الصفحات

15‏/9‏/2012

الرؤوس الحربية الترادفية (الثنائية) .

الـــرؤوس الحربيـــة الترادفيـــة (الثنائيـــــة)


مع تطوير التقنيات المتقدمة وتطبيقها في حماية دبابات المعركة الرئيسة MBT ، فإن قدرات حماية دروع الدبابة الرئيسة زيدت وتضاعفت كثيراً .. وكان لظهور الدروع المركبة والمباعدة في العقود السابقة ، أن خفض بشكل ملحوظ من قابليات وعمق اختراق أسلحة الطاقة الحركية والكيميائية تحديداً . هذه القابليات الوقائية تم مضاعفتها عملياً مع تطوير عناصر الدروع التفاعلية المتفجرة ERA التي يرجع الفضل في تطويرها للدكتور النرويجي "مانفريد هيلد" Manfred Held ، الذي سجل براءة اختراعه في ألمانيا العام 1970 ، وظهر ابتكاره أولاً على الدبابات الإسرائيلية في لبنان العام 1982 ، ثم بعد ذلك وبنفس المبدأ ظهرت هذه القراميد على الدبابات السوفييتية من الفئة T-80/64 . يشتمل عنصر أو قرميد الدروع التفاعلية المتفجرة في بناءه العام على صفيحتين معدنيتين ، حصرت بينها طبقة متفجرات منخفضة الحساسية . وتوضع هذه القراميد على طبقة التصفيح الرئيسة للعربات المدرعة ، وبدرجة ميلان للزاوية المتوقعة لهجوم نفاث الشحنة الجوفاء hollow charge . وعندما يضرب الرأس الحربي الصفيحة الخارجية ، فإن الموجات الصدمية shockwaves والضغوط المرتفعة لسيل النفاث تؤدي لتفجير طبقة المتفجرات ، لتبدأ معها الصفيحتين المعدنيتين بالطيران والحركة بشكل عرضي وباتجاهين متعاكسين .


في الوقت الحاضر ، القابلية الوقائية لعناصر الدروع التفاعلية المتفجرة ERA ، سوية مع الدروع المركبة compound armor الحديثة ، تستطيع توفير نحو 1300-1400 ملم من السماكة المكافئة للتدريع المتجانس ، ويمكن لهذه أن تزيد في المستقبل القريب . في المقابل فإن قدرة الرؤوس الحربية ذات الشحنات المشكلة المفردة ، لا تستطيع في أحيان كثيرة تجاوز ذلك المستوى من ثخانة التدريع ، لذا كان من الضروري البحث عن بدائل ناجحة . أحدها ارتبط بالشحنات المشكلة متعددة المراحل ، حيث صممت أجيال الصواريخ الغربية الموجهة المضادة للدروع أمثال TOW2A وMILAN2 وHOT2 ، وكذلك العديد من المنظومات الروسية الأخرى المشابهة ، بحيث تكون مزودة برؤوس حربية ثنائية ومترادفة tandem warhead ، تستخدم لتحفيز وتفجير طبقة قراميد الدروع التفاعلية المتفجرة الواقية لدروع دبابة المعركة ، وبذا تبقى الشحنة الرئيسة اللاحقة فعالة لاختراق دروع الهدف المقساة . فنتيجة لضغوط الكونغرس الأمريكي وقلق منظمة حلف شمال الأطلسي من حقيقة فاعلية مقذوفاتهم الموجهة المضادة للدروع أحادية الرؤوس ، تجاه الدبابات السوفيتية الأحدث التي جهزت في بداية عقد الثمانينات بقراميد التدريع التفاعلي المتفجر ، فقد جرى العمل على مشاريع صواريخ مضاد للدروع تستخدم رؤوس حربية ثنائية الشحنات ، حيث اختبر المصممون في بداية أعمال التطوير عدة أنواع من أنماط الرؤوس الحربية ، وباستخدام تراكيب مختلفة لبطانات الشحنات المشكلة ، مثل نصف الكروي semi-spherical والمخروطي conical . كما تم اختبار أنواع مختلفة من المتفجرات ، مثل hexogen وhexoflen وoctoflen والمتفجرات البلاستيكية منخفضة الحساسية ، واختبر المصممون مواد أغطية مختلفة للرؤوس الحربية ، لاختيار الرأس الحربي الابتدائي المثالي للشحنة الترادفية . فقد كان لظهور وتطور الدروع التفاعلية المتفجرة الحديثة ، التي أصبحت تغطي العديد من دبابات المعركة الرئيسة ، كالروسية T-72 و T-80 و T-90 ، بل وحتى الأمريكية M1A2 TUSK والبريطانية Challenger 2 ، التي باتت تستخدمها ضمن نسخة مخصصة حرب المدن والتضاريس الحضرية ، أن بدا من المفيد اللجوء لخيار الرؤوس الحربية متعددة الشحنة .


