28‏/3‏/2014

البداية التاريخية لأدوار الدعم الجوي القريب .

البدايـــــــــة التاريخيــــــــة لأدوار الدعـــــــم الجــــــوي القريــــــب


ظهرت أول الأفكار عن كيفية استخدام القوة الجوية في أدوار الدعم الجوي القريب ، ومساندة القوات البرية (أو القصف التكتيكي Tactical bombing) خلال الحرب العالمية الأولى ، ومع أن سلاح الطيران كان ما يزال آنذاك في مرحلة طفولته ، والتأثير المباشر لنيران المدافع الرشاشة والقنابل الخفيفة محدود جداً ، مقارنة بنيران المقاتلات القاذفة fighter bomber خلال الحرب العالمية الثانية على سبيل المثال ، إلا أن هذه الطائرات البطيئة كانت لها تأثير نفسي كبير على خصومها في ساحة المعركة ، فالطائرة كانت عدو مرئي (على عكس سلاح المدفعية) يوفر تهديدات جدية لقوات العدو ، في ذات الوقت الذي يوفر نوع من الطمأنينة للقوات الصديقة . وتحققت معظم العمليات الناجحة في تلك الحقبة ، خلال الفترة 1917-1918 ، عندها أسقط الطيارين قنابل صغيرة كانت مثبتة على جانبي كابينة القيادة المفتوحة . لقد تطلبت هذه العمليات نوع من أنواع التنسيق المسبق بين القوات الجوية والأرضية ، أمكن توفير معظمه من خلال وسائل اتصال راديوية بدائية . أحدى أولى ممارسات القصف التكتيكي جرت في العام 1915 في معركة Neuve Chapelle عندما قصفت الطائرات البريطانية بالقنابل اتصالات السكك الحديدية الألمانية . 


أبرزت الحرب العالمية الثانية أهمية تكامل ودمج القوة الجوية مع مفهوم الأسلحة المشتركة combined arms ، وعبرت القوى المتصارعة عن هذا الأمر بمصطلح الدعم الجوي القريب close air support ، ومع أن أسس هذا التعاون قد جرى وضعها ابتداء في الاتحاد السوفيتي عام 1936 ، من قبل المارشال "غريغوروفيش" Grigorovich الذي عمل على جمع القوة النارية ، لكل من سلاح الجو والمدفعية والدروع ، والتنسيق بينهما للحصول على أكبر قدرة نارية مؤثرة في المعركة ، فإن من سخرية القدر أن سلاح الجو الألماني النازي Luftwaffe ، هو الذي استغل هذه الأفكار واستخدمها إلى الحد الأقصى ، حيث قامت طائراته من طراز Stuka خلال الحرب العالمية الثانية بتقديم الدعم الجوي لقواته البرية . وطبق سلاح الجو الألماني أول اختباراته خلال الحرب الأهلية الأسبانية ، عندما شكل خمسة مجموعات هجوم أرضي ، أربعة منها مكونة من المقاتلات القاذفة "ستوكا" Stuka ، وجرى خلال هذه الحرب تعلم الكثير من مرتكزات التنسيق الجوي/الأرضي لتعزيز دور الوحدات الأرضية .



القيمة الحقيقة لطائرات الدعم الجوي القريب CAS ، ظهرت خلال عمليات عبور نهر Meuse أثناء احتلال فرنسا عام 1940 ، حين طور الجنرال الألماني "هينز غودريان" Heinz Guderian مفهوم الأسلحة المشتركة ، والذي أرتبط بإستراتيجية الحرب الخاطفة Blitzkrieg (مفهوم عسكري يستند على دمج عناصر السرعة والمفاجأة لوحدات الدبابات المدعومة من قبل الطائرات القاذفة والمشاة لمنع العدو من الصمود دفاعيًا) وأكد غودريان على أن أفضل وسيلة لتوفير غطاء لعملية العبور ، هو بتوفير دعم وهجوم جوي متواصل خلال مراحل العبور على القوات الفرنسية المدافعة ، وأثناء العملية أثبتت هذه التكتيك دقته ، حيث أبقت الهجمات الجوية ، القوات الفرنسية في مواضعها الدفاعية ومنعتها من إدارة وتشغيل أسلحتها . واستخدام الألمان أسلوب "القصف مع وضع الغوص" Dive Bombing ، الذي سمح بدقة تصويب أفضل من أسلوب القصف المستوي ، بينما أدى التغيير السريع للارتفاع إلى إرباك مطلقي النار من المدافعين ، وحرمانهم من التصويب الفعال والدقيق . إن أسلوب القصف مع الغوص يقضي بانقضاض الطائرة مباشرة نحو هدفها ، وبشكل عمودي تقريباً ، وبذلك ستأخذ القنابل المسقطة نفس اتجاه الطائرة ، مما يسمح بإصابة أهداف صغيرة بدقة كبيرة . كما ساعدت صفارات الإنذار التي ثبتت في طائرات ستوكا Stuka على زيادة التأثير النفسي بالنسبة الجنود المدافعين . ونتيجة لضعف التنسيق في ذلك الوقت بين القوات الأرضية والجوية ، لجأ الألمان إلى الإشارات الأرضية البصرية ، لتعيين الوحدات الصديقة وللإشارة إلى المواقع المعادية . تسليح الطائرات في تلك الحقبة ، وما قبلها ، اعتمد على المدافع الرشاشة ، التي كانت من أوائل الأسلحة المستخدمة ، خصوصاً في دور الهجوم الجوي الأرضي Air-to-ground وتدمير الأهداف الأرضية . 



في الجهة المقابلة أدرك السوفييت أهمية طائرات الدعم الجوي القريب ، خصوصاً بعد الغزو الألماني لأراضيهم ، وأبرزت الحرب أحد أهم طائراتهم الهجومية القاذفة آنذاك ، وهي Ilyushin Il-2 shturmovik ، التي كلفت القيام بعلميات الدعم الجوي القريب ، وعرقلة وتعطيل تقدم القوات الألمانية الأرضية ، خصوصاً الدبابات . هذه الطائرة دخلت الخدمة عام 1941 ، وأشتمل تسليحها في البداية على مجموعة من مدافع sh VAX عيار 20 ملم وقنابل حرة ، يتراوح وزنها بين 1,5 و5 كلغم ، مع قدرة اختراق بين 30-130 ملم . ولكنها لم تستطيع تحقيق نتائج طيبة ، بسبب مداها القصير الذي لم يتعدى 350 كلم ، وبسبب الافتقار إلى الاتصالات بين الوحدات الجوية والأرضية . ثم زودت الطائرة بعد ذلك بقذائف حرة RS-82 من عيار 82 ملم ، وفي مرحلة لاحقة من مراحل الحرب العالمية الثانية 1939ـ1945 ، جرى تزويدها بمدفع أقوى من عيار 23 ملم ، الذي وفر إمكانيات كبيرة في اختراق دروع الدبابات الألمانية ، للحد الذي أرسل معه الرئيس السوفييتي آنذاك "جوزيف ستالين" Joseph Stalin ببرقية مستعجلة إلى مدير مصنع هذه الطائرة يخبره فيها "هي ضرورية للجيش الأحمر كما هو الهواء والخبز air and bread" 


