الصفحات

14‏/6‏/2013

أطقم الدبابات السورية .

أطقــــــــــــــــــــــم الدبابــــــــــــــــــــــات السوريـــــــــــــــــة
جحيــم الإنتظــار والخــوف مــن المجهــول

 

الصراع في سوريا يمثل بيئة وساحة خصبة لدراسة تأثيرات الإختراق على الأطقم ، خصوصاً مع تزايد وتيرة خسائر الدبابات والعربات المدرعة الأخرى في صفوف القوات النظامية . فمن الناحية التاريخية ، النيران وأجزاء الشظايا fragments كانت دائما السبب الرئيس لمعظم إصابات وجروح أفراد أطقم العربات المدرعة بعد إصابتها بقذيفة خارقة للدروع .. لقد ساهمت تحسينات التصميم للعربات المدرعة والدبابات بأن خفضت بشكل ملحوظ قابليات التهديد وحساسية الطاقم لأي هجوم . مثل هذه الإضافات شملت (1) بطانات لخمد وكبت الشظايا (2) فصل مقصورة الطاقم وعزلها عن الوقود والذخيرة مع توزيع هذه الأخيرة على مواقع متفرقة من هيكل العربة (3) كذلك الاستخدام الشامل للمواد ذات القابلية منخفضة الاشتعال والملابس الواقية من النيران (4) وأخيراً وليس آخراً الاستعانة بأنظمة آلية لإطفاء النيران automatic-fire suppression . لكن للأسف معظم الدبابات الخاصة بالجيش النظامي السوري ، إن لم يكن جميعها ، تفتقد لمقومات النجاة هذه . وتعرض أشرطة الفيديو اليومية لفصائل المعارضة والجيش الحر ، العديد من إصابات العربات المدرعة ودبابات القتال الرئيسة من طراز T-72 وT-55 ، التي تم اختراقها بواسطة الرؤوس الحربية ذات الشحنات المشكلة الخاصة بالصواريخ الموجهة المضادة للدروع . لقد أصبح من المألوف في الآونة الأخيرة رؤية صواريخ كونكورس Konkurs وهي تتأرجح وتتمايل في الهواء أثناء طيرانها لتصب جحيمها على الدبابات السورية وهي في مواضعها الثابتة ، وغالباً مع إنفجارات عنيفة . معظم أفراد أطقم الدبابات السورية الذي كتب لهم النجاة (وهم على الأرجح قلة قليلة) سيعانون في الأغلب من حالات الفشل والقصور التنفسي نتيجة استنشاق الدخان السام toxic-fume inhalation ، وكذلك الحروق السطحية الشاملة للكثير من مواضع الجسم كما شوهد من بعض الحالات .


كيف تواجه أطقم الدبابات السورية الإصابة ؟؟ لكي نجيب على هذا السؤال يجب أن نعرف أولاً كيف تعمل الرؤوس الحربية للصواريخ المضادة للدروع . هذه الرؤوس تعمل عند إرتطامها بالهدف على فتح ثقب صغير نسبياً خلال صفائح التدريع السميكة بسبب طاقتها الكامنة العظيمة . هذا الثقب بشكله العام خلف دروع الدبابة ، يرتبط بثمانية نتائج وتأثيرات متفاوتة المستوى ، هي : الشظايا ، الحرارة ، الوميض ، الأبخرة الضارة ، مادة النفاث المعدنية ، النيران الملتهبة ، الدخان ، الضغوط والعصف . تسلسل الأحداث اللاحقة يمكن أن يبدأ في حال كتب للدبابة النجاة من الإنفجار الأولي المدمر نتيجة إشتعال مخزون الذخيرة بشكل كارثي . إذ يؤدي التمدد السريع للغازات وموجة الانفجار إلى فتح الكوات hatches السقفية للدبابة المصابة بعنوة وعنف ، أو قذف الأفراد الواقفين على سقف البرج . لقد أظهرت بعض الدراسات الطبية أن ما نسبته 31% من أطقم الدبابات التي تعرضت للإصابة ، أصيب أفرادها بجروح في الإذن ، بما في ذلك تمزق غشاء طبلة الإذن وما نتج عن ذلك من نزيف حاد ومدمي . كما أن أي فرد من أفراد الطاقم يصادف وقوفه في طريق نفاث الشحنة عالي السرعة (بضعة كيلومترات في الثانية الواحدة) ، سيتعرض لإصابات قاتلة أو على أقل تقدير هائلة وكارثية catastrophic . وسيتسبب النفاث في إشعال وقود الدبابة وذخيرتها والسائل الهيدروليكي في حالة مواجهته لهم ، وهنا تكون النتائج محتومة !!! أما بالنسبة للنيران الداخلية الملتهبة وما ينتج عنها من حروق ، فهذه تتفاوت من حيث مستوياتها بين حروق معتدلة من الدرجة الأولى وأخرى أكثر كثافة . مناطق الإصابة الرئيسة والتشوهات الناتجة عن هذه الحرائق ، تتركز عادة ناحية الجلد المكشوف ، مثل الوجه والرقبة والسواعد واليدين .