تتوافر الشحنات الترادفية في الصواريخ المضادة للدروع وفق نمطي توضيب ، أحدهما مع محور انفجار أفقي والآخر مع محور انفجار عمودي . في النوع الأول يتم تثبت شحنتين مشكلتين في نفس الرأس الحربي للقذيفة خلف بعضهما البعض ، بتأخير زمني مؤكد ومع مسافة عازلة تفصل بينهما . الشحنة الابتدائية المتفجرة الأولى مثبته في مقدمة هيكل الرأس الحربي ، أو في مسبار أو مجس طويل probe ، مثبت على مقدمة الرأس الحربي للقذيفة (يبلغ طوله في الصاروخ TOW2A على سبيل المثال 226 ملم ، مع قطر 40 ملم وشحنة متفجرة زنتها نحو 250 غرام) يتولى تدمير العنصر التفاعلي المتفجر وإزاحته عن الطريق ، في حين أن نفاث الشحنة المشكلة الرئيسة اللاحق يعمل على اختراق الدرع المكشوف (يتهيأ الطريق أمام الشحنة الرئيسة للتقدم والانفجار في نفس الموقع الذي هاجمت منه الشحنة الابتدائية ، بحيث يمر نفاث الشحنة الرئيسة من نفس الطريق ومن ثم اختراق دروع الهدف) . كلتا هذه الشحنات المتفجرة تثبت على الأغلب قريبة من بعضها البعض بسبب القيود المتعلقة بجزئية السعة والفراغ في قسم الرأس الحربي للنظام . ويبدو من الضروري مع هذا التصميم العمل على حماية الشحنة الثانية من تأثيرات انفجار الشحنة الأولى ، أثناء الفاصل الزمني بين تلقين الشحنتين . فقد يحمل انفجار الشحنة المشكلة الأولى بعض التأثيرات الضارة blast effects على الشحنة الرئيسة ، بحيث ينتقص ويؤثر في النهاية على أداء نظام الرأس الحربي ككل . لقد أظهرت الاختبارات الحديثة أن هذه الرؤوس الحربية التي تستخدم مرحلتين من مراحل الانفجار ، يمكن أن تزيد عملياً من عمق الاختراق لنحو 10-15% في الدروع الفولاذية المتجانسة ، والثقب الشعاعي لنفاث الشحنة سينمو ويتطور بوضوح . كما أنها فعالة إلى حد ما في التعامل مع بعض أنماط الدروع القفصية cage armor التي تصمم لحماية العربات المدرعة والدبابات وتشكيل حاجز محيطي حولها . كما بينت الاختبارات أن هذا النوع من الرؤوس رغم فاعليته تجاه الدروع التفاعلية المتفجرة ، إلا أنه لا يمتلك نفس درجة الفاعلية تجاه الدروع التفاعلية غير المتفجرة non-explosive reactive armor ، التي لا يوجد فيها بطانة داخلية متفجرة ، تتفاعل بالشكل المطلوب مع الشحنة المتفجرة الابتدائية .


