النطاق في المسرح الأوربي ، فمن وجهة النظر السوفييتية كانت السرعة مهمة لسببين ، أولها عدم إتاحة وإعطاء الزعماء الأوربيين الفرصة الكافية لاتخاذ قرار استخدام الأسلحة النووية . إذ اعتقد السوفييت أن بيروقراطية bureaucracy القرار في دول منظمة حلف شمال الأطلسي سوف يؤدي لتأخيرات كبيرة في ردة الفعل الغربية . السبب الثاني مرتبط بتأخر وصول المساعدات والتعزيزات الأمريكية للمسرح الأوربي ، وقدرت هذه بنحو 5 أيام للمساعدات المنقولة جواً ، ونحو 15 يوم للمساعدات المنقولة بحراً . لعرقلة هذه العملية ، طور الإتحاد السوفييتي مفهوم مجموعة المناورة العملياتية OMG ، التي كان يتطلب منها بعد تحقيق الاختراق ، التحرك سريعاً قدر المكان خلال خطوط حلف شمال الأطلسي ، والوصول للنقاط الحيوية vital points في أراض العدو ، خصوصاً المطارات والموانئ المخصصة لوصول التعزيزات الأمريكية . ولإنجاز هذا الهدف كان على القوات المناورة ، تخطي جميع العقبات وإخماد جميع نقاط المقاومة .
في أوائل الستينات ، كان هناك بعض الاختبارات على مروحية مسلحة بدائية من طراز Mi-4A . جهزت هذه الطائرة بمدفع رشاش مفرد من نوع TKB-481 عيار 12.7 ملم ، ثبت في حاوية مستطيلة أسفل هيكل المروحية . وفي أواخر الستينات ظهر برنامج سوفييتي لمروحية مسلحة أكثر جدية ، أعطي البرنامج دفعة هامة لاحقة نتيجة أزمة الحدود بين الاتحاد السوفيتي والصين في العام 1969 ، والقتال المستمر بين حرس حدود الدولتين على امتداد طول نهر "أوشري" Ussuri (الخوف السوفييتي في حقيقته كان من تهديد خط السكك الحديدية الحيوي Magistral المار في الأراضي السيبيرية قرب الحدود مع الصين ، والذي كان حلقة الاتصال الوحيدة والرئيسة لنقل التجهيزات والإمدادات العسكرية من عمق الإتحاد السوفييتي للشرق الأقصى) . القيادة السوفييتية كانت مهتمة أكثر بتأمين الحدود مع الصين ، لحد تدارس فكرة تطوير مروحية مسلحة ، يمكن أن تقوم بعمل دوريات منتظمة على امتداد الحدود السوفييتية الصينية البالغ طولها نحو 7000 كلم ، وإيقاف التعديات الصينية ، وتحددت الحاجة في مروحية بقدرة حمل مجموعة صغيرة من القوات بكامل تسليحها . فبدأ مكتب Mil بتصميم الطراز Mi-24 ، مستنداً على أساسيات تصميم المروحية Mi-8 ، مع مقصورة قوات troop compartment في مؤخرتها . النماذج الأولى من المروحية Mi-24 طارت في العام 1970 ، وكانت مجهزة بأجنحة جانبية صغيرة ، وتسليح بسيط من مقذوفات S-5 عيار 57 ملم ، ومدفع رشاش من عيار 12.7 ملم مثبت في مقدمة الطائرة . حماية المروحية المدرعة كانت مستندة على صفائح فولاذية بسماكة 6 ملم للأرضية ومقاعد الطاقم ، حيث دخلت أعداد قليلة من هذه المروحية الخدمة في سلاح الجو السوفييتي في بداية السبعينات ، وأطلق عليها الغرب عند رصدها اسم Hind-B . إلا أن النسخة العملياتية (النسخة الإنتاجية production version) التي أطلق عليها Hind-A ، كانت أكثر تقدماً من سابقتها ودخلت الخدمة في العام 1972 . فبالإضافة لقدرة هذه المروحية على حمل ثمانية جنود بكامل أسلحتهم ، فقد جهزت بحاويات مقذوفات غير موجهة من عيار 57 ملم نوع UB-32 أو من عيار 80 ملم نوع B-8-20 ، ومدفع رشاش من عيار 12.7 ملم ، وكذلك صواريخ موجهة مضادة للدروع نوع Falanga (التسمية الغربية AT-2 Swatter) .