الألمان وبسبب إعجابهم الشديد بأداء الروسية Ilyushin 2 ، فقد حرصوا في سلاحهم الجوي Luftwaffe على تزويد طائراتهم الهجومية بسلاح فعال مضاد للدروع ، وكان هذا السلاح هو المدفع المضاد للطائرات Flak-18 عيار 37 ملم . ثبت السلاح في البداية على القاذفات من نوع Junkers بهدف مهاجمة تشكيلات الدبابات النهارية ، وأطلق عليه بعد التعديل وموائمة هيكل الطائرات اسم BK-37 . ولتحقيق أقصى تأثير للسلاح ، تم توفير قذائف خارقة للدروع لمواجهة الأهداف الأرضية المدرعة ، حيث تم تثبيت مدفع BK-37 تحت كل جناح ، مع مخزن دائري من ستة قذائف . وزن النظام كان 272 كلغم ، وطوله 3.36 م ، وتم تحميل هذا السلاح على العديد من الطائرات الألمانية مثل Hs 129 B-2 والمقاتلة Bf 110 G-2 وغيرهما . ومع أن النظام كان ثقيل جداً ، للحد الذي تسبب معه في إبطاء سرعة الطائرات وتعريضها للمقاتلات الروسية ، فإنه حقق نتائج باهرة ، واستحق اسم "محطم الدبابات" tank buster واستطاع بعض الطيارين الألمان مثل العميد Ulrich Rudel ، تدمير نحو 519 دبابة سوفييتية بهذا السلاح على الجبهة الشرقية .. وفي مرحلة لاحقة من مراحل الحرب ، طور الألمان المدفع BK-5 عيار 50 ملم ، ولكن وبسبب ثقل وزنه تم تخصيصه للعمل على الطائرات مزدوجة المحركات ، مع خزان من 21 طلقة . وحددت للطائرات التي تحمل هذا المدفع مهمة مرافقة القاذفات ومواجهة المدافع الرشاشة المعادية من مسافات أبعد من قدرة تأثيرها . أما أبرز طائرات الدعم الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية ، فكانت القاذفة المقاتلة Stuka Ju-87 والتي برز اسمها في عمليات الدعم الجوي للقوات الأرضية ، فبعد أن كان الألمان يميلون للتركيز على عمليات القصف الاستراتيجي في مخططاتهم ، فإن تمارين مشتركة مع الجيش السويدي عام 1934 أظهرت أن قواتهم كانت مكشوفة للقصف الجوي الدقيق ، في الوقت الذي واجهت فيه المدافع المضادة للطائرات ، صعوبة في تعقب الطائرات المهاجمة .

25‏/3‏/2014

قذائـــف المدفعيـــة لحظـــة الإرتطـــام بالهـــدف .

قذائـــف المدفعيـــة لحظـــة الإرتطـــام بالهـــدف 
توزيــــــــــــــــع الشظايـــــــــــــــا وطاقتــــــــــــــها الحركيـــــــــــة


بينما يعمل جدار القذيفة على التحطم إلى قطع وأجزاء أثناء عملية انفجار حشوة المتفجرات الداخلية ، فإن عملية القص والشق shear/cleavage الناتجة سوف ترسل الشظايا بشكل متطاير وبسرعة مرتفعة جداً نحو ثلاثة اتجاهات مخروطية مختلفة ، وهو ما يدعى "بتأثير التشظي" fragmentation effect . هذه المخاريط تتوزع على نحو (A) مخروط أمامي مع ما يزيد عن 10% من عامل التشظية (B) مخروط جانبي مع تقريباً 80% من عامل التشظية (C) رش قاعدي للخلف مع أقل من 10% من عامل التشظية . سعة انفتاح هذه المخاريط ، ومقدار أو حجم الشظايا والتجزؤ فيها يعتمد في الغالب على شكل القذيفة (جسم القذيفة) ، وشكل الحشوة المتفجرة داخل القذيفة . كما يتأثر اتجاه الشظايا بعاملي السرعة ، وسرعة دوران القذيفة حول محورها لحظة انفجارها . وعادة ما تكون أغلبية الشظايا الناتجة عن المخروط الجانبي side cone والخاصة بالقذائف المطلقة بواسطة مدافع الميدان ومدافع القوس howitzers التي لها مقذوفات اسطوانية الشكل ، مع سعة انفتاح للمخروط تتراوح عادة ما بين 40-50 درجة . أما القذائف المطلقة بأسلحة الهاون mortars مع هيئة هبوطها المميزة ، فإنها تتحصل على سعة انفتاح للمخروط الجانبي لأكثر من 50 درجة (لها زاوية انتشار أفضل للشظايا) . المخروط الأمامي ورش القاعدة يمثل كما ذكر سابقاً نحو 20% من الأجزاء المحررة من حاوية القذيفة . المخروط الأمامي له عادة أجزاء أكثر من رش القاعدة base spray . إن السبب الرئيس لهذا التوزيع غير المستوي للأجزاء والشظايا يعود إلى شكل القذيفة ونمط قالبها . فالمقدمة الرأسية المدببة للقذيفة وكذلك النهاية الخلفية لها ، لا تتشظى وتتمزق splinter كما تفعل الجوانب . أضف لذلك ، الشظايا في المخروط الجانبي تكون أصغر حجماً مقارنة بالشظايا الناتجة عن المخروط الأمامي ورش القاعدة (أثناء دراسة توزيع الشظايا على السطح ، لوحظ أن جزء كبير من الشظايا المنتشرة من القذائف ذات المسار المنخفض low trajectory كما هو الحال مع مدافع الميدان ، تطير بعيداً عن السطح باتجاه الأعلى ، وبدرجة أقل مع مدافع القوس . بينما قذائف مدافع الهاون والتي تمتلك عادة زاوية قذف أعلى إلى حد كبير higher angle ، يكون لها زاوية نشر وتوزيع أفضل للشظايا في المنطقة المحيطة بموضع الارتطام) .


الطاقة الحركية وسرعة الشظايا على مسافة ما من مركز الانفجار تعتمد على عاملين رئيسين ، هما السرعة الابتدائية initial velocity ، وتخفيض السرعة الناتج عن مقاومة الهواء air resistance . قيم السرعة الابتدائية للشظايا الناتجة عن جسم اسطواني يحددها عادة (1) خصائص وميزات شحنة المتفجرات المستخدمة من ناحية قوتها وقابليتها على القصم . أي بمعنى قابليتها على التحطيم والتهشيم shattering capability والمقررة بشكل رئيس بتأثير ضغوطها الانفجارية المتطرفة التي تنشأ لحظة التحفيز (2) نسبة المعدن لشحنة التفجير metal-to-charge ratio والتي تأخذ الرمز M/C . حيث يشير الحرف C لكتلة المادة المتفجرة لكل وحدة طول من القذيفة ، والحرف M يشير لكتلة المعدن لكل وحدة طول من القذيفة . هذه النسبة عامل رئيس في تقرير سرعة الشظايا ، حيث يفترض لتقرير نسبة M/C تناول وأخذ مواضيع هندسة المتفجرات explosive geometry وكذلك خواص المعادن بنظر الدراسة والاعتبار . ولتقرير وحساب الفعالية والتأثير تقريباً لجميع شظايا القذيفة أو الذخيرة ، فإن مسار الشظايا دون سرعة الصوت يمكن أن يهمل ويستبعد . بالنتيجة ، كثافة الشظايا في اتجاه معطى تتفاوت عكسياً كمربع المسافة عن السلاح . كما أن احتمال إصابة بعض الأهداف المكشوفة unshielded targets نسبي إلى المنطقة المتوقعة المكشوفة والمستهدفة والمتناسبة عكسياً إلى مربع المسافة عن السلاح . 



أما بالنسبة لطيران الشظايا ومسار حركتها للخارج ، فيمكن القول أن هذا المسار يكون في اتجاه عمودي تقريباً إلى سطح حاوية المتفجرات ، لكنه مع قذائف المدفعية والرؤوس الحربية الاسطوانية cylindrical warhead الأخرى ، فإنه يوجد هناك 7-8 درجات كزاوية سبق lead angle (الاختلاف الزاوي بين خط البصر وخط توجيه) . حجم الضرر الملحق بواسطة شظية ما مع سرعة مؤكدة وحاسمة يعتمد على كتلة هذه الشظية . لذا كان من الضروري معرفة التوزيع التقريبي approximate distribution لكتل الشظايا الكبيرة بما فيه الكفاية والقادرة على إلحاق الضرر بكتلة الهدف . التوزيع الجماعي للأجزاء والشظايا تم حسابه وتحديده في الاختبارات بواسطة عملية تفجير ساكن ، الذي جرى فيه مسك وكبت الشظايا في حفرة رمال معدة لهذا الغرض . بشكل عام ، عند تفجير قذيفة مدفعية متشظية ، فإنه لا يمكن السيطرة والتحكم في حجم وعدد الشظايا الناتجة ، فعناصر التجزؤ والتشظية قد تتفاوت بشكل عشوائي من جزيئات أشبه بالغبار الرفيع إلى القطع الكبيرة (بعض الذخيرة الحديثة تستخدم أغلفة مسبقة التحزيز scored casings وشظايا معادة القطع لضمان تحقيق حجم الضرر الأكبر) .