زمن التأخير delay time المطلوب بين انفجار الشحنتين يقدر بنحو 50-300 جزء على الألف من الثانية . إن عملية توقيت وتأخير زمن الانفجاريين هذه مهمة جداً لعدة أسباب ، أولها لمنع الشحنة الثانية الرئيسة من التحفز والانفجار قبل إتمام عملية تدمير التدريع التفاعلي بواسطة الشحنة الابتدائية وإزاحته من موقعه . الفاصل التأخيري مهم أيضاً لمنع موجة نفاث الشحنة الرئيسة من اللحاق وإدراك كتلة ذيل نفاث الشحنة الابتدائية ، التي تتحرك عند سرعة 2000 م/ث أو دون ذلك بقليل . وفي الحقيقة يعتمد زمن تحديد التأخير الفعلي على سماكة صفائح التدريع المؤلفة للتدريع التفاعلي ، كما يعتمد على زاوية سقوط المقذوف على الهدف (زمن تأخير مفرط وزائد عن الحد يمكن أن يتطلب زيادة في مسافة المباعدة stand-off range للشحنة المتفجرة الرئيسة ، وتخفيض في سرعة القذيفة ، كما وقد يؤدي التبكير المفرط لزيادة التفاعل بين الشحنتين) .. من ضمن الترتيبات الأخرى التي اختبرت وأثبتت أهميتها ، وضع حاجز وقاية بين الشحنتين الرئيسة والابتدائية . الحاجز مصمم بسماكة منخفضة نسبياً حتى لا يؤثر على تكون نفاث ومسافة المباعدة الفضلى للشحنة الرئيسة . بعض التصاميم ألحقت ثقوب تهوية وتنفيس vent للغازات الناتجة عن انفجار الشحنة الابتدائية ، فتصريف الغازات يجب أن يكون سريع وفعال ، حتى يجعل مستويات الضغط على حاجز الحماية في مستواه الأدنى .


النمط الآخر للشحنات ثنائية الرؤوس يقوم على أساس محور الانفجار العمودي ، حيث تثبت شحنتين مشكلتين بجانب بعضهما البعض ، وكما هو الحال مع الصاروخ السويدي BILL 2 والأمريكي TOW2B . حيث يتم تحفيز هذه الشحنات المشكلة الثنائية عن طريق صمام تقاربي proximity fuse من مسافة مباعدة مثالية ، وإشعالها لضرب الهدف بسرعة عالية جداً ، لتخترق كتلة معدنية ذات طاقة حركية عالية بعد ذلك المنطقة الضعيفة لسقف البرج (نحو 50% من طاقة الرأس الحربي يتم تحريرها delivered داخل الدبابة المصابة) . في هذا النوع من الرؤوس الحربية تقوم شحنة ابتدائية مشكلة انفجارياً كما في الأمريكي الأمريكي TOW2B بتدمير مسبق لصفيحة التدريع التفاعلية المتفجرة ERA في حال وجودها ، في حين تتولى الشحنة التالية الرئيسة اختراق الدروع الأساسية للبرج وفق نفس المبدأ (نحن هنا نتحدث عن شحنتين من النوع EFP) . وتستطيع مجسات الصاروخ تمييز برج الدبابة أو مركز الهدف وتحديد الموقع الأفضل لإشعال وإطلاق الرأس الحربي .. لقد أثبتت التجارب الميدانية في مراحل التطوير الأولى لهذا النمط الهجومي ، أن أحد أفضل الأشكال القادرة على تحفيز المادة المتفجرة في الدروع التفاعلية ومن ثم إتاحة الطريق أمام الشحنة الرئيسة لإختراق الدروع ، هي القذيفة المشكلة انفجارياً EFP ، حيث أن الموجات الصدمية المولدة بهذه الشحنة كفيلة بتحفيز وإشعال متفجرات قراميد الدروع التفاعلية (يقترح المصممون تجاوز كتلة الشحنة المتفجرة سرعة 2000 م/ث لتحقيق عملية تحفيز مثالية للدروع التفاعلية وتفجيرها) . وتزود الشحنة EFP عادة ببطانة معدنية بزاوية منفرجة لنحو 140-170 درجة ، وبمتوسط سماكه للبطانة المعدنية تبلغ 1-2% من قطر الشحنة . ومما يعاب وينتقص من قدرات هذه النمط في ترتيب الشحنات الثنائية الرؤوس ، هو محدودية فاعلية الرأس الحربي تجاه الأهداف التي تتطلب الهجوم المباشر وليس الرأسي ، فوضع الشحنات المشكلة الثنائية بوضع عمودي سوف يساهم بشكل مؤكد في جعل محور الانفجار بعيداً عن مركز الهدف .