المحور الثاني يتعلق بالشظايا spalls الناتجة عن تفتت الصفيحة الداخلية لألواح التدريع ، فليس كل إصابات الطاقم ناجمة عن النفاث شديد الضغط ، بل هناك جروح الشظايا التي يعزى مصدرها لسببين رئيسين ، أولهما حاوية المخروط الأمامي للرأس الحربي ، وثانيهما الشظايا المعدنية المتجزئة والصادرة عن ذات الهدف . بالنسبة للنوع الأول فإن شظاياه تكون عادة صغيرة الحجم منخفضة الطاقة ، وينحصر تأثيرهما على الأفراد الجالسين على سقف هيكل وبرج الدبابة من الخارج ، وتقتصر الإصابات هنا على الشظايا وليس الحروق . النوع الآخر هو ما يسبب الجروح الأخطر ، فاختراق النفاث يولد أجزاء صغيرة غير منتظمة عالية الحرارة والتأثير ، بعضها على شكل زخة أو وابل من الرذاذ ، هذه تتسبب بحروق عميقة deep burns (الغبار والأجزاء الصغيرة تتعرض للاحتراق بعد تعرضها واتصالها بالهواء) ، كما أن بعضها يتسبب بجروح مباشرة للعين والوجه المكشوف . ويمكن لشظايا بحجم 2-3 مليمتر أن تتسبب بتمزيق مقلة العين eyeball ، وهذا ناتج لحقيقة أن العيون المفتوحة تتخذ ردة فعل بطيئة مقارنة بسرعة حركة الشظايا أو الانفجار (بشكل عام ، العين الإنسانية سترمش أو تطرف ضمن 0.25 ثانية عندما تكون مكشوفة إلى أي خطر طارئ) .



الصور للأسفل تتحدث وتعكس رؤية الموضوع ، حيث يشاهد قائد الدبابة وهو يطير في الهواء لمسافة لا تقل عن 50 م من موضع الإنفجار الذي لحق بدبابته بفعل إصابة مباشرة في مطار منغ العسكري بتاريخ 14/6/2013 .
 
 
الدائرة لليمين تشير للصاروخ وهو يتجه نحو هدفه ، والدائرة لليسار تشير للهدف المدرع خلف أحد المنازل .
 
 
لحظة الأنفجار وارتطام الصاروخ بالدبابة المتوقفة .
 
 
طيران قائد الدبابة الذي كان يقف على الكوة السقفية للبرج بفعل الضغط الشديد الناتج عن نفاث الشحنة المشكلة .
 
 
أقصى إرتفاع وصله قائد الدبابة ويقدر بنحو 50-60 م قبل أن يهوي من جديد إلى الأرض .

هناك 3 تعليقات:

  1. تقبل تحياتي استاذ انور والشكر على هذه المعلومات الرائعة التي كنت انتظرها منك وما فتئت اسالك عنها
    خلال بحثي في ارشيف الثورة الليبية شاهدت يوتيوب لحادثة في دبابة T55
    الدبابة لم تتعرض لأي هجوم خارجي ومع ذلك حدث بها انفجار داخلي أرجو أن تبين لنا ما السبب وهل من خطأ ارتكبه الطاقم أم ماذا
    هذا الرابط
    https://www.youtube.com/watch?v=dVBApQohxUI

    ردحذف
    الردود
    1. شاهدت هذا الفيديو من قبل .. ولم أجد تفسير علمي مقبول سوى أن الدبابة أصيبت بقذيفة مضادة للدروع من النوع المجهز بشحنة مشكلة لحظة تجهيز المدفع لإطلاق قذيفة جديد قيد التحميل والله أعلم .. أخي الكريم ، دائماً هناك حوادث عرضية لا يمكن توقعها !! مثل إنفجار عرضي لإحدى القذائف الداخلية في الهيكل ، لكن بشكل عام قذائف الدبابات عادة ما تكون مصممة لكي تسلح نفسها (تكون جاهزة للإنفجار) بعد الإطلاق من فوهة السلاح حيث تعمل قوى التعجيل على تسليح القذيفة .

      حذف
  2. ملك الظلام اعتقد بأن هذه الخسائر التي لحقت بسلاح المدرعات السوري هو امر طبيعي لأن الصواريخ المضادة للدروع التي استخدمة في الأزمة السورية صواريخ فتاكة وقوية جدآ وهي حديثة جدآ صممت لمواجهة الT90‏ و ‏T80AV‏ و الميركافا ولأبراهمز واعتقد بأن النجاة الدبابات من هذه الصواريخ الفتاكة هو بوجود دروع تفاعلية او طبقات يورانيوم او وجود ليزر او طبقة مغناطيسية او قذائف متفجرة لتدمير الصاروخ قبل الوصول للدبابة ويجب ان يكون في الدبابة طاقم متدرب على التكتيكات العسكرية ولحروب الحديثة وشكرآ.

    ردحذف