18‏/3‏/2014

بعد القصير .. سقوط يبرود ..

بعد القصير .. سقوط يبرود
السوريـــــــــــون يطــــــــــــورون تكتيكاتهــــــــــم القتاليــــــــــة


نعم هذا ما يشاهده ويرصده العديد من المحللين العسكريين بعد معركة يبرود ومن قبلها معركة سقوط القصير . فنتيجة تراكم الخبرات والخسائر الكبيرة التي منوا بها في المراحل الأولى من الحرب نتيجة الإجراءات الخاطئة ، حرص السوريون على تطوير تكتيكاتهم القتالية الهجومية للإستحواذ على المدن والبلدات السورية التي تقع تحت سيطرة قوات المعارضة . لقد كان لنصائح أصدقائهم الخبراء الروس أن أضافت بعداً جديداً لنمط عمليات القوات النظامية السورية في التضاريس الحضرية ، وأصبحوا يزجون بقواتهم ضمن توليفة صحيحة وتنسيق منظم بين سلاح الدروع والمشاة ومنظومات الدفاع الجوي المساندة (طبقاً لرأي كبار المنظرين الدفاعيين الروس في فنون القتال التكتيكي ، الدبابات لا تستطيع القتال بمفردها في المدن دون دعم وإسناد المشاة الراجلين infantry support. الصور للأسفل تعرض نمط العمليات التي قرر القادة السوريين إعتماده لتجاوز إخفاقات الماضي ، وبالتالي تخفيض خسائرهم في إطار المعدات والأفراد والتي باتت قضية تعويضها وتداركها redress شغل القيادة الشاغل . 


في البداية كان يتحتم مضاعفة أعداد القوة المهاجمة ، حيث رغب القادة السوريين في أن يكون لقوات مشاتهم أفضلية عددية بنسبة لا تقل عن 5 إلى 1 كميزة مستحقة في تضاريس المعركة الحضرية . لذلك تم الاستعانة بقوات كبيرة من مقاتلي حزب الله اللبناني بالإضافة لأعداد أقل من جنود الجيش النظامي السوري ، خصوصاً مع رغبة هؤلاء في تأمين كل مبنى كانوا يسيطرون عليه . المذهب الشرقي الذي يتزعمه الروس يزعم بأنه في العمليات الحضرية ، المهاجم يحتاج لنسبة من 6 إلى 1 لمعادلة الفوائد والمزايا الطبيعية natural advantages للدفاع . لكن القيادة العسكرية السورية عوضت هذا الفارق بالقصف والتدمير الممنهج للمدن المستهدفة بقصد إرهاب السكان المحليين وإضعاف روحهم المعنوية وسحق المقاومة أو على الأقل إجبارها على التراجع والتقهقر . في بداية الصراع السوري ، القيادة العسكرية تبنت بعض الأفكار السوفييتية المتقدمة والتي كانت تتحدث عن أن الدبابات تتولى أولاً قيادة الهجوم في قتال التضاريس الحضرية والمدنية ، ثم يليها بعد ذلك عربات المشاة القتالية والمشاة الراجل dismounted infantry . أرتال الدبابات تتحرك أولياً في تشكيل صفوف متوازية على طول شوارع وطرق المدينة . هذه التكتيكات أثبت فشلها وعدم ملائمتها كلياً للقتال في المدن السورية الكبرى ، حيث هددت كثافة استخدام الأسلحة المضادة للدبابات التي تملكتها قوى المعارضة العربات المدرعة بشكل جدي وحقيقي ، وألحقت بها مئات الإصابات .
 


فكرة التكتيكات الحديثة تكمن في زج المشاة أولاً وتوجيهها نحو نقطة الإقتحام المحددة ، فهؤلاء في الحقيقة (المشاة المساندين والمرافقين لدبابات المعركة الرئيسة في تقدمها خلال المباني وركام المدينة) يشكلون الخطر الرئيس والأكبر الذي يجب على المدافعين مواجهته وإعتراض تقدمه . المشاة المساندين يكلفون عادة بحماية العربات والدبابات المتقدمة عن طريق تأمين المباني والأزقة في المدن والمناطق الحضرية . فالدعم المتبادل بين أفراد المشاة وفرق الدبابات ، يهدف سوية لجلب وكسب القوة القتالية القصوى للتأثير على قدرات العدو ، حيث يمثل هؤلاء المشاة عيون وآذان فريق الدبابات المتقدم . فيعمل أفراد المشاة على تحديد وتعيين أماكن المشاغلة المثلى الخاصة بالدبابات . كما تعمل هذه القوات على المناورة على طول الطرق المغطاة والمخفية concealed routes لمهاجمة عناصر العدو ، وتوفير حماية قصوى للعربات المدرعة تجاه هجمات القوات المدافعة عن المدينة . في هذه الأثناء ، يمكن لأفراد المشاة عند اكتشاف مواقع للعدو أو مصادفة نقاط مقاومة ، طلب نيران إسناد مستمرة وثقيلة من الدبابات ضد مواضع العدو القوية واستحكاماته strong-points (توفر الدبابات في هذه الحالة نيران إخماد وإسكات suppress fire تسمح بتطوير) . عربات نقل الجنود وأثناء تقدمها تستخدم مدافعها الرشاشة من عيار 30 ملم لتطهير المناطق التي تسير وتتقدم خلالها . ويمكن لهذه النيران إرباك المدافعين أو رماة الأسلحة المضادة للدروع .
 


وقبل وصول ودخول المشاة وإقتحامهم للنقطة المحددة ، تتولى منظومات الدفاع الجوي المرافقة ZSU-23-4 مهمة إغراق المناطق المشبوهة بنيران القذائف وإسكات النيران المضادة على الأسقف العليا والمباني داخل المدينة والتي لا تستطيع مدافع الدبابات تغطيتها والوصول لها . في هذه اللحظة ، يتم الاستفادة من غزارة نيران هذه المنظومات وإستهداف المواقع التي يلحظ منها حدوث وميض أو عصف خلفي back blast ناتج عن إطلاق نيران سلاح مضاد للدبابات . مثل هذه التكتيكات إختبرت خلال غزو العاصمة الشيشانية غروزني العام 1994-1995 وأثبتت فاعليتها وأهميتها .



الإجراءات المضادة وأفضل خيارات المدافعين :
أفضل خيارات المدافعين وخططهم يجب أن تتركز على منع دخول العربات المدرعة ودبابات المعركة لقوات العدو وبالتالي منع وصولها إلى محور التقدم الذي تسعى لبلوغه .. خنادق الدبابات tank ditches هي الأخرى وسيلة فاعلة لتخفيض سرعة تقدم القوة المهاجمة وإبطاء قابليتها على الحركة . فحفر وإنشاء هذه الخنادق يساهم في عرقلة وإبطاء تقدم العربات والتشويش على أطقمها . هذه الحفر والمهابط يجب أن تكون مع منحدرات لا تقل عن 35 درجة ، وعمق لا يقل عن 1.5 م ، وعرض 3 م أو أكثر . فمع هذه القياسات الدبابات لا تستطيع العبور وتجاوز الخندق من دون مساعدة معدات التجسير bridging equipment أو الجرافات ومزيلات الأتربة . مع ملاحظة أن أي خندق دبابة ليس كافياً لوحده كعقبة ، وسوف لن يوقف قرار المهاجم بالتوقف . لهذا توصى فرق المقاومة عادة ببذل المزيد من الإجراءات الإضافية لمضاعفة تأثير الخندق ، مثل تحديد موقع خندق الدبابة ضمن المدى الفعال الأقصى effective range للأسلحة المضادة للدبابات مع جعل مواقع إطلاق نار مغطاة ومخفية . لزيادة الفاعلية ، يتم زرع الألغام المضادة للدروع على كلتا جانبي الخندق (المقابلة للعدو والمقابلة للقوات الصديقة) ، خصوصاً في مادة التربة المفككة وقاع الخندق . حتى الخندق الأصغر سوف يساهم في نزع المحاريث ودحاريج الألغام mine rollers من مقدمة العربات المهاجمة ، ومن ثم جعل العدو أكثر عرضة للألغام على الجانب الآخر لخندق الدبابة (في الأساس ، زرع الألغام يجبر دبابات العدو للتجمع والتكدس بينما تحاول تجاوز عائق الخندق ، مما يجعلها أكثر عرضة لنيران أسلحة العدو المباشرة) . إن أي خندق بعمق أقل من 1.2 م في التربة الصلبة المتماسكة يجب أن يفهم منه أنه مجرد وسيلة تأخير وإعاقة لبضعة دقائق قليلة على المهاجم ، لذا هذه لكي تكون فاعلة فإنها يجب أن تتجاوز حاجز 1.5 م . تكتيك آخر يمكن ابتداعه يتمثل في وضع حاجز رملي مرتفع berm على جهة الخندق المقابلة للقوات الصديقة ، حيث يساهم هذا الإجراء أولاً في زيادة ارتفاع العقبة أو الحاجز ، مما يقلل معه من قوة سحب وجر الدبابات الراغبة في العبور ، كما يعيق بكفاءة تثبيت الجسور المحمولة على عربات التجسير .