أوكل للطائرات Mi-24 مهمة تقديم الدعم الناري العام للتشكيلات المدرعة والميكانيكية ووحدات الاقتحام الرأسي ، بالإضافة إلى شل تحركات احتياطي القوات المدرعة المعادية ، حيث كانت تستخدم المدفعية التقليدية في الماضي لهذا الدور . وفي الوقت الذي تستخدم فيه المروحية مقذوفاتها غير الموجهة لمهاجمة الأهداف السهلة والمكشوفة ومنظومات الدفاع الجوي المعادية ، فإن المخابئ والاستحكامات يتم مهاجمتها بالصواريخ الموجهة المضادة للدروع . ففي ظروف المعركة الحديثة ، التي تتقدم فيها الوحدات الأرضية وفي المراحل الأخيرة ، فإن أسلحة الإسناد من مدفعية وهاونات لا تجد الوقت الكافي لاتخاذ مواقعها الدفاعية الجديدة ، ثم الحركة إلى مواضع أخرى بديلة وهكذا ، وبالتالي لا تستطيع المدفعية المرافقة للوحدات الأرضية المحافظة على استمرارية الإسناد والزخم الناري بشكل مؤثر . وهنا يأتي دور المروحيات المثقلة بالأسلحة لتعزيز مهمة الإسناد الناري ، وملء الثغرة الحاصلة في هذا المجال . فقد أعتقد السوفيت أن النصر سيكون حليف الطرف الذي يمتلك أكبر قوة من النيران . لقد رفضت العقيدة التعرضية السوفييتية ، الاستخدام المتأني الحذر ذو الطابع الدفاعي للمروحيات ، وهي ترى أنه إذا ما أريد استثمار وتأمين الدعم الناري الفعال والمؤثر للقوات الأرضية المتقدمة بشكل سريع ، فإنه يتعين استخدام المروحيات بشكل اقتحامي تعرضي ، فلا تمتلك المروحيات ترف الانتظار حتى تأتي الأهداف المعادية إليها ، بل يجب عليها أن تنقل المعركة إلى حيث يتواجد العدو ، وقد يكون في هذا المبدأ بحد ذاته تدمير للمروحية المهاجمة نفسها . وهكذا اعتبرت المروحية الهجومية Mi-24 عند دخولها الخدمة ، منصة دعم ناري Fire support platform ، فلم يكن من ضمن اختصاصاتها مقاومة الدبابات ، بل أقتصر تكييفها على عمليات دعم القوات المتقدمة ، ومهاجمة نقاط ومواقع الأسلحة المضادة للدبابات ، وإخماد أنظمة الدفاع الجوى المعادية باستخدام الصواريخ الحرة غير الموجهة unguided rockets وتصحيح نيران المدفعية . هذا التوجه نتج عن اعتقاد السوفييت أن مهام مهاجمة دبابات العدو ، يجب أن تكون من مسؤولية القاذفات المقاتلة أولاً ، التي تهاجم وتشتبك مع الوحدات المدرعة بشكل رئيس بالقنابل العنقودية cluster bombs ، والقوات الأرضية ثانياً التي تستخدم أنظمتها الصاروخية المضادة للدروع لتعهد ومشاغلة engage دبابات العدو عند الالتحام .
التجارب التشغيلية للمروحية Hind-A أظهرت نواقص عديدة تعاني منها هذه الطائرة ، سواء كانت فنية أو تصميمية ، فأعيد تصميم الطائرة لاحقاً بهدف معالجة هذه النقائص . في هذا الوقت أستلم مكتب Mil أجزاء من المروحية الأمريكية "كوبرا" AH-1 Cobra من موروث الحرب الفيتنامية ، وربما نسخة كاملة منها ، وتولى برنامج إعادة التطوير المهندس Marat Tishchenko ، فأعيد تصميم أنف المروحية Mi-24 من جديد ، ليصبح أكثر تماثلاً في فكرته مع ما هو متوفر للأمريكية كوبرا في الترتيب المزدوج للمقاعد tandem configuration ، مع تزويد الهيئة الأمامية بمدفع من عيار 12.7 ملم متعدد السبطانات . وأضيف الزجاج المدرع لواجهة حجرة الرامي/مساعد الطيار ، وكذلك الحوض المدرع الواقي من مقذوفات العيار المخفض حول كابينة القيادة بأكملها ، وأطلق على النسخة الجديدة من قبل حلف شمال الأطلسي لقب Hind-D . شوهدت هذه المروحية من قبل الغرب أولاً في العام 1976 ، وأطلق عليها اسم حركي هو "الحدباء" Hunchback .
مروحية عريقة ومعروفة في اغلب البلدان العربية والاسيوية والدول الاشتراكية وكان لها دور بارز في الحرب العراقية الايرانية ولكن هي بحاجة الى التطوير وخاصة في البلدان العربية واذا ما قورنة بالكوبرا الامريكية فأن الكوبرا تتفوق عليها من ناحية صغر الحجم الذي انعكس بدوره على سهولة الالتفاف والمناورة والهروب من الخصم
ردحذف