معارك الشرق الأوسط أثبتت أنها الوسيلة الأنجع للجم المشاة المعادي ومنعه من التقرب
الرشاشـات المحوريـة والسقفيـة لـم تفقـد أهميتهـا حتـى الآن بالنسبـة لدبابـات المعركـة الرئيسـة
بالإضافة إلى أسلحتها الرئيسة ، جميع دبابات المعركة في بداياتها كان لديها عدد اثنان إلى أربعة مدافع رشاشة machine guns . المصادر التاريخية تتحدث أيضاً عن تطوير نسخ "أنثوية" من الدبابات البريطانية female tank ظهرت مع بداية بروز نجم الدبابات . الدبابة الأنثوية هي صنف من الدبابات ساد في الحرب العالمية الأولى ، حيث اشتمل هذا النوع على رشاشات متعددة بدلاً من التسليح الأثقل الذي شوهد على الدبابات الذكرية . وبعد الحرب العالمية الأولى ألغي هذا التصنيف وأصبحت الدبابات تحمل كلا نوعي التسليح . هكذا ، الدبابات البريطانية صاحبة السبق في الظهور ، برزت على ساحة المعركة وهي مسلحة فقط بستة رشاشات للدفاع عن النفس ضد تدفق متخيل imagined onrush من جنود مشاة العدو !! وفي جميع الحالات ، المدافع الرشاشة المستخدمة كانت تحمل نفس العيار أو القطر الخاص ببنادق المشاة القياسية . الرشاشات كانت أيضاً التسليح الوحيد لواحدة من نسخ الدبابات الفرنسية الخفيفة Renault FT التي دخلت حيز الاستخدام مع نهاية الحرب العالمية الأولى ، في حين جهزت النسخ الأخرى بمدفع قصير السبطانة من عيار 37 ملم . ونتيجة الرغبة في زيادة قوة نيران مدافعها الرشاشة ، الدبابات الأكبر التي تم بنائها خلال عقد العشرينات وأوائل الثلاثينات كانت مجهزة بأبراج صغيرة مع مدافع رشاشة بالإضافة إلى برج مدفعهم الرئيس .
تصاميم الدبابات متعددة الأبراج Multi-turreted والتي جهز كل منها بمدفع رشاش لربما زادت من حجم نيران القمع والإخماد suppressive fire التي يمكن أن توجه لمعظم جهات وزوايا الدبابة ، لكنها في المقابل لم تبرر الوزن الزائد والتعقيد الذي تضمن تركيبهم واستخدامهم . لذا هم أهملوا في التصاميم اللاحقة مع بداية الحرب العالمية الثانية ، وتمت الاستعاضة عنهم بمدفع رشاش واحد مصعد إما بجانب السلاح الرئيس ليطلق عليها تعبير "محوري" coaxial ، أو مدفع رشاش مثبت في مقدمة الهيكل ومشغل من قبل مدفعي يجلس بجانب السائق وهو الترتيب الأعم والأشمل . هذا التخطيط سجل مع الدبابة البريطانية المتوسطة A7E2 التي أنتجت في العام 1929 ، وأصبح مظهراً عالمياً تقريباً لدبابات الحرب العالمية الثانية . الدبابات التي تضمنت نمط الترتيب هذا شملت جميع الدبابات الألمانية من PzKpfw III إلى دبابة Tiger II والسوفيتية T-34 ، بالإضافة إلى الدبابات الأمريكية M4 Shermans والدبابات الخفيفة M3 و M5 Stuart ، وكذلك الدبابات البريطانية ابتداء من دبابة المشاة Churchill إلى دبابات Comet cruiser .
في الحقيقة المدافع الرشاشة المتوسطة والثقيلة تشكل خط الدفاع الذاتي والأخير لدبابة المعركة الرئيسة تجاه أخطار الهجمات الأرضية (مشاة يحملون قواذف مضادة للدروع) والهجمات الجوية (مروحيات ، طائرات هجوم أرضي) ، بما في ذلك الاطلاع في أغلب الأحيان بمهام الكبح والإخماد suppression missions . فقد أثبتت المعارك التي جرت في أفغانستان والشيشان والعراق وسوريا وغيرها ، أن المشاة المسلحون جيداً يمكن أن يصوبوا نيرانهم تجاه الدبابات في المسافات القريبة خلال القتال في تضاريس المناطق الحضرية urban areas ، مع الاستفادة القصوى من الأغطية النباتية والصناعية المنتشرة في المحيط ، وذلك بهدف حرمان هذه الدبابات من ميزة عناصرها الرئيسة ، كقابلية الحركة ومدى المواجهة standoff range . في الحقيقة ، هذه المدافع أو الأسلحة الثانوية لا تختلف كثيراً عن الرشاش التقليدية ، باستثناء احتوائها على التعديلات التي تسمح بتثبيتها واستخدامها يدوياً manually-controlled من داخل الدبابة ، أو من أعلى الكوة السقفية يدوياً أو آلياً ، بحيث تستطيع توفير نيران دعم وإسناد حتى مديات مؤثرة لا تقل عن 900-1500 م .