ينبغي على فرق المدافعين أن تدرس تقنيات وتكتيكات خصومها المحتملين ، فالكثير من دبابات المعركة الرئيسة الحديثة المشاركة في العمليات مزودة بدروع تفاعلية متفجرة ERA ، كما أن بعضها بدأ في التزود بمنظومات القتل السهل والقتل الصعب ، وتبدلت الكثير من مستويات الحماية . إن مهاجمة دبابة حديثة بطلقات أرضية المستوى ومباشرة ربما لن يحقق اختراقات وتأثيرات مهمة نتيجة سماكة صفائح التدريع ، وتتضاعف المشكلة عند استخدام قاذفات كتفية خفيفة وبرؤوس حربية محدودة القطر . في حين أن هجوم من موضع مرتفع وبزاوية تصويب لنحو 45 درجة ، يمكن أن يضاعف احتمالية الإصابة من الرمية الأولى ، وكذلك يضاعف احتمالية القتل probability of kill . ويحرص الرماة وفرق الدفاع على التهديف والتسديد على الدبابات المعادية التي هي خارج مدى دعم المشاة المباشر . وكقاعدة عامة ، يشترط في الرامي الماهر أن يتحرك بعيداً بعد إطلاق مقذوفه الأول ، لأن عملية إطلاق السلاح تولد وميض مرئي وأثر دخاني يكشفه العدو بسهولة ، ويحدد معه موقع النيران (في أفغانستان تم استهداف معظم مطلقي RPG الذين بقوا في مواضعهم بعد الرمي ، بنيران فورية مضادة counter-fireبمعنى يجب توفر مواقع إضافية وبديلة لمهاجمة الدبابات المعادية ، ومن قطاعات مختلفة . لذا ينصح المدافعون في هذه الحالة برش وتنقيع المنطقة الخلفية لموقع الإطلاق بالماء أو الزيت ولمسافة 2-4 م لغرض منع ظهور سحابة الغبار ومن ثم فضح موقع الإطلاق .. وإن كان هذا الإجراء لا يمنع الوميض أو الدخان .. القوات المدرعة المعادية يوصى بإستهدافها بالصواريخ المضادة للدبابات قبل بلوغها للنقط المقررة لها ، كما يمكن بنفس الطريقة إستهداف منظومات الدفاع الجوي التي يكون مدى تأثير أسلحتها أقل بكثير من مدى تأثير الصواريخ المضادة للدبابات . أما في حالة بلوغ هذه القوات المدينة ، فإنه ينصح بإستخدام المقذوفات الكتفية ثنائية الرؤوس لمواجهة قراميد الدروع المتفجرة ERA المثبتة على مقدمة أبراج وهياكل الدبابات النظامية . وإن تعذر توفر من هذه الأسلحة ، فإنه يمكن مهاجمة المناطق غير المحمية كلياً مثل الجوانب ومؤخرة البرج والبدن ، والأسطح العليا وفتحة السائق ، هذا بالإضافة لمهاجمة مجموعات الرؤية vision blocks الخاصة بالدبابات . فلو نجت هذه من الهجوم الأول ، فإنها ستكون مغيبة وفاقدة الرؤية نتيجة تدمير منظومات الرؤية ، مما يسمح لرماة RPG بإعادة تحميل أسلحتهم والهجوم من جديد .


                                                                        الفيديو ..
                                                                           http://www.youtube.com/watch?v=jVRcls6Rvrs&list=UU0-BJmmq9v7sDwoEM5Xao8Q

15‏/3‏/2014

الخبرات الروسية في مجال حرب الألغام .

الخبـــــــرات الروسيـــــــة فـــــــي مجـــــــال حـــــــرب الألغـــــــام 


بدأ السوفييت في تطوير ألغامهم الأرضية أوائل العشرينات ، وفي العام 1924 أنتجوا أول لغم مضاد للدروع ، أطلق عليه EZ . طور هذا اللغم من قبل المصممين Yegorov و Zelinskiy ، وكان له شحنة متفجرة من واحد كيلوغرام ، كافية لقطع جنازير الدبابة . ومع بداية الحرب الألمانية السوفييتية ، بدا أن الإتحاد السوفييتي كان يعاني من نقص خطير وحاسم في الألغام الأرضية ، وذلك نتيجة إهمال إدارة التخطيط العسكري MEA لأهمية توفير هذا السلاح خلال حقبة الثلاثينات . أضف لذلك أن الألغام بطبيعتها هي أسلحة دفاعية defensive weapons ، وهذا ما دفع القيادة السياسية لرفضها على اعتبار أنها سلاح الضعفاء . ومع بداية العام 1941 لم يكن في عهدة الجيش الأحمر Red Army سوى مليون لغم مضاد للدروع ، وتزامن هذا النقص مع افتقاد ساحة المعركة للدفاعات الطبيعية المضادة للدبابات ، وهذا عنى بأبسط أشكاله وجوب تفعيل واستحداث حقول الألغام المرتجلة improvised mines لوقف تقدم العدو . الحاجة السوفييتية ونقص المعادن ، دفعت لإنتاج ألغام سهلة التصنيع من الورق والكرتون المقوى والخشب والزجاج ، واضطر جنود الجيش الأحمر في الكثير من الحالات وبسبب نقص الألغام ، لاستخدام قنابل المولوتوف Molotov cocktail ضد الدبابات الألمانية لوقف تقدمها . وخلال المراحل قبل الأخيرة للحرب ، توفر للجنود السوفييت المزيد من الألغام ومن مختلف الأنواع ، واستطاع مهندسو الجيش استخدامها بشكل ذكي وبكميات هائلة ، ومع توقف الحرب كان الجيش الأحمر قد أعلن عن زرع نحو 200 مليون لغم مختلف الأنواع . من أبرز الألغام السوفييتية المضادة للدروع التي استخدمت خلال الحرب العالمية الثانية كان TM-41 (أستخدم في السنوات 1941 و1942) هذا اللغم الدائري المعدني بلغ وزنه 5.4 كلغم ، منها 3.9 كلغم مواد متفجرة نوع TNT . واشتملت آلية تحفيز اللغم على صفيحة ضغط pressure plate من الأعلى ، ويتم حمله عن طريق مقابض جانبية ، وفي مرحلة لاحقة جرى تطويره للنسخة TM-44 التي كانت ضد الماء water-proof ويمكن نقعها وطرحها تحت الماء لمدة شهرين (لمواجهة عمليات الأبرار) دون إفساد مكوناتها ، بلغ وزن هذه النسخة من الألغام 7.7 كلغم ، منها 5.4 كلغم متفجرات نوع Amatol ، وكانت تحتاج لما بين 140-260 كلغم من الضغط لتنشيطها وتحفيزها . توقف إنتاج اللغم TM-44 في العام 1946 لصالح اللغم الأحدث TM-46 والذي بدوره كان نسخة معدلة عن تصميم الألغام الألمانية من نوع Tellermine .



الخبرات السوفييتية في مجال حرب الألغام Mine warfare تنامت وتضاعفت أكثر فأكثر ، وبلغت ذروتها مع الحرب الأفغانية (1979-1988) . فقد استخدم الجيش الأربعون الذي قاد العمليات إلى أفغانستان في العام 1979 ، ملايين الألغام الأرضية لحماية المواقع الشيوعية وحرمان المجاهدين الأفغان من خطوط إمدادهم واتصالاتهم communication lines (من أبرزها اللغم الأرضي TM-72) ، حتى أن الجنرال "بوريس غروموف" Boris Gromov الذي قاد الجيش الأربعون السوفيتي أثناء الانسحاب (غروموف كان آخر جندي سوفيتي ترك أفغانستان ، عندما عبر مشياً على الأقدام جسر الصداقة الذي يعتلي نهر جيحون في 15 فبراير 1989 ، وهو اليوم الذي أكتمل فيه الانسحاب السوفيتي من أفغانستان) قدم إلى الجيش الأفغاني أثناء رحيل قواته في العام 1988 عدد 613 خريطة حقل ألغام قام السوفييت بزرعها في مواضع شتى من البلاد . الجيش الروسي ينظر إلى الألغام كعنصر ضروري لكلتا العمليات الهجومية والدفاعية offensive/defensive operations . على أية حال ، حقول الألغام التقليدية الموضوعة يدوياً تتطلب عمل مكثف ومركز وإنفاق المزيد من الوقت الذي قد يكون غير متوفر . لذا ، طور الجيش السوفيتي على مدى السنين عدة نماذج لعربات تقليدية مسحوبة أو محمولة على مجنزرات للعمل كزارعات للألغام minelaying ، والسماح لقوات الهندسة لتلغيم منطقة بسرعة قبل أو أثناء المعركة .

10‏/3‏/2014

دروع تفاعلية جديدة للدبابات الجزائرية المطورة .



صور عُرضت في شبكة الإنترنت للتطوير الجزائري الأخير للدبابة T-72M1 ، وتعرض قراميد الدروع التفاعلية الروسية الأحدث من نوع "ريليكت" Relict وهي مثبتة على مقدمة هيكل الدبابة . ويبدو من المعلومات المتوافرة أنه التصدير الأول لهذا النوع من الدروع الردية . الريليكت طور من قبل من قبل معهد البحث العلمي للفولاذ Scientific Research Institute of Steel المسمى اختصاراً NII . هو قادر على حسب رأي الخبراء الروس على مواجهة قذائف الطاقة الحركية الغربية الحديثة ، حيث سعي المصممين لإعادة النظر في البناء العام للتدريع والمواد المتفجرة المستخدمة ، وتحديد مستويات التفاعل مع التهديدات المختلفة . وربما كان أحد أبرز المزايا التي تقدمها الدروع الجديدة ، هي قدرتها على مواجهة قذائف الشحنة المشكلة ثنائية الرؤوس ، أمثال الصاروخ الأمريكي المضاد للدروع Tow-2A ونظراءه ، بالإضافة إلى حماية نسبية أفضل تجاه قذائف الطاقة الحركية الأحدث ، أمثال الأمريكية M829A2 وM829A3 والألمانية DM-63 .. وبشكل عام تميزت الدروع التفاعلية المتفجرة الجديدة بسهولة تثبيتها ميدانياً ، فهي من النوع modular أي التي يمكن تركيبها واستبدالها بسهولة نسبية عن هيكل وبرج الدبابة في حال الإصابة ، وذلك بواسطة فرق الصيانة الميدانية . هذه الخاصية جعلت بالإمكان تثبيت قراميد التدريع الريليكت على سبيل المثال بسهولة على معظم الدبابات الروسية الحديثة مثل T-72B وT-80U وT-90 ، التي تختلف عن بعضها البعض جزئياً في التفاصيل الهيكلية (في المقابل فإن تجهيز دبابة معينه بالتدريع Kontakt-5 ، يتطلب أن يقدم وينجز وفق شروط ومواصفات منتج الدبابة ، مما يقيد معه عمليات التطوير والصيانة) .

8‏/3‏/2014

رماة الأسلحة الكتفية واحتمالات الضربة Hit Probability .

يبدو أن رماة الأسلحة الكتفية في قوات المعارضة السورية بحاجة للمزيد من دروس التصويب ودقة التسديد ، وبالتالي إنجاز ما يطلق عليه إصطلاحاً "احتمالات الضربة" Hit Probability .. بالنسبة للجماعات والمليشيات غير النظامية ، فلقد وجدت الأسلحة الكتفية المضادة للدروع طريقها دوماً لأيدي هؤلاء ، وذلك ضمن مفاهيم وأطر "حرب العصابات" Guerrilla war . هذا النمط من الحروب ليس ظاهرة ملحقة بأي عقيدة أو مذهب خاص ، ولا هي مقيدة بزمن محدد أو ثقافة معينة .. هي حرب الضعفاء أو حرب أولئك الذين وبسبب حجمهم العددي ومستوى تسليحهم وتدريبهم ، لا يستطيعون مواجهة قوات نظامية regular forces في ساحات مواجهة مفتوحة .. في الماضي جرى تطوير تكتيكات المشاة المضادة للدبابات Infantry Antitank tactics ، وطلبت القيادات العسكرية من جنودها آنذاك القيام بهجمات شخصية تجاه الدبابات المعادية ومن مسافات قريبة جداً ، هذه التكتيكات استدعت نسبة عالية من مستويات التعرض للأسلحة المعادية مع فرصة محدودة لاحتمالات النجاة والهروب . ولكي ينجح المهاجم في عمله ، فقد كان عليه أن يتحلى بأقصى درجات الشجاعة ، وأن يختار الموقع الجيد للهجوم ، مع التقرب الخفي غير المنظور stealthy . هذه القوات خططت للاستفادة القصوى وكسب أي أفضلية أو ميزة على أطقم الدبابات المعادية ، من هذه كان حرمان وتجريد طاقم الدبابة من قدرات الرؤية المحيطة . فأثناء الهجوم كانت أطقم الدبابات دائماً تتقدم وتقاتل وكواتها مغلقة ، وهذا يعني أن الوسيلة الوحيدة المتوفرة لهم للرؤية الخارجية كانت نوافذ الرؤية أو الشقوق الضيقة ، هذا حدد فعلياً حقل الرؤية field of view المتوفر لديهم للمراقبة ، ووفر فرصة أفضل لخصوم الدبابة للهجوم .. في أحيان كثيرة ، الظروف الميدانية تفرض عدم الالتزام والتقيد بسياقات الخطط المحددة أو التخطيط المنظم ، حيث يفرض الموقف التكتيكي إجراء كمين فوري وعاجل . وهكذا ، تبادر المجموعة المسلحة للهجوم متى ما سنحت لها فرصة اقتناص دبابة من دبابات العدو .. وفي الغالب ، يفضل رماة القواذف الكتفية العمل في مجموعات تركز نيرانها على دبابة معينة ، فقذيفة واحدة لا تضمن إصابة وتدمير دبابة معركة رئيسة ، في حين عدة مقذوفات تضمن هذا الأمر لحد بعيد . وتضع التقديرات الأمريكية احتمالات الضربة بالنسبة لسلاح مثل RPG-7 تجاه هدف متحرك بسرعة 15 كلم/س ، وقياساته 2.25×5 م ، في حدود 100% عند مسافة 50 م ، و22% فقط عند مسافة 300 م .



مقذوف كتفي يقترب من دبابة T-72 تابعة للجيش السوري مع زاوية رمي مثالية ومن المفترض أنها مباغتة للدبابة التي تتجه بأسلحتها وبصرياتها بشكل مغاير لوجهة الهجوم .


المقذوف يرتطم وينفجر على حاجز إسنتي يفصل بينه وبين الدبابة .. إصابة ضائعة ورمية غير موفقة !!