مع منظومات الصواريخ الموجهة المضادة للدروع ATGM من الجيل الثالث الأحدث ، واجه المصممين معضلة أمكن تفاديها نسبياً ، وتتعلق هذه بنمط توضيب وتكديس الشحنات الترادفية . فمن المعروف أن العديد من هذه الأنظمة تستخدم مجسات توجيه homing seekers نشيطة أو سلبية لقيادة الصاروخ إلى هدفه . هذا الباحث يجب أن يسكن بالضرورة في أنف الصاروخ ، الذي هو عادة ذات الموقع المحجوز للرأس الحربية بشحنتها المشكلة في قذائف الجيل الأول والثاني . بسبب موقع الباحث هذا ، الرأس الحربي المزدوج يمكن أن يكون في أحسن الأحوال يوضع مباشرة خلف الباحث . لذلك ، نفاثي الشحنتين المشكلتين يحتاجانِ لدحر وتجاوز عقبات الباحث أولاً قَبل أن يضربوا كتلة الهدف . هذا يؤدي إلى فقدان مؤكد certain loss لنسبة محددة من طاقة النفاث قبل هزيمة صفيحة الدرع التفاعلي . هذه الخسارة من الطاقة يمكن أن تتزايد وتتضاعف أكثر في بعض الحالات ، خصوصاً مع تواجد وتسكين أنظمة الصاروخ الفرعية الأخرى ، مثل لوحة معالج الإشارات ، التي قد يحدد مكانها بين الرأس الحربي والباحث (لذا يتوجب على المصمم التأكيد على اعتبارات التخطيط والتنظيم المحسن optimised layout لأنظمة الصاروخ الفرعية) . هكذا ، ولقطر معطى ومعلوم من الرأس الحربي ، فإن الاختراق الفعلي المنجز في الهدف من قبل الرأس الحربي مزدوج الشحنة في الشروط الثابتة absolute terms ، يمكن أن يكون مقلل ومخفض في بعض الحالات بالمقارنة إلى رأس حربي مع شحنة مشكلة واقع في أنف الصاروخ ، وكما هو الحال في منظومات الجيل السابق الصاروخية المضادة للدروع . على أية حال ، مقذوفات الجيل السابق لم تكن لديها القابلية الأساسية على تحقيق الهجوم السقفي top-attack capability ، تحديداً عند إطلاقها من منصات أرضية ، لذا مقدار الدروع الذي كان عليهم هزيمتها وإزاحتها في هجوم على المقدمة الجبهوية/الأجنحة الجانبية للدبابة في أغلب الأحيان يتطلب طاقة أكبر بالمقارنة إلى قمة الدبابة التي يمكن أن مشاغلتها engaged وهزيمتها بسبب قابلية الهجوم السقفية لصواريخ الجيل الثالث المضادة للدروع . لذلك ، فإن قابلية اختراق الرؤوس الحربية لصواريخ الجيل الثالث المضادة للدبابات نسبة إلى سماكة الدروع المتطلب دحرها وهزيمتها في قمة الدبابة ، هي في الحقيقة أعلى إلى حد كبير ، وأكثر قدرة من تلك من الرؤوس المماثلة الخاصة بصواريخ الجيل الثاني السابقة (النسبة تكون هنا عند مقارنة اختراقهم penetration إلى سماكة الدروع التي سيدحرونها في جبهة/جوانب الدبابة) ، وهذا ما يبرر حقيقة من ضمن أمور أخرى أسباب ارتفاع كلفهم .

هناك 4 تعليقات:

  1. هل من توضيح حول non-explosive reactive armor ؟

    ردحذف
  2. هي شكل من أشكال الدروع التفاعلية لكنها بدلاً من المتفجرات تحوي مادة كيميائية على شكل رغوة أو مادة لدئنية تتفاعل مع نفاث الشحنة المشكلة بحيث تستوعب نسبة كبيرة من طاقة النفاث عند الإصابة (تتمدد وتتوسع المادة عند الإصابة) .

    ردحذف
  3. هل هي الدروع الطبقية المركبة الشوبوهام أم شكل اخر
    المعروف ان الشوبوهام يحتوي عدة طبقات من عدة مواد محصورة بين طبقتي فولاذ و المواد المحصورة درجة تمددها مختلفة .
    سيكون أمر طيب أن توضح اكثر حول هذا الامر لانه غير متداول .

    ردحذف
    الردود
    1. لا هي ليست كذلك .. عموماً هناك مواضع مختلفة في المدونة حول الدروع أخي ، بما في ذلك الدروع الطبقية المسماة "شوبهام" ..

      http://anwaralsharrad-mbt.blogspot.com/2012/09/chobham.html

      http://anwaralsharrad-mbt.blogspot.com/2013/03/blog-post_22.html

      http://anwaralsharrad-mbt.blogspot.com/2012/08/blog-post_18.html

      حذف