في الحالة الأولى يجري تثبيت غالبية المدافع الرشاشة الخفيفة ، على نفس محور السلاح الرئيس coaxial weapon ، ومهمتها الأساسية مواجهة المشاة الراجلين ، الذين باتوا يشكلون خطراً حقيقياً على دبابة المعركة الرئيسة ، بفضل ما يحملونه من أسلحة مضادة للدبابات كتفية خفيفة الوزن وشديدة التأثير . كما تستخدم هذه الرشاشات لمهاجمة الأهداف الناعمة خفيفة التدريع ، وذلك عندما يكون ضرر قذائف مدفع الدبابة مفرطاً ، أو عند الرغبة في الحفاظ على مخزون ذخيرة السلاح الرئيس . كما استخدمت هذه المدافع في السابق ، لرمي الإطلاقات الخطاطة tracer rounds على الأهداف المعادية ، وذلك للتحقق من دقة التصويب قبل الرمي بالمدفع الرئيس . وعادة ما تكون هذه الرشاشات المحورية من عيار متوسط ، مثل البلجيكي FN-MAG عيار 7,62 ملم ، والاستثناء الوحيد في ذلك هو للفرنسيين ، الذين زودوا دباباتهم السابقة من السلسلة AMX بمدفع رشاش محوري co-axial من عيار 20 ملم ، مثبت على يسار المدفع الرئيس ، يستخدم لمواجهة الأهداف الأرضية والجوية ، كالمروحيات والطائرات بطيئة السرعة . ويتصف هذا المدفع بالاستقلالية عن السلاح الرئيسي ، حيث يمكنه الارتفاع حتى 40 درجة .
الدبابات الأمريكية Abrams على سبيل المثال ، تحمل رشاشة محورية من عيار 7,62 ملم ، نوع M240 (نسخة أمريكية الصنع عن سلاح بلجيكي التصميم) ، تقع فوق للأعلى ، إلى جهة اليمين من المدفع الرئيس ، وتتبع حركة هذا الأخير في كلتا زاوية السمت والارتفاع . تستخدم هذه الرشاشة ضد الطائرات المروحية والطائرات بطيئة السرعة ، بالإضافة إلي الأهداف الأرضية خفيفة التدريع . وفي هذا الدور ، هي يمكن أن تطلق من 15-30 طلقة على شكل رشقات يبلغ مداها الفعال نحو 1.800 م . تزن هذه الرشاشة 11 كلغم ، ومعدل نيرانها السريع يصل إلى 650-950 طلقة/دقيقة . وأظهرت عمليات استخدامها في العراق أنها السلاح الثانوي المفضل للرمي أثناء حركة الدبابة .. أما الدبابات الروسية ، فتستخدم الرشاشة PKT من عيار 7.62 ملم كسلاح محوري على دباباتها القياسية (أحرف PKT هي اختصار جملة Pulemyot Kalashnikova Tankovyi والتي تعني بالروسية الرشاشة كلاشنكوف في نسختها المحمولة على الدبابات) . لقد طورت هذه الرشاشة في العام 1962 ، ويصل طولها إلى 1.1 م ، ووزنها إلى 10.5 كلغم . وعلى عكس معظم الرشاشات الغربية المماثلة ، فإن PKT تقذف خراطيشها الفارغة جهة اليسار من السلاح وليس إلى اليمين كما هو شائع في الأنظمة الغربية . معدل النيران في هذه الرشاشة يبلغ نحو 650 طلقة/دقيقة مع سرعة فوهة تبلغ 825 م/ث ، وتستطيع أطلاقاتها الخارقة للدروع ثقب 6 ملم من الفولاذ على مسافة 600 م . مدى الرمي النظري يمكن أن يبلغ 1500 م ، في حين أن مدى الرشاشة الفعال تجاه الأهداف المتحركة وبنيران مباشرة فيصل إلى 650 م .
أما الرشاش الثقيل الذي يثبت عادة على السطح العلوي لبرج الدبابة roof-mounted بالقرب من كوة قائد الدبابة ، فيمكن التحكم به غالباً عن طريق حاضنة مرنة flexible mounting ، وهو مخصص أساساً للتعامل مع التهديدات الجوية ، وتحديداً المروحيات والطائرات ثابتة الجناح fixed-wing aircraft . وفي هذا الدور هو يستطيع توفير نيران مستمرة وعلى قدر كبير من القوة والدقة . وإذا ما زود بذخائر خارقة للدروع ، فإنه يستطيع مواجهة ناقلات الجنود خفيفة التدريع . الدبابة الروسية T-72 على سبيل المثال تصعد على قمة البرج حاضن مدفع رشاش ثقيل مضاد للطائرات من عيار 12,7 ملم ، مثبت بواسطة حامل ارتكاز مفصلي pintle-mounted ، يتيح له الحركة بحرية ضمن المقطعين الأفقي والعمودي بينما يبقى السلاح في موضعه الثابت . هذا السلاح مخصص لقائد الدبابة الذي يتحصل على زناد رمي كهربائي من النوع "المجدافي" electric paddle-trigger لإطلاق النار . ويتطلب الأمر من الرامي الوقوف أولاً على مقعده لكي يصل لمقبض الرمي ، ومعها هو يستطيع مشاغلة الأهداف الجوية كدور رئيس anti-aircraft role (مدى مشاغلة أقصى حتى 1500 م) وكذلك الأهداف الأرضية والتهديدات الفورية كدور ثانوي (مدى مشاغلة أقصى حتى 2000 م) . عملية إدارة وتوجيه حاضن السلاح NSVT في المقطعين الأفقي والعمودي تتم بشكل يدوي من قبل الرامي . وللتوجيه الأفقي يقوم قائد الدبابة بإدارة كامل الحامل المفصلي على محور قبته الخاصة بالاتجاه الذي يريد وذلك بالاستعانة بمقبض توجيه عرضي horizontal-guidance handle على الجانب الأيسر من السلاح (ملحق به زناد الرمي) ، في حين هو يستطيع أيضاً رفع السلاح للأعلى أو خفضه للأسفل عن طريق إدارة دولاب بمقبض أو ذراع تحكم مثبت جهة اليمين من الرشاشة (زاوية التحكم العمودية في السلاح تتراوح ما بين -5 و+75 درجة) .
فيديو من العراق ..
فيديو من سوريا ..