نفس الدبابة تتعرض لهجوم آخر من نفس السلاح والرامي على ما يبدو ، الذي أطلق مقذوف آخر من نفس زاوي الهجوم على أمل تحقيق إصابة حاسمة !! ويلاحظ مسار المقذوف المتجه أكثر فأكثر نحو الجزء المنخفض للهدف .



على العكس من الحالة الأولى ، الإرتطام تحقق وإنفجر المقذوف في الهدف ، لكن في موضع لا يحقق أي شكل من أشكال حالات القتل !! الدبابة بعد إصابة إحدى عجلات الطريق ، مارست تنفيذ عملها وبدأت في الحركة من جديد .



تم الطلب من الدبابة العودة للمؤخرة لمباشرة الإصلاحات ، وجرى خلع ثلاثة من عجلات الطريق لإصلاح الأضرار ، التي يبدو أنها نسبياً لم تكن ذات قيمة تذكر .



هذه الصورة تعرض أضرار المعركة ودبابة سورية تعرضت لحادث إنفجار في طرف سبطانة السلاح الرئيس !! أو ربما حادث من نوع آخر .

لمشاهدة الفيديو ..
http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=SnPyFfsVORs

4‏/3‏/2014

عنصر الحسم في ساحة المعركة .

دبابـــــة المعركــــة الرئيســــة 
عنصـــــــــــر الحســـــــــم فــــــــــي ساحـــــــــــة المعركــــــــــة
في الثلاثون سنة الماضية وحتى يومنا هذا ، عدة تحسينات تقنية قدمت لإعلان نهاية هيمنة وسطوة ascendancy دبابة المعركة الرئيسة على ساحات القتال . فالتحسينات في التقنية سمحت لأفراد الجنود بتحدي دبابات قيمتها ملايين الدولارات . في ذات الوقت ، كان بإمكان الجميع مشاهدة دبابات المعركة وهي تواصل امتلاك الدور الرئيس في النزاعات والصراعات الدولية . هكذا كان على القادة العسكريين مواجهة صراع دائم ومتجدد بين من يرون مناعة الدبابة tank invincibility ، ومن يعتقدون أنها ما كانت منيعة كالفكر المنبثق عن أنصارها . في الحقيقة ، الدبابة ومنذ بداية ظهورها في الحرب العالمية الأولى بدأت تواجه مقايضة أو مفاضلة بين مقوماتها الثلاثة المعروفة ، القوة النارية firepower ، الحماية protection ، الحركية mobility ، ازدادت هذه وتطورت مع الزمن . فمع أي زيادة في متغير أو اثنان من هذه الخواص ، كان هناك في المقابل تأثير سلبي negative effect على متغير آخر .. دبابات المعركة ورغم ثقل وزنها وقوتها النارية الهائلة وهديرها المرعب ، مازالت تبدو بنظر نقادها على الأقل ناعمة وهشه وسريعة العطب ، وما أن يظهر سلاح جديد مضاد للدبابات ، حتى يتلقفه أولئك النقاد ويبذلون كل ما في وسعهم من الجهد في الدفاع عنه وترويجه ، ليؤكدوا من جديد ما سبق لهم تكراره مرات عديدة عن نهاية الدبابة وأفول نجمها وعدم جدواها في أي قتال . أما إذا كان الخطر القادم متمثل في أحد منتجات الجيل الجديد من الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات ، فما أسرع النقاد للإعلان عن ضرورة الاستغناء نهائياَ عن الدبابة ، ومن أن الوقت قد حان لإيداعها في متحف الأسلحة البائدة .. مع ذلك يؤكد المنظرون أن هذه الآلة المدرعة ستبقى عنصر الحسم decisive element على ساحة المعركة . ففي الهجوم ، دبابة المعركة الرئيسة ستحتفظ بدورها التقليدي ، وستتزعم وتتقدم عناصر الاقتحام للجيش الميداني . كما سيحرص على استخدامها وتوظيفها كما هو الحال مع قوى الأسلحة المشتركة الأخرى (تحتفظ بدورها المركزي إلى قوة الأسلحة المشتركة) ، التي تتضمن عادة كتائب المدفعية ، المشاة الآلي ، منظومات الدفاع الجوي ، وسلاح الطيران .. ولكي تسيطر على ساحة المعركة ، هي يجب أن تكون قادرة على البقاء والديمومة . بقاء الدبابة ونجاتها survivable مستند في حقيقته على أربعة قواعد أو ركائز أساسية مرتبط بالتوظيف العام وتصميم الدبابة هي (1) استخدم التضاريس وأغطية الإخفاء cover/concealment المتوفرة لتفادي الكشف (2) إذا تم اكتشافك ، استخدم قابلية الحركة وسرعة الانتقال mobility/agility لتفادي أن تضرب (3) أما إذا ضربت ، فإن حمايتك المدرعة armor protection يجب أن تكون كافية لتقليل وتخفيض احتمالية الاختراق (4) إذا تحقق الاختراق والثقب ، تصميم الدبابة tank design يجب أن يقلل الأضرار الناتجة عن المكونات الحرجة والحساسة ومناطق تخزين الذخيرة ، وبذلك تتضاعف احتمالية بقاء ونجاة الطاقم ... دروع الدبابة بشكل عام توفر حماية ووقاية بشكل ممتاز إلى طاقم الدبابة ، خصوصاً عبر القوس الأمامي عند 60 درجة . فالدبابة منيعة في هذا الموضع تجاه معظم الأسلحة (ماعدا الثقيل منها) ، مثل المقذوفات المضادة للدروع مخفضة العيار أو شظايا مدافع الميدان ، ولحد كبير تجاه مقذوفات المدافع الرئيسة لدبابات العدو المحتمل .. وعند القتال بفتحات الدبابة المغلقة closed hatches ، فإن الطاقم منيع ومحصن تجاه جميع أنماط نيران الأسلحة الخفيفة ، وقذائف المدفعية (ماعدا الضربات المباشرة direct hit) والألغام المضادة للأفراد . كما تزود قذائف قنابل الدخان الموجودة على جانبي برج الدبابة ، وكذلك مولدات الدخان الخاصة بعادم المحرك ، تزود إخفاء سريع وفعال عن الرصد الحراري والتعيين الليزري أيضا .

الصور للأسفل تدحض إلى حد ما هذا التوجه وهذه الرؤية المحدودة لدبابة المعركة الرئيسة ودورها في ساحة المعركة .




مقذوف RPG ينطلق بسرعته القصوى بإتجاه الدبابة السورية التي كانت منهمكة في أعمال قصف المباني القريبة .. لقد تحدث بعض التقارير عن أن ما نسبته 50% من الإصابات والخسائر الأمريكية خلال النزاع الأخير في العراق كانت بسبب مقذوفات RPG . وبينما هذه النسبة قد تكون مضخمة ومبالغ فيها ، إلا أنها لا تتعارض بالضرورة مع تأكيدات أخرى تحدثت عن نسبة عالية من الإصابات تسبب بها هذا النوع من الأسلحة الكتفية . الأعداد ليست متوفرة على وجه التحديد ، لكن مئات العربات AFV المصفحة ومركبات Humvees ، وعربات أخرى مسلحة جرى تدميرها وتحطيمها في أفغانستان والعراق من قبل أسلحة RPG ، حيث أتت هذه في المرتبة الثانية بعد متفجرات الطريق المرتجلة IED والألغام الأرضية .



لحظة إرتطام المقذوف بهيكل الدبابة وظهور كرة نارية كبيرة في موضع الإصطدام .. لقد اقترن تطوير الأسلحة الكتفية خلال الحرب العالمية الثانية بالتطور الحاصل في تقنيات تصنيع الرؤوس الحربية ، وتحديداً الشحنة المشكلة shaped charge أو الشحنات العاملة بتأثير مونرو Monroe effect نسبة إلى اسم مخترعها الأمريكي Charles E. Munroe ، أستاذ الأكاديمية البحرية الأمريكية في القرن التاسع عشر . 



في موضع الإرتطام ، حدث حريق صغير وإشتعلت النيران في جانب من مقدمة الهيكل .. في الحقيقة ما يميز هذا النوع من الأسلحة ، وهي إحدى المنافع الرئيسة لمقذوفات الشحنة المشكلة ، هي أنهم لا يعتمدون على عاملي السرعة أو الكتلة لاختراق الدروع (كما هو الحال في مقذوفات الطاقة الحركية) ، فأي قذيفة من هذا النوع سوف تنجز نفس قيمة الاختراق سواء عند مدى 500 م أو فقط عند 50 م . هي لا تحدث فرقاً إذا القذيفة مرمية يدوياً أو مطلقة من مدفع عالي السرعة .



القذيفة الثانية إرتطمت بالجانب الأيمن للبرج ، لكنها لم تستطع كسابقتها تحقيق إي ثقب في دروع الدبابة !! الحصول على نتائج وتأثيرات اختراق مختلفة لذخائر الشحنة المشكلة ، مرتبطة بحد كبير بنوع المتفجرات المستخدمة ، وكذلك شكل المخروط المجوف وزاوية انفراجه ، ثم المسافة لسطح التدريع لحظة الاصطدام والتفجير ، وأخيراً مادة البطانة الداخلية .



هجوم آخر على نفس الدبابة ومن زاوية أخرى .. الهجوم لم يكن موفقاً وفشل في تحقيق إصابة مباشرة للدبابة !! الدبابات عرضة للهجوم في التضاريس المقيدة والمحصورة restrictive terrain ، كما أنها لا تستطيع عبور بعض أنواع التضاريس . هي تبعث إشارات صوتية وبصرية مؤثرة وذات قيمة على ساحة المعركة ، وتتطلب مقدار أعظم من الإسناد اللوجستي logistical support ودعم الصيانة ، بالإضافة إلى أن قابليتها على الدفاع الجوي عن ذاتها محدودة .



إنسحاب تكتيكي بسبب حالة الرعب التي أصابت الطاقم من حجم وضراوة المقاومة !! الملاحظ أن الدبابة أدارت برجها للخلف أثناء التراجع وهو تكتيك متبع لمواجهة الأسلحة المضادة للدروع وتعريض الجزء الأكثر حماية من الدبابة لإحتمالات الإستهداف .. ويلاحظ إستمرار إشتعال النيران في مقدمة الهيكل .



بعد الوصول للمواضع الخلفية وخروج كامل أفراد الطاقم دون أي أذى ، بدأت عملية معاينة موضع الهجوم .. القذيفة الأولى أصابت أحد قراميد الدروع التفاعلية المتفجرة وتسببت في إتلافها بشكل مثير !! يرجع الفضل في تطوير الدروع التفاعلية المتفجرة Explosive Reactive Armour أو اختصاراً ERA ، للعالم النرويجي الدكتور مانفريد هيلد Manfred Held ، الذي سجل براءة اختراعه في ألمانيا العام 1970 حين كان يعمل في شركة نوبل Nobel (لا غرابة في أن الخبرة التي تطلبت لإنتاج الدروع التفاعلية المتفجرة كانت مرتبطة بالأساس بشركات صناعة المتفجرات) . فبعد حرب الأيام الستة عام 1967 عكف مانفريد على دراسة حطام الدبابات T-54 و T-55 ، ولاحظ حينها أن بعض الدبابات العربية المصابة بمقذوفات الشحنة المشكلة كان لديها ثقب دخول دون أثر لثقب الخروج . لقد كانت هذه بعض استدلالاته بأن نفاث الشحنة المشكلة اصطدم بمخزون الذخيرة الداخلي في الدبابة المصابة ، وأن تأثير الانفجار عمل على تبديد طاقة النفاث وتحويلها بعيداً عن مسارها . 



قذيفة RPG-7 إرتطمت بمصباح الرؤية الليلة تحت الحمراء النشيطة ، وتسببت في إحداث ثقب به . هذا النوع من الذخائر يعمد إلى تحقيق ثقب ممتد في صفائح التدريع بواسطة طاقة نفاثة عالي السرعة ، الذي ينفذ بدوره لمقصورة الطاقم crew compartment ، مسبباً أضراراً شديدة للمعدات ، وإصابات جسيمة للأفراد المتواجدين داخل الهدف .

3‏/3‏/2014

دغدغة هيكل المروحية الروسية Mi-24 !!

الفيديو للأسفل يعرض مروحية سورية من طراز Mi-24 وهي تقترب من مواقع رجال المقاومة السورية ، فتتعرض لإطلاق نار كثيف من نيران البنادق الآلية !! خلال الحرب في أفغانستان في الثمانينات اكتشف المجاهدون بأن أي عيار أصغر من العيار 23 ملم ، لم يكن أكثر من سلاح إزعاج ومضايقة لمعظم أجزاء المروحيات Mi-24 ، فمقصورة القيادة ، ناقل الحركة الرئيس ، خزانات الأنظمة الهيدروليكية ، صندوق تروس المحرك المساعد ، خزانات الوقود ، حميا بصفائح الدروع الفولاذيِة التي بلغ سماكتها 4-5 ملم ، وأوقفت كما يدعي السوفييت أكثر من ثلثي إطلاقات المقاتلين الأفغان . زجاج مقصورة القيادة هو الآخر كان محصن من الرصاص bullet-proof ، وتؤكد المصادر السوفييتية أنه خلال طوال خدمة Mi-24 في أفغانستان ، لم تنجح أي إطلاقه في اختراق زجاج مقصورة القيادة ، على الرغم من أن أغلب الضربات التي تلقتها المروحية كانت وهي في وضع الغطس والاندفاع نحو هدفها الأرضي ، حيث استلمت مقصورة الرامي/مساعد الطيار الضربات الأعظم . إحدى مروحيات Mi-24 رجعت لقاعدتها بستة خدوش على لوح الزجاج الأمامي ، وفي حادثة أخرى استطاعت رشقة إطلاقات عيار 12.7 تمزيق التجهيز السفلي لمقصورة القيادة ، وتمكنت رصاصة زنتها 50 غرام ، الوصول لمقعد الطيار المدرع والاستقرار على الصفيحة المعدنية الخاصة بمسند المقعد . في مرحلة لاحقة من الحرب عندما بدأ الأمريكان توفير أسلحة حديثة للمقاومة الأفغانية لاستخدامها ضد المروحيات ، كالصاروخ stinger المطلق من على الكتف ، رجحت كفة المجاهدين في معركتهم مع الطائرات السوفيتية ولحد كبير ، وهذا ما استلزم من أطقم مروحيات Mi-24 الطلب من قياداتهم توفير المزيد من الإجراءات المضادة counter measures .





الفيــــديــــو ..
http://www.youtube.com/watch?v=C74pm78Huao

2‏/3‏/2014

قذائف مدفعية الميدان .. البناء العام والتركيب .

قذائـــــــف مدفعيــــــــة الميــــدان .. البنـــــــاء العـــــــام والتركيــــب


 بالنسبة لمقذوفات المدفعية projectile ، يمكن القول أنه يتوفر على مستوى العالم والمنتجين الكثير من أنواع المقذوفات التي تجمع الكثير من نواحي التصميم المتماثلة . القائمة المتنوعة تشمل المقذوفات المتفجرة ، المقذوفات الخارقة للدروع ، مقذوفات التمرين ، المقذوفات الكيميائية ، مقذوفات الشحن ، مقذوفات الإضاءة ، والمقذوفات الوهمية أو الصماء . مقذوفات المدفعية الحديثة تعرض الكثير من الميزات والقواسم المشتركة فيما بينها (رغم توافر الاختلافات أيضاً) . هذه الميزات ، خصوصاً عند الحديث عن مقذوفات سبطانات المدافع المحلزنة ، تتضمن الصمام ، المقدمة المقوسة ، الطوق المنتفخ ، الهيكل ، طوق التدوير ، رباط المنع ، القاعدة والراسم .

الصمام Fuze : الصمام هو أول أجزاء المقذوف والذي يمكن أن يثبت على قاعدته أو على القمة (أو كلاهما) . الصمامات بشكل عام تستعمل في المقذوفات لبدء واستهلال التفجير ، أو التسبب في اشتغال المقذوف على نحو معين .

المقدمة المقوسة/المدببة : الجزء أو المقطع اللاحق في تركيب المقذوف والذي يتبع مباشرة تجهيز الصمام ، هو ما يطلق عليه اصطلاحاً "Ogive" والتعبير يشير للجزء الاسطواني المقوس لمقدمة المقذوف ، الذي يمتد ما بين الصمام ونزولاً حتى المقطع المنتفخ الرئيس للبدن . إن الحديث هنا يدور حول السطح الانسيابي المستدير أو المدبب بشدة roundly tapered الذي يستخدم لتشكيل مقدمة أنف المقذوف .

الطوق المنتفخ : المقطع اللاحق والأوسع من تركيب المقذوف والذي يلي تقويس مقدمته يحمل المصطلح Bourrelet . وهو جزء مشغول أو معالج ميكانيكياً حول محيط المقذوف ، يقصد منه شغل وامتطاء الأراضي الموجود في تشكيل الحلزنة الداخلي للسبطانة . فهو يمنع المقذوف من الترنح أو التذبذب wobbling في تجويف سبطانة السلاح . إذ يعمل هذا التجهيز على تنصيب حلقة أو طوق احاطة أكبر بقليل من جسم أو هيكل المقذوف (بحيث يلائم كامل القطر الداخلي لثقب السبطانة) وذلك بقصد تثبيت وتركيز المقطع الأمامي من المقذوف في السبطانة عن طريق استغلال الأراضي في تشكيل الحلزنة أو التخديد rifling lands . وعندما يتحرك المقذوف في السبطانة وينطلق باتجاه الفوهة ، فقط هذا المقطع المنتفخ وطوق القيادة الخاص بالمقذوف هما من يشقان طريقهما خلال أراضي الحلزنة . ويجب التوضيح هنا أن قطر هذا الطوق إذا لم يكن ملائم ومتوافق بشدة مع كامل ثقب السبطانة ، فإن زاوية الانحراف yaw angle في التجويف الداخلي ستؤثر على استقرار المقذوف أثناء الطيران .

الهيكل : يتبع هذا الجزء في المقذوف مقطع الهيكل Body والذي يصوره القالب الاسطواني في جسم المقذوف ، تحديداً بين المقطع الرئيس المنتفخ bourrelet وطوق التدوير rotating band . هو أيضاً مشغول ميكانيكياً ليبغى أقل قطراً من المقطع المنتفخ ، وذلك بهدف تخفيض سطح المقذوف المتصل والملامس لأراضي ثقب السبطانة . يحتوي الهيكل في الغالب على الشحنة المنقولة (متفجرة كانت أو غيرها) الخاصة بالمقذوف .

طوق التدوير : بعد قالب الهيكل يأتي مقطع طوق التدوير Rotating Band ، الذي هو ببساطة حلقة اسطوانية تطوق جسم المقذوف قرب القاعدة . هذه الحلقة مضغوطة لتصبح على شكل محزز أو مخشن roughened لتبدو على هيئة أخاديد . هي مصنعة من معدن خفيف نسبياً مثل البرونز أو النحاس أو الحديد أو الرصاص مع قابلية انزلاقية (يمكن أيضاً استخدام البلاستيك كما هو الحال مع المدفع الدوار الأمريكي GAU-8 Avenger عيار 30 ملم ، وذلك بقصد تخفيض إهتراء السبطانة وزيادة عمرها العملياتي) . وظائف طوق التدوير بالإضافة لتثبيت المؤخرة الخلفية للمقذوف في تجويف السبطانة ، تنحصر في انجاز مهمتين رئيستين أثناء الإطلاق ، الأولى تتعلق بالتوافق والاشتباك مع حلزنة السبطانة لمنح التدوير اللازم إلى المقذوف المنطلق . بمعنى نقل وتحويل الفتل أو الجدل twist الموجود في الحلزنة إلى المقذوف على هيئة تدوير مغزلي ، والذي يعد أمراً متطلباً لتأمين استقرار المقذوف أثناء مرحلة طيرانه باتجاه الهدف . الأمر الثاني مرتبط بحصر وحبس غازات الدافع propellant gases في مؤخرة المقذوف وبالتالي تعزيز وتدعيم عملية الدفع . أحد أضرار استعمال طوق التدوير تتمثل في وجوب وضعه وتثبيته في النقطة الأوسع من المقذوف ، وأيضا قرب نقطة الاتزان balance point . وفي السرعة التي تتجاوز سرعة الصوت ، اعتبارات الديناميكا الهوائية تستلزم وجود النقطة الأوسع على مسافة أبعد نسبياً إلى الخلف من نقطة الاتزان . القضية الأخرى تتعلق بزيادة وزن المقذوف والتي تصعب عملياً هندسة طوق التدوير . وبدلاً من أن تقود غازات شحنة الدافع المقذوف لأعلى قمة السبطانة ، فإنهم ببساطة سوف تنفخ وتعصف طوق التدوير الخاص بالمقذوف .

رباط الحجز/المنع : في بعض المقذوفات ، هناك رباط حجز من النايلون nylon obturatingأسفل طوق التدوير للمساعدة في منع هروب وتسلل غازات الدافع إلى الأمام ، يطلق عليه Obturating Band . اثنان من الأمثلة لمقذوفات العيار 155 ملم تجهز مع هذا النوع من الأربطة أو الحلقات ، مقذوفات الإنارة والمقذوفات شديدة الانفجار المعززة بمحرك صاروخي . إن تثبيت رباط الحجز والمنع أو أمر شائع في مقذوفات المدفعية ، حيث يصعب عملياً تشويه أو حرف شكل الغلاف الفولاذي شديد الصلابة للمقذوف لتزويد منع أو غلق محكم tight seal لغازات الدافعة . مقذوفات أسلحة الهاون تستعمل أيضاً أربطة المنع لتزويد سد محكم حول المقذوف ، وكذلك الأمر مع الأسلحة عديمة الارتداد . وفي بعض ذخيرة المدفعية ، يستعمل رباط المنع في مؤخرة المقذوف لتزويد غلق وحجز محكم لعقب السلاح breech (غالباً للاستخدام مع الذخيرة عديمة الخرطوش Caseless ammunition) .

القاعدة : المقطع أو الجزء الأخير من تكوين المقذوف هو القاعدة Base ، والتي يتحدد موقعها عادة أسفل طوق التدوير أو رباط المنع . النوع الأكثر شيوعاً من قواعد مدفعية الميدان معروف بتصميم ذيل المركب boat-tail base . هذا التصميم يجعل قاعدة المقذوف أكثر انسيابية ، بحيث توفر استقراراً إضافياً خلال الطيران ، وتقلل التباطؤ بتخفيض الفراغ المشكل والمكون بتأثير التيارات الدوامية eddy currents في مؤخرة المقذوف خلال مروره وحركته في الهواء . بعض قواعد المقذوفات تحتوي على صفيحة أو غطاء معدني Base Cover الذي يلحم أو يشد بقوة إلى قاعدة المقذوف ، وذلك بقصد منع غازات شحنة الدافع الساخنة من تسلل وبلوغ الحشوة المتفجرة الداخلية في هيكل المقذوف من خلال العيوب المحتملة (شقوق أو تصدعات flaws) في قاعدة المقذوف الأصلية .

الراسم/الخطاط : بعض أنوع مقذوفات المدفعية يمكن أن تدمج تجهيز الخطاط أو الراسم Tracer والذي هو عبارة عن قرص كروي ناري في مؤخرة المقذوف . وعند إطلاق المقذوف ، يشتعل الراسم بتأثير الدافع المحترق . الراسمات تستخدم لمعرفة ومراقبة مسار المقذوفات المطلقة (رغم افتراض مهام أخرى لها) . ولتحديد المقذوف المجهز براسم ، فإنه يتم إضافة الحرف T إلى الاسم التعريفي لقذيفة الراسم . على سبيل المثال ، القذيفة الخارقة للدروع AP بعد تجهيزها بالراسم يصبح تعيينها AP